(01-17-2011, 09:36 AM)عاصي كتب: ..........
تحياتي عزيزي بهجت...
يبدو ان رهانك وتفاؤلك الذي كان طاغيا في كتاباتك قبل عشر سنوات قد تحقق هذا العام
فجاءك الخبر اليقين من تونس الخضراء...
في حدث تاريخي لم يكن اكثر المتفائلين يظن انه سيأت على هذه الشاكلة وبهذه السرعة...
وردة حمراء لك..
الأخ عاصي .
رائع أن تتذكر حوارتنا القديمة في آرابيا ، فهي فترة الحوارات ال "بريئة" بلا موائمات ولا حسابات ، لهذا كانت جميلة . و الأروع أن تتذكر تلك التفاصيل . نفس هذه الملاحظة التي تفضلت بها أبداها صديق قديم ، قابلني أمس الأول مهللا فرحا ، وقال لي عبارة مشابهة " طلعت إنت الصح و إحنا غلطانين !" أتذكر أن تفاؤلي كان مثار تعليقات ساخرة أحيانا .
كفارس قديم أنتمي لقيم الثورات الوطنية العلمانية و الحلم القومي و الإشتراكية ، لهذا فروحي مشبعة بالتفاؤل التاريخي ، هذا التفاؤل التاريخي يصبح طبيعة ثانية للإنسان . اليأس ليس فقط خطيئة بل هو أيضا غير واقعي وبلا فائدة ، فلا شيء يمكن أن نكسبه باليأس لا نكسبه بالأمل . لا أمَلُّ من ترديد ذلك ليس للآخرين فقط بل لنفسي أيضا .
و لكني لا أريد الأمل المفتعل الطفولي ، إني لا أشفق ولا أخاف على الشعب التونسي فقط ، بل على النموذج العلماني في المنطقة العربية كلها . النظام التونسي لم يكن ديكتاتوريا فحسب ،و لكنه كان ناجحا إقتصاديا ، بل الأنجح عربيا . و أيضا كان نموذجا علمانيا بلا جدال .
من سقط .. سؤال هام يجب أن نسأله ؟. هل الديكتاتورية أم العلمانية و النمو الإقتصادي ؟.أم السلة بكل ما فيها ؟.
لاأطرح إجابات بل أسئلة و مخاوف مشروعة ، أتمنى أن أكون مبالغا فيها .
في الأدبيات الماركسية هناك تعبير شائع هو المراهقة الثورية ، أخشى أنها تنتشر حولنا . التقدم لا يحتاج منا إلى مشاعر جامحة بل إلى عقول هادئة . الروح الثورية ليست ترديد الشعارات الثورية ، بل التكريس الروحي و العقلي لأهداف الثورة ، و كثيرا ما يمر ذلك بنقد ممارسات فوضوية تلبس رداء الثورة .
هناك بالفعل ما يهدد الفرحة و يحبس الضحكة في الأشداق ، و علينا أن نحمي الفرحة في تونس ، حتى تصبح ممكنة في كل الوجوه العربية . إني لا أخشى قوانين التاريخ و آلياته بل أخشى أعداء التاريخ ، أخشى أن أشاهد طغاة غزة و آلهة طهران و قاعدة بغداد في تونس الجميلة . لهذا علينا أن نشحذ طاقاتنا و عقولنا و أفضل ما لدينا لحماية الحلم التونسي حتى يصبح حلما عربيا .
أني لا أستكثر تونس علينا ، فطالما آمنت أن الحرية في كل الأشرعة ،و لن يكون العرب استثناءا . بل أحلامي العربية تتجاوز تونس ،و تصل إلى حضارة إنسانية متقدمة نستحقها .
العرب أمة نبيلة طحنها الطغيان و الفقر و أصولية نجد . و ستشرق الشمس يوما علينا جميعا ، فهي تشرق في كل مكان . لن تبقى حماس طويلآ ، و لن يبقى حزب الله ، و لن يبقى ملالي إيران ، ولا شيوخ التخلف في الخليج ،ولا حكام دمشق ، ولا غوريللا السودان ، ولا توابيت القاهرة ،ولا شموع الرياض السوداء .
تابعت عن كثب ما يحدث في تونس ، لا يهمني من القادم إلى قصر الرئاسة ، فقط يهمني ألا يكون من أصحاب لحى التيوس و القلوب السوداء و العقول الممسوخة ، شعرت بفرحة حقيقة عندما أكدت الحكومة الجديدة على مبدأ العلمانية . فلتبق العلمانية و ليأتي ما يأتي . فمع العلمانية لن نخشى المجهول .