(09-27-2010, 06:03 PM)ابن نجد كتب: (09-26-2010, 09:17 PM)الحكيم الرائى كتب: (09-26-2010, 09:00 PM)ابن نجد كتب: هل بدأت نظرية المؤامرة تبدو صحيحة عندك ياحكيم ؟
أى نظرية مؤامرة هو أنا جايب حاجة من عندى؟
لا ، انا قصدي ان مقولة بعض الكتاب العرب عن مؤامرة الغرب ضد بلادهم كانت تؤخذ بمأخذ السخرية من بعض المفكرين الليبراليين .
يا صديقي ..
هناك خلط كبير في العقلية الشرقية بين مفهومين .الأول هو المؤامرة conspiracy ،و الثاني هو الصراع conflict .
بداية أوضح أننا عندما نتحدث عن نظرية المؤامرة التي تعصف بالعقل العربي ، لا نتحدث عن تعبير عاطفي غامض ،و لكنها منتج ثقافي عربي محدد الملامح :
1-الاستناد على الأيدلوجيا و الأفكار المسبقة و إطلاق الشعارات ، بديلا عن التناول العلمي العقلاني للصراع .
2- الخوف المرضي من الآخر و إسقاط قدرات خارقة عليه في ذات الوقت ، وعدم الثقة في النفس و القدرة على مواجهة التحديات بنجاح .
3- تبرير الأخطاء و القصور بتآمر الآخر.
4- التركيز على الحوادث المنعزلة ، و ترتيب نتائج أساسية عليها ، مع إغفال الحقائق المحورية في نفس الوقت .
5- الحدية البالغة في التعامل مع الآخر ، فهو إما شيطان مريد أو ملاك طاهر ، إما جزء من المؤامرة الصليبية الصهيونية التاريخية الكبرى ، أو رفيق الحياة و الآخرة !.
6- بالتبعية لا يوجد وفقا لهذه النظرية بديل سوى تدمير الآخر المتآمر أو الانتحار ، بينما نضيع الممكن المتاح .
7- هي جزء أساسي من الطرح الأصولي ، الذي ينطلق من قراءة ضيقة للتراث الديني ، رغم أنها ليست محصورة فقط في الأصوليين الإسلاميين . .
إن البديل لرفض نظرية المؤامرة ليس النظرة الساذجة للحياة ، و لا يمكن أن نتصور أن إسرائيل تجلس واضعة يدها على خدها منتظرة أن يفتح العرب لها قلوبهم و عقولهم ، و على النقيض فالصهيونية و إسرائيل تدير و بكفاءة صراعا عالميا طويلا ضد العرب ، منذ بداية الحركة الصهيونية و حتى اليوم ، و لهذا فإن الاستغراق في نظرية المؤامرة يؤدي إلى ضبابية رؤية الصراع و التخبط في الظلام ، في هذه الحالة سنحاكي النموذج الذي ضربه المفكر العسكري ليدل هارت حول الرجل القوي معصوب العينين الذي يقاتل خصما أصغر و لكنه مبصر ،و النتيجة محسومة مسبقا لصالح الثاني .
الصراع هو سنة الحياة ، ومن الخطورة تصور عكس ذلك ، فهو عملية وجودية و حضارية شاملة و مستمرة ، طالما هناك تناقضات في المصالح بين أي كائنات متواجدة في نفس الحيز الزماني و المكاني ،و لكن هذه التناقضات ليست على نفس القدر فهناك تناقضات أساسية مثل تلك بين العرب و إسرائيل و أخرى ثانوية مثل التناقضات بين الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي أو بين العرب و إيران في الخليج أو العرب و تركيا بل و العرب بعضهم بعضا .
نظرية الصراع مختلفة تماما . بل هي على النقيض من نظرية المؤامرة و عناصرها هي .
1- التحديد العقلاني الدقيق لطبيعة الصراع و أهدافه و مستوياته و قوانينه العامة و الخاصة .
2- الدراسة الواقعية و المنهجية للعدو/الخصم / الآخر ،سواء نقاط قوته أو نقاط ضعفه بواقعية و بدون مبالغة .
3- إدارة الصراع بشكل منهجي ،و التطبيق العلمي لقوانين الصراع مع الاستفادة بأقصى قدر من الأفكار المعاصرة في هذا المجال .
4- تحديد الأهداف الأساسية للصراع ،و وضع أهدافا مرحلية قابلة للتحقيق.
5- حصر العدو و عزله وتصفية الصراعات الثانوية ، مع التوسع في تحالفات جديدة على أسس واقعية ، فلا مجال للصراع مع إيران أو روسيا مثلآ ، في ظل إلحاح الصراع المصيري مع إسرائيل .
6- امتلاك خطاب صحي و حضاري لا يمكننا فقط مخاطبة العالم خلاله ،و لكن بالأساس أيضا مخاطبة أنفسنا .