يبقى نيتشة وبالرغم من بعض االأفكار الإشكالية التي حملها، من أكثر المفكرين في العالم تأثيراً وإبداعاً وثورية من حيث قلبه لمفاهيم كثيرة كانت بديهيات قبله، فقام بطرقها بمطرقته الشهيرة لينزع قشورها ويظهرها على حقيقتها الفاسدة قلباً وقالباً.
بعد أن برّأ التاريخ ذمّة هذا الرجل من الدعاية النازية التي حولته إلى فيلسوف مُلهِم لها بالرغم من كتاباته التي هاجم فيها بقوة كل ما يشبه النازية من قريب أو بعيد. عاد العالم ليشرب من نبع هذا الفكر المتّقد الذي أعاد صياغة الموازين والقيم الأخلاقية والاجتماعية لتكون أقرب لحقيقة الإنسان من قربها لأمنياته وتخيلاته.

نيتشة الذي أعلن موت الله، بدون أن يفرح لقتله لأنه كان يعلم أن الحياة بدونه لن تكون أسهل. لكن الرأس الذي يحترم صاحبه لا يقبل النوم على ريش من الأوهام.
نيتشة الذي دعى للتفكير بالأخلاق بما وراء الخير والشر. تلك الكلمتان الفارغتان التي تحتوي كلَ منهما الأخرى بقدر ما تحتوي نفسها.
نيتشة الذي دعى الكبار للعودة إلى عفوية وصدق وبرائة الصغار في اللعب مع الحياة بدون سجون الأفكار المسبقة، بدون اجترار آلام الماضي، وبدون الخجل من الضعف والنواقص البشرية.
نيتشة الذي دعى الإنسان لـ"يصبح كما هو" وليحب القدر والحال الذي آل إليه حتى لو لم يرضيه، حتى يستطيع العمل على جعله أفضل.

لكل ذلك فإن قراءة نيتشة وفهمه في المجتمعات العربية والإسلامية هو أمر ملحّ لتجاوز العاهات الفكرية والعقلية الكثيرة التي تذخر بها هذه الأوساط التي انتقاها "الله" لتكون خير أمة أخرجت للناس فإذ به يمسخها لتتجاوز وتسبق كل الأمم في التخلف والجهل والفساد والانحطاط الفكري. مما جعل بقية الأمم "تحمد الله" على أنه لم ينتقيها :-)

يتبع ...

نيتشة ليس فيلسوف مكاتب جامعية وأفكار مجرّدة. بل هو فيلسوف الحياة بنبضها اليومي. أي أنه كان يسعى ليعيش حسب المبادئ التي صاغها كما كان يفعل من قبله فلاسفة اليونان القدماء. ومن هنا تنبع الأهمية الكبيرة لفلسفته من حيث أنها صالحة للتطبيق الحيّ من قبل أي إنسان كبديل أكثر التصاقاً بواقع الإنسان وحقيقتة من الإيديلوجيات والأديان. فهذه الأخيرة تحاول أن تنقّي الإنسان مما تسميه "أخلاق وأفكار شرّيرة" وتسعى لتحسيسه بالذنب وعذاب الضمير والخجل إذاما تصرّف على أساسها بالرغم من كونها جزء لا يتجزأ من إنسانيته.

تأنيب الضمير والخجل
إن شعور الإنسان بعذاب الضمير والخجل يعيق تأقلمه مع محيطه ويعيق انطلاقته وفكره أي يعيق حياته كلها.
مع نيتشة، الأخلاق "السيّئة" هي شرط حتمي ليسمو الإنسان بنفسه نحو الأفضل حيث يقول : "يحتاج الإنسان لأسوء ما فيه إذا أراد الوصول لأفضل ما عنده".
لذلك لا داع لتأنيب الضمير والخجل المعيقين للحياة إذا ما شعرنا أو تصرفنا يوماً بحسب أخلاقنا "السيّئة" لأنها تبني الجزء "الخيّر" الأفضل من ذواتنا.
ويقول أيضاً "عدم الخجل من الذات هو الضمان الأكيد لحرية الإنسان".
وأيضاً "خجل الإنسان من لا أخلاقيته هو الدرجة الأولى من سلم يصل في أعلاه للخجل من أخلاقه كلها".

الإنسان ليس "كائن" حي بل هو "صائر" حي
كلمة "كائن" تعني هوية ثابتة جامدة في حين أن الإنسان يتغير في كل لحظة. يتغير بيولوجياً وفكرياً وزمنياً وهذا الصيرورة هي في عمق جوهر الإنسان.
قال القدماء "إعرف نفسك" وكأن نفس الإنسان شيء ثابت واضح ومحدد يمكن التعرف عليه.
مع نيتشة، كما هيرقليطس، النفس متجددة كالنهر، تجري مياهه بلا انقطاع، مغيّرة كيانه وتكوينه في كل لحظة.
و"كما أن الأفعى تموت إذا لم تغير جلدها. كذلك فكر الإنسان لا يصبح فكر إذا مُنع من تغيير أحكامه وآرائه" حسب المعطياة اليومية التي تغذّي حياته.

نعمة النسيان
اجترار الآلام والعذابات والندم على ما ارتكبنا في الماضي من أخطاء. كل هذه الإحاسيس يجب على الإنسان أن يتسامح مع نفسه وينساها ليحرر عقله من ثقلها وسوداويتها وليتمكن من الإنطلاق بخفّة وحيوية لبناء نفسه من جديد.
يقول شيخنا الجليل "تذكر أن تنسى".
ويقول "يمكن أن نعيش بدون أن نتذكر كما تفعل الحيوانات. ولكن من المستحيل أن نعيش بدون أن ننسى".

يتبع ...

معاك حق يا زميل انت بذاتو على الانسان ان يتحرر من قيود الاخلاق والمبادئ وعلية ان يمشي حسب ما تملية علية اخلاقة وكما ذكرت ان الاخلاق الحسنة او كما نسميها الطيبة تمنع الانسان عن السمو الفكر والنفسي والمشاهد في الوقت الحالي ان من كانوا يتمردوا على تعاليم اهاليهم وهم صغار الان في الكبر صار يعتمد عليهم وذلك بسبب اكتساب خبرات من المحيط الخارجي والتعامل مع الامور بتلقائية شديدة وبدون تكلف او عذاب ضمير فنجد النصارى يقولوا احبوا اعدائكم كيف نحب اعدائنا ؟يجب ان نعاديهم واذا اردنا التمثيل بهم فما المانع؟ والواقع انك اذا احببت عدوك فهذا يجعلة يستهين بك ويحتقرك اما اذا رددت لة الصاع الصاعين وعشرا سوف يعمل لك 1000 حساب

(05-05-2011, 03:16 PM)الباحث عن الراحة الابدية كتب:  معاك حق يا زميل انت بذاتو على الانسان ان يتحرر من قيود الاخلاق والمبادئ وعلية ان يمشي حسب ما تملية علية اخلاقة وكما ذكرت ان الاخلاق الحسنة او كما نسميها الطيبة تمنع الانسان عن السمو الفكر والنفسي والمشاهد في الوقت الحالي ان من كانوا يتمردوا على تعاليم اهاليهم وهم صغار الان في الكبر صار يعتمد عليهم وذلك بسبب اكتساب خبرات من المحيط الخارجي والتعامل مع الامور بتلقائية شديدة وبدون تكلف او عذاب ضمير فنجد النصارى يقولوا احبوا اعدائكم كيف نحب اعدائنا ؟يجب ان نعاديهم واذا اردنا التمثيل بهم فما المانع؟ والواقع انك اذا احببت عدوك فهذا يجعلة يستهين بك ويحتقرك اما اذا رددت لة الصاع الصاعين وعشرا سوف يعمل لك 1000 حساب

لا يا عزيزي، بحسب العم نيتشة، الإنسان الذي يبحث عن الثأر أو الذي يستشيط غيظاً وغضباً حتى ضد أعدائه، هو أضعف الناس لأن القوة تستدعي قبل كل شيء ضبط النفس.
كما أن رفض الأخلاق المثالية السائدة التي تعيق الحياة، هدفه الوصول لأخلاق نابعة من طبيعة الإنسان تسمو به نحو الأفضل.
سأتناول هاتين الفكرتين بالمزيد من الشرح لاحقاً.

وأهلاً بك.