http://www.al-akhbar.com/ar/node/214114
إسرائيل تضم شوكت وسليماني إلى «القرار الاتهامي»
احتل لبنان أمس حيّزاً واسعاً في الإعلام الإسرائيلي. فقد نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»
أن القرار الاتهامي المنتظر صدوره سيتهم القائد العسكري السابق لحزب الله عماد مغنية، ورئيس الاستخبارات السوريّة السابق آصف شوكت، والجنرال الإيراني قاسم سليماني. وذكرت الصحيفة ذاتها أن سعد الحريري «على حافة انهيار عصبي»
مهدي السيد
كما هي العادة عندما يتصل الأمر بالمقاومة في لبنان، سارعت إسرائيل إلى حجز حيّز لها على مسرح الأحداث لتقول ما لديها بشأن القضية الأكثر سخونة في جدول الأعمال الدولي هذه الأيام: صدور قرار عن المحكمة الدولية يتهم حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري. ولأن الأمر يتصل بالمقاومة، فإن من البديهي أن يكون الكلام الإسرائيلي موجهاً نحو تكريس الوجهة الأميركية للأمور، وهي الوجهة التي تريد أن ترى حزب الله في قفص الاتهام الدولي، مع«قيمة مضافة» كشفت عنها تل أبيب أمس،
هي إدخال مسؤولين سوريين وإيرانيين في لائحة الاتهام الدولية المزمعة.
فقد نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عمن وصفتهم بالخبراء الإسرائيليين والأميركيين قولهم إن بين المتهمين الذين سيشملهم القرار الاتهامي، المفترض صدوره عن المحكمة الدولية بعد نحو شهر،
صهر الرئيس السوري ورئيس الاستخبارات السابق (بحسب الصحيفة) آصف شوكت، والجنرال الإيراني قاسم سليماني، والقائد العسكري لحزب الله عماد مغنية، الذي اغتالته إسرائيل في شباط من عام 2008 في سوريا.
أضافت الصحيفة الإسرائيلية أن الاتهام سيوجه إلى هؤلاء بوصفهم المسؤولين عن إرسال وحدة الاغتيال التي زرعت العبوة وفجرتها بموكب رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
ونقلت يديعوت عن مصادر أميركية قولها إن القرار الاتهامي سيضم أيضاً أسماء أربع مسؤولين آخرين في حزب الله عملوا تحت إمرة مغنية.
من جهة أخرى، ذكرت الصحيفة أن مقرّبين من رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، نقلوا خلال الأيام الأخيرة تحذيرات إلى البيت الأبيض في واشنطن والمسؤولين الفرنسيين والقصر الملكي السعودي،
مفادها أن الحريري على حافة انهيار عصبي بسبب الضغوط المتعارضة التي تمارس عليه بشأن الإعلان عن القرار الاتهامي.
وقالت الصحيفة إن هناك معلومات تتحدث عن أن الحريري، لأجل مواجهة هذه الضغوط، قد«ينزل تحت الأرض» (أي ينتقل إلى العمل السري) أو يغادر لبنان في أعقاب التهديدات لحياته التي يتعرض لها. وأوضحت «يديعوت» أن الضغوط التي تمارس على الحريري تأتي من اتجاهين متعارضين: فمن جهة تطالب الولايات المتحدة وفرنسا بإصدار القرار الاتهامي ضد حزب الله وتجاهل تهديدات (الأمين العام لحزب الله السيد) حسن نصر الله، ومن جهة أخرى انضمت المملكة العربية السعودية إلى الضغوط الإيرانية ـــــ السورية التي تمارس على الحريري لمنع إصدار القرار الاتهامي أو القول إنه «مؤامرة تهدف إلى تدمير لبنان».
ووفقاً ليديعوت، فإن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز حذر من أنه إذا وردت في القرار الاتهامي أسماء قياديين من حزب الله، فإن من شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى موجة اغتيالات واختطاف مسؤولين لبنانيين وشخصيات أجنبية، فضلاً عن إحكام قبضة إيران على لبنان.
بدورها، أفادت صحيفة هآرتس بأن الانطباع السائد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو أن المحكمة الدولية، المكلفة بالتحقيق في ظروف اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، تراكم أدلة على تورّط مسؤولين كبار من حزب الله في عملية الاغتيال. وفيما توقعت هآرتس أن يبادر الأمين العام لحزب الله إلى خطوات عدة علنية تهدف إلى التشويش على القرار الاتهامي، رأت أيضاً أن توجيه الاتهام إلى مسؤولين في حزب الله
سيؤدي إلى توجيهه إلى نصر الله، الذي «سيُقدّم كمتورّط في عملية الاغتيال أو بصفته مسؤولاً عن شخصيات عملت من دون موافقته».
من جهتها، قالت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، أول من أمس، إن القرار الاتهامي المزمع صدوره عن المحكمة يثير قلقاً كبيراً في العالم من ردود الفعل المحتملة لحزب الله، ما استدعى اجتماع مسؤولين رفيعي المستوى من لبنان وفرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة في أوروبا، نهاية الأسبوع الماضي، من أجل مناقشة هذه المشكلة. وبحسب القناة، لا يزال من غير الواضح حتى الآن طبيعة الخطوات التي ستتخذ في هذا المجال.
وعلى خط الاهتمام الإسرائيلي المتزايد بالحدث اللبناني، رأى وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية، سيلفان شالوم، أنه يتعين على حزب الله أن يقلق من القرار الاتهامي المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، «لأن الجميع يعلم أنه متورّط كلياً في قتل الحريري». وأعرب شالوم عن أمله بألا يكون هناك وضع في النهاية يجعل سعد الحريري يخضع ويوافق على الدعوات «غير المقبولة أبداً» لوقف المحكمة التي ستكشف من هم قتلة أبيه. وتنبع خشية شالوم، بحسب تعبيره، من ذهاب الحريري الابن إلى دمشق وعودة شخصيات لبنانية أخرى للحج إلى دمشق من جديد، وهذا يعني، وفق شالوم،«أن مسار القرار 1559 قد لا يتم».
كلام شالوم جاء في مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية، أول من أمس، تطرقت إلى المخاطر التي يمكن أن تنجم عن صدور القرار الظني في اغتيال الحريري، والذي سوف يُدخل، بحسب الإذاعة، «كل الشرق الأوسط، وبالتأكيد لبنان وربما إسرائيل أيضاً، في نوع من الاستنفار والاستعداد، وليس السبب أنه لنا علاقة بهذا، لكن نحن يمكن، بعد أن ذقنا المر من حزب الله، أن نتلقى مفاجأة منه». وبناءً على ذلك،
ركزت الإذاعة أمام شالوم على أسئلة تتعلق بمدى جهوزية الحكومة الإسرائيلية لمواجهة تداعيات القرار، في ظل كثرة المشاكل التي تواجه إسرائيل.
ورأى شالوم، الذي شغل منصب وزير خارجية إسرائيل إبان صدور القرار 1559، أن حزب الله «يقوم بكل شيء من أجل الاستعداد لليوم المناسب، للسيطرة على كل لبنان، ومعروف للكثير من الجهات في لبنان، وأيضاً معروف لجهات دولية، أنه للأسف الشديد، حتى اليوم لم يقوموا بالعمل المطلوب من أجل وقف هذا التطور المثير للقلق».
وتطرق شالوم إلى سلاح حزب الله الذي يمثّل «ظاهرة مثيرة للقلق على نحو كبير»، لافتاً إلى أن السلاح الموجود في أيدي الحزب اليوم «هو أكبر بـ3 أو بـ4 أضعاف مما كان عليه عشية حرب لبنان الثانية في الـ2006». وكرر شالوم اتهام سوريا وإيران بنقل الأسلحة إلى الحزب، معتبراً أن هذا الأمر «هو الظاهرة الأخطر، وهي ظاهرة معروفة لدى أغلب الأجهزة الاستخبارية في العالم». ومع ذلك، أقرّ شالوم بالعجز عن منع هذه الظاهرة، قائلاً إن إسرائيل «لن تذهب إلى حرب من أجل هذا الموضوع».
الملك السعودي حذر من الاغتيالات في حال اتهام قياديين من حزب الله
وفي السياق، رأى البروفسور الإسرائيلي المتخصص في الشأنين اللبناني والسوري، أيال زيسر، أن الساحة اللبنانية تغلي وتقترب بسرعة من الانفجار على خلفية اقتراب موعد صدور القرار الاتهامي. ورأى زيسر في مقالة له على موقع «نعنع»، أمس، أن إصدار المحكمة الدولية قراراً اتهامياً ضد حزب الله سينزل ضربة قاسية بالحزب وبصورته. وعلى خلفية هذا التقدير،
رأى المستشرق الإسرائيلي أن «باستطاعة إسرائيل أن تصفّق برضى، لأن وظيفتها، وظيفة الصراع ضد حزب الله، تمّت بأيدي آخرين»، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى محاذير انعكاس ما يحدث في لبنان على إسرائيل لجهة احتمال تدهور الوضع على الحدود الشمالية. وقال في هذا الإطار «بالعموم يجب الافتراض أنه ما إن ينتهي حزب الله من الانشغال بالقضايا الداخلية اللبنانية التي تزعجه في الأشهر الأخيرة، حتى يعود إلى التركيز على الهدف الأكبر ألا وهو الصراع مع إسرائيل. الأحداث في لبنان توفر لإسرائيل وقتاً وليس أكثر من ذلك. ثمة شك في وجوب استغلال تحسين الاستعداد السياسي والدبلوماسي والعسكري في مواجهة حزب الله،
لأن المواجهة المقبلة بين إسرائيل وهذه المنظمة، هي كما يبدو مجرد وقت فقط».
وذكر المحلل السياسي في الإذاعة الإسرائيلية، يوني بن مناحيم، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو سيبحث التطورات في لبنان مع المسؤولين الأميركيين، الذين سيلتقيهم خلال زيارته للولايات المتحدة.
ورأى بن مناحيم أن الاختبار الحقيقي للمجتمع الدولي يكمن في ألا يسمح بمعمعة التحقيق، رغم التهديدات التي تتعرض لها الحكومة اللبنانية ومن يقف على رأسها. وحذر من أن تراجع الغرب وتجميد عمل المحكمة الدولية، سيضعف أكثر من قوة معسكر 14 آذار، وسيشجع ظاهرة الاغتيالات السياسية في لبنان. كذلك رأى أنه لا مفرّ من عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي من أجل اتخاذ قرارات تؤيِّد حكومة الحريري، وتحذِّر حزب الله من السيطرة العسكرية على لبنان، بعد إعلان قرار المحكمة الدولية في لاهاي.