ثندر .
اقتباس:" أن حشرة ما اتخذت شكل ورقة شجر بكل تفاصيل شكلها الدقيق بالصدفة العمياء وبالانتخاب العشوائي
" .
أتمنى أن تحدد لي اسم واحد فقط من علماء البيولوجي يقول بأن نظرية التطور هي أن الكائنات تطورت بالصدفة العمياء أو الإنتخاب العشوائي . اسم واحد فقط و سأنسحب فورآ من هذا الحوار معتذرآ . من يقول ذلك إما جاهل كلية بنظرية "التطور البيولوجي biological evolution" و " الإنتخاب الطبيعي natural selection " أو مجرد ناشط أيديولوجي يشوه النظرية التي تضرب وجوده في الصميم ،و التي تركله هو و مرشديه إلى خارج الحضارة المعاصرة ، و أربأ بك من اتباع كليهما .
لقد تعرضت بتطويل في شرح هذه الفرعية و تفنيد ما يقدمه الدينيون من إثباتات على وجود الإله الشخصي ، تحدثنا عن عدم تمييز مزمن لدى المؤمنين بين الحقيقة وما يعتقدون أنها الحقيقة ، و توقفنا بشكل خاص عند المجادلة الخاصة بالتصميم الذكي ، و التي يتبناها الكثير من الربانيون ، هذه المجادلة تقوم على إستحالة أن تكون الحياة على الأرض بصورها المختلفة قد تكونت بالصدفة أو ما يعرف بالاإحتمالية ، في المقابل ننكر بشدة أن يكون أحد من البيولوجيين الذين يعتد بهم قالوا بشيء مثل تلك الصدفة .
إن البديل للتصميم الذكي ليس الإحتمالية العشوائية و لكن الإنتخاب الطبيعي ، هذا الإنتخاب الطبيعي هو الذي يستطيع تفسير ما يبدوا تصميما مسبقا ، وهو في نفس الوقت يجنبنا التعرض للمعضلة المزمنة التي تطرحها نظرية الخلق ، وهو السؤال المربك من الذي صمم المصمم ؟،و إذا كان مبدأ اللاإمكانية يعمل ضد وجود عالم غير مصمم ، فنفس المبدأ يعمل بشكل أكبر كثيرا ضد التسلسل النهائي لمصممين يصممون آلهة بالغي القدرة و العلم .
لشرح الإنتخاب الطبيعي نتخيل جبل ذو جانبين أحدهما قائم حاد من المستحيل تسلقه و الثاني متدرج بلطف ، على قمة الجبل يوجد نظام معقد كالعين مثلآ ، الصدفة السخيفة هي أن نفترض أن ينجح إنسان في القفز إلى قمة الجبل بقفزة واحدة ، و لكن التطور هو الصعود على الجانب الآخر المتدرج على خطوات خلال زمن طويل . لدينا حوالي 10 ملايين من الأجناس الحية ، كلها نشأت من نفس الخلية الأولية ،و تطورت وفقا لآليات الإنتخاب الطبيعي في مسارات مختلفة ، كما توجد آثار تاريخية على التطور في تكوين الأعضاء المعقدة كالعين أو الجنحة ، فالأعين مثلآ توجد على سلم التطور ، تبدأ في الأسفل بنماذج بدائية غاية في البساطة في اللافقريات ، ثم تتطور لتوجد عين الإنسان قريبا من القمة ،و ليس على القمة تحديدا ، نفس الشيء يقال عن تطور الأجنحة ،و أنها ازدادت تعقيدا مع الزمن . كما أن الحفريات أكدت دائما على صدقية التوقعات التي أنتجتها نظرية الإنتخاب الطبيعي . الإنتخاب الطبيعي هو بطل الرافعات في كل زمان ، وقد رفع الحياة من بدائية بسيطة إلى درجة عالية من التعقيد ، جمال يظهر و كأنه مصمم كي يبهر الأبصار .
يعتمد الخلقيون على نظرية تقول بوجود ( تعقيد غير قابل للإختزال ) بمعنى أن هناك أعضاء لا يمكن أن تكون قد تطورت من أعضاء أخرى أبسط ، وقد شرح داروين نفسه كيف أن العين قد تطورت من أشكال أبسط ، إن الكثير من مراحل التطور مدونة بأناقة في سلسلة من الحفريات المتلاحقة زمنيا ، و لكن الجميع يتفقون أنه لو ظهر هذا التعقيد الغير قابل للإختزال بصدق و بشكل صريح ، فإن ذلك يمكنه أن يهدم نظرية داروين ،وهذا لم يتحقق أبدآ ، هناك وجه آخر فلو أمكن اثبات وجود ذلك التعقيد الغير قابل للإختزال فسوف تنهار نظرية الخلق أيضا ، لأنه بالرغم من جهلنا بحقيقة الإله ، فهو سيكون بالقطع معقدآ بشكل لا يمكن إختزاله .
هناك البعض يعتقد أن نظرية التطور البيولوجي المعاصرة هي ذاتها نظرية داروين بلا تطوير ،وأنها مجرد افتراضية علمية ،وهذا وهم و غفلة . نظرية التطور هي نظرية علمية . إن نظرية التطور البيولوجي هي واحدة من أكثر النظريات العلمية تكاملا ، وفيها تتجمع خطوط متعددة من الأدلة التي تنتمي إلى العديد من العلوم المحكمة ،و تعتمد على عدد لا حصر له من الحقائق العلمية الصلبة . نعم مازال هناك العديد من الأسئلة تدور حول كيفية حدوث التطور على الأرض تاريخيا ، و لكن لا يوجد أي شك لدى العلميين في أن التطور قد حدث و يحدث بالفعل على الدوام ، و أن هذا التطور من سنن الوجود وهو الذي يشرح لنا بوضوح خصائص و تنوع الحياة على الأرض .
لست أدري كيف ينكر إنسان معاصر نظرية التطور البيولوجي و يظل محتفظا بصفته المعاصرة ، بل لست أفهم أيضا من يرفضها لأنها ( نظرية ) وهل يرفض بالتالي كل النظريات حتى لو أكدتها الحقائق الدامغة لمجرد أن اسمها نظرية ، في هذه الحالة سيكون من المفيد أن نراجع نظريات المعرفة في مصادر علمية بعيدا عن الجدل الديني ، أيضا أعتقد أن معظمنا غير ملمين تماما بالنظرية في صورتها المطروحة حاليا في الدوائر العلمية ، فالنظرية تعتمد أساسا على نفس علوم الوراثة التي لها استخدمات بلا حصر ، و هي لا تقول أن الإنسان أصله قرد كما يعتقد المتدينون، فهذا إعادة طرح للنظرية من رؤية شديدة التبسيط ، إن هناك أدلة علمية دامغة ليس فقط أن التطور البيولوجي قد حدث بالفعل ، بل أنه مازال يحدث أيضا ، رغم ذلك فمن الممكن أن يسخر من شاء من العلميين و يتهمهم بأنهم مازالوا على شاكلة من يدعون أنهم أجدادنا ، و لكن لماذا لا يرون أننا ربما نفضل أن نشارك القردة العليا أجدادها على أن نشارك الجهلة أصولهم الفكرية بالحمير .
هناك العديد من الشواهد التي تدعم نظرية التطور ، هذه الشواهد تقسم على أسس مختلفة ، فالبعض يقسم الشواهد إلى شواهد على التطور التاريخي ،و هناك شواهد على إستمرار حدوث التطور، وهناك أيضا أدلة على وجود أصول مشتركة ،و أدلة على الإختيار الطبيعي و أدلة على تغير السلوك و أدلة الوراثة .و بالرغم من أن الشواهد التقليدية على نظرية التطور عديدة و مثيرة ، إلا أنه يمكن أن نثبت نظرية التطور فقط بمعلوماتنا و فهمنا للجينات و الكيمياء الحيوية genetics and biochemistry ، وهي تثبت ان التطور يحدث ولا يمكنه إلا أن يحدث ، أي أن رفض التطور هو الذي يحتاج إلى إثبات .
مازال معظم الناس يعتقدون أن الأدلة على التطور هي ذاتها منذ داروين ،و هذا نوع من التبسيط ، فمنذ اكتشاف DNA ، يأتي معظم ما نعرفه عن التطور من دراسة الجينات genetics و البيولوجيا النووية molecular biology و الكيمياء الحيوية biochemistry ، فالتطور يحدث بالفعل في الشفرة الوراثية the genetic code. إننا نعلم الآن أن تعديل صغير جدا في الشفرة الوراثية genetic mutation تؤدي إلى تغيرات كبيرة في بناء الكائن الحي ،و هكذا يحدث التطور سواء بفعل الطبيعة و التراكم الزمني أو بشكل بشري متعمد ،وهذا هو الأساس الذي يقوم عليه العلاج الجيني المستخدم بالفعل .
مع تخبط العربي المعاصر لن أفاجئ أن يكون هناك طبيب لم يدرس نظرية التطور البيولوجي بتوسع كما يحدث بالفعل ، رغم أني أعلم أن النظرية تدرس في مصر في مادة البيولوجي في المرحلة الثانوية ، أعتقد أن دور الطبيب أكبر قليلا من إعطاء الحقنة و ترك القطن في بطن المريض ، عليه أن يكون مستعدا للشعبطة في قطار التطور ،و أن يفهم بعض الأسس العلمية التي تقوم عليها المنجزات الطبية التي يستهلكها .
لا يدعي أحد أنه يمكن الإعتماد على دليل واحد منفردا لإثبات صحة نظرية التطور ، فالوثوق في نظرية التطور يأتي من تضافر عدد هائل من الشواهد ، كذلك من حقيقة أنه لا توجد أي أدلة علمية تتعارض مع النظرية . من الأهمية أيضا أن نفهم أن النظرية قدمت عددا كبيرا من التنبؤات الصحيحة و التي أثبتتها التجربة ، وفي الواقع فإن نظرية التطور البيولوجي هي أكثر النظريات العلمية إتساعا في مجالات التطبيق ، في مجال البحث العلمي فإننا نحكم على النظرية أو الإفتراضات العلمية بقدرتها على الصمود في وجه النقد ،و أن الأدلة التي يمكنها دحض النظرية لا تنجح في ذلك ، و هذا ما حدث تحديدا في مجال نظرية التطور ، فرغم أنها خضعت لعدد هائل من الإختبارات و رغم أنه كان هناك عدد لا نهائي من الفرص حيث كان ممكنا دحض النظرية و كشف زيفها ،رغم ذلك كله لم توجد أي ادلة ذات إرتباط أمكنها دحض النظرية .
لمن يهتم بالمعرفة العلمية إليكم بعض الأدلة على حدوث التطور تاريخيا كرؤوس موضوعات .
Phylogenic Diagrams
Comparative Anatomy
Comparative Genomics
Embryology
Vestigial Organs
Biogeography
Progression in the Fossil Record
Transitional Forms in the Fossil Record
Extinction Recorded in the Fossil Record
بالرغم من كل ذلك الحشد من الأدلة على حدوث التطور البيولوجي تاريخيا ، فربما تكون أقوى الأدلة على التطور تعتمد على تلك التي تؤكد إستمرار حدوث التطور في الأزمنة المعاصرة ، و هذه أيضا رؤوس موضوعات على أن التطور ما زال يحدث حتى الآن لمن يريد المعرفة العلمية .
Observation of heritable genetic change
Observation of the development of novel traits
Observation of changes in gene frequency in populations
Observation of "speciation"