من خارج المحكمة الابتدائية والمحاكمة الثانية لقتلة خالد سعيد (شهادة حية)
by انا اسمى خالد محمد سعيد 2 on Monday, September 27, 2010 at 8:59pm
ده تقرير مفصل وجميل جداً جالي عن اللي حصل خارج المحكمة يوم السبت من العضوة اللي معانا نهى طارق واللي كنت برده نشرت تقريرها عن يوم المحاكمة الأولى، في التقرير حتعيشوا مع نهى يوم المحاكمة. شوفوا كده واقرؤوه وقولوا رأيكم فيه
------------------------------------------------
تقرير: نهى طارق
25 سبتمبر 2010
للمرة الثانية...أعدّ نفسي لحضور محاكمة قتلة أخينا المقتول خالد سعيد...وأنا أعلم جيداً أن حضوري هذه المرة، أهم بكثير من حضوري في المرة الأولى، لأنه للأسف شعبنا المصري اعتاد على إظهار الحماس الشديد لأي قضية في أولها، ثم فوراً يخفت هذا الحماس بشكل غريب مهما وصلت إليه تطورات هذه القضية، وما بما حدث مع قضية غزة عنا ببعيد...وفعلاً، كما توقعت، كان حضورنا أقل من عدد الحضور في المحاكمة الأولى، بالرغم من أن يوم السبت هو يوم إجازة عن الدراسة والعمل!!!
لم أكن أنوِ هذه المرة كتابة تقرير عن الحدث خارج المحاكمة كما فعلت في المرة الأولى، حيث لم أتوقع أن تحدث أشياء مختلفة كثيراً عن المرة الأولى، لكن اكتشفت بعد ذلك أن هناك عدة مفاجئات في انتظاري هناك...
بدأت أمشي كالمرة الأولى، بكورنيش البحر، من محطة الرمل متوجهة إلى محكمة المنشية في السابعة صباحاً، لألمح حشود الأمن الضخمة القابعة أمام المحكمة من على بعد أميال منها. كنت أتوقع أنني، كالمرة الأولى، سأصل إلى هناك بسهولة، وأجد المئات من المصريين الجالسين على الكورنيش للمشاهدة...ولكنني فوجئت هذه المرة بعدم وجود أحد من هؤلاء المشاهدين، ليحل محلهم عدد ضخم من المخبرين ورجال الشرطة الحريصين على السير في كل اتجاه لإبعاد أي شخص يحاول المرور من هذا الطريق.
تحايلت في إكمال سيري والبقاء في الكورنيش المواجه للمحكمة عن طريق الحديث مع المخبرين والضباط والمزاح معهم والتظاهر بأنني أريد معرفة الحقيقة عن قضية خالد سعيد منهم...أخذوا يعيدوا علي أسطوانتهم المشروخة التي تعرفونها جميعاً، وأنا أستمع لهم صامتة دون أي رد أوجدال حتى يسمحوا لي بالبقاء هنا: "ده ولد صايع...المعارضة مركزة عليه عشان تثير فتنة بين الشعب والشرطة...ده بتاع مخدرات...ده كان هربان من الجيش وعليه قضايا كتير"!!!
وفاجأني هذه المرة قيام بعض المخبرين بتوزيع منشورات "ملونة"، أكتفي بنقل مضمونها إليكم هنا، دون التعليق عليها، فلا حاجة لي بذلك.
"""
الحركة الشعبية...لإظهار الحقائق
{ادخلوها بسلام آمنين}
لماذا خالد سعيد...؟!!
الفتنة أشد من القتل
الحق...أحق
مين خالد سعيد...؟!!
هل من أخفى الحقيقة في الملف الإيراني والعراقي سيكشف الحقيقة حول لماذا خالد سعيد...؟!!
هل من أخفى الحقيقة وزور التوكيلات سيكشف الحقيقة حول لماذا خالد سعيد...؟!!
هل من يتجاهل حقوق الإنسان المصري في كل شيء إلا في تعامل المسجلين والمشبوهين سيكشف الحقيقة حول لماذا خالد سعيد...؟!!
فلم يكن خالد سعيد يوماً بطل قومي أوعالم مصري أومغترب عن بلده ساعياً وراء الرزق بل مواطن عادي من أبناء ذلك الوطن.
ثم أين محمد البرادعي وأيمن نور وحافظ أبو سعدة ومجلس حقوق الإنسان من:
مقتل (مروة الشربيني) بنت جامعة الإسكندرية بألمانيا...؟!!
مقتل الشاب المصري (محمد سليم) شهيد بلبنان...؟!!
مقتل الأستاذ الدكتور (أشرف مروان) بلندن...؟!!
مقتل الشاب (عاطف) بأميركا...؟!!
اعتقال العالم النووي المصري (أسامة زغلول) على يد البوليس الأميركي منذ عامين...؟!!
اختطاف المصريين عن طريق القرصنة الصومال...؟!!
موضوع الدكتورة (تيسير زيد) الطبيبة التي كانت تعد رسالة دكتوراة في التحاليل مع زوجها في برلين (ألمانيا) في وجود شبهة جنائية بالإهمال والتقصير في المستشفى الذي لقيت فيها حتفها (التي كانت حاملاً في شهرها السادس)...؟!!
الإهمال الطبي ضحاياه بطريق الخطأ والقضاء والقدر شماعة الفشل...؟!!
مش دول برضه مصريين ولا أجانب ولا هي العملية متاجرة سياسية ومزاد على هموم الشعب وأغراض مشبوهة أخرى كفانا الله شرها: احنا هانكشفها وعارفين الاتهامات الجاهزة بتاعتكم (الخيانة – العمالة – المأجورين) وياريت تكونوا أكثر صراحة علشان الناس تقتنع بيكو...خالد سعيد مش هو القضيه، القضيه فتنة – تحريض – ضياع الأمن والأمان – الفوضى الخلاقة – العصيان المدني.
ضياع البلاد لصالح مين...؟!! احنا عارفين وهانقول في الوقت المناسب وبالدليل.
من محبي ومواطني الإسكندرية،
شباب بيحب مصر وهايحافظ عليها
"""
بعد فترة، بدأت الشرطة تتساهل في السماح للناس بعبور الطريق، ولمحت قلةً منهم يتوجهون للوقوف أمام المحكمة، فانضممت إليهم...وتنفست الصعداء أخيراً لابتعادي عن رجال المخبرين الذين كنت أقف معهم ولطول تحملي لأقاويلهم التي ترفع الضغط.
لم تمضِ إلا عدة دقائق وفوجئنا بتسعة ميكروباصات مليئة بالناس تقف أمام المحكمة...نزلت هذه الحشود الكبيرة من الناس من الميكروباصات ليقفوا على سلالم المحكمة. كان يبدو عليهم من ملابسهم بأنهم من خارج الإسكندرية، وبأنهم فقراء. ولم أكن أعلم حينها أنني، ولأول مرة في حياتي، أشاهد بلطجية خارج نطاق المسلسلات التليفزيونية.
ظللنا ننتظر وصول المصريين المؤيدين لقضية خالد، الذين بدؤوا في الازدياد قليلاً قليلاً، والذين للأسف وصل عددهم إلى ما يقرب النصف فقط من أعداد الناس المأجورين من الحكومة، بالرغم من أن عساكر الأمن المحيطة بنا تركت فجوة للسماح لانضمام من يريد إلينا!!!
كان يبدو على جميع من أتى للتضامن مع قضية خالد بأنهم من أبناء الطبقى الوسطى. وهذا يدل على أننا لازلنا لم نصل بصوتنا لطبقة الفقراء، الذين تأتي السلطة بالمأجورين منهم، بالرغم من أنهم أكثر الطبقات تضرراً من وجود هذه السلطة.
وبالرغم من ذلك، فقد فرحت فرحاً شديداً عندما وجدت بعض الشيوخ معنا، بالرغم من الخطر الكبير الذي يهدد الشيوخ بشكل خاص عند مشاركتهم في مثل هذه المظاهرات. وهذا يعني أننا استطعنا أن نصل بقضيتنا، قضية التغيير، إلى رجال الدين...وكان في مقدمة هؤلاء الشيوخ، الشيخ المناضل والقدوة لكل شيوخ المسلمين أبو عمر المصري. وهو كان قد تعرض للاعتداء على يد الأمن يوم 10 رمضان، لمجرد أنه قام بإمامة صلاة العشاء في وقفة هذا اليوم. وقد فخرت أخيراً بالسلام عليه شخصياً اليوم...
بدأت هتافات الجانب المؤيد لقضية خالد، وعلى الفور بدأ الجانب الآخر بالهتاف المضاد دون توقف هذه المرة، مستخدمين في ذلك عدة ميكروفونات. وكانوا يرفعون تماماً نفس اللافتات التي كانوا يرفعونها في المحاكمة الأولى، وهي اللافتات التي كانت جميعاً بمقاس واحد، ومكتوبة بخط واحد، وبنفس الألوان!!! وكانت لا تزال من ضمن هذه اللافتات، تلك اللافتة الغريبة التي تقول "الشرطة هي أمن للشرفاء وليست يد للضعفاء"!!! وتساءلت مرة أخرى، إذن من برأيكم سيقوم بنصرة الضعفاء؟!!
وكان من الملاحظ، أنه بالرغم من أن الجانب المؤيد لخالد كان في البداية يهتف بهتافات عامة، إلا أن الجانب الآخر أخذ منذ البداية يهتف بهتافات مهاجمة للجانب الأول، متهمين إياهم باليهود وبمؤيدي المخدرات، بدلاً من أن يستخدموا ذكاءهم قليلاً، ويهتفوا بهتافات موجّهة للمارة تدعوهم فيها للتضامن مع الشرطة. وللأسف، بدأ بعد ذلك أيضاً الجانب المؤيد لخالد يرد بهتافات مضادة على هؤلاء المأجورين، غافلاً عن أن كل التركيز في الهتافات يجب أن يكون على المارة...
اعتقدنا أن الأمور لن تتطور عن ذلك كما في المحاكمة الأولى، ولكن مع مرور الوقت، فوجئنا جميعاً، بأن هؤلاء المأجورين ليسوا أناساً عاديين كما في المحاكمة الأولى، ولكن الأمن هذه المرة جاء بحشد من البلطجية!!! ولأول مرة نشعر جميعاً بالاطمئنان لوجود عساكر الأمن معنا، لحمايتهم لنا من هؤلاء البلطجية.
ومن المناظر المحزنة والتي كادت أن تبكيني، منظر هؤلاء البلطجية عندما قاموا برفع لافتة ضخمة جداً عرضها قد يزيد على عشرة أمتار، وعليها صورة لخالد سعيد وهو في السجن، وأخذوا يضربون صورته بعصيان من الخشب،وهم يصيحون فرحاً!!!
من الجدير بالذكر، أنه أمر يثير الحيرة، بأنه إذا كانت الشرطة لديها هذه الصورة لخالد سعيد وهو في السجن، فلماذا لم تظهرها إلا بعد أربعة شهور من قتلها له؟!! أم أن عبقريتها لم تأتِ بفكرة فبركة صورة له وهو في السجن إلا بعد مرور هذا الزمن؟!!
وفي مشهد، كما قلت، لم أشاهده من قبل سوى في المسلسلات التليفزيونية، أخذ هؤلاء البلطجية...آسفة لذكر ذلك...يخلعون قمصانهم، ويصفرون ويصفقون، ويرقصون بأعواد الخشب على نغمات هتافاتهم!!! لم نصدق ما نراه أمامنا، وانهالت الصحافة عليهم لتصوير هذه المسرحية الاستعراضية الهزلية التي تقام، ليس في قاعة ملاعب، ولا في حديقة عامة، ولكن على سلالم "محكمة قضائية"!!!
ثم شاهدت منظراً أوجع قلبي جداً...فعندما جاءت عائلة خالد سعيد تعبر صفوفنا خارجةً من المحكمة، أخذ البلطجية يهتفون بصوت عالٍ وظاهر غلب تماماً على صوت المؤيدين لخالد: "بص...شوف...اليهود أهم"!!!
ثم قام البلطجية بتمزيق لافتاتهم!!! وإلقائها علينا، ثم زودوا العنف بإلقاء قطع الخشب التي كانوا يحملون بها اللافتات علينا وعلى الصحافة...حتى أنهم في مرة، ألقوا بقصد قطعة خشب كبيرة على كاميرا مصور أثناء تصويره لهم، ثم أخذوا يضحكون بعدها بهيستيريا مرعبة!!!
فكيف كان رد الناس المؤيدين لقضية خالد سعيد؟ إذا كان البلطجية قد أثاروا دهشتي بشكل كبير، فإن رد فعل هؤلاء الناس أثار دهشتي بشكل أكبر...لأنني، مما شهدته في المحاكمة الأولى ووقفة 10 رمضان، حيث كان تهور الكثير من الشباب يطغى أحياناً على تعقلهم مما أدى للأسف إلى تضارب مع عساكر الأمن؛ توقعت إذن أن بعض الشباب سيرد على البلطجية بالسباب وتراشق الأشياء هم كذلك...ولكن خيم على الناس هذه المرة التعقل والهدوء التام والعجيب أمام تحدٍ كبير مثل هذا لم يشهدوا مثله في أي وقفة أو مظاهرة من قبل. فكان هؤلاء الأبطال الذين خرجوا من منازلهم، بل منهم من جاء مسافراً من أقاليم أخرى، للمطالبة بحقوق المواطن المصري، يتلقون ضربات قطع الخشب الملقاة عليهم من بلطجية السلطة، دون أن يردوا بأي شكل، ولا حتى بسباب لفظي!!!
ومن المشاهد التي أثرت فيّ للغاية، عندما قام أحد الشباب بالوقوف ناحية عساكر الأمن الذين يقبع البلطجية خلفهم، موجهاً وجهه إلينا، ورافعاً علم كبير لمصر عالياً خلف ظهره، حتى يحمينا علم مصر من الخشب الذي يلقى علينا من بلطجية السلطة الاستبدادية!!!
بل وقام المنظمون أيضاً بتحريك حشد المتظاهرين كلهم ليبتعدوا بمسافة عدة أمتار عن جهة البلطجية. ووقف عدد منهم على حافتنا، لمنع أي متظاهر من الاقتراب جهتهم، وتأكدوا من أن السيدات يقفون في وسط المتظاهرين أو من جهة عساكر الأمن البعيدة عن البلطجية. بل وكانوا أيضاً يسيرون في كل جهة ما بين المتظاهرين، ليوقفوا بشكل فوري وحازم أي متظاهر يخالف هذا النظام، أويحاول الرد على البلطجية، أوالاحتكاك مع عساكر الأمن...وكان من أكثر المنظمين حزماً وإتقاناً في القيام بذلك، هو الناشط السياسي حسن مصطفى، الذي علمت بالصدفة، أنه ستتم محاكمته يوم 10 أكتوبر بمحكمة استئناف جنح المنشية، ويمكنكم معرفة التفاصيل هنا:
http://www.facebook.com/pages/klna-hsn-m...4249236831
وإنني أشعر بالخوف الشديد من حبسه، لأن حسن، الذي رأيته عدة مرات يوقف بعض المتظاهرين المتعدّين على النظام والأمن بكل حزم وقوة يصعب توفرها في الكثير من الأشخاص، في حالة اختفائه من الوقفات والمظاهرات القادمة، فإن هذا قد يؤثر بشكل سلبي واضح على النظام والهدوء بها وعلى التزام كل الأفراد فيها بأمن الجميع...لذا أتمنى من الجميع تأييده في يوم محاكمته.
لقد كنت قد كتبت ملاحظات نقدية لأخطاء قام بها المتظاهرون والمنظمون في وقفة 10 رمضان هنا:
http://www.facebook.com/notes/noha-tarek...8398925535
وإذا قرأتم هذه الملاحظات، وبعدها هذا التقرير، فستجدون فرقاً كبيراً بين سلوك المتظاهرين وأداء المنظمين في وقفة 10 رمضان، وبين ذلك في يوم المحاكمة الثانية، وهو ما يدل على حدوث تطور وتحسن كبير في ذلك، وأن المنظمين يقومون حقاً بتقييم أدائهم في كل مرة، والتعلم من الأخطاء التي تحدث، ودراسة سلوك المتظاهرين لمعرفة الطريقة الأفضل للتعامل مع الشخصيات المختلفة منهم...ولكن ما أدهشني هذه المرة أن التطور في الأداء والسلوك ليس للمنظمين فقط، بل للمتظاهرين أيضاً، أخذ قفزة إلى الأمام أكبر كثيراً ممكا كان متوقعاً، بالرغم من شدة الموقف والخطر في هذه المرة أكثر من أي مرة سابقة...إن التعقل والهدوء والنظام الذي ساد الجميع في هذه الوقفة لم أتوقع أن أشهد مثلها في مصر قريباً!!!
ما بين المتظاهرين والبلطجية، كان يقف طرفاً ثالثاً لم يعبأ به أحد، أثار إعجابي وشفقتي في نفس الوقت، وهم عساكر الأمن!!!
لقد أثاروا شفقتي لأنهم يأتون بهم إلى المحكمة، ليس في ميكروباصات مهوّاة بشبابيك كما يفعلون مع البلطجية، ولكن محشورون داخل سيارات صفيح مغلقة من كل جانب، كما المساجين. ثم يجبرونهم على الوقوف أمام المحكمة لأكثر من ست ساعات في شدة حر الصيف، وهم يلبسون الملابس السوداء الثقيلة، ويحملون على رؤوسهم الخوذ الضخمة، ودون أن يوفر لهم ضباطهم ولو زجاجة مياه واحدة طوال الست ساعات التي يقفونها تحت الشمس الحارقة!!! وإذا نظرت إلى وجوههم الصامتة، تجد من علامات الإرهاق والتعب ما يفرط له قلبك...بينما الضباط ورجال الشرطة يتبادلون العمل، وينتظرون في سياراتهم المكيفة!!!
أما ما أعجبني فيهم، فهو عدم تعديهم علينا بأي شكل، وذلك بالتأكيد لأن هذه المرة، لم يقم المتظاهرون بأي اشتباك معهم. وبالرغم من أن قلة من الشباب، قام ببعض الحركات، التي كان من السهل على عساكر الأمن أن يتصرف تجاهها بقوة، فمثلاً قام البعض بمحاولة تسلق الحاجز الحديدي الذي وضعه الأمن أمامه، وقام البعض الآخر بالوقوف فوق مرتفع أرضي لمتابعة ما يحدث خارج محيط الأمن، مستندين على أكتاف عساكر الأمن؛ لم يرد الأمن بأي شكل على ذلك!!!
وأعجبني أيضاً فيهم أنهم لم يقوموا بتوجيه أي نظرات سيئة إلينا كما فعل البلطجية. بل كان من السهل جداً على أي واحد منهم أن يتحرش بأي فتاة، خاصةً أن العديد من الفتيات كن يقفن بجوار عساكر الأمن لضيق المكان، ولكنهم لم يقوموا بذلك أيضاً. وقد قال لي أحد المتظاهرين، بأنه حاول الدردشة مع أحد عساكر الأمن، فسأله: "هي الخوذة اللي انت لابسها دي ليك انت بس ولا بيلبسها معاك 7-8 عساكر؟"، فرد عليه: "7-8 عساكر؟!! قول 70-80 واحد"!!! ثم أكمل معه: "ربنا يعديها على خير...نفسنا نبقى معاكم. احنا عارفين ان انتم اللي صح، وحاسين بيكم، بس غصباً عننا"...
وبعد انتهاء المحاكمة، جاءت الميكروباصات مرة أخرى لإعادة البلطجية إلى بلادهم التي أدعو الله أن ينقذ أهاليها منهم. ثم أُمر عساكر الأمن بأن يدفعوا بالحواجز الحديدية التي أمامهم إلى الداخل، حتى يزيدوا من الخناق علينا، حتى ننهي المظاهرة ونطلب الخروج. فأخذ عساكر الأمن يدفعون بالحواجر إلى الداخل، والمتظاهرون يدفعون بها إلى الخارج، فتوقعت حينها أن يبدأ الأمن بالضرب لإبعاد هؤلاء المتظاهرين عن الحواجز، ولكنهم لم يقوموا بذلك. بل إن أحد المتظاهرين أخبرني بأنه قال أمام عساكر الأمن لبعض المتظاهرين الذين يدفعون الحواجز للخارج: "يا جماعة هدؤوا من الزّق عليهم لان هم نفسهم بيتزقوا من ورا"، وعندها توقف هؤلاء العساكر من الدفع، ثم بدؤوا يدفعون العساكر وراءهم في الاتجاه المعاكس!!!
بعد أن زادوا الخناق علينا إلى درجة أنه صعب علينا التنفس، أخرجونا بعدها فرادى، وأركبونا ميكروباصات لإبعادنا فوراً عن المنطقة...قال لنا سائق الميركوباص: "أنا معجب أوي بيكم وباللي انتم بتعملوه، أنا مستعد أوصّلكم لأي حته انتم تطلبوها"...
ما بين هذه المشاهد الثلاثة التي قامت أمام المحكمة في الإسكندرية؛ المشهد الهمجي والهزلي للبلطجية، والمشهد المنظم والهادئ للمتظاهرين، والمشهد الصامت والمرهق لعساكر الأمن؛ لا يملك المرء إلا أن يشعر بالامتنان لمن كشف لنا الكثير عن بلدنا وشعبنا بإثارته لمثل هذه المشاهد...خالد سعيد...!!!
http://www.facebook.com/khaledkilled2#!/...1272183860