بداية اشكر للزميل العزيز اندروبوف طلبه....
موضوع علاقة ايران بالغرب و اسرائيل موضوع اشبع بحثا و هو ذو ابعاد سياسية و تاريخية و عقائدية واضح و معروفة و يدرّس في كليات العلوم السياسة في العالم و تصدر الدراسات و التقارير عن معاهد الدراسات الاستراتيجية الدولية, و تتناوله بالتحليل كبريات الصحف و دور النشر و المحللين و الكتب في كافة اصقاع الكون.... و جميع تلك الدراسات و المنشورات و التقارير و الكتب و التحليلات مفادها واحد و تصب بنفس الاتجاه الواضح و البسيط المقبول اكاديميا و دوليا و استراتيجيا....
الا عندنا!!!!!
تجد ان فطاحل السلفية و الوهابية و بعض سلفيي النيولبرالية (كأبو نواس و حسام الراغب) يصرون على ان هناك حلفا سريا خبيثا بين ايران و كلا من امريكا و اسرائيل , البعض يضفي على هذا الحلف بعدا تاريخيا (تحالف سري تاريخي بين المجوس و الرافضة و اليهود منذ ايام قورش و ابن سبأ و ابن العلقمي الذي جلب التتار لبلادنا -مع انهم هاجموا ايضا الصين و روسيا و كوريا!!)
و ينطلق ادعياء نظرية المؤامرة السريةالخبيثة تلك, ليحللوا على ضوءها قضية ايران غيت (بدون حتى ان يقرؤوا عنها شيئا) وصولا لتصريحات ابطحي الشهيرة مرورا بالدور (الخبيث) لايران في تسهيل احتلال امريكا للعراق و ضربها للمقاومة العراقية الشريفة وذبحها للفلسطينيين, هذا بدون ان نذكر جرائم الملالي ضد الاهوازيين و احتلال الجزر و تشييع قبائل الزوبو ووبو في مجاهل افريقيا.... و كل ذلك طبعا بتواطؤ امريكي غربي خبيث و سري حيث ان ايران ما هي سوى (اداة) امريكية في المنطقة...
طبعا هذ الادعاءات السخيفة لا وقت لي و لا رغبة في انتقادها و تنفيندها... جل ما استطيع قوله لمن يدعيها هو:
(اذهب يا جاهل و اقرأ في اي كتاب صارد عن دار نشر دولية محترمة او لاي كاتب و محلل ستراتيجي عالمي او صحافي في صحيفة دولية مرموقة, او تقرير دولي او رسمي امريكي او رسمي تصدرها معاهد الابحاث العالمية الغربية بشكل دوري تصف فيه الوضع الاستراتيجي في المنطقة او لاي من الدراسات الاكاديمية الصاردة عن الجامعات الامريكية او الغربية المرموقة او المجلات السياسية و الاقتصادية المعروفة عالميا...)
مش فاضي انا اقنع شخصا جاهلا غير مطلع عما يدور حوله في العالم بحقيقة بديهية ان كان يصر على رفضها... ببساطة سأتركه على عماه ليبقى اضحوكة لغيره...
تصور يا اندروبوف و انت تجادل شخصا ينكر كروية الارض و تضيع وقتك معه محاولا اقناعه بدلائل كرويتها العلمية.... جل ما ستقدر على قوله له هو: اذهب و اقرأ اي كتاب مدرسي او علمي , و انطح رأسك به....
لذلك حول من يصر على نظريات التحالف السري الايراني-الصهيو أمريكي لا استطيع ان اجيب سو ب
.
بالعودة الى تحليلنا للاحداث في منطقتنا,
الجميع يعرف ان المشروع البوشي في منطقتنا قد هُزم, و ان مخططات المحافظين الجدد لم يكتب لها النجاح للاسف الشديد , و المأزق الامريكي في العراق و افغانستان لم تعد امريكا على استعداد لتحمله لا سياسيا و لا بشريا و لا اقتصاديا, و ان اوباما يحاول اليوم ان يتراجع عن اخطاء سلفه.....
و حيث ان ايران قد استفادت من اخطاء الاحمق بوش و حمرنته و كذلك حمرنة حلفائه من الاعراب(صحتين على قلب الشاطر و لا عزاء للاغبياء), هي مدعوة اليوم لكي تتلقف السياسة الاوبامية الحالية من باب (ترك منفذ لعدوك لينسحب بكرامة لتحل انت محله) المعروف في عالم السياسة و الاستراتيجيا ,
و كما قال مرة احد حكماء قبائل السيكي ووكو
(لا داع لان تحشر القطة المتوحشة التي دخلت بيتك في الزاوية و تصارعها, فقط ارها طريق الخروج و سهّله امامها ان هي ارادت ...)
و تماما كما تعامل الفيتكونغ بدهاء مع بوادر الانسحاب الامريكي,الذي استغرق سنوات و سنوات... و عدم ترك الحوافز و المبررات و الضرورات امريكا لكي تتشبث بمشاريعها البوشية الشرسة ...
حتى المعارضة اللبنانية تعاملت بهذا الشكل مع حلفاء بولتون في لبنان بعيد صفعة 7 أيار و تركوهم يأتون بالسينورة و الحريري والنتيجة كانت و لا تزال مرضية جدا سمحوا لهم بالمحافظة على ماء وجههم و ان كانت مخالبهم قد قطعت و أقفيتهم قد الهبت
..
و عموما...
غدا قد يعود المحافظين الجدد الى المنطقة (اتوقع لاوباما السقوط المريع في الانتخابات القادمة لعوامل عديدة), و عندها سيكون الوضع اصعب امامهم ازاء التملص من التفاهمات السابقة الغير معلنة و العودة للسياسات المتشدة, و عندها تستطيع ايران الانتقال مجددا الى موقع مواجهة تلك المشاريع المتجددة لكن من موقع اقوى و اضمن هذه المرة....
و لكل مرحلة طبيعتها و ظروفها و ضروراتها, و كتب علينا ان نكون في منطقة عرضة للاستعمار و الغزو و الاحتلال و علينا ان نتعايش مع ذلك الواقع و نواجهه بحسب الامكانات...
و ها هي فرصة اليوم امام دهاة الساسة الايرانيين ازاء الانكفاء النسبي الامريكي, لاستثمار هذا الانكفاء و عدم الحيلولة امام منعه و تأخيره و ملأ الفراغ الذي سيخلفه... و انا اؤيد ذلك و اعتبر ان من الغباء عدم استثمار ذلك...
و عموما فان صانعي القرار في ايران بدؤوا يتلقفوا الفراغ الامريكي المستجد بذكاء, و ما بوادر الحلف الايراني التركي و ملامح المشاريع الجيواستراتيجية في اسيا الوسطى الكبرى ما هي سوى سمات المرحلة المقبلة,
و للاسف فان ملامح الغباء العربي -كالعادة- تظهر في معاداة هذا المحور بدل الانضمام اليه و استثمار آفاقه و اصرارهم على المراهنة الرعناء على كرم اسرائيل في تأجيل بناء مستوطنة هنا و اسطبل هناك و الوعود الامريكية لهم في شرق اوسط جديد و طارئات غريندايزر بترليون دولار الا شوي
....