السعي العلمي للاطلاع وقوة عادات الاحتشام تصادمت مع بعضهم في ناية القرن التاسع عشر عندما جرى الكتابة عن مجتمع الاندامن، لينتصر الاحتشام غالبا على حساب اسقاط توثيق الجنس والعادات الجنسية كحقل خاص. إضافة الى ذلك فإن جميع المعلومات التي لدينا عن السلوك الجنسي لدى الاندامن، بإستثناء واحدة رئيسية، جاءت من القبائل التي كانت ثقافتها قد تغيرت كثيرا والتي كانت على شفا الانقراض عند تسجيل التحقيقات الاولية.

الاستثناء الوحيد يخص منطقة عشيرة Sentineli. عند زيارة الى شمال هذه الجزيرة يوم 29 اذار من عام 1970 قامت بها جماعة من الانثربيلوجيين الهنود على رأسها العالم T.N.Pandit جرى توثيق سلوك جنسي لم يشهد له سابقة ( او لاحقة) على الاطلاق. اعضاء البعثة لاحظوا من قاربهم التالي:" كنا على وشك العودة عندما راينا اثنين من السكان الاصليين يحافظون على مسافة بينهم في مسيرتهم. اقتربنا بزورقنا منهم ونحن نهتم بالمحافظة على مسافة آمنة بيننا، عندما خرج المزيد من الرجال مسلحة بأسلحتها المعتادة وهددوا برمينا بالسهام. اخرجنا سمك كبير كنا قد اصطدناه في الليل، وعرضناه عليهم، في محاولة لتهدئتهم بديبلوماسية. اشرنا اليهم انها هدية. في ذات الوقت كانت الرجال تتلاقي من جميع الجهات والبعض تقدم في الماء حتى وصل الماء الى خصره ويهددون بإطلاق السهام. ومع ذلك تقدمنا بإتجاههم والقينا اليهم سمكتين سقطا في الماء وجرفهم التيار بعيدا. هذه الاشارة لينت مواقفهم، إذ العديد منهم القى بأسلحته واشار الينا ان نلقي المزيد من السمك. النساء خرجت من مخابئها وبدأت تنظر الى مسيرتنا. كانوا بنفس طول الرجال ونفس عرضهم الا ان معالم خصورهم كانت ارق وكانوا بدون سلاح.... كان هناك 20 طفلا. نحن نجحنا في الاقتراب من الشاطئ على مبعدة منهم والقيا على الارض بضعة اسماك. بعض الرجال جاءوا والتقطوهم. لقد بدا عليهم الرضا ولكن السلوك العدائي لم ينتهي. ومرة اخرى اقتربنا من المجموعة فبدأ البعض بصراخ تهديدي لكلمات غير مفهومة. نحن بدورنا صرخنا واشرنا الى اننا نريد ان نكون اصدقاء. في تلك اللحظة حدث شئ غريب - احدى النساء اخذت رجلا واستلقت على الرمال ووضعته بين فخذيها وعانقته بارجلها. هذا الامر تكرر من بقية النساء فكل واحدة سحبت احد المحاربين ليصبح الشاطئ ممتلئ بالاجساد المضجعة في عملية جنس جماعي. غير ان تأثيرها كان فعال إذ ادى الى تخفيف التوتر العسكري، وإنتظارنا استمر وقتا طويلا. وعندما خف وهج الايروتيكا الجماعية جلست غالبية الرجال في الظل، ومع ذلك بقيت مجموعة صغيرة في حالة تأهب. كنا قرب الشاطئ وقذفنا بالمزيد من الاسماك ليلتقطها الشباب على الفور. كان الوقت قبل الغذاء فعدنا الى الباخرة."

كيف يمكن لنا ان نفسر هذه الحادثة؟ ان تقوم النساء بتهدئة الرجال سلوك معروف لنا من بقية العشائر، غير انها المرة الاولى التي تحدث من خلال جنس جماعي. غير ان غياب المعلومات عن مجتمع Sentineli يعني اننا لانستطيع استنتاج الكثير.



Radcliffe-Brown التي نُشرت في النصف الاول من القرن الماضي، دراستها للجنس في فترة قصيرة، كانت مستاءة من الثغرات في مجال حقل الدراسة. تكتب:" للاسف مضطرة لترك ثغرة في هذا الفصل وفي الكتاب ككل بسبب عدم القدرة على نقاش مفاهيم الاندامن عن الجنس. السكان الاصليين في الاندامن الكبرى اصبحوا يبدون احتشاما غير عادي في كلامهم وعلاقاتهم مع البيض، غير انه توجد اسباتب وجيهة للاعتقاد ان هذا السلوك نتاج ضغط الضباط الذين كانوا مسؤولين عن المنطقة في السنوات السابقة. في الوقت الحالي نجد ان جميع الرجال، عدا بضعة من المسنين في الاطراف، جدا دقيقين في عدم الظهور امام البيض بدون ان يغطوا عورتهم، على الرغم من انهم سابقا لم يكونوا يلبسون اي شئ. الرجال في الاندامن الصغرى الذين لم يخضعوا لسلطة ادارة الاندامن الكبرى لازالوا يتجولون عراة تماما ويستمتعون بعراهم وبالسخرية من الملابس. مابين عامي 1906-1908 عندما كنت بينهم لم انتبه الى الاهمية الكبرى للتعمق في موضوع المفاهيم الجنسية للشعب البدائي في محاولة لفهم عاداتهم وتقاليدهم وهذا الاهمال اضر للغاية بالدراسة.

الصعوبات في تقرير ماهو عادات اصلية وماهو دخيل بعد 1858 يجب ان تكون من ضمن وصف مجتمع الاندامن. في اغلب الاحيان لانعرف الفرق، والمعضلة تزداد شدة عندما يتعلق الامر بالجنس. شباب وشابات اندامن الكبرى يذكرون انهم يملكون حرية مطلقة في العلاقة الجنسية قبل الزواج، في حين ينتظر منهم اخلاص تام بعد الزواج. المصادر نفسها تذكر ان الفتاة غالبا تتزوج مباشرة بعد العادة الشهرية الاولى في حين ان الشاب الذي يتزوج قبل الثامنة عشرة اعدادهم في التقدير العام منخفض. هذا الامر يجعلنا نتساءل: متى يستطيع الشباب والشابات استخدام حريتهم الجنسية المزعومة؟

ان نسمع عن صرامة الاوصياء مع صغارهم يدل على ان هناك عدم قبول عام للحب الحر. تفسير هذا التضارب بالمعلومات، على الاغلب، بسبب اختلاط العادات القديمة مع عادات جديدة إضافة الى رغبة ابناء الاندامن في تشويش الغرباء وبلبلة معلوماتهم. شباب وشابات الاندامن لا يختلفون في حاجاتهم الجنسية عن بقية البشر اليوم او في السابق، ولذلك فعلى الرغم من الاحتياطات من جانب الكبار. فإن غالب النشاط الجنسي يحدث في مجاهل الظلام الذي يحيط بالقرى. المراهقين يحاولون التستر على بلوغهم قدر الامكان حتى لايثيروا شكوك الاوصياء ولكنهم ليسوا على الدوام ينجحون بذلك. عند وجود الشك يبدأ الاوصياء بالتحقيق مع المشكوك بأمره/ بأمرها ولكن المراهقين، مثل جميع المراهقين، يستمرون بالكذب قدر الامكان. بعض الاوصياء المتشددين يفرضون على من يسقط في شباك شكوكهم الزواج او قطع العلاقة. اغلب هذه العلاقة يبدو انها جزء من لعبة بين الكبار والصغار ، لعبة بين الاجيال، يفهم قواعدها اللاعبين ولكن تصعب على فهم الغرباء. بين الشابات والشبان تترسخ تقاليد قوية في تقديم البرهان على من يتمكن من خداع الكبار اكبر فترة ممكنة، في حين يبدو وكأن الكبار يعلمون ماذا يحدث ولكن التقاليد تحتم عليهم التظاهر بالجهل. على الاغلب يتذكرون فترة مراهقتهم ويتحتم عليهم الصمت مراعاة لسلوكهم في الشباب.

من المحتمل ان هذا السلوك من الكبار ليس خاليا من الجشع ايضا، إذ ان الكشف عن علاقة بين اثنين واجبارهم على الزواج يعني فقدان ايادي عمل في كلا العائلتين. إضافة الى ذلك فالانتقال الى عائلة خاصة سيرافقه اخذ بعض الادوات والاغراض، على قلتها، ولكنها ملموسة في عوائل لاتملك اصلا الكثير.

وعلى الرغم من انه من المقبول الجنس الحر بين الشباب والشابات الغير متزوجين الا انه المرفوض اقامةو علاقة جنسية للمتزوجين، من كلا الجنسسين. كلا مالدينا عن الاخلاق بين الجماعات على الجزيرة الكبرى يشير الى قيم اخلاقية متشددة تجاه الخيانة الزوجية والذي يعيش بفضل الضغط الاجتماعي الذي يمنع الذكر والانثى على السواء من اي علاقة خارج الزواج. في العهد الاستعماري لاحظ الدارسين البريطانين ان نساء هذه الجزر سيكونوا معجبين بالاخلاق الفيكتورية.

من المعلوم حدوث خيانات زوجية نادرة وحسب العادات والتقاليد يجري معاقبتها كما لو انها شكل من اشكال السرقة. وكما في جميع المجتمعات من مختلف الحضارات من المستحيل تقييم الخسائر الناشئة عن اصابة الاخرين في مشاعرهم وتسبيب الغيرة لهم. رجل من الاندامن اذا عثر على زوجته بالجرم المشهود تمارس الجنس يمكن لردة فعله ان تكون من مختلف المستويات، تبدأ بالكلمات القاسية وتنتهي بالقتل. ولكن ردة فعل قاسية، كالقتل مثلا، يمكن ان تؤدي الى صراع مع اهل واصدقاء الزوجة او حتى اهل العشيق. ومن حيث انه لاتوجد مؤسسة تقوم بالتحكيم لاعادة العدالة فإن الامر في ايد المعنيين وحدهم، قادرون على اتخاذ جميع الاجراءات بما فيها قتل القاتل، تماما كما في الخلافات العشائرية. وكما هو الامر في كل مكان فإن الرجل يرفع يده على المرأة فقط إذا كان يعلم انه ليس هناك من هو اقوى منه سيجبره على دفع الحساب. ومن حيث ان جميع المصادر التي تعاملنا معها لم تذكر احوال التعامل مع خيانات الرجل نفترض ان نساء الاندامن لم يتمكنوا على الاطلاق من الايقاع بأزواجهم في الجرم المشهود ولا مرة واحدة.



هنا حادثة متأخرة بعد ان اصيبت مجتمعات الاندامن بتغيرات دراماتيكية وبعد ان انقرضت اكبر الجماعات الرئيسية السابقة. لايمكن إعتبارها حادثة تعكس العلاقات الكلاسيكية ولكنها تعكس ادوار الرجل والمرأة والعلاقة مع المحتل الانكليزي.
" في مايو من عام 1892 جاءت مجموعة من رجال الاندامن ودخلت المستعمرة الانكليزية واخذت رجلين من الاندامن لانهم قاموا بمحاولة قتل في وسط الاندامن. كلا الرجلان كانا غير متزوجان ولكن احدهم كانت لديه علاقة مع زوجة احد الرجال من ابناء قريته. في احدى المرات عاد الزوج مبكرا وتمكن من امساك العشيق والزوجة متلبسين. غير انه وعلى عكس مايجري في بقية انحاء العالم، هنا نرى ان العشيق هو الذي يصاب بالعار وليس الزوج او الزوجة. الزوج ، بدعم من اصحابه، قام بإطلاق سهمين على العشيق فأصاب العشيق بجرح وطفل اخر كان في الطريق، ثم انصرف الى اعماق الغابة. الجرح كان صغير، ولكن بسبب ان رفاقه معنيين بجريمة قتل جرت عام 1885 اعتقل كلا الرجلين في بيتي وافرض عليهم اعمالا شاقة لبضعة سنوات، كما ارى بنفسي، واجلدهم، وهي طريقة افضل لمعاقبة رجال الاندامن من ارسالهم الى سجن فيبير. وايضا ضغطت عليهم من اجل ان يتزوجوا حتى يتمكنوا ان ينضجوا ويتعلموا رؤية الامور من زاوية نظر المتزوجين".

نساء اونغه كانوا نادرا مايبقون بدون مايشغلهن او لوحدهن، إذ على الدوام إما مع ازواجهن او مع بقية النساء وحتى عند الذهاب الى الغابة للتواصل مع الطبيعة. لذلك فإن العوائق العملية لحدوث علاقة جنسية تحمل اهمية خاصة. وفي مثل هذه الظروف، حتى العلاقة الجنسية لغير المتزوجين ليست بالامر السهل خصوصا إذا كان يجري تزويج الفتيات فور بلوغهن الجنسي. وبغض النظر عن مايرضي او لايرضي البعض، فإن الطبيعة البشرية لاتختلف فهي عند العرب كما عند الاندامن او بقية الشعوب ، كما توضح هذه الحادثة:
"في خيمة جماعية لقرية توكويبو كانت هناك امراة نائمة الى جانب زوجها. رجل متزوج اخر يسكن في الخيمة نفسها تسلل الى جانبها في الظلام وتمكن من نكاحها بصمت. في البداية والمرأة كانت نصف نائمة اعتقدت انه زوجها ولذلك لم تمانع ولكن بعد فوات الاوان انتبهت الى الفرق. في الصباح اخبرت زوجها بالامر. الزوج غضب للغاية ولاحق الفاعل الى الغابة. العهارب تمكن من التسلق الى اعلى شجرة والزوج الغاضب اطلق عليه سهم اصابه في فخذه. عندما عاد المجروح الى القرية، الى زوجته، صارت زوجته تضحك وتستهزأ به وترفسه مرات عديدة عوضا عن معالجته".

دراسة مجتمع اونغه Onge قام به الباحثون الهنود بعد عام 1950 وكانوا يملكون قيم اخلاقية اقل تشددا من البريطانيين في ذلك الوقت، ولذلك نجد ان احد الباحثين يجرأ على وصف الاوضاع الجنسية المفضلة لدى اهل اونغه:
المرأة تستلقي على جانبها وظهرها الى الرجل الذي سيأتيها عضوه من الخلف ليولج فيها في الامام. نحن نفترض ان هذه الوضعية كانت شعبية حتى لدى الجماعات الاخرى على الجزيرة. كما يذكر الباحثون الهنود ان ثدي المرأة لم يكن يلعب دورا ايروتيكيا لدى اهل اونغه والاندامن.

نحن لانعلم كيف يفهم اهالي اندامن الكبرى وجاروا وسينتينيل العلاقة بين الجماع والحمل، ولكن نعلم معتقدات اهالي اونغه فقط. طقوس اونغه تتضمن نحت phalli على الخشب لتلقى القطع في البحر. والقطع الحشبية يجري البحث عنها واختيارها في الزوارق ويبدأ الحفر عليها لرسم صور "نشاطات جافة تؤدي الى افرازات "، وهي مجموعة متتداخلة من العسل وتنظيم الحركات وتنسيق داخلي بين لعوب المرأة والرجل وطقوس من الرموز تضمن الحمل. هذه الطقوس getankare تبدا من شباط الى آذار. اهالي اونغه يعتقدون ان الطقوس تسبب الحمل فقط عند النساء. وعضو الذكر لايشارك في الطقوس ولكنه ضروري لتحريك الريح في الرحم وعندها فقط تصبح الريح روحا تتحول الى طفل. وإذا كان الزوج لايجامع زوجته تتزايد الزفرات التي تتراكم في الرحم مما يجعل المرأة الحامل غير مرتاحة، لذلك فالحامل تحتاج الى الكثير من تحريك للريح لمنع تراكم الزفرات الشريرة. والريح والزفرات لها دور رئيسي في الطقوس والمعتقدات المؤسسة للروح. بذلك يتضح ان عري هذا الشعب لاعلاقة له على الاطلاق بالخطأ والصواب او تعبير عن عدم وجود الاخلاق، او ان العري بالضرورة يجب ان يؤدي الى الحياء والخجل او الشعور " بالسوءة". ان الاخلاق لايمكن قياسها بكمية الثياب التي تغطي الجسم او الرقعة من الجسم التي بقيت بدون غطاء.



في إطار الاخلاق المحلية يمكن اعتبار مجتمع الاندامن من المجتمعات المحافظة، إذ ان ابناءه يهتمون للغاية بمراعاة قواعد الاخلاق المتبعة بينهم. ولكن لو نظرنا اليهم من زاوية اخلاق اخرى، الاسلامية مثلا، فإن هذا المجتمع سيصبح اوتوماتيكيا متفسخ على الرغم من انه، وعلى الاغلب، يملك اخلاقا اكثر حشمة من اخلاق آدم وحواء انفسهم. نساء الاندامن كانوا خجلون للغاية. مثلا امرأة متزوجة من الاندامن او اونغه لايمكن ابدا ان تظهر بدون ان يكون فرجها مغطى، ولايمكنها ان تحلم بنزع او حتى تبديل هذا الغطاء في حضرة احد ما حتى لو كان امرأة اخرى. سكان جاروا وSentineli لايبدو انهم يملكون الطابو نفسه بالنسبة للاعضاء التناسلية للمرأة إذ لايملكون مايخفي هذه الاعضاء. للاسف ، نحن لانعلم مفاهيم هذه المجموعات، ولكن بالمقارنة مع شعوب عارية او شبه عارية اخرى من افريقيا وامريكا اللاتينية واستراليا سيكون من الخطأ القول ان عدم وجود غطاء على الاعضاء التناسلية يمكن ترجمته الى نقص في الحياء. بل وحتى ممارسة الجنس الجماعية التي ذكرناها سابقا لايمكن وصفها بنقص الحياء. جميع المجتمعات البشرية يوجد لديها مفهوم الحياء ولكن هذا المفهوم يستخدم من الثقافات بطرق مختلفة، بما فيه مايمس العري والجنس او بالعلاقة معهم. نحن لانعلم مالذي يمكن ان يجلب الحياء والعار على شخص من مجتمع Sentineli ولكننا على ثقة من انهم هم يعرفون.

غير ان الادلة العامة تشير الى علاقات قائمة على الاحترام والثقة، مع حرية جنسية محدودة في مجتمع الاندامن التقليدي، والتقارير القديمة عن حفلات جنس في الغابات يجب النظر اليها بحذر، إذ من الممكن ان تجري كتاباتها تحت تأثير افكار مسبقة وامنيات شخصية، انطلاقا من رؤيتهم للشعب فطري عاريا.

في البدايات كانت جماعات الاندامن تتلذذ بالخوض في مايطلق عليها "مواضيع اليزابيت" وهي عبارة عن نكات وسخة وعدم التحرج من مناقشة المواضيع الجنسية بطلاقة مع الجميع. حتى نهاية الخمسينات كان الرقص الايروتيكي والنكات الجنسية مصدر متعة لاهالي اونغه. وقد ساعدت على إذابة الجليد بين السكان المحليين والزوار وجعلت المفاوضات والمعاملات اسهل. القبلات كانت عملية غير معروفة لدى جميع البالغين من ابناء جميع عشائر الاندامن. فقط الاطفال كان يجري تقبيلهم. وعوضا عن التقبيل وجزء من ملاعبة ماقبل الجماع كان معروفا دغدغة وفرك الانف.

للاسف لانعلم موقف اغلب جماعات الاندامن من المثلية الجنسية التي لابد انها ظهرت بينهم انطلاقا من ان المثلية الجنسية يوجد منها جيني والاندامن ليسوا محفوظين منها. وإذا تجاوزنا حالات قليلة لدى عشيرة اونغه، فإن النشاطات المثلية (بين الذكور فقط) جرى التقرير عنها فقط لدى الابورجينا واشخاص غرباء. غير ان الشؤون الداخلية للابورجينا عادة لاتصل الى علم السلطات ولاتعيرها اهمية. بالنسبة لاهالي اونغه هناك ملاحظات مثيرة للجدل من عام 1950، حيث جرى توثيق ظهور نزعات مثلية وعلى الاخص، عند افتراقهم لفترات طويلة عن زوجاتهن. ولكن لم يصلنا شئ عن سلوكيات مثلية بين اهالي اندامن الكبرى ولم يصلنا شئ منهم حتى بعد التفكك الثقافي بعد اعوام 1858. الكتابة عن المثلية الجنسية اصابت كتاب العصر الفيكتوري بالحرج الشديد اكثر بكثير من الكتابة عن العلاقة الجنسية الطبيعية بين المرأة والرجل، في حين انهم لم يتعاطوا على الاطلاق اية اشارة الى المثلية الجنسية بين الاناث وكانها لاوجود لها. وعلى الرغم من التعرض للمثلية الجنسية عند الذكور الا انه استخدمت تعابير ملطفة للغاية مثل " ممارسة الرذائل". والضباط الفيكتوريين كانوا يشتكون بتعابير عامة ، ومن ضمنها يمكن ان تأتي تلميحات سريعة مثلا من: الكسل، التبغ، القيل والقال وسلوك مثلي.

نملك تقرير واضح وموثق عن محاولة اغتصاب لفتى من الاندامن والذي كان يعمل خادما لرجل سجين في سجن روز ايسلند، عام 1882. كون ان الفتى كان غير راضي جعله ضحية واخرج الفضيحة الى العلن. في تقرير اخر اكثر تفصيلا من عام 1892 يظهر لنا ان مراهقين بيرا وولوغا قد اصبحوا بغاء يبيعون اللواط. القسيس الانجليكي في جزيرة روز ايسلند عثر عليهم في الطريق خارج موطن الاندامن واخذهم لكونهم ارتكبوا " جريمة خارج الطبيعة" لفترة طويلة. العقوبات التي تفرضها السلطات " الحضارية" التي تكتشف هذه الافعال يمكن ان تكون شديدة فمثلا حكمت السلطات الهندية على السجين Phulla بثمانية عشرة جلدة وسجن لمدة سنتين بالاغلال بتهمة "علاقة غير طبيعية" مع بيرا. كلا المراهقين جرى وضعهم في منزل بورتمان للرعاية.

في المستعمرة العقابية الواقعة حول مدينة Port Blai جرى تدمير المجتمع التقليدي الرائع للاندامن في خلال ثلاثة اجيال. الاداة الاولى في التدمير كانت الامراض الوافدة في حين ان تغلغل الثقافة المستوردة كانت الثانية. المستعمرات العقابية بطبيعتها وسيلة غير متحضرة وتفرض ثقافة المحتل. ومعظم المعاقبين في وقت مبكر كانوا من جنود التمرد الهندي الكبير عام 1857 إضافة الى قتلة ومغتصبين. فقط بعد عام 1900 اصبح يظهر السجناء السياسيين في بورت بلير. وكان جميع المحكومين في مستمرة العقوبات ليسوا فقط ظاهرة خام وغير مألوفة ولكنهم كانوا ايضا من الذكور فقط. في عام 1906 كان هناك 12981 محكوم من الذكور مقابل 715 من الاناث، بنسبة 20 الى واحد. وضع الاحرار لم يكن اسعد: في السنة نفسها كان عدد السكان الاحرار، بما فيهم السجانون والحراس والجيش يصل تعدادهم الى 2089 شخص يقابلهم 779 انثى حرة.

هذا الخلل الكبير البشع ادى بالتأكيد الى قدر كبير من البؤس البشري والتوتر والاحباط والعدوانية وانتشار " الرذائل الغير طبيعية" والدعارة على نطاق واسع. والوضع الحرج داخل مجتمع العقوبات لابد ان تمتد اثاره الى المجتمعات المحيطة به من السكان الاصليين، بعد ان تأكل نسيجهم الاجتماعي ، واصيبوا بالزهري والسيلان والامراض النفسية بسبب الاغتصاب والوحشية الجنسية والاذلال والكسر.

نحن نعرف عدد قليل من حالات اغتصاب الغرباء لنساء الاندامن، بالذات الحالات التي ادت الى القتل والفوضى ولم يعد بالامكان السكوت عليها. اكثر الحوادث اثارة هي للمراة التي تدعى هينا، وزوجها تورا، والبريغادير البحري برات، وقد اجتمعنا بالفعل مع برات. هذه القضية موثقة بشكل مبهر بسبب تتدخل السلطات المركزية في الهند البريطانية وتحولت الى قضية مشهورة. والقصة ان قارب للتحميل على ظهره بحارة بريطانيين ذهب الى معسكر للاكا- بيا، بناء على تعليمات من الكولونيل تايللر المسؤول عن الجزر. جرى ارسالهم من اجل اقامة علاقات الصداقة مع رجال الاندامن ولكنهم فشلوا تماما، حيث قام برات بالانقضاض على هينا منذ اللحظة التي وطأت اقدامه الجزيرة في محاولة لاغتصابها. في المشادة قام زوجها تورا بإطلاق السهام على البحار وقتله. بقية البحارة اطلفوا النار واسحبوا. فيما بعد جرى اعتقال تورا ووضعه في السجن لبضعة اشهر بتهمة القتل الى ان ظهرت وقائع الحقيقة. وبالتأكيد لابد ان حوادث الانتهاكات الغير موثقة كبير للغاية، بل وهناك تقارير تشير الى حوادث حب حقيقي بين الاجناس البشرية ازدهرت في بالوعة مستعمرة العقوبات.

مجتمع الاندامن لم يكن يعرف التنقلات الكبيرة ولم يغادروا مجتمعهم ابدا، في حين نجد ان فترة الاستعمار حتمت عليهم التحرك على طول الجزيرة واضطرتهم للاختلاط بالجنود وهم شخصيات لايعرفون شئ عنها. ومع تحطم خصائص مجتمعهم اضافة الى الاتصال الغريب انتشرت بينهم الامراض التناسلية بسرعة، وهي امراض لم يكونوا يعرفونها مطلقا في السابق. عام 1867 تم اكتشاف مرض الزهري بينهم للمرة الاولى والتحقيق اظهر انهم كانوا على علم بالامر منذ ستة سنوات ولكنهم لم يطلبوا المساعدة من السلطات خوفا من السجن في المستشفى. وايضا فإن السجناء الذين اعطوهم هذا المرض اثاروا روعهم حتى لايتصلوا بالسلطات خوفا من العقاب الذي سيتبع الاكتشاف. في عام 1885 كانت الجزيرة بالكاد خالية من الزهري. احد الزائرين للاندامن الكبرى في ذلك الوقت وصف المشهد التالي:
"لقد زرت جميع انحاء الساحل الشرقي من الجزر، وبقيت بضعة ايام على جزيرة تابل. جميع الابريجينر كانوا لطفاء ولكن اعدادهم تناقصت كثيرا، وقد رأيت الكثير من حالات مرض الزهري. بعض هؤلاء الفقراء كانوا مشدوهين ومصدومين واجسادهم مغطاة بالجروح والبثور كالجدري والروائح الصادرة عنهم من القوة بحيث لم يكن يسمحوا لهم بالانتقال بالسفن البخارية، ولكن كان يجري سحب زوارقهم لبعض المسافات.

على الرغم من ان الاندامن لم تعرف الامراض الجنسية ابدا في سابق عهدها وعلى الرغم من ان الامراض الجنسية هي نتاج حضاري الا اننا نجد استمرار شخصيات الحضارة (!) في اطلاق الاحكام الاخلاقية وكانهم هم الذين يملكون اخلاقا اعلى غير عابئين بأنهم هم الذين يوردون ممارسات الانتهاك والاغتصاب والامراض الجنسية والاذلال والطحن، وان منظومتهم الاخلاقية تعيد انتاج هذه الانتهاكات ولاتقضي عليها. يكتب Portman متشفيا: ليس لدي اي شك في ان هذه الامراض انتجت تأثير رادع جديد بين شهود المعاناة تمنع هذا الفجور المؤسف الذي كان سائدا وسطهم وتقدم لهم درسا نافعاً.

ان النرجسية اللااخلاقية عند اتباع ابناء الاديان لانهاية لها متناسين ان هذه الموبقات لم تكن موجودة قبل قدومهم. مثلا اشارت التحاليل الى ان مرض الزهري لم يصل ابدا الى منطقة اونغه قبل عام 1894، واظهرت عينات الدم في عام 1953 ان المرض لم يبقى له اي اثر الامر الذي جعل السلطات تشك في نتائج التحاليل السابقة.

chapter 12: Of matters Sexual, The Andamanese, George Weber.

ترجمة طريف سردست، موقع الذاكرة