أروغان إذ يحذر من «حماة» أخرى في سوريا * ياسر الزعاترة
من المؤكد أننا إزاء تصعيد غير مسبوق في اللهجة التركية حيال ما يجري في سوريا، وقد جاء التصعيد على لسان رئيس الوزراء أردوغان الذي قال إنه لا يريد أن يرى مذبحة حماة (وقعت عام 82 وراح ضحيتها عشرات الآلاف) جديدة في سوريا، وأن حدوث ذلك سيجبر المجتمع الدولي على اتخاذ موقف من سوريا، وأن تركيا ستتخذ في هذه الحالة نفس الموقف.
كان لأردوغان أيضا موقف جديد من ليبيا، حيث طالب القذافي بالرحيل عن السلطة فورا، وفي الحالتين (السورية والليبية) يبدو الموقف نتاج الانتقادات التي تعرضت لها حكومة العدالة والتنمية من رموز عربية وإسلامية، وعنوانها أن الموقف التركي السابق من القضيتين إنما قدم المصالح على المبادئ، الأمر الذي سيأكل من رصيد أردوغان في الوعي العربي والإسلامي. ولا نعرف إن كان لانتقادات داخلية تركية بعض الأثر أيضا، إلى جانب مجاملة الشارع التركي المنحاز لقضايا الشعوب على مرمى أسابيع من الانتخابات البرلمانية.
نرحب من دون شك بهذا التطور في الخطاب التركي، ونتمنى أن يدرك أردوغان وسواه بأن الشعوب في هذه المنطقة هي الأبقى، وأن أكثر هذه الأنظمة مهما بلغت من القوة والجبروت زائلة ما لم تنسجم مع أشواق شعوبها في الحرية والعيش الكريم.
ما يعنينا أكثر في الخطاب التركي الجديد هو ما يعكسه من تصاعد مستوى القلق حيال ردود النظام السوري على الاحتجاجات الشعبية، والتي تتلخص في الاستخدام المفرط للقوة والقمع، مع حديث خجول عن إصلاحات لا يحسّ أحد بترجمة لها على أرض الواقع.
نعلم جميعا أن الحكومة التركية ذات العلاقة الوطيدة مع بشار الأسد قد قدمت له نصائح كثيرة عنوانها ضرورة إصلاح الوضع. حدث ذلك قبل اندلاع الاحتجاجات، ثم تكرر مرارا بعد اندلاعها، لكن الرجل لم يستمع للنصائح، وقد عبر المسؤولون الأتراك عن خيبة أملهم في النظام السوري بطرق مختلفة، كانت تصريحات أردوغان ذروة تجلياتها، هي التي ذهبت بعيدا في تصوير المشهد على نحو درامي، إذ ندرك أن بشار الأسد لن يكون بوسعه تكرار مذبحة حماة، اللهم إلا إذا أراد مصيرا مثل مصير «ميلوسيفيتش»، فالزمان الذي نفذت فيه المذبحة يختلف جوهريا عن زمننا هذا، والعالم لن يحتمل صور المجازر التي كان بالإمكان إخفاؤها في عام 82، بينما سيكون ذلك مستحيلا في زمن الهواتف المحمولة ذات الكاميرات واليوتيوب والفضائيات. ولا تسأل عن الأبعاد السياسية العربية والدولية المختلفة بين الزمنين.
على أن السلوك الأمني السوري في التعاطي مع الاحتجاجات لم يدع لأردوغان مجالا غير هذا التصعيد في اللهجة، بل إن كثيرين لم يعودوا يستبعدون فكرة المذابح، ولو على نحو محدود بعد الذي فعله النظام في درعا، وبعد الهجمة البشعة على مدينة بانياس، والتي ترجمت خلال الأيام الماضية على نحو مخيف تمثل في قيام النظام بتسليح الأقلية العلوية في المدينة من أجل المساهمة في كبح جماح الاحتجاجات فيها.
هنا تدخل اللعبة منحنىً بالغ الإثارة والخطورة، ذلك أن الاحتجاجات الشعبية لم تتورط إلى الآن في الخطاب الطائفي، ولا يجب أن تتورط برأينا، لكن موافقة بعض العلويين على هذه اللعبة سيكون بالغ الخطورة، وقد ينذر بحرب أهلية لا تحمد عقباها.
الأمل بالطبع أن تصرّ حركة الاحتجاج على وحدة الجماهير حتى لو ذهب النظام في الاتجاه الآخر على أمل تجييش فئة برمتها لصالحه، الأمر الذي يستبعد أن يحدث، وإذا حدث فيتسبب في تصعيد الاحتجاجات أكثر فأكثر، وسيدفع الناس نحو مزيد من الإصرار على مطالبهم، لأن نظاما يشق الناس ويتلاعب بوحدتهم على هذا النحو لا يمكن أن يكون مقبولا بأي حال.
يخطئ النظام إذا اعتقد أنه بمثل هذه الأساليب، ومن ضمنها السعي لعسكرة الانتفاضة وترويج الادعاء بأنها مسلحة سيتمكن من إجهاضها، كما يخطئ أيضا إذا اعتقد أن القتل واعتقال النشطاء ومحاكمتهم بتهم سخيفة (توهين نفسية الأمة!!) سيطفئ لهيب الثورة. وعموما فقد تجاوزت الأحداث فكرة الإصلاح، وصار المطلب الوحيد للمحتجين هو اسقاط النظام، ولا شيء غير اسقاط النظام.
jordan newspaper
من الأولى بالسجن : عمر كوش أم سجّانوه ؟! * عريب الرنتاوي
أعترف بأن نبأ اعتقال الكاتب والمفكر السوري عمر كوش، قد هزني شخصياً أكثر من أي نبأ عن الاعتقالات التي لم تتوقف في سوريا طوال الأسابيع والأشهر القليلة الفائتة، وذلك لأسباب عديدة، أولها أنني عرفت الرجل عن كثب خلال السنوات الأخيرة، ولم أجد فيه سوى ذاك المثقف الهادئ والمخلص لقضية بلاده وشعبه وأمته...رأيت فيه النظرة الموضوعية المتزنة والإحساس العميق بالمسؤولية الوطنية...رأيته أبعد ما يكون عن «التطرف» بكل صوره وصيغه...زاملته في ندوتين، وكلتاهما بترتيب مني ومن زملائي في مركز القدس للدراسات السياسية، الأولى عن «كوسوفو وفلسطين» والثانية عن»التجربة الديقراطية التركية»، ولم يكن أداؤه في كلتيهما مدعاة لتوقعات بالسجن والاعتقال، حتى وفقاً للمقاييس العربية بعامة والمعايير السورية بخاصة.
وثانيها: أن الرجل جاء إلى أنقرة بدعوة مني شخصياً للمشاركة في «الرحلة التعليمية» التي نظمها المركز لعدد من البرلمانيين والمفكرين والقادة الحزبيين من 17 دولة عربية، ولولا تطور المواجهات في سوريا، لكان من المفترض أن يكون معنا إلى جانب كوش، كل من الدكتور جورج جبّور والأستاذ محمد حبش، وكلاهما غير محسوب على المعارضة، ولا أدري ما إذا كانا سيواجهان الاعتقال من المطار عند عودتهما من أنقرة كما حصل مع زميلنا كوش...في هذه النقطة بالذات، أشعر بمسؤولية شخصية، حتى لا أقول بعقدة ذنب، كوني المتسبب – ربما – في هذا الوضع الصعب الذي وجد كوش نفسه فيه، برغم مكانته الأدبية وتقدم سنه النسبي، وحالته الصحية.
وثالثها، أن كوش لم يغادر أنقرة، نحن من حجز له وتتبع رحلته، نحن من استقبله لحظة وصوله وودعه لحظة مغادرته...لم يشارك في اجتماع اسطنبول للمعارضة السورية، هو يرفض أساسا أن يصنف نفسه معارضاً، حدثني عن لقاءات له مع وزراء إعلام في بلده، كان يحرص أن يقدم نفسه كـ»مثقف نقدي» وليس كشخصية سياسية معارضة...وأحسب أن الأخوة في سوريا ربما ظنوا أن زميلنا كان في اسطنبول...هو مرّ بمطارها فقط (ترانزيت)، لعدم وجود رحلات مباشرة من أنقرة إلى دمشق ومعظم العواصم العربية...لدي مئة شاهد على الأقل على ما أقول، ومن مختلف المستويات القيادية والأكاديمية، العربية والتركية ...جميعهم يؤكدون روايتي ورواية كوش على الأرجح...مع أنني والحق يقال، أقف بقوة ضد اعتقال أي سوري بتهمة انتمائه للمعارضة أو مشاركته في أي من اجتماعاتها ومؤتمراتها.
لا أدري ما المبرر أو المسوّغ الذي يمكن للسلطات السورية أن تسوقه لاعتقال كاتب ومثقف مثل عمر كوش..هل هو ضالع في «المؤامرة» التي يتحدثون عنها...هل هو ناشط في العصابات المسلحة التي يزعمون قيامها بعمليات القتل والتخريب والترويع والقنص من على أسطح المنازل والعمارات...هل هو عضو سري في خلايا القاعدة والإخوان المسلمين النائمة واليقظة؟...لماذا يُعتقل عمر كوش، وإذا كانت جميع الاعتقالات في سوريا من طبيعة هذا الاعتقال، وعلى صورته وشاكلته، فمن حقنا أن نكذّب وبالفم الملآن الرواية الرسمية السورية، وهذه المرة لدينا الدليل والشاهد...إن كانت كل الاعتقالات من هذه الشاكلة وهذا الطراز، فمعنى ذلك أنه لم يتبق على النظام في سوريا سوى أن يشرع في اعتقال جميع السوريين، أو يطلق حملة لتسييج سوريا برمتها وتحويلها إلى سجن كبير، داخله مفقود وخارجه مولود.
لقد سمعته يتحدث إلي هامساً – ليلة سفره - عن مخاوف وخشية من مواجهة مصير مماثل، ربما كان حدسه أو عقله الباطن، قد استيقظ...ربما قراءته للتزامن المزعج بين زيارة وفدنا لتركيا وانعقاد مؤتمر اسطنبول...ربما لمعرفته الأعمق بشعاب سوريا الذي هو من أخلص أهلها لها....لكنني أعترف بأنني لم أتوقع أبداً ان شيئا كهذا يمكن أن يحدث، وأن يحدث في ذروة انتعاش العرب وانتشائهم بربيعهم...لم أكن أصدق بأن حوارات «أكاديمية» عن الإسلام والعلمانية والمدني والعسكري في التجربة التركية يمكن أن تدفع بكوش إلى سجن المزّة...سيما وأن الرجل في سجالاته، كان منافحاً هادئاًَ عن التعددية في مواجهة الأحادية والشمول، والعلمانية في مواجهة الدولة الدينية، والمدني بديلا عن العسكري في حكم البلاد والعباد...كوش تحدث بلغة العصر ومنطقه، وسجّانيه يريدون أن يعيدوا عقارب الساعة للوراء، ولكن هيهات أن يكون لهم ما أرادوا.
النظام في سوريا يخسر كل يوم صديقا أو جملة أصدقاء..حتى الذين راهنوا عليه، ها هم ينقلبون عليه أو يرسلون له آخر كتب النصيحة...القادة الدوليون الذين انفتحوا عليه في أزمنة العزلة والحصار، ها هم يتقدمون صفوف المطالبين بإخضاعه لأقصى العقوبات....النظام يخسر كل يوم صديقا، ورصيده ينفد، وما لم يبادر الرئيس الأسد شخصياً، إلى أحداث الانعطافة الجذرية والشاملة والفورية، ما لم يسلك طريق الحوار الشامل الذي لا يستثني أحدا، والإصلاح الذي لا يقف على العمليات التجميلية...ما لم يبيّض السجون، بدءا بإطلاق سراح زميلنا عمر كوش، ويوقف حملات الاعتقال وسفك الدماء، فإن المجهول والمجهول وحده، هو ما ينتظر هذا النظام...أما سوريا فباقية ما بقيت جبالها وسهولها وهضابها وأنهارها...سوريا باقية ما بقي في شعبها عرق ينبض.
http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?...323986.htm
يسعد صباحك سوريا * عمر كلاب
يقف كثير من الساسة الان على مفترق طرق بحمل لافتات مشروعة ,الحرية والديمقراطية , كلافتة كبيرة على كل المفارق العربية , ولافتة اخرى لا تقل اهمية هي لافتة الامن الوطني والقومي, وتحظى اللافتات تلك بتراتبية مختلف عليها الان خاصة بعد دخول سوريا على خط التسخين الشعبي , بعد ان ظلت موصل للحرارة الشعبية دون شعلة ذاتية او اشتعال داخلي كما يحدث الان.
المعارضة العربية وخاصة تلك القريبة من دمشق نسبيا من ليبيا الى حد ابعد تجد نفسها الان في مأزق ذاتي بعد ان رفضت احاديث رسميين او بعض المحللين عن تقديم الامن الوطني على الحرية والديمقراطية قي اقطار اشتعل شارعها قبل الشارع السوري وهو الامر الذي اتاح مجالا اوسع لخيال المعارضة كي يحلق عاليا في سماء الحرية قافزين عن شرط الجغرافيا الارضي فالشوارع على الارض , وشوارع السماء شوارع افتراضية, فهم يعودون الان لنفس المربع الذي سجنوا فيه خصومهم بالحديث عن القومية ومنها اختلاف الخصائص الطبيعية والسياسية للانظمة العربية فالمسموح في دول الاعتدال ممنوع في دول الممانعة ومن وسم بالبلطجي في مصر بات متعهدا ثوريا في دمشق رغم ان وجع الشارع العربي واحد في كل المنظومة عربية.
سؤال الحرية والخبز او سؤال الامن والديمقراطية ظل سؤالا اختياريا في الانظمة القومية منذ عهد جمال عبدالناصر مرورا بزمن صدام حسين وحافظ الاسد. الى ان صار سؤالا اجباريا في زمن بشار الاسد فهو ورث عن والده كل شيء الحزب والرئاسة والتركيبة الاجتماعية لكن الظروف لم تكن ضمن حزمة الارث الابوي فهي متغيرة ومتحركة ووصل حراكها الى القطر السوري الشقيق.
وما حشده مؤيدو سوريا خلال ثورات مصر وتونس من تأييد بدأوا يفقدونه مع وصول القطار الاصلاحي الى سوريا وصارت خطاباتهم اكثر تناقضية حسب رأي الشارع السياسي والشعبي.
نعترف بالفوارق بين القاهرة ودمشق وبين تونس العاصمة وحلب وحماة , ليس في الجغراقيا بوصف ثلاثتها من حوض المتوسط ولكن بفعل العوامل الداخلية للانظمة الحاكمة.
ولطبيعة مواقف الانظمة من القضايا القومية التي تصب في صالح نظام بشار الاسد لكن لماذا تصر الانظمة الحاملة للفكر القومي على عدائها للديمقراطية وحرية الشعوب التي وقفت مع النظام وانجته من محن ومؤامرات كثيرة بل واوصلته الى بر الامان في عواصف هوجاء.
الشعب السوري الشقيق يستحق من نظامه كل الحرية والديمقراطية فهو شعب قومي وعروبي بطبيعته وصفاته ويجب احترام اردته التي تطالب باصلاح النظام ومحاسبة الفاسدين وليس باسقاط النظام الذي نحمل له كل الاحترام.
سوريا خاصرة حيوية للاردن وفلسطين ولبنان وصمودها الداخلي ضرورة ومصلحة قومية عليا لكن مطالب شارعها واجبة التنفيذ فهي مطالب عادلة ومتفق ومتوافق عليها منذ اعوام خلت لكن اعداء الاصلاح في سوريا واصحاب المال السحت والفساد يعطلون مسيرة الاصلاح كما نجحوا في تعطيله في الاردن وسبق لهم تعطيله في لبنان مثلما نجحوا في جعل قضية فلسطين حسابات وابراج وعمارات وكوميشانات فحصلت الانتفاضة الثانية.
ما يحصل الان انتفاضات شعبية على الفساد وعلى النظام في سوريا ان يثبت جديته في نصرة الشارع في انتفاضته على الفساد وسوء السلطة وقبضة الحديد والنار لا ان يقف ضد طموح الشارع السوري الذي وقف معه ودعمه ضد كل المحاولات الغربية والاسرائيلية.