سوريا على صفيح ساخن
يبدو أن أحدا من الأنظمة العربية لن يبادر إلى إصلاح حقيقي دون ضغط شعبي رغم ما جرى في تونس ومصر واليمن وليبيا، الأمر الذي يبدو طبيعيا في واقع الحال، إذ ليس ثمة نظام يمكن أن يتنازل عن صلاحياته وامتيازاته طائعا مختارا. نقول ذلك لأن المؤسسات الأمنية هي التي تصنع القرار في العالم العربي، أو توجهه في أقل تقدير، وهذه غالبا ما تقول لصاحب الأمر إن عليه ألا يتنازل تحت الضغط، وإلا فإن مسلسل التنازلات لن يتوقف عند حد. والحق أننا إزاء نصيحة ربما كانت صائبة بقدر ما في الزمن الماضي، أما بعد حريق البوعزيزي الذي أتى على ثياب الذل وكسر حاجز الخوف فلم تعد ذات قيمة أبدا، ومن لا يبادر إلى الإصلاح المقبول سيكون عليه أن يقدم تنازلات أكبر بكثير بعد الحراك الشعبي، وما جرى في تونس ومصر واليمن وحتى ليبيا دليل على ذلك. في سوريا قال الرئيس إن بلاده تختلف عن سواها، وأن موقف الولايات المتحدة والكيان الصهيوني منه يمنحه مصداقية في الأوساط الشعبية، وهذا الكلام صحيح بقدر ما، مع أننا نجد صعوبة بالغة في إقناع الكثير من السوريين، تحديدا في الخارج، بأن نظامهم السياسي يواجه الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، إذ أن الظلم الواقع عليهم لا يمنحهم الفرصة للتفكير العقلاني، فيميلون تبعا لذلك إلى عقلية المؤامرة التي ترفض الاعتراف بأي ميزة للنظام.
والحال أن ليس من حق النظام أن يبادل السوريين مواقف جيدة في السياق القومي هي أيضا دفاع عن وجوده ودوره، بمواقف سيئة في السياق الداخلي، وليتذكر الجميع أن الثورة المصرية والتونسية واليمنية والليبية كانت في جوهرها نتاج احتجاج على الأوضاع الداخلية، وإن منحتها المواقف الخارجية البائسة مزيدا من الدافعية.
اليوم وبعد أن تلكأ النظام السوري في الإصلاح رغم النصائح الكثيرة التي تلقاها من عدد من الأصدقاء، ها هو يجد نفسه أمام سيل من الاحتجاجات التي يصعب التكهن بمداها، وهي احتجاجات واجهها بعصا الأمن الثقيلة، بخاصة في مدينة درعا قبل أن تمتد لمعظم المدن الأخرى، ثم اضطر إلى التعامل معها سياسيا بعد ذلك.
على أن الاستجابة السياسية لم تغادر حتى الآن مربع الوعود، الأمر الذي لن يكون ذا جدوى، إذ من دون تغيير حقيقي وإعلان صريح عن خطوات جوهرية تتحرك ضمن جدول زمني واضح، فلن تتوقف الاحتجاجات، ويكفي أن يقال إن قانون الطوارىء سيخضع لإعادة النظر من أجل وقف العمل به، حتى يشكّ الناس في جدية نوايا التغيير، لاسيما أن وقف العمل به لا يتطلب درسا ولا من يدرسون، وبالإمكان إلغاؤه على نحو سريع وحاسم.
أما الرشاوى المالية فلن تكون ذات جدوى أيضا، بل لعلها تزيد الاحتجاج سخونة لأنها تثبت أن تحسين شروط حياة الناس كان ممكنا، لكن المسؤولين كانوا يتلكأون في التنفيذ تبعا لحسابات غير مفهومة، أو لعلها مفهومة بالنسبة لكثيرين.
الإصلاح السياسي الحقيقي هو الوحيد الذي يمكنه تنفيس الاحتقان وإقناع الناس بوقف النزول إلى الشوارع، ومن دون أن يحدث ذلك سيتواصل الاحتجاج وسيتصاعد يوما إثر آخر، ومن يعتقد أنه عبر تصعيد آلة القمع سيتمكن من بث الرعب في نفوس الناس واهم إلى حد كبير.
نحرص على سوريا التي تنتمي إلى محور المقاومة والممانعة، لكن المقاومة والممانعة ليست نقيض الإصلاح والديمقراطية والحرية، بل لعلها الأحوج إليها من أي أحد آخر، لأن من يريد مواجهة العدو ينبغي أن يواجهه بجبهة داخلية متماسكة، وبشعب حر أبي، وليس بجبهة متصدعة وشعب يعاني من الظلم والفساد والاستبداد.
يبقى القول إننا لسنا خائفين البتة على قوى المقاومة التي تدعمها سوريا، لأن الشعب السوري الأبي لم ولن يكون إلا معها، بل لعله يتفوق على نظامه السياسي في الموقف منها، وهو يتمنى أن يلتقي معه أيضا في السياق الداخلي لينتفي التناقض بين الطرفين على كل صعيد.
*نقلا عن "الدستور" الأردنية
http://www.alarabiya.net/save_print.php?print=1&cont_id=143137
قتلى بسوريا وتهم باستهداف النظام 27/03/2011
قال نشطاء سوريون يقيمون في الخارج إن قوات الأمن السورية قتلت اثنين من المحتجين أمس السبت وأربعة يوم الجمعة في احتجاجات مناهضة للحكومة في مدينة اللاذقية الواقعة شمال غرب سوريا، في حين قال عضو بمجلس الشعب إن هناك من يستهدف سوريا ويريد الإساءة إلى الوحدة الوطنية.
وقال مسؤول سوري رسمي إن شخصين قتلا برصاص قناصين مجهولين في اللاذقية، بينما أوردت مصادر محلية للجزيرة أن عدد القتلى في المدينة وفي قرية طفَس القريبة من درعا وصل إلى خمسة.
وقال المعارض السوري مأمون الحمصي الذي يعيش في المنفى لرويترز في اتصال هاتفي من كندا إن لديه أسماء أربعة شهداء قتلوا في اللاذقية يوم الجمعة.
غير أن عضو مجلس الشعب السوري زكريا سلواية أكد أن قوات الأمن لم تطلق النار على المتظاهرين في مدينة اللاذقية, وأنهم مُنعوا من ذلك.
وأضاف خلال اتصال معه في نشرة سابقة إن هناك من يستهدف سوريا ويريد الإساءة إلى الوحدة الوطنية.
كما نقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن مصدر حكومي قوله إن قوات الأمن لم تطلق النار على أي من المحتجين، ولكن مجموعة مسلحة "احتلت أسطح أبنية في بعض أحياء مدينة اللاذقية وقامت بإطلاق النار على المارة والمواطنين وقوى الأمن"، فقتلت خمسة أشخاص منذ الجمعة.
مجزرة
وفي هذا الصدد, اتهم الناشط الحقوقي السوري عمار القربي قوات الأمن السورية بقتل محتجيْن حاولا إحراق مقر حزب البعث الحاكم في اللاذقية.
وتحدث خطيب مسجد الرحمن في اللاذقية خالد كمال للجزيرة عن "مجزرة", مشيرا إلى أن قوات الشرطة كانت تطلق النار على المتظاهرين بشكل عشوائي.
وفي درعا, أطلقت قوات الأمن الغاز المدمع لتفريق مئات المحتجين الذين نظموا اعتصاما في أحد الميادين الرئيسية للمدينة الواقعة جنوب البلاد.
وأفادت مصادر أن قوات الأمن أطلقت الغاز المدمع لتفريق مئات المتظاهرين وسط مدينة درعا،
مشيرة إلى أن المحتجين طالبوا بإسقاط حكم الرئيس بشار الأسد.
وكانت الاحتجاجات قد انتشرت الجمعة في أنحاء سوريا في ما وصفته رويترز بتحدِّ لحكم أسرة الأسد المستمر منذ 40 عاما, بعدما قتلت القوات السورية عشرات المتظاهرين في جنوب البلاد.
وقدرت منظمة العفو الدولية عدد القتلى في درعا خلال الأسبوع المنصرم بـ55 على الأقل، رغم تحدث سكان محليين عن مقتل مثليْ هذا العدد حتى قبل الجمعة, في حين قال مسؤولو مستشفيات يوم الخميس إن 37 شخصا على الأقل قتلوا عندما دمرت قوات الأمن مخيم محتجين مطالبين بالديمقراطية في مسجد يوم الأربعاء.
ونقلت رويترز عن إبراهيم -وهو محام في منتصف العمر- في درعا قوله إن "حاجز الخوف انكسر، وهذه خطوة أولى على الطريق نحو إسقاط النظام"، مضيفا "وصلنا لنقطة اللاعودة".
وفي بلدة الصنمين التي تقع في نفس المنطقة الجنوبية لمدينة درعا، قال سكان محليون إن 20 شخصا قتلوا عندما أطلق مسلحون النار على حشد خارج مبنى تستخدمه المخابرات العسكرية.
وذكرت وكالة الأنباء السورية أن قوات الأمن قتلت مهاجمين مسلحين حاولوا اقتحام المبنى في الصنمين.
وفي حماة بوسط البلاد, قال سكان إن متظاهرين تدفقوا على الشوارع عقب صلاة الجمعة وهتفوا بشعارات داعية إلى الحرية. وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد قد أرسل قواته إلى حماة عام 1982 لسحق ما وصف بتمرد مسلح لحركة الإخوان المسلمين، مما أسفر عن مقتل الآلاف.
مشروع طائفي
في مقابل ذلك اعتبرت المستشارة الرئاسية في سوريا بثينة شعبان أن الأحداث التي تجري حاليا في سوريا "تندرج ضمن مشروع طائفي يحاك ضد سوريا، ولا علاقة له بالتظاهر السلمي والمطالب المحقة والمشروعة للشعب السوري".
وقالت بثينة في لقاء مع الصحفيين في دمشق "ما تأكدنا منه حتى الآن بعد أن اتضحت بعض الصور، أن هناك مشروع فتنة طائفية في سوريا".
ووجهت بثينة أصابع اتهام إلى فلسطينيين بالتورط في أحداث وقعت في اللاذقية يوم الجمعة، وقالت "أتى أشخاص البارحة من مخيم الرملة للاجئين الفلسطينيين إلى قلب اللاذقية وكسروا المحال التجارية وبدؤوا بمشروع الفتنة، وعندما لم يستخدم الأمن العنف ضدهم خرج من ادعى أنه من المتظاهرين وقتل رجل أمن واثنين من المتظاهرين".
من ناحية أخرى, قالت مصادر رسمية سورية لوكالة الأنباء الألمانية إن القيادة السورية تستعد لإصدار حزمة قرارات بينها تعديل وزاري يشمل عددا من الوزراء وربما رئيس الحكومة, حسب تلك المصادر.
وذكرت المصادر أن من بين الأسماء التي جرى التداول في إقالتها وزير الإعلام محسن بلال، مشيرة إلى قرارات وشيكة تخص دور حزب البعث الحاكم في حياة السوريين.
في غضون ذلك, قال محام وحقوقي لرويترز إن السلطات السورية أطلقت سراح 260 سجينا معظمهم من الإسلاميين من سجن صيدنايا يوم الجمعة.
وذكر المحامي الذي طلب عدم نشر اسمه أن السجناء أكملوا ثلثي مدة عقوبتهم على الأقل ويحق لهم الإفراج، "إلا أن السلطات نادرا ما كانت تمنحهم هذا الحق من قبل".
بدون دماء
من جهته, رأى مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسّون في مقابلة مع الجزيرة أن سوريا "وصلت إلى ما وصلت له مصر وتونس دون إراقة دماء". وأضاف أن "سوريا تعيش فرحة ما بعدها فرحة دون صدامات وإراقة دماء، وسوريا لن تركع ولن تسفك دماء أبنائها".
كما اعتبر أن ما حدث في درعا وغيرها أمر خارجي, قائلا "سنثبت خلال ساعات أن من أسال الدماء هم من الخارج". واعتبر أن الشعب السوري كان أرقى مما تصور بعض من سماهم خطباء الفتنة, قائلا إنهم يسعون لتقسيم الوطن العربي. كما اعتبر أن ما حدث من إطلاق نار كان دفاعا عن النفس.
http://www.aljazeera.net/Portal/Template...tPage=True&GUID={D81BB1C2-5075-4E42-83DE-9979863D66FF}