لا توئدوا هذه الثورة ....إنكم في الخطوة الأولى من مشوار الألف ميل
سياسيون مصريون: مطلوب إلغاء أجهزة أمنية وإقالة شفيق
محمد الحمامصي من القاهرة
GMT 15:42:00 2011 الثلائاء 22 فبراير
0Share
أجمع سياسيون وقادة في ثورة مصر على ضرورة إقالة رئيس الحكومة أحمد شفيق، وإلغاء الأجهزة الأمنية.
نظم بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب في القاهرة ، التابع لمكتبة الإسكندرية، لقاء في إطار سلسلة "مصر .. حوارات المستقبل"، شارك فيه مجموعة كبيرة من الناشطين الشباب الذين شاركوا في ثورة 25 يناير والخبراء السياسيين.
وخلال اللقاء وقف الحضور دقيقة حدادا على أرواح الضحايا الذين قضوا خلال أيام الثورة ، فيما استهل اللقاء سامح فوزي، نائب مدير إدارة منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية، بتأكيد التحية إلى شباب 25 يناير ، الذين حرصوا على إحداث التغيير.
ومن جانبه، طرح د.خالد عزب، المشرف على بيت السناري، العديد من التساؤلات التي أثارت الحضور عما إذا كانت الثورة التي وقعت هي ثورة بمعناها الكلاسيكي ، ما يفتح معها العديد من المحاور التي يمكن أن تكون محورا لنقاشات مستقبلية، على أرضية من الاحترام المتبادل.
ولفت د. عزب إلى أن فكرة حوارات المستقبل قائمة على رصد ما يحدث، دون إغراق الناس في التفاصيل الماضية، ودون إغفال الحديث أيضا عن المستقبل. لافتا إلى أن أجهزة الإعلام ظلت تركز على ميدان التحرير دون الإسكندرية التي كانت تشهد مظاهرات مليونية في العديد من الأيام، وصلت في الجمعة الأخيرة ، والتي شهدت تنحي الرئيس السابق حسني مبارك إلى ثلاثة ملايين متظاهر، وهو اليوم الذي شهد مفاوضات من جانب المتظاهرين وقادة الجيش لعدم اقتحام المتظاهرين للقصر الرئاسي في الإسكندرية.
بعدها فتح د. عزب باب الحوار بين جميع المشاركين، فاتهمت إحدى الحضور وزير الإعلام المقال أنس الفقي بتشويه الثورة والثوار من خلال ما كانت تقدمه القنوات التلفزيونية والإذاعية المصرية. داعية الإعلام الرسمي إلى إظهار الدور الوطني للثورة ، وخاصة في خارج القاهرة، "حيث أبلى الثوار في السويس والمنصورة براعة في ثورتهم".
وهنا تدخل الدكتور خالد عزب ليؤكد أن هناك الكثير من المدن في المحافظات شهدت مظاهرات ضخمة، إلا أن القاهرة والإسكندرية كانا يشهدان الإرهاصات سياسية شبابية. داعيا كل من يمتلك وثائق فعلية أن يقدمها للمكتبة للقيام بتوثيقها، في إطار مشروعها الذي شرعت في تنفيذه.
ومن جانبه لفت الفنان التشكيلي سيد هويدي إلى أن ما حدث هو ثورة شعبية بكل المعايير، وليست شبابية كما ردد الإعلام الرسمي ولايزال يردد، وأن المتظاهرين في الوقت الذي كانوا يقدمون فيه الورود للشرطة في يومي 25 و28 يناير ، كانت أجهزة الأمن تقابلهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي والآخر المطاطي.
وقال إن المشهد الحضاري للمتظاهرين في ميدان التحرير كان يعكس الرغبة الحضارية في إجراء تغيير حقيقي ، بدأ بإسقاط النظام ، وخاصة من هو على رأسه، دون أن يهبط السقف بالحرص على إسقاط النظام بأكمله، وليس فقط الاكتفاء بتنحي الرئيس ، والعمل على استمرار المطالبة بإقالة حكومة الفريق أحمد شفيق وحكومته، التي تحظى برفض شعبي جارف.
وتدخل الدكتور خالد عزب لإثارة الحضور بحديثه عن أن هناك ثورة لم تحدث بعد في المجتمع المصري، وتأكيده على أن النظام السابق كثيرا ما قدم رشاوى للعديد من القطاعات المختلفة في الدولة، منها الصحفيين بدفع رشاوى انتخابية لهم، وكذلك للقضاة برفع سن معاشهم إلى 67 عاما، مما ساهم في إهدار الكفاءات من شباب القضاه. لذلك طالب عزب بضرورة إحداث تغيير في بنية النظام المصري.
وفي الوقت الذي أبدى فيه حضور اللقاء مخاوفهم من الالتفاف على ثورة 25 يناير . لفت د. عزب إلى أن هذا القلق يعد من الأمور الصحية ، وخاصة في مثل هذه الحالة.
وتناول أحمد عيد، من ائتلاف شباب ثورة 25 يناير، البدايات الأولى لهذه الثورة. معتبرا أنها بدأت في 4 أبريل في العام 2004 بظهور حركة"كفاية"، والتي دشنت بداية الحركات الاحتجاجية . داعيا إلى أهمية تشكيل وعي بين المصريين بالمكاسب التي حققتها الثورة.
وتعرض للسلوكيات والإبداعات التي كانت تظهر بين المتظاهرين، وابتكاراتهم المختلفة في مجالات حياتية متباينة، ما يجعلها ثورة مجتمع، تفاعل معها شباب وشيوخ ، مسلمون ومسيحيون.
من جانبه ضم أحمد بهاء الدين شعبان، أحد الأعضاء المؤسسين لحركة كفاية، صوته إلى من قال إن الثورة التي قامت هى ثورة شعبية، وليست شبابية، وأن "من يقل غير ذلك فهو يقلل من قيمتها".
وأوضح أن هذه الثورة يعود تاريخها إلى عقود مضت ، وليس فقط إلى فترة تدشين حركة"كفاية"، وأنها جاءت محصلة لثورتي القاهرة الأولى والثانية والانتفاضات الطلابية في الستينات والسبعينات.
واتفق مع الآراء التي ذهبت إلى القلق من القيام بثورة مضادة ، و"أننا إذا كنا قد نجحنا في إزاحة رأس النظام ، فان جسده لايزال قائما، وخاصة جهاز مباحث أمن الدولة، والذي كثيرا ما مارس أشكالا عدة من البأس والبطش ضد جموع الشعب، فضلا عن استمرار جهاز الإعلام على الرغم من تحوله الانتهازي"، على حد تعبيره.
وحذر شعبان من خطورة الارتكان إلى الهدوء. داعيا إلى الضغط باستمرار تواجد الجماهير في الشوارع المصرية لإنهاء حالة الطوارئ، وإسقاط الحكومة القائمة وإنهاء القوانين المعادية للحريات العامة، والسماح بإصدار الصحف ، وحرية تشكيل الأحزاب.
ودعا المثقفين وجميع ممثلي الشعب إلى إعادة النظر في التفاعل المجتمعي والسياسي، "بعدما ساهم النظام السابق في تجريف الحياة السياسية، وقيامه بتدمير النقابات والاتحادات الطلابية. محذرا من خطورة الالتفاف على الثورة الشعبية.
أما الدكتور سيف عبد الفتاح، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فدعا إلى أهمية التطهير الشامل في مؤسسات المجتمع المصري، بعد إسقاط الرئيس، وأن يكون ذلك على رأس أولويات المرحلة المقبلة من جانب الثوار.
وشدد د. سيف على أهمية الاستعاضة بمجلس رئاسي بديلا عن حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة القائم، على أن يضم الأول 6 مدنيين و3 عسكريين على سبيل المثال.
وفي مداخلة لعدد من الشباب اتفقوا مع الآراء السابقة في ضرورة إلغاء جهاز أمن الدولة، وإجراء تطهير شامل في البلاد، وإنهاء حالة الطوارئ، وإقالة الحكومة القائمة، في ظل استهزاء رئيس وزرائها بالثورة وثوارها.
أما الدكتور قدري حفني، استاذ الطب النفسي، فأشاد بثورة 25 يناير. مؤكدا أنه كان يتمنى المشاركة فيها لولا عمره الذي تجاوز السبعين عاما . محذرا في الوقت نفسه من الشباب المضاد للثورة.
التحذير نفسه أطلقه الباحث السياسي الدكتور عمار علي حسن ، والذي أعتبر أن الثوار حاليا أمام ثورة ناقصة ، وأنها لم تحقق كل مطالبها بعد، في ظل استمرار حكومة الحزب الوطني، والتي شكلها الرئيس المخلوع.
إلا أنه في المقابل أشاد بهذه الثورة .مؤكدا أنها من أروع الثورات في العالم، بما يجعلها تفوق الثورة البلشفية والبرتقالية وغيرهما، فضلا عن أنها كانت أروع من ثورة 1952، وإذا كانت ثورة مصر الشعبية طالبت بتغيير سياسي واجتماعي، فان ثورة 52 طالبت فقط بتغيير اجتماعي .
وأبدى مخاوفه ممن وصفهم يعملون على الالتفاف على الثورة ويبحثون عن مصالح ضيقة .منتقدا الادعاء بأن ما تم هو ثورة شبابية ، "فهى لم تكن كذلك ، فقد انتقلت من الفيسبوك إلى الناس بوك، ومن ثم أصبحت ثورة شعبية".
أما الباحث الدكتور سمير مرقص فالتقط طرف الخيط من الدكتور عمار ليؤكد أن الثورة أحدثت تقاطعا بين الشباب والطبقة الوسطى ، وأن الثورة لم تنته بعد ، لكونها بحاجة إلى تغيير حقيقي ، وإعادة هياكل بأكملها ، تبحث عن علاقة جديدة بين الحاكم والمحكوم، وتقييد سلطة رئيس الدولة، وإقامة عقد اجتماعي جديد بين المصريين.
وبدوره لفت الدكتور محمد عفان من ائتلاف شباب الثورة، إلى أهمية عدم الانسياق وراء ما يعرف بفزاعة جماعة الإخوان المسلمين من الوصول إلى الحكم، وحصد أغلبية برلمانية. مؤكدا أنه كأحد شباب الإخوان فإنهم طالبوا الجماعة بالتركيز على العمل التوعوي، وألا يكون الحزب المنتظر للجماعة الذراع السياسي لها.
ومن جانبها دعت داليا حسني، عضو ائتلاف شباب الثورة، إلى إقامة مجلس رئاسي مدني عسكري بدلا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شئون البلاد في الفترة المقبلة، لحين إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وإقامة لجنة قضائية تعمل على محاربة فساد النظام المخلوع ومحاكمته.
كما طالبت الناشطة أنيسة حسونة بسرعة الانتهاء من التحقيق في جرائم يوم الأربعاء الدامي ، وإعلان ذلك سريعا للرأي العام ، وعدم احتكار الإعلام لأي قوى أو حزب أو نظام، ليصبح إعلاما وطنيا.
أما المهندس أبوالعلا ماضي، رئيس حزب الوسط الذي أعلن عن تشكيله أخيرا بحكم قضائي، فانتقد النظام السابق . مؤكدا أنه استأسد بشعبه ، وأن أي نظام آخر يأتي بعده لابد أن يدرك أنه أصبح من السهولة بمكان أن يثور الشعب المصري ضد الفساد والاستبداد ، وأن الثورة أسقطت أكاذيب النظام المخلوع بالحديث عن الحريات وتطبيقه للديمقراطية.
ودعا إلى إطالة أمد الفترة الانتقالية لتصبح عاما على الأقل لتهيئة المناخ العام لإقامة أحزاب صحية ، بدلا من الأحزاب القائمة حاليا، والتي وصفها بالكرتونية ، على أن يتم إطلاق حرية تشكيل الأحزاب، ويكون ذلك بالإخطار فقط. موضحا أنه من الممكن أن يقوم الحزب المشكل بإخطار المحكمة الدستورية والجهاز المركزي للمحاسبات، ليمارس الحزب بعدها برنامجه بشكل طبيعي في الشارع.
ومن جانبه، طالب عقيد الشرطة المتقاعد محمد الألفي بضرورة حل جهاز مباحث أمن الدولة بوزارة الداخلية، "في ظل ما يمارسه هذا الجهاز من قمع للشعب المصري بأكمله، وإعادة هيكلة الجهاز الأمني عموما، وإلغاء الأمن المركزي ، وإلغاء القانون الذي يسمح بإقالة الضباط، وهو ما يمكن أن يساهم في إعادة الثقة المفقودة بين الشرطة والشعب"، على حد قوله.
وحذر من خطورة الإبقاء على جهاز مباحث أمن الدولة ، "فهو جهاز لم ينجح في حماية النظام نفسه، ويمارس الاعتقالات على نطاق عشوائي ، فضلا عن مراقبته للجوامع والكنائس والأحزاب والشخصيات العامة، والتصنت على الهواتف الأرضية والمحمولة.
أما المحامي والناشط السياسي عصام سلطان فحذر من خطورة الإفراط في الحديث عن الليبرالية ، "خاصة وأن المجتمع المصري ذاته يتمتع بالاعتدال ، ما يتطلب ضرورة الحفاظ على هذا الاعتدال، وأن من لديه فكرة أو برامج فعليه أن يتقدم بها للشارع، لتكون الانتخابات النزيهة هى الحكم في عملية الاختيار".
وبدوره حذر الكاتب الصحافي حلمي النمنم من الالتفاف على الثورة . وقال إذا كان مبارك قد تنحى فان نظامه لايزال قائما ، كما أن رموز الفساد لايزالوا مستمرين في المشهد العام ، وأن هناك البعض في مناصبهم، كما أن الحزب الوطني نفسه لايزال قائما، ولم يتعرض للحل، على الرغم مما أحدثه في البلاد.
وطالب بضرورة الإعلان للرأي العام عن خطاب حسني مبارك للتنحي. مرجعا عدم الكشف بأنه يؤكد ما صار يتردد بأن مبارك تمت إزاحته ، ولم يتخلى طواعية عن السلطة. محذرا من خطورة الاستمرار في الإبقاء على المؤسسات والشخصيات الفاسدة في المشهد العام ، وسرعة محاسبتهم جميعا بأسرع وقت ممكن.
أما سامح البرقي، عضو ائتلاف شباب الثورة، فتناول تنظيم الشباب للثورة في يومي 25 و28 يناير الماضي، والزخم الذي أخذته الثورة بعد ذلك ، ونجاحها في كسر حاجز الخوف لدى الشعب المصري، وأن شعار"الشعب يريد إسقاط النظام"، هو اقتباس من أحد العامة الذي كان يقود مظاهرة في ناهيا بإمبابه ، قياسا على الشعار الذي كان يرفعه الثوار التونسيون.
وقال إن مطالبات المتظاهرين في البداية كانت إقالة الحكومة ثم حل مجلسي الشعب والشورى، إلى أن أطلق هذا الشخص العامي شعاره بأن الشعب يريد إسقاط النظام ، فالتف الجميع هذا الشعار، وتعليه السقف بإسقاط النظام.
ورفض البرقي ما يتردد عن الفزاعة التي يثيرها البعض من جماعة الإخوان المسلمين ، "فهم يدعون إلى الحرية ومدنية الدولة، وأنهم حريصون في الانتخابات المقبلة على عدم الترشح على الأغلبية المطلقة في مجلس الشعب".
واستبق الندوة تصريح الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، بقوله : إن هذه الحوارات تأتي استمرارا للنهج الذي طرحته المكتبة العام الماضي في مؤتمر الإصلاح الذي تنظمه سنويا، والذي أعلنت فيه عن إنشاء وحدة للدراسات المستقبلية يرأسها الباحث حسام تمام وتضم مجموعة من الشباب في مختلف التخصصات.
وأضاف أن تلك الحوارات تهدف إلى التفكير في خيارات المستقبل بالنسبة لمصر عقب ثورة 25 يناير، من خلال الحوار النقدي الذي يضم مختلف التيارات والاتجاهات السياسية والفكرية؛ بحيث يتمخض عن الرؤى والأفكار المطروحة برامج يمكن تطبيقها.
يذكر أن تلك الحوارات تعقد في مكتبة الإسكندرية وفي بيت السناري في القاهرة، فيما أعلنت المكتبة ترحيبها بحضور كافة المجموعات الشبابية التي أسهمت في ثورة 25 يناير للمشاركة بفاعلية في هذه الحوارات من أجل حاضر ومستقبل أفضل لمصر، ونشر ما يتمخض عن تلك اللقاءات على "الإنترنت" وفي كتيبات.