الاخ علي نور
المصادر الشيعية كثيرة لمن يرغب في أستكشاف تاريخ التشيع والشيعة
العلامة الدكتور موسى الحسيني دوّن في كتابه : الشيعة والتصحيح , الصراع بين الشيعة والتشيع
يقول الدكتور العلامة موسى الموسوي إن التشيّع لم يكن مذهباً، ولكن فكرة التشيع هذه تحوّلت فيما بعد إلى مذهب فقهي، هو مذهب أهل البيت، وذلك في أوائل القرن الثاني للهجرة، "وتجلت مدرسة أهل البيت في مدرسة الإمام جعفر الصادق، الإمام السادس للشيعة الإمامية"، وتُعرّف الفكرة التي ساندت مذهب أهل البيت بأنها قامت على قاعدة تقول: "إذا كان الإمام علي أولى بالخلافة من غيره، فأولاده ومن ثم حفيده الإمام جعفر بن محمد الصادق، الذي كان يُعتبر من أفقه فقهاء عصره، أجدر بأن يُتبع في مسائل الدين وشؤونه من غيره من الفقهاء".. ومن هنا "ظهرت المدرسة الفقهية الجعفرية إلى الوجود في عهد الإمام جعفر الصادق، الذي كان يلقي محاضراته ودروسه في الفقه وفي علوم أخرى على تلاميذه في المدينة المنورة آنذاك"..
الإمامة والخلافة
بدأ الصراع بين الشيعة والتشيع عندما حرفت الشيعة معنى التشيع من حب الإمام علي وأهل البيت إلى ذم الخلفاء الراشدين وتجريحهم بصورة مباشرة وتجريح الإمام علي وأهل بيته بصورة غير مباشرة.
عقيدة الشيعة الإمامية في الخلافة:
كلما تعمقت في الشيعة والتشيع وعقائد الإمامية أجد أن هناك هوة عظيمة تفصل بين الشيعة والتشيع قد تصل في بعض الأحيان إلى التناقض الصارخ ، حيث أرى بوضوح أن التشيع شيء والشيعة شيء آخر ، وكلما تعمقت في تاريخ الصراع بين الشيعة والتشيع تتجلى أمامي العصور الثلاثة التي انبثق فيها الصراع مبتدئا بالعصر الأول وهو عصر ظهور الصراع الفكري بعد الغيبة الكبرى الذي مهد الطريق للعصر الثاني وهو ظهور الدولة الصفوية على يد مؤسسها الشاه إسماعيل الصفوي في عام 907 هـ وتأسيس الدولة الشيعية في إيران ، ومن ثم عصر الثالث وهو عصر الصراع الأخير الذي نشاهده في حياتنا المعاصرة بين الأفكار الشيعية الحديثة والتشيع ، تلك الأفكار التي عصفت بالمجتمع الشيعي وأدت إلى نتائج حزينة لا تتحملها الأرض ولا السماء ..
ولكي نضع النقاط على الحروف في رسالتنا الإصلاحية هذه لابد من طرح الأفكار بصورتها الحقيقية ، ومن ثم إنارة الطريق لكي يكون القارىء على بينة من أمره ..الإمامة هي الحجر الأساسي في المذهب الشيعي الإمامي ، وهكذا في المذهب الزيدي والإسماعيلي ، ومنها يتفرع كل ما هو مثار للجدل والنقاش مع الفرق الإسلامية الأخرى ، فالشيعة الإمامية تعتقد أن الخلافة في علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعد علي في أولاده حتى الإمام الثاني عشر الذي هو محمد بن الحسن العسكري الملقب بالمهدي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألمح إلى الخلافة لعلي من بعده في مواطن كثيرة ونص على ذلك في مواطن أخرى أشهرها في موقع يسمى غدير خم عند رجوعه من حجة الوداع ، حيث عقد البيعة لعلي وقال:
" من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "
كان ذلك في شهر ذي الحجة من العام العاشر بعد الهجرة ،.......، أما الفرق الإسلامية الأخرى فترى أن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتخلف أحدا من بعده بل جعل الأمر شورى بين المسلمين نزولا عند نص الكتاب ....
هذا هو ملخص الخلاف بي الفريقين ولكل فرقة آراؤها وأدلتها حيث ألف علماء الفريقين في هذا الموضوع مئات الكتب المطولة والمختصرة ، ولم تنفع تلك الكتب بطولها وعرضها في زحزحة الشيعة عما تعتقده في الخلافة ، أو زحزحة السنة عما تراه أولى بالاتباع ، غير أن المشكلة القصوى هي أن الخلاف الفكري لم يتوقف إلى هذا الحد ، بل اتخذ شكلا خطيرا ، كلما مرت السنوات وبعد العهد عن عصر الرسالة ، ولو أن الخلاف بقي محصورا عند هذا الحد لكان الخطب هينا ، والعالم الإسلامي لم يشاهد في تاريخه الطويل كثيرا من المحن والمصائب التي حلت به بسبب المتفرعات من فكرة الخلافة والخلاف فيها .
وكما أشرنا ...فإن الخلاف الفكري تجاوز حدود البحث العلمي والاختلاف في الرأي ، بل اتخذ طابعا حادا وعنيفا عندما بدأت الشيعة تجرح الخلفاء الراشدين وبعض أمهات المؤمنين ، وذلك بعبارات قاسية وعنيفة لا تليق بأن تصدر من مسلم نحو مسلم ، ناهيك عن أن تصدر من فرقة إسلامية نحو صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وأزواجه ، صحابة لهم مكانة كبيرة في قلوب المسلمين ، وأزواج للنبي عبر الله عنهن بأمهات المؤمنين.
وهنا ظهر على ساحة الخلاف عدم التكافؤ بين الفريقين في طريقة التفكير والعقيدة، فالفرق الإسلامية كلها تحب علياً وتكرمه شأنه شأن الخلفاء الذين سبقوه وتحترم أهل بيت رسول الله ? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وتصلي عليهم في الصلاة في كل صباح ومساء، ولكن الشيعة لها موقف آخر من خلفاء المسلمين موقف فيه العنف والقسوة والكلام الجارح.
فكانت النتيجة ظهور رد فعل عنيف من قبل علماء الفرق الإسلامية الأخرى للدفاع عن أعز وأكرم خلفائهم، فألَّف ودوّن كتاب السنّة وعلماؤها في الشيعة الكتب المطولة والمختصرة معيرة إياها بالكفر مرة وبالخروج عن الإسلام مرة أخرى وهكذا شغلت فكرة الخلافة حيزاً كبيراً من الكتب الإسلامية عند الفريقين ولا زالت الأقلام تكتب والمؤلفات تنتشر وكأن المسلمين بكل طبقاتهم لا يواجهون مشكلة في هذه الدنيا المليئة بالأحداث والمكاره إلا مشكلة الخلافة فحسب.
لكن الحيرة كل الحيرة هي الطريقة التي اتبعتها الشيعة في معالجتها لمشكلة الخلافة فهي تتناقض كل التناقض مع سيرة الإمام علي وسيرة أولاده من أئمة الشيعة، ولذلك تتملكني الحيرة والدهشة عندما أرى أن شعار الشيعة هو حب الإمام علي وأولاده ولكنهم يضربون عرض الحائط سيرة علي والأئمة من ولده.
وهنا أود أن أتحدث مع الشيعة بلغتهم وفي نطاق معتقداتهم كي تكون حجة عليهم ولذلك فلا بد من القول إنني أواجه أمرين متناقضين: أحدهما التشيع والآخر الشيعة، ومن هنا بدأْتُ أستنتج أن ذلك الصراع الذي حدث بين الشيعة والتشيع بعد الغيبة الكبرى مباشرة هو السبب الأساسي لكل الانحرافات التي حدثت في الفكر الشيعي بعد الغيبة الكبرى وإلى يومنا هذا، ونحن نعتقد أن ذلك الانحراف سبب الشقاق بين الشيعة وسائر الفرق الإسلامية والذي سنفصله في هذا الكتاب كلاً في فصل خاص به.
بداية الانحراف في الفكر الشيعي:
وبعد الإعلان الرسمي عن غيبة الإمام المهدي في عام / 329 / هـ حدثت في التفكير الشيعي أمور غريبة أدعوها ( بالصراع بين الشيعة والتشيع ) أو عهد ( الانحراف ) وكانت أولى هذه الأمور في الانحراف الفكري ظهور الآراء القائلة: بأن الخلافة بعد الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? كانت في " عليٍّ " وبالنص الإلهي وأن الصحابة ما عدا نفر قليل منهم خالفوا النص الإلهي بانتخابهم " أبا بكر " كما ظهرت في الوقت نفسه آراء أخرى تقول: إن الإيمان بالإمامة مكمل للإسلام وحتى أن بعض علماء الشيعة أضافوا الإمامة والعدل إلى أصول الدين الثلاثة التي هي: التوحيد – النبوة – والمعاد ، وقال بعضهم بأنها من أصول المذهب وليس من أصول الدين وظهرت روايات تنقل عن أئمة الشيعة فيها تجريح بالنسبة للخلفاء الراشدين وبعض أزواج النبي.
ومن الجدير بالذكر أنه حتى في خلافة " معاوية بن أبي سفيان " وعندما كان يأمر بسب الإمام " علي " على المنابر وحتى بعد مقتل الإمام " الحسين " وظهور الثورات الداعية إلى الأخذ بالثأر وفي العهود التي كان التشيع يعصف بالخلافة الأموية ويقصم ظهرها ويمهد الطريق للخلافة العباسية لم نجد أثراً لدى المتشيعين " لعلي " وأهل بيته للآراء الغريبة التي ظهرت فجأة في المجتمع الإسلامي بعد الغيبة الكبرى، تلك الآراء التي ساهم بعض رواة الشيعة وبعض علماء المذهب في بثها ونشرها وغرسها في عقول الساذجين من أبناء الشيعة.
إن المتتبع المنصف للروايات التي جاء بها رواة الشيعة في الكتب التي ألفوها بين القرن الرابع والخامس الهجري يصل إلى نتيجة محزنة جداً وهي أن الجهد الذي بذله بعض رواة الشيعة في الإساءة إلى الإسلام لهو جهد يعادل السموات والأرض في ثقله، ويخيل إليَّ أن أولئك لم يقصدوا من رواياتهم ترسيخ عقائد الشيعة في القلوب بل قصدوا منها الإساءة إلى الإسلام وكل ما يتصل بالإسلام، وعندما نمعن النظر في الروايات التي رووها عن أئمة الشيعة وفي الأبحاث التي نشروها في الخلافة وفي تجريحهم لكل صحابة الرسول? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? ونسفهم لعصر الرسالة والمجتمع الإسلامي الذي كان يعيش في ظل النبوة لكي يثبتوا أحقية " علي " وأهل بيته بالخلافة ويثبتوا علو شأنهم وعظيم مقامهم نرى أن هؤلاء الرواة – سامحهم الله – أساءوا للإمام " علي " وأهل بيته بصورة هي أشد وأنكى مما قالوه ورووه في الخلفاء والصحابة، وهكذا تشويه كل شيء يتصل بالرسول الكريم? صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ? وبعصره مبتدئاً بأهل بيته ومنتهياً بالصحابة، وهنا تأخذني القشعريرة وتمتلكني الحيرة وأتساءل: أليس هؤلاء الرواة من الشيعة ومحدثيها قد أخذوا على عاتقهم هدم الإسلام تحت غطاء حبهم لأهل البيت؟ ماذا تعني هذه الروايات التي نسبها هؤلاء إلى أئمة الشيعة وهم صناديد الإسلام وفقهاء أهل البيت؟ وماذا تعني هذه الروايات التي نسبوها إلى أئمة الشيعة وهي تتناقض مع سيرة الإمام " علي " وأولاده الأئمة وكثير منها يتناقض مع العقل المدرك والفطرة السليمة؟ وإنني لا أشك أن بعضاً من رواة الشيعة ومحدثيها ومن ورائهم بعض فقهاء الشيعة قد أمعنوا في هذا التطاول على أئمة الشيعة وفي وضع روايات عنهم عندما أعلن رسمياً بحدوث الغيبة الكبرى، ونقل عن الإمام المعدي قوله

من ادّعى رؤيتي بعد اليوم فكذبوه(1) ).