صحيفة سورية تحذر من تسريبات موقع ويكيليكس
طباعة أرسل لصديق
كلنا شركاء
27/ 11/ 2010
حذرت صحيفة "تشرين" الحكومية من خلفية التسريبات الضخمة التي يقوم بها موقع ويكيليكس لوثائق أمريكية تصنف في خانة السرية. معتبرة أن الصدقية العالية التي يكتسبها الموقع من خلال نشر آلاف الوثائق التي تدين الأمريكيين في فيتنام وأفغانستان والعراق, ربما تكون مقدمة لنشر وثائق وصور (مزيفة) حول أحداث معينة في المنطقة, مشيرة في هذا الصدد ـ كمثال ـ إلى لبنان, وإلى موضوع المحكمة الخاصة باغتيال الحريري والقرار الظني المرتقب ظهوره, والمتوقع أن يوجه التهمة إلى عناصر من حزب اللـه.
جاء ذلك في مقال للكاتب طلال ياسر الزعبي بعنوان "تسريبات الباص المتنقل" نشرته "تشرين" اليوم السبت, وجاء فيه: "من خلال كل ما تقدم ذكره يتبين أن هناك عملاً ممنهجاً يراد من خلاله إبراز هذا الموقع الالكتروني وتصويره على أنه موقع ذو صدقية خاصة, حتى إذا ما قان في قابل الأيام بنشر مجموعة من الصور والوثائق (المزيفة) حول أحداث معينة في المنطقة (لبنان مثلاً) سيكون من الصعب أن يجد من يرد على مثل هذه الوثائق ويعدها مفبركة, لأن هذا الموقع حصل مسبقاً على شهادة تقدير من أهل المنطقة حول مدى شفافيته وصدقيته".
وركز الكاتب على أن القيمين على الموقع يقرون بأن التزوير قد يجد طريقه إلى بعض الوثائق رغم استخدامهم طرقاً علمية متطورة لكشف التزوير, وأنهم يرون أن أفضل طريقة لكشف التزوير هي عرض المعلومات على الناس وخاصة المعنيين مباشرة بالأمر.
يشار هنا إلى أن مؤسس موقع ويكيليكس كان قد أشار مؤخراً إلى عزمه نشر وثائق تتعلق بلبنان, ولعل هذا المقال يعكس تخوفاً ما من إمكانية أن تكون تلك الوثائق تدين جهات سورية أو جهات لبنانية حليفة لسوريا, مما يحتم على المتضررين البدء بالترويج لإمكانية التزوير والتزييف.
من هنا يدعو كاتب المقال إلى قراءة معمقة لمجمل الوضع في المنطقة, وخاصة ما يتعلق منه بالعامل الإسرائيلي. مبرزاً إدانة اتحاد الاتصالات الدولي مؤخراً للكيان الصهيوني بسبب اختراقه قطاع الاتصالات اللبناني. مما يعزز برأيه فرضية التزوير والتزييف.
تـسـريبات الباص المـتنقل!!
دمشق
صحيفة تشرين
سياسة
السبت 27 تشرين الثاني 2010
طلال ياسر الزعبي
يبدو أن موقع ويكيليكس هذا موقع ذو صدقية عالية، وذلك أنه استطاع أن ينشر «المحرمات» التي تحتفظ بها وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» لنفسها حتى تقوم هي ذاتها بالإفراج عنها...
ولعل هذا ما أراد مسرّب هذه الوثائق الحقيقي أن يوصله للرأي العام حيث إن هذا الموقع الذي ظهر بقوة على الساحة في الأيام الماضية من خلال نشره فضائح عمليات التعذيب التي ارتكبتها القوات الأميركية في العراق- ولا نقول: قوات التحالف، لأن كل ما عدا القوات الأميركية هو تفصيل عليها وتابع لها- هذا الموقع استطاع بهذه السهولة أن يخترق الجيش الأميركي ليحصل على هذا الكم الهائل من الوثائق (أكثر من 400 ألف وثيقة).
والغريب في هذا الأمر أن هذه هي المناسبة الثانية التي يقوم فيها هذا الموقع بتسريب وثائق تخص البنتاغون، حيث قام سابقاً بنشر ما يعرف باسم أوراق البنتاغون التي كشفت العديد من أسرار حرب فيتنام، وحصل فيما بعد على حكم قضائي من المحكمة العليا بالولايات المتحدة يبرئه من نشر أي مخالفة..
وفيما عدا هاتين الحادثتين اقتصر عمل الموقع على نشر فضائح اجتماعية ومالية تخص احترام وحماية حقوق الإنسان ومعاناته بدءاً من قلة توفر الغذاء والرعاية الصحية والتعليم والقضايا الأساسية الأخرى، مروراً بنشر الموقع أنشطة غير مشروعة لمصرف سويسري في جزر كيمان، ووصولاً إلى حجبه في الصين لتعرضه لموضوع حقوق الإنسان هناك.
فهل نقول إذاً: إن الجيش الأميركي مخترق إلى الحد الذي يجعل موقعاً كهذا يحصل على معلومات ووثائق خطيرة حول عمليات تعذيب ارتكبها هذا الجيش في العراق، وهي قد تدينه إذا ما طبقت عليه معايير اتفاقية جنيف الرابعة؟
وهل ما حدث فعلاً اختراق للجيش الأميركي؟ أم أن الإدارة الأميركية هي التي قررت تسريب هذه الوثائق والمعلومات؟
وإن كانت كذلك، فما الهدف المنشود من وراء ذلك؟
في الأيام القليلة الماضية انصب اهتمام وسائل الإعلام بشكل كبير على العمل الذي قام به هذا الموقع، وبدا الأمر كأن هناك تحدياً بين إدارة الموقع والإدارة الأميركية حول قدرته على نشر هذه الوثائق، حيث قام الموقع بالفعل بتسريب بعض هذه الوثائق عن طريق قناة الجزيرة وبعض القنوات الفضائية الغربية قبل نشرها على صفحة الموقع، وتمَّ التركيز إعلامياً على هذا التحدي لدرجة أن المراقب بات يشعر أن الغرض من كل هذا الصخب الإعلامي، هو تظهير هذا الموقع والارتقاء به إلى مرحلة متقدمة في الترتيب العالمي من حيث الصدقية والشفافية والجرأة وغير ذلك من الأمور التي تعزز مكانته.
وصارت في الوقت ذاته وسائل الإعلام تتسابق في إجراء مقابلات مع مدير الموقع والناطق الإعلامي باسمه، فما الذي يعنيه تظهير الموقع بهذه الصورة؟ وكيف تسرّب هذا الكم الهائل من الوثائق إلى هذا الموقع؟ هل هبطت جميعاً من السماء؟
ثم إذا كانت الإدارة الأميركية هي التي سرّبت هذه الوثائق، فلماذا يتم هذا الأمر في هذا الوقت بالذات مع أن هذه الإدارة احتفظت بكل هذه الوثائق طوال السنوات الماضية ومارست أكبر تعتيم إعلامي على خسائرها في العراق وممارسات جنودها فيه؟
هذا كله مع العلم أن الإدارة الأميركية اتخذت من أحداث «11 أيلول» ذريعة للتضييق على الحريات بما فيها الإعلامية، وذلك بحجة حماية أمنها القومي، وأصدرت ما يسمى قانون محاربة الإرهاب فهل تخلت هذه الإدارة عن الأمن القومي في هذا الموضوع بالذات؟!
من خلال كل ما تقدم ذكره يتبين أن هناك عملاً ممنهجاً يراد من خلاله إبراز هذا الموقع الالكتروني وتصويره على أنه موقع ذو صدقية خاصة، حتى إذا ما قام في قابل الأيام بنشر مجموعة من الصور والوثائق (المزيفة) حول أحداث معينة في المنطقة (لبنان مثلاً) سيكون من الصعب أن يجد من يرد على مثل هذه الوثائق ويعدها مفبركة، لأن هذا الموقع كان قد حصل مسبقاً على شهادة تقدير من أهل المنطقة حول مدى شفافيته وصدقيته، مع العلم أن القائمين على الموقع يقرون بأن التزوير قد يجد طريقه إلى بعض الوثائق رغم استخدامه طرقاً علمية متطورة لكشف التزوير، وهم يرون أن أفضل طريقة لكشف التزوير هي عرض المعلومات على الناس وخاصة المعنيين مباشرة بالأمر.
ونحن نعلم جميعاً أن اتحاد الاتصالات الدولي أدان مؤخراً الكيان الصهيوني لأنه اخترق قطاع الاتصالات اللبناني.
وكذلك هناك إصرارٌ أميركي مكشوف في هذه المرحلة على استصدار ما يسمى القرار الظني من المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق «رفيق الحريري» رغم كل المعطيات التي ظهرت في الفترة الأخيرة، والتي تشير بوضوح إلى اعتماد القرار الظني على معطيات مفبركة إسرائيليا من خلال تحكم إسرائيل بقطاع الاتصالات اللبناني واختراقها له، وأيضاً من خلال افتضاح أمر المحكمة الدولية التي أنشئت أصلاً لغرض سياسي هو تجريم قوى الممانعة والمقاومة والنيل منها وليس البحث عن القاتل الحقيقي الذي يقف أصلاً خلف الجريمة.. وطبعاً آخر طرائف هذه المحكمة الدولية هو ذهاب محققيها «جواسيسها» إلى عيادة نسائية في محاولة ربما للحصول بطرق غير مباشرة على عناوين شخصيات بارزة في حزب الله «عمل استخباراتي محض» ولا مبرر لهذا العمل إلا التجسس..
لذلك كله نقول: ليس من الجيد قراءة هذه الفضائح التي نشرها موقع ويكيليكس حول عمليات تعذيب في العراق، دون أن تكون هناك قراءة معمقة لمجمل الوضع في المنطقة، وخاصة ما يتعلق منه بالعامل الاسرائيلي، الذي يستمد عوامل بقائه من خلال عدم استقرار المحيط الذي زرع فيه..