ثوار ليبيا يعدون أنفسهم لحرب طويلة مع نظام القذافي
يعمل ثوار 17 فبراير (شباط) في ليبيا، من المهندسين والموظفين السابقين في بنغازي والمناطق الشرقية من البلاد، على إعادة بناء هذا الجزء من الدولة في حال طال أمد الصراع المسلح مع حكم العقيد الليبي معمر القذافي، خاصة في مجالات إدارة الموانئ البحرية وتشغيل المطارات وبناء شبكة للاتصالات منفصلة عن شبكة الاتصالات الرئيسية بطرابلس الغرب، إلى جانب تأمين حركة السلع والتجارة واستمرار دورة المال في المصارف والأسواق. وقال المجلس الوطني الانتقالي الذي يرأسه وزير العدل الليبي السابق مصطفى عبد الجليل، إن المجلس «ممثل الوطن الشامل لكامل مناطق البلاد»، وتشكل المجلس الانتقالي في أعقاب ثورة 17 فبراير، ومن بين أهدافه الحالية تنسيق جهود المجالس المحلية للعمل على عودة الحياة المدنية.
ويبدو أن الثوار كانوا يعدون لمرحلة تمرد قد تطول ضد نظام القذافي. ويظهر من المواجهات التي تواصلت أمس على الخطوط الوسطى بين القطاع الشرقي الذي يهيمن عليه الثوار والقطاع الغربي الذي يهيمن عليه القذافي،
أن الأيام المقبلة قد تشهد عدة عمليات من الكر والفر لن يحقق فيها أي طرف نصرا حاسما وسريعا على الطرف الآخر. ويسعى الثوار لإقامة شبكة إذاعات واتصالات وتلفزة في إقليم برقة منفصلة تماما عما هو موجود في طرابلس.
وبعد تأمين عملية حشد المتطوعين وضمهم إلى بقايا الجيش الليبي في الشرق المتمرد، بدأت لجان الثوار تعمل لإعادة الحياة إلى طبيعتها فيما المواجهات العسكرية تتواصل على خطوط التماس القريبة من سرت وطرابلس. ودعت ثورة 17 فبراير الليبية مصر أمس إلى فتح الخط التجاري بين البلدين وعدم الاكتفاء بإرسال قوافل المساعدات الغذائية عبر منفذ السلوم البري. وقال موفد الثورة، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب الحالة الأمنية غير المستقرة في البلاد، قبيل توجهه أمس إلى السلطات المصرية في منفذ السلوم: «أنا مكلف من ثورة 17 فبراير بالتوجه إلى مصر، ومخاطبة الجانب المصري بألا يتم الاكتفاء بإرسال المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية إلى ليبيا، عبر منفذ السلوم البري، وأن يتم فتح الخط التجاري الطبيعي بين البلدين، كما كان الحال قبل يوم 17 الشهر الماضي». وأضاف الموفد بقوله: «يوجد مع التجار الليبيين (في المشرق) أموال ويرغبون في استيراد المواد الغذائية والسلع الضرورية من مصر والدول العربية».
وقام أبناء بنغازي وعدد من المختصين الليبيين بتجهيز مطار بنغازي (بنينة) لإدخاله للعمل خلال أيام. ومن جانبه قال الحاج علي هاشم عضو جمارك إمساعد الليبية لـ«الشرق الأوسط» إن العمل في منفذ إمساعد الليبي البري المقابل للجانب المصري من الحدود متوقف في الوقت الحالي، رغم أنه المنفذ البري الشرقي الوحيد مع العالم الخارجي، وأشار إلى أن السبب في توقف العمل يرجع لأن
أغلب أعضاء الجمارك ينتمون إلى المنطقة الغربية من البلاد والعاصمة طرابلس.
وأضاف أن العمل من الممكن أن يعود إلى حالته الطبيعية بداية من الأسبوع المقبل، مشيرا إلى «جهود لتنظيم أنفسنا للعمل، من بين أعضاء الجمارك المقيمين داخل مدينتي إمساعد وطبرق القريبتين من الحدود المصرية الليبية». وأضاف أن «أبناء المناطق القريبة من منفذ إمساعد سيقومون بإدارة العمل في الفترة الحالية إلى حين انتهاء الأزمة وحضور باقي أعضاء الجمارك من بنغازي وطرابلس.
وعن تأثير توقف الحركة التجارية بين البلدين، قال الحاج علي هاشم: «يوجد تأثير سلبي، وآخر إيجابي.. السلبي هو توقف حركة البضائع بين البلدين.. وتوقف استيراد البضائع التي يقوم بها التجار بين مصر وليبيا». وأضاف أن منفذ إمساعد يعتمد على البضائع القادمة من مصر والدول العربية، مثل مواد البناء والمواد الغذائية، قائلا إن «تجار المنطقة الشرقية من ليبيا تضرروا كثير، ونأمل خيرا».
أما عن التأثير الإيجابي، فقال عضو جمارك إمساعد: «دخول كميات كبيرة من المساعدات من إخواننا في مصر». وعن حجم هذه الكميات، أضاف أنه من الصعب في الوقت الحالي تقدير حجم ما دخل إلى ليبيا من مساعدات عبر منفذ السلوم البري.
وعقدت وفود من الثوار اجتماعات مع مسؤولي منافذ تصدير النفط على البحر المتوسط في المنطقة الشرقية، بما فيها ميناء البريقة بالمنطقة الوسطى. وكان آخر هذه الاجتماعات أمس مع مدير ميناء طبرق. وقال صالح فرج المتحدث الإعلامي باسم اللجان المحلية في طبرق: «الميناء دخل الخدمة وهو مؤمن»، متوقعا وصول باخرة مؤن غذائية.. «والميناء النفطي في حالة ممتازة، ويوجد تصدير لكنه ما زال بنصف الطاقة. ويجري دراسة الوضع بالنسبة لجميع العقود النفطية الآجلة للوفاء بها».
ويقول الثوار إنه لا توجد مشكلة في صرف الرواتب في المنطقة الشرقية.. وقال مسؤول في اللجان الشعبية في بنغازي: «الأموال موجودة من قبل ثورة 17 فبراير في المصارف وإذا طال أمد الأزمة فإن المجلس الوطني سيتخذ ما يراه مناسبا بعد التشاور فيما بينه».
وقال فايز الفقيه المسؤول عن لجنة التنظيم في طبرق: «مرحلة التأسيس لانطلاقة ثورة 17 فبراير بدأت قبلها بشهرين». وفايز الفقيه هو نفسه الذي ظهر على شاشات التلفزة وهو يدفع مع شبان آخرين مجسما كبيرا للكتاب الأخضر في ميدان طبرق الرئيسي. وأوضح في مقابلة مع «الشرق الأوسط» في مقر لمصرف زراعي يدير منه الثوار شؤون جانب مهم من المنطقة الشرقية: «في الأيام الثمانية الأولى كان جل جهدنا ينصب على دعم وإمداد إخواننا الثوار في البيضاء وبنغازي وإجدابيا وإرسال المتطوعين والعسكريين السابقين.. والآن نعيد تنظيم شؤون الحياة هنا».
وبالنسبة لتوفر العملات يقول الثوار إنه في حالة اضطرارهم لتوفير سيولة فإن هذا ممكن لأنه توجد جهتان لإصدار العملة معترف بهما؛ واحدة في طرابلس تحت سيطرة القذافي في باب العزيزية، وأخرى في البيضاء موجودة في المصرف التجاري، ولم يتم اللجوء إلى استخدامها بعد.