كيف يفسر التطور نشوء الشهوة الجنسية لدى الانسان والحيوان؟
الشهوة الجنسية هي الجزرة التي تجذب شركاء العملية الجنسية لممارسة الجنس. الممارسين لايفكرون بالتناسل عندما ممارستهم للجنس وانما بالمتعة، وهذا الامر نعلمه من تجاربنا الشخصية حيث اغلب ممارساتنا الجنسية من اجل المتعة تحديدا. بل ونعلم ان الانسان البدائي، بما فيه المجتمعات الباقية منهم حتى اليوم، كان يواجه صعوبة في إدراك ان العملية الجنسية هي تلاقح لانتاج الاطفال، ودافعه كان المتعة تحديدا.
بل وان المتعة الجنسية كانت تلعب دورا اجتماعيا كبيرا في تخفيض التوتر وإقامة النظام في المجتمعات البدائية وحتى بعض المجتمعات الحيوانية ايضا، فالشهوة الجنسية ليست خاصية بشرية وانما حيوانية.
بالتأكيد تعود المتعة الجنسية بجذورها الى اعماق تطور الكائنات الحية وبالذات الى فترة ماقبل انفصال عملية التكاثر من تكاثر مخنث الى تكاثر تصالبي.
التكاثر الجنسي موجود حتى في الخلايا الاحادية الخلية، فانشطار الخلية هو نوع من التكاثر وفي البكتريا وجد انه يحدث نوع من الاقتران conjugation بين السلالات المختلفة من البكتريا والمنتمية لنفس النوع، وهنا نجد الخلايا الحاوية على عامل الخصوبة F-factor محتوية على زوائد بروتوبلازمية شعرية فتسلك سلوك الذكر حيث تسمى بالخلايا المعطية بينما لاتحوي الخلايا المتسلمة على عامل الخصوبة وعلى الزوائد الشعرية وعند حدوث الاقتران تعمل الزوائد الشعرية كجسر يربط بين الخلية المانحة والمستلمة. وهذا النوع من التكاثر موجود ايضا لدى بعض النباتات البحرية التي تنمو عاموديا بموازاة بعضها البعض. الان بأمكاننا ان نرى بان هذا يمثل احد ابسط انواع الاقتران الجنسي في الكائنات الحية والذي يجري تحفيزه كيميائيا. والتحفيز الكيميائي الذي لايمكن القول انه كان قائم على " متعة" لدى الخلية الاولى، لازال يشكل العصب الرئيسي للشهوة الجنسية لدى الكائنات الاكثر تعقيدا بما فيه الانسان.
في الطليعيات مثل البرامسيوم، نجد صورة اكثر تطوراً اذ يتصل كل برامسيوم من سلالتين مختلفة ونفس النوع من جهة التجويف الفمي سوية ومع مرور الوقت تتكون قناة اتصال، يحوي كل برامسيوم على نواتين كبيرة وصغيرة، تنحل النواة الكبيرة وتبقى الصغيرة وبعدها تنقسم انقساماً اختزالياً الى اربع نوى تنحل ثلاثة منها وتبقى واحدة، تنقسم النواة المتبقية انقساماً غير متساوٍ وتهاجر النواة الصغيرة من كل برامسيوم الى البرامسيوم الاخر خلال القناة وتتحد مع النواة الكبيرة. ان هذا الاقتران يمثل صورة اكثر تطوراً من حالة البكتريا اذ تتكون في الحقيقة خلايا تناسلية بدائية الصورة تنتقل بين الكائنين. كما انه تكاثر "خنثي" اذا صح التعبير (!) وبالتالي لايحتاج بالضرورة الى حافز المتعة والشهوة الجنسية وانما يمكن الاكتفاء بالنضوج بإعتباره عملية بيلوجية اجبارية تحدث داخلالذات ولاتحتاج الى جذب شريك اخر.
ولكن ذلك كافي لنلاحظ كيف كانت عملية التطور تنمو بالتدريج في إتجاه ان النويات المهاجرة من جسم الكائن صغيرة الحجم تقدم الامكانية لنشوء فرصة لتصبح نطف في الكائنات الارقي في حين ان النواة الكبيرة تصبح الخلايا الانثوية
في اللافقريات، نجد دودة الارض مثلا تتكاثر بطريقة "خنثية" اذ تحتوي كل واحدة من الديدان على كلا من الخلايا الذكرية الصغيرة الحجم والقابلة للحركة المهاجرة من مركزها الثابت في جسم الدودة وعلى خلايا انثوية كبيرة وغير متحركة غالباً تأتي اليها الخلايا المتحركة.
ومع الزمن اصبحت العملية لاتحدث في جسم الفرد ، على الرغم من إمكانية الحدوث وانما تحتاج الى " اثارة" من طرف اخر فنرى ان التلقيح الذاتي اصبح يحتاج الى ان تعلو احدى الديدان الاخرى ولكن بصورة مقلوبة ثم اصبح التلقيح الذاتي يصيب الطرف الاخر والان اصبح الامر يقف عند نشر الدودة نطفها على الدودة الاخرى وتجري الخلايا المنوية باتجاه الخلية الانثوية وتستمر العملية هكذا فترة حوالي 48 ساعة ! مثل هذا الامر نجده عند القواقع وحتى بعض انواع السلاحف.
تطور خاصة الثنائية الجنسية ليست على الدوام افضلية، حيث ان بعض الكائنات تجد صعوبة في الوصول الى شريك وبالتالي فالبقاء خنثى او المحافظة على خاصية التخنث يمكن ان يكون هو افضلية البقاء التي يختارها الواقع ولذلك نجد ان الخنثى ظاهرة شائعة لدى الكائنات البحرية ولها عدة انواع.
للمزيد في هذا الشأن راجع المقال التالي
http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/B...o-0098.htm
وايضا نرى ان عملية التلقيح لدى المخنثات تطورت لتصبح عملية تبادل التلقيح باللمس للاثارة وبالتالي فالاثارة نشأت اولا. ومع الوقت اصبحت الاثارة امرا يفضله الكائن على تلقيح نفسه منعزلا لذلك من الطبيعي تماما يتحول الافراد الى التخصص بعد ان اصبحت التخنث لاقيمة له في اغلب الاحيان، خصوصا لدى الكائنات البرية، لتصبح الاثارة التي نشأت كافية لابقاء عملية النسل مع الاشارة الى ان ذلك لم يحدث بوعي بل بدوافع كيماوية وعصبية بالدرجة الرئيسية.
وخاصية الخنثى لازالت موجودة حتى عند انواع عليا مثل سمك القرش والسحالي، على الرغم من ان العلماء لايعرفون الميكانيزم الذي يسمح بذلك. (راجع المصدر السابق)
واشارات الانجذاب الجنسي مثل تدوير الارداف لدى النساء والاثداء المنتفخة (وهي حالة يتميز بها الانسان) وبقية مظاهر الانجذاب الجنسي مثل لون ريش الطيور والرقص والعضلات الخ يمكن قراءة موضوع عنها هنا
http://www.alzakera.eu/music/vetenskap/B...o-0010.htm
شكرا لكم