عندما يتعثر أحدهم في درجات السلم فيفقد توازنه ويسقط على ظهره فينكسر عموده الفقري مما يؤدي به الى شلل الرجلين وعدم التحكم في البول والبراز.
عندما يخطيء عامل فينسكب على وجهه مادة حامضية قوية تصيبه بتشوه دائم في وجهه.
عندما يكثر أحدهم من التعرض للشمس فيصاب بسرطان الجلد ويشوه شكله.
عندما وعندما وعندما ....
كل هذا نقول ان هذا الشخص حظه عاثر لأن الصدفة البحتة أدت به الى هذا الحظ العاثر
أما عندما يتعلق الأمر بعيوب خلقية ..... تشير اصابع الإتهام كلها الى الله !!!
لماذا ؟
لأنه تعلق في اذهاننا ان عملية الخلق عملية الهية مباشرة يخلق فيها الله الجنين
عندما تولد طفلة صغيرة بعيب في العمود الفقري فيحكم عليها مدى الحياة أن تعيش مشلولة وغير قادرة على التحكم في البول والبراز
لا يتبادر الى اذهان أحدنا أن الكروموسومات نتيجة لعوامل بيئية وكيميائية حدث بها طفرات وأن المولود حظه عاثر مثلما كان الأمر مع من تعثر في درجات السلم ..... فكما يتعثر الشخص بالسلم تتعثر الكروموسموات !
لا يتبادر لأذهاننا أن الأم قد تكون تعرضت للإشعاع مما أدى لحدوث الطفرات
لا يتبادر لأذهاننا أن الأم قد تكون أخذت بعض الأدوية التي سببت تطفر الجينات
ولكن لأن عواطفنا أقوى من عقولنا تحركت قلوبنا لإتهام الإله !!!
أعرف اصدقاء ملحدين كان من أهم عوامل الحادهم أنهم رأوا مآسي مرضية بشرية من قبيل الشلل والعمى والتشوهات الجسمانية
نعم .... العاطفة تتحكم في العقل وتوجهه
وكما تكون العاطفة سبببا في الإيمان
فإن العاطفة تكون أيضا سببا في الإلحاد
وهنا يقول قائل : أنتم يا معشر المتدينين تؤمنون بالقضاء والقدر
أقول اما انت كافر بوجود الإله ...... فعليك أن ترضى بقضاء الصدفة
أو أنك تؤمن بوجود الإله ..... فعليك أن ترضى بقدر الإله
ولكن ان آمنت بوجود الإله لا يمكنك أن تنفي وجود الإله لعدم رضاك برحمته
لأنك لا يمكنك أن تنفي وجود الشيء لصفة تابعة لوجوده فانت بهذا تقلب البرهان وتجعل نتيجة المقدمة دليل على عدم وجود المقدمة !!!
مثلا لا يمكننا أن ننفي قتل المقتول لأننا لا نعرف سبب قتله !!!
وبالمثل لو فرضت أن الله غير رحيم لا يمكنك بذلك نفي وجوده لأنك اثبتت وجوده بإيمانك المسبق بوجوده (إن كنت مؤمنا)
فكيف يرى الإله هذه المصائب لخلقه ويكون رحيما ؟؟
الرحمة مفهوم نسبي من منظور واحساس شخصي فكل انسان رحمته تختلف عن رحمة الآخر وفي النهاية رحمة البشر متغيرة لأنها خاضعة لكيمياء المخ .... فهناك بعض الأمراض اللتي تجعل الإنسان عنيف فتغير مفهوم الرحمة لديه ..... فكيف بالإله اللامادي ؟؟؟؟
الحزن من معاناة الآخرين (الرحمة) هو شيء عاطفي لاعقلاني .... ومع ذلك يتهم دعاة العقلانية الإله بالقسوة !!!
نقطة أخرى وهي أنه لا معاناه حقيقية البتة ... هل تذكر أقصى ألم تعرضت له وأطول مدة .... هل تشعر به الآن ؟؟؟ ............ كلا لأنه أصبح مـــــــــــــــاضي في طي الذكريات
فو فرضنا بوجود الحياة الآخرة (ما بعد الموت)
فهذا المشلول عندما تعود له حركته وسعادته ستكون معاناته ذكرى ...
ولكننا ننظر الى الحياة بظرة ضيقة على أنها نهاية كل شيء وانها كل شيء
لو أحضرت سلك كهربي ووصلته بين قطبين متساويين في الجهد فلن يمر التيار
وهكذا هي الحياة يجب ان يكون فيها اختلاف لكي تتحرك دورة الحياة . لابد من وجود حاجة عند كل انسان ولابد من وجود تفاوت في القدرات لكي تسير الحياة
يقول الله تعالى " ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات يتخذ بعضهم بعضاً سخرياً" ، بمعنى ان يكون كل انسان مسخر لخدمة الآخر العامل للطبيب والطبيب للعامل وهكذا .....
خلق انسان سليم تماما وغير عرضه للإصابة بالأمراض يستحيل مع الحياة لأن الموت ضرورة لإستمرار الحياة ولا موت بدون مرض ، تخيل الحياة بدون موت سيحدث انفجار وتضخم هائل للكائنات الحية يستحيل معه الحياة ... اي يؤدي للموت ... وها قد عدنا للموت مرة أخرة .
ثانيا الإنسان بحاجة لغذاء ولو لم يتوفر له الغذاء سيمرض .... وها قد عدنا للتسليم بحتمية وجود المرض
الحاجة ... الإختلاف ... المرض ... الموت ......... كلها حلقات في دورة الحياة