....................

كلنا نعلم بالتقدم العلمي الرهيب الذي نعيشه في هذه الفترة الزمنية ، حيث انعدمت كل الحجج على الناس الذين يتوخون اعذارا بالية لهدف اللهو و ترك البحث و القراءة و الاطلاع التي من المطلوب لكل شخص ان يتعمق فيها و خصوصتا في هذا الوقت و ذلك لكي لا يسبقنا الزمان الذي نعيش فيه و هنا اود ان اقول اليس من العيب ان يعيش الانسان في هذا الوقت الذي وصف بعصر المعلومة و هو يجهل (التاريخ) الذي اوصل العالم على ما هو عليه الان ، اعتقد ان ذلك من ضروريات الحياة في هذا الزمن فنحن بحاجة الى مثقفين واعين جيدا بالظروف و الاحداث التي وضعتنا على ما نحن عليه.

كما تعلمون دراسة (التاريخ) تحتاج وقت طويل و تحتاج الى سعة صدر و تحتاج الى تدقيق فكم حرف و حرف هذا التاريخ ، و دائما افكر في الذين سياتون بعدنا بقرون كيف سيستطيعون من دراسة هذا التاريخ الطويل ، و لكنه شيئ لا بد منه ، بل فيه الشيئ الكثير من المتعة.

و انا هنا وضعت هذا الموضوع لتبادل الخبرات في كيفية او طريقة كل شخص في دراسته و اطلاعه و بحثه في التاريخ و كيفية تعامله مع بعض الامور التي لم يجزم على صدقها و حقيقتتها.


تحياتي

الزميل ذى يزن

اسمح لى أن أذكر ما ذكره ول ديورانت فى مقدمة موسوعته قصة الحضارة :

لقد أحسست منذ زمن طويل بأن طريقتنا المعتادة في كتابة التاريخ مجزءاً أقساماً منفصلاً بعضها عن بعض، يتناول كل قسم ناحية واحدة من نواحي الحياة فتاريخ اقتصادي، وتاريخ سياسي، وتاريخ ديني، وتاريخ للفلسفة، وتاريخ للأدب، وتاريخ العلوم، وتاريخ الموسيقى، وتاريخ للفن - أحسست أن هذه الطريقة فيها إجحاف بما في الحياة الإنسانية من وحدة، وأن التاريخ يجب أن يكتب عن كل هذه الجوانب مجتمعة، كما يكتب عن كل منها منفرداً، وأن يكتب على نحو تركيبي كما يكتب على نحو تحليلي، وأن علم تدوين التاريخ في صورته المثلى لابد أن يهدف- في كل فترة من فترات الزمن إلى تصوير مجموعة عناصر ثقافة الأمة مشتبكة بما فيها من مؤسسات ومغامرات وأساليب عيش.

********************

لهذا فإننى أرى فعلا إننا لا نقرأ التاريخ جيدا ونحن معذورون فى هذا فبجانب التحريف والتزوير فى التاريخ، فالتفاصيل تسقط ومعايشة الحدث تسقط ، لذلك يكون حكمنا على عناوين عريضة بمنظور العصر الذى نعيشه بعدما وصلنا إلى قدر من المعرفة والحضارة تختلف عن العصور التى نقرأ عنها.

الزميل ذى يزن

استكمالا لطرحك أود ان اطرح فكرة تراودنى عن اسلوب اهل الصين واليابان وكوريا وغيرها من البلدان الاسيوية ذوى الملامح المغولية.

فنحن العرب ننظر الى اسلوب التحية المستخدم فى تلك البلدان بدءا من الانحناء وصولا الى السجود على انه نوع من الآدب او الاحترام الشديد او توقير الكبير.

ولكن لو نظرنا الى تاريخ تلك الدول لوجدناهم شعوب شديدة الوحشية والدموية بصورة لا نتخيلها. بل أن تراثهم الثقافى يدل على هذا ، فمدرسة تحمل التعذيب الكورية لا تضاهيها مدرسة فكرية فى العالم ، فقد وصل بهم الامر الى السيطرة على الجسد حتى أنك تستطيع ان تغرس سيخ حديدى فى ساعدك دون ان تقطر دما (وقد رأيتها رآى العين) ، وكان مبعث ونشأة هذا المنهج الفلسفى الروحى بسبب مرور كوريا بعصور للتعذيب والاضطهاد مما دفع بعض المعارضين الى التأمل فى ذاتهم والسيطرة على عقولهم لتحمل الآلم.

وكذلك اسلوب العلاج بالنقاط الوخزية ، فعندما تلقيت تدريبات قتالية فى مرحلة معينة من حياتى، كان المدرب يشرح لنا على خريطة النقاط الوخزية فى جسم الانسان ، وتطرق الاطلاع الى العلاج بالابر الصينية وخريطة النقاط الوخزية لها وعرفت ان هناك نقاط وخزية تؤدى الى أمور علاجية نفعا او ضررا على شكل تعذيب ونزع اعتراف وهناك بعض النقاط حكرا على الرهبان وتختلف معرفتهم بها وفقا لدرجتهم الروحية فى سلك الرهبنة (وهى ما تعرف بالاسرار).

وهذا جعلنى اتسائل كيف توصل الانسان الى معرفة مثل تلك الآثار للنقاط الوخزية ، لابد انها تمت وفقا لأسلوب المحاولة والخطأ وهى الاسلوب الاكثر شيوعا فى التعلم ، وهذا يعنى القيام بمثل هذه الامور على البشر ومتابعة تأثير هذه الافعال سواء كانت تسبب ألم شديد او شلل مؤقت او دائم او فقدان السيطرة على اجهزة الجسم الداخلية او الاطراف ... إلخ.

وهذا يؤكد لى ان مصدر اسلوب التحية الآسيوية يرجع الى جبروت بعض البشر بحيث كان الضعفاء ينحنون لهم ويسجدون لهم اتقاء لشرهم وغضبهم،

وكذلك اساليب القتال وتطورها فى الرياضات الاسيوية اعتقد انها كانت حاجة ناشئة من شيوع العنف فى تلك المجتمعات مما جعل البعض يفكر كيف يدافع عن نفسه فى ظل غياب القانون مع شيوع ظاهرة التشرذم بين الافراد مما يركز معه الفرد على ان يدافع بمفرده عن نفسه وأسرته ، وهذا امر كان شائعا فى العالم القديم وحتى الان فى بعض الاماكن ولكن ربما يكون اكثر عنفا فى آسيا عنه فى باقى العالم.

ربما !!!

صديقي الرائع (المسافر) أشكرك من صميم قلبي على هذه الاضافات القيمة و انا اؤيد بكل للكلمة من معنى ما نقلته عن (ول ديورانت) فنحن حاليا نعاني من ازمة حقيقية في خصوص الثقافة التاريخية و سبب ذلك هو اننا قسمنا التاريخ و بكل اقسامه الى اقسام متعددة فمثلا تجد ان الباحث في التاريخ السياسي او الاقتصادي تجده لا يعي شيئ من التاريخ الفني و تجد هناك من يهتم بالتاريخ الاجتماعي و الفلسفي و هو لا يكاد يعرف حتى بديهييات التاريخ الطبي مثلا ، فانا اعتقد ان هذا التقسيم الشاسع و المتفرع للتاريخ هو سبب تذبذب معلوماتنا التاريخية بشكل عام.

هذا كله ناهيك عن الازمة الاشد وطاة و هي ازمة التزوير التي نعاني منها في كافة ميادين التاريخ و اعتقد ان من اهم اسباب زراعة الاحداث الخاطئة و الكاذبة و الغير حقيقية و البعيدة عن الواقع هو راجع الى عاطفة المؤرخ فلكي نتعلم التاريخ بصورة صافية علينا البحث و بكل جدية لكي نستخلص الحقائق و الاحداث الواقعية.

(10-26-2010, 12:50 PM)(ذي يزن) كتب:  هذا كله ناهيك عن الازمة الاشد وطاة و هي ازمة التزوير التي نعاني منها في كافة ميادين التاريخ و اعتقد ان من اهم اسباب زراعة الاحداث الخاطئة و الكاذبة و الغير حقيقية و البعيدة عن الواقع هو راجع الى عاطفة المؤرخ فلكي نتعلم التاريخ بصورة صافية علينا البحث و بكل جدية لكي نستخلص الحقائق و الاحداث الواقعية.

سؤال..

إن كان ما وصلنا من تاريخ في كافة الميادين مزور، فأين سنبحث حتى نستخلص الحقائق والأحداث الحقيقية؟
وهل نحن حاليا بعيدون عن العاطفة التي تحكمت بالمؤرخ فجعلته يزور أو يخفي بعض الأحداث أو يزيد عليها؟
ويقال أن التاريخ يكتبه المنتصرون؟ وإن كان هذا صحيحا فمن أين نأتي برواية غيرهم لنؤرخها؟

اقتباس:الزميل ذى يزن

استكمالا لطرحك أود ان اطرح فكرة تراودنى عن اسلوب اهل الصين واليابان وكوريا وغيرها من البلدان الاسيوية ذوى الملامح المغولية.

فنحن العرب ننظر الى اسلوب التحية المستخدم فى تلك البلدان بدءا من الانحناء وصولا الى السجود على انه نوع من الآدب او الاحترام الشديد او توقير الكبير.

ولكن لو نظرنا الى تاريخ تلك الدول لوجدناهم شعوب شديدة الوحشية والدموية بصورة لا نتخيلها. بل أن تراثهم الثقافى يدل على هذا ، فمدرسة تحمل التعذيب الكورية لا تضاهيها مدرسة فكرية فى العالم ، فقد وصل بهم الامر الى السيطرة على الجسد حتى أنك تستطيع ان تغرس سيخ حديدى فى ساعدك دون ان تقطر دما (وقد رأيتها رآى العين) ، وكان مبعث ونشأة هذا المنهج الفلسفى الروحى بسبب مرور كوريا بعصور للتعذيب والاضطهاد مما دفع بعض المعارضين الى التأمل فى ذاتهم والسيطرة على عقولهم لتحمل الآلم.

وكذلك اسلوب العلاج بالنقاط الوخزية ، فعندما تلقيت تدريبات قتالية فى مرحلة معينة من حياتى، كان المدرب يشرح لنا على خريطة النقاط الوخزية فى جسم الانسان ، وتطرق الاطلاع الى العلاج بالابر الصينية وخريطة النقاط الوخزية لها وعرفت ان هناك نقاط وخزية تؤدى الى أمور علاجية نفعا او ضررا على شكل تعذيب ونزع اعتراف وهناك بعض النقاط حكرا على الرهبان وتختلف معرفتهم بها وفقا لدرجتهم الروحية فى سلك الرهبنة (وهى ما تعرف بالاسرار).

وهذا جعلنى اتسائل كيف توصل الانسان الى معرفة مثل تلك الآثار للنقاط الوخزية ، لابد انها تمت وفقا لأسلوب المحاولة والخطأ وهى الاسلوب الاكثر شيوعا فى التعلم ، وهذا يعنى القيام بمثل هذه الامور على البشر ومتابعة تأثير هذه الافعال سواء كانت تسبب ألم شديد او شلل مؤقت او دائم او فقدان السيطرة على اجهزة الجسم الداخلية او الاطراف ... إلخ.

وهذا يؤكد لى ان مصدر اسلوب التحية الآسيوية يرجع الى جبروت بعض البشر بحيث كان الضعفاء ينحنون لهم ويسجدون لهم اتقاء لشرهم وغضبهم،

وكذلك اساليب القتال وتطورها فى الرياضات الاسيوية اعتقد انها كانت حاجة ناشئة من شيوع العنف فى تلك المجتمعات مما جعل البعض يفكر كيف يدافع عن نفسه فى ظل غياب القانون مع شيوع ظاهرة التشرذم بين الافراد مما يركز معه الفرد على ان يدافع بمفرده عن نفسه وأسرته ، وهذا امر كان شائعا فى العالم القديم وحتى الان فى بعض الاماكن ولكن ربما يكون اكثر عنفا فى آسيا عنه فى باقى العالم.

ربما !!!

اوافقك الراي صديقي العزيز ، انا شخصيا ارى ان دراستنا للتاريخ الشرق الآسيوي (الشرق الاقصى) فيها الكثير من التقصير و للاسف انا شخصيا من طليعة و أوائل هؤلاء المقصرين ، بعكس التاريخ الغربي الذي قيل فيه و كتب عنه الكثر و الكثير مما جعله يبدو واضحا للعيان بعكس التاريخ الشرقي ، ايضا اعتقد ان ذلك له اسباب كثيرة.

بخصوص الرياضات القتالية المنتشرة في شرق اسيا فلا استبعد رايك الكريم ، بالضافة اعتقد ان من اسباب ذلك هو الاهتمام الشرقي في لياقة الجسم و الاهتمام برشاقته و ذلك عكس الدول الغربية و على طليعتها امريكا و ايطاليا ، و كما قرانا الاحصائية الاخيرة (التي اكدث على ان ثلث الشعب الاميركي مصابون بالسمنة) و ايضا (بخصوص الشرقيين) ذلك يرجع الى النظام الغذائي الشرقي المتزن (و بلا تعميم) فمثلا في اليابان كلنا نعرف ان السمك من الاطعمة الرئيسة و الاساسية و بذلك فهم لا يستهلكون اللحوم مثل غيرها من الدول و على راسها الغرب فتجد مثلا في النمسا من الاكلات الرئيسة المعتبرة و خصوصتا في الشمال النمساوي هي لحوم الابقار و من الممكن ان تجد من ياكل لحوم الابقار بشكل يومي و ذلك طبعا خلاف واضح للعادات الغذائية الشرقية.

الأخ الفاضل ذى يزن

إن دراسة التاريخ امر ممتع جدا فى الاستدلال على طبائع الشعوب ، واعتقد ان دراسة التارخ كأحداث فقط بدون الجوانب التى تشكل العقل البشرى واسلوب تفكيره الذى ينعكس الى افعال تؤثر عليه وعلى الآخرين ، أراها دراسة غير وافية.

فمن الواجب عند دراسة التاريخ ان يتم دراسة الاحوال الاجتماعية المصاحبة للاحداث سواء كانت قبل الحدث او اثناء الحدث او بعده، كذلك من الامور الهامة التى أراها أنها ذات دلالة كبيرة فى فهم السلوكيات البشرية ، الجانب الدينى متمثلاً فى العقائد الدينة والجانب التراثى متمثلاً فى التراث الثقافى الشعبى سواء كانت روايات تروى عن أشخاص او أساطير تراثية او دينية.

وبالطبع انا كمسلم لا استطيع ان امنع نفسى من التفكير فى قالب فكرى اسلامى ، فقد نشأت وأنا أنظر الى الحياة من منظور معين ، وتقييمى لأفعال الآخرين بتأتى من هذا المنظور، فليس ما أنبهر به فى الحضارة الرومانية فتوحات القياصرة ولا تماثيل روما ولكن يبهرنى فكرة مجلس الشيوخ الرومانى حتى وإن إنحرف فى وقت عن طريق الانسانية ولكن الفكرة نفسها تعجبنى.

وأهم شئ فى التاريخ بالنسبة لى هو موقف الشعوب من الضعفاء (الاطفال – النساء – الشيوخ – العبيد – الأسرى - الأقليات) ووضع العامة من الشعب فى المجتمع.

أما عن حديث الزميل Vanilla Sky عن من أين نحصل على الحقائق التاريخية الغير مزورة ، فأعتقد اننى لست أهلاً لتقديم الرأى الصائب فيه ولكن وجهة نظرى أنه ينبغى أن تتبنى المراكز الفكرية (الجامعات) منهج علمى فى البحث والتدقيق ولا تكتفى بالكتب الغربية المترجمة عن تاريخ الدول فقط بل توفد البعثات لدراسة النصوص التاريخية بلغة اهل هذه البلاد وهذا للوقوف على جزء من التاريخ والذى فى الأغلب لن يكون أيضا صادقا تماما ولكنه سيكون نوعا ما قريب من الحقيقة.

وتقبلوا تحياتى

مرحبا خبيرنا المسافر ، و اشكرك من قلبي على هذه الردود القيمة ، و انا اؤيد كل ما ذكرته عزيزي.

تحياتي لك