هل تورطت دول عربية في أحـداث الفتنة الطائفية بعد الثورة المصرية
.
"ثورة يناير تواجه تحديات بعد أحداث الفتنة الطائفية.. وفتنة امبابة الاسوأ''، هكذا وصفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الوضع في مصر، بعد أحداث امبابة، وقالت الصحيفة ''هذه الأحداث تمثل تحدياً لنجاح الثورة، حيث تمثل الإشتباكات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين إنذاراً قويا بأن كلا من القوي السلبية والايجابية قد تطلق من عقالها إثر سقوط الحكومات الديكتاتورية
أكدت "واشنطن بوست" أن الهجمات الأخيرة تبدو نتيجة أعمال المسلمين المتشددين السلفيين، الذين يستغلون الحرية الجديدة في مصر بعد الثورة، وهم لا يمثلون معظم المسلمين المصريين. وأوضحت أنه رغم تأكيد الحكومة الانتقالية رفضها للعنف والنية لمواجهته بحسم، فإن ذلك ليس كافيا، وينبغي علي السلطات منع أي هجمات ذات دوافع دينية، ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم في محاكم مدنية، وليس في محاكم أمن الدولة كما أعلنت من قبل، وحذرت من أن تجاهل الموقف سيجبر عددا أكبر من المسلمين والأقباط، الذين يشكلون نحو 10% من تعداد السكان، أن ينحازوا إلي جانب واحد، وهو ما سيفاقم الوضع في مصر، واشارت الصحيفة إلي أن الاعتداءات العنيفة علي الأقليات المسيحية أصبحت مؤخرا مشهدا متكررا في العالم العربي والإسلامي، خاصة في باكستان والعراق، لكن الوضع أخطر في مصر التي تعتبر الدولة العربية الأكبر والأكثر تأثيرا في الشرق الأوسط، وهي الدولة الوحيدة التي تستقر فيها أكبر نسبة للمسيحيين الأقباط في العالم العربي. وشددت «واشنطن بوست» علي أنه ينبغي تطبيق الديمقراطية في مصر، علي أن يكون أساسها المعاملة العادلة والمساواة لكل المواطنين بغض النظر عن دينهم، كما ينبغي علي الولايات المتحدة الأمريكية تشجيع حكومة مصر الانتقالية والأغلبية المعتدلة علي الدفاع عن الثورة ضد هؤلاء الذين يستغلون الصراعات الطائفية لتوجيه طعنة لها مثلما حدث في اشتباكات إمبابة الطائفية.
أمن الوطن
بدأت الأحداث ذات الصبغة الدينية الصحراوية المتطرفة في عدة محافظات بمصر عقب ثورة يناير اولها كان هدم كنيسة صول علي مدار يوم كامل علي مرأي ومسمع من قوات الامن سواء قوات الجيش او الشرطة دون تحرك الا بعد سرقة وحرق الكنيسة تماما وللان لم يتم القبض علي الجناة، هذا الحادث الذي قال البعض إنه بسبب علاقة بين فتاة مسلمة وشاب مسيحي منذ عام 2009 وفجأة تذكر الأهالي هذه العلاقة وارادوا الانتقام ليس من اشخاص بل من دور عبادة، ثم بعدها بايام حادث المقطم بمنطقة الزرايب حيث اشيع ان شباب قبطي يستعدون للهجوم علي مسجد السيدة نفسية لاحراقه ردا علي هدم كنيسة صول الامر الذي اوقع العشرات من القتلي والمصابين بين الطرفين بالاضافة للخسائر المادية ومؤخرا حادث امبابة والتي اشتهرت بحمهورية امبابة في التسعينيات بسبب سيطرة احد البلطجية وادعاؤه الامارة علي المنطقة اما ماحدث مؤخرا فكان حول اشاعة اختفاء فتاة قبطية اسلمت داخل الكنيسة الامر الذي تم اثبات نفيه تماما بعد ذلك، فقام علي اثر ذلك السفليون بمحاولة اقتحام وحرق كنيستين لكن لم ينجح المتشددون الا باحراق كنيسة واحدة "العذراء" حيث احرقت تماما حتي بمن بداخلها وهو عامل الحراسة، واسفرت الاستباكات بين الطرفين عن وقوع 12 قتيلا وعشرات المصابين.. كل هذه الاحداث دفعت شباب الاقباط بمشاركة بعض الشباب المسلم الواعي بتنظيم مظاهرات كبيرة امام مبني اتحاد الاذاعة والتليفزيون بماسبيرو مطالبين بالقصاص من مرتكبي هذه الاحداث ومن خلفهم وضرورة تطبيق القانون بحزم، ومؤخرا وعقب قرار مجلس الوزراء فتح بعض الكنائس التي اغلقت من قبل وكانت من ضمن هذه الكنائس كنيسة "العذراء والانبا ابرام" بمنطقة عين شمس وفي اثناء قيام الاقباط بمعاودة فتحها صباح الخميس الماضي تجمع المئات من المسلمين رافضين فتحها او تحويل المبني لكنيسة حتي بعد صدور القرار الوزاري بل قاموا بصلاة الجمعة امامها الامر الذي يعد تطورا خطيرا لتهديد البلد والزج به في منحني يهدد امنها داخليا وخارجيا واستغلال بعض القوي الاقليمية لهذه الاحداث لنشر افكار اكثر تطرفا، وعلي راس هذه الدول كانت دولة السعودية. ومؤخرا قامت مجموعة من الشباب المصري بتاسيس جروب علي الموقع الاجتماعي الفيس بوك تحت عنوان "نطالب بطرد السفير السعودي راعي الفتنة في مصر" وقد شارك بالجروب المئات من المصريين والذين نظموا مظاهرة امام السفارة السعودية مساء الثلاثاء الماضي مطالبين بوقف الدعم المادي للتيارت المتشددة بمصر من أجل الحفاظ علي مدنية مصر وإستقرارها، في الوقت نفسه كشفت لجنة تقصي الحقائق بالنقابة العامة للمحامين والمشكلة للوقوف علي أسباب التوتر والفتنة التي حدثت بمنطقة إمبابة خلال المؤتمر الصحفي الاسبوع الماضي وبحضور وكيل أول النقابة، رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين محمد الدماطي، عن ضلوع جهات عربية من بينها المملكة العربية السعودية والامارات وغيرهما من الدول والتي لعبت دورًا في تأجيج الفتنة الطائفية بمصر لإزاحة مصر عن دورها الريادي المتميز وإهدار مجهوداتها بالمنطقتي الإفريقية والعربية، وأن هذا المحور العربي لا يرغب في نموذج لحكم ديمقراطي مجاور له، ولذلك أوصت اللجنة بتفعيل دور مصر المحوري والعمل علي إحياء دور المنظمات الرسمية والشعبية داخل المنظومة العربية لأن الفراغ الطائفي يتلاقي مع مصالح العدو الصهيوني.
سرقة دور مصري
وقال الدماطي إنه تردد في الاونة الاخيرة أن هناك تمويلا ماليا لبعض الجماعات الدينية في مصر ياتيهم من الدول العربية، مضيفا ان كل الانطمة العربية بلا استثناء انظمة ضد الثورات وتحاول جاهدة ان تجهض اي ثورة عربية ومن ضمنها ثورة يناير، والغرض من التمويل فتح الملف الديني والبلطجة امام المحاكم او في اقسام الشرطة وكل اشكال القضاء علي الثورات وهذا ماحدث في ثورة 1952 حينما وقفت السعودية امامها خوفا من المد الاشتراكي وهذا مايحدث الان، وهنا اكد امين اسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التاسيس، ان الوهابيين في مصر يقفون وراء احداث الفتنة سواء ضد المسحيين خاصة بالتحريض علي هدم الكنائس واضطهاد الاقباط، او ضد المسلمين خاصة في موضوع هدم الاضرحة.
واشار اسكندر إلي ان المزاج العام المصري اصبح مزاجا دينيا حيث ظهر بعض من يقفون علي ارضية عدم احترام الاخر، وبالنسبة للدور السعودي الوهابي اشار اسكندر إلي ان السعودية تعرف مدي قيمة الدور المصري لو استعادت مصر دورها الحقيقي في الدائرة العربية والافريقية والاسلامية وبالتالي المكانة المصرية ستكون علي حساب الدور السعودي وهذا ضد الصالح السعودي وبالتالي يظهر الدور المناهض لتقدم او تطور مصر واستعادت ريادتها بين الدول العربية وبالتالي تعمل السعودية علي عرقلة هذا التطور عن طريق السلفيين.
مخطط بمليارات
ويقول د. عماد جاد الخبير الاستراتيجي بمركز الاهرام للدراسات السياسية، إن الفتنة الطائفية صناعة محلية نتيجة زرعها لمدة 40 سنه منذ مجيء السادات مرورا بعصر مبارك، اما الان فهناك مصالح مشتركة لدول عربية في مقدمتها السعودية واطراف داخلية في مصر بعضها يشغل مواقع مهمة جدا تتلاقي مصلحتهم جميعا في انه لابد من الاكتفاء بحركة "التغيير" التي حدثت حتي لا نصل لمرحلة الصندوق الاسود الذي قال عنه محمد حسنين هيكل والذي لايجب ان يفتح ففي هذه الحالة سيكون هناك حمامات من الدم في مصر. وعن العداء المصري السعودي يقول الخبير الاستراتيجي انها مشكلة تاريخية منذ القضاء علي الوهابيين علي يد ابراهيم بن محمد علي باشا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، ثانيا ان هناك اشخاصا يمتلكون اموالا خارجية يريدون ان يلعبوا دورا علي حساب الدور المصري وحينما لم يجدوا الاموال تكفي وحدها بحثوا عن الامكانات العقلية والثقافية لتنفيذ هذا الدور وبالتالي ماحدث حينما خرج المصريون للشارع في ثورة يناير بكل فئات المجتمع المصري كما حدث في ثورة 1919 كان لهذا المشهد تداعيات واضحة علي عدة دول عربية اخري مثل اليمن والبحرين وعمان وكان في اتجاهه للسعودية.. وهنا ارادت السعودية ان تكون "الثورة المصرية عبرة لمن لايعتبر وان يكون الثوار المصريون عبرة لاي شعب يفكر في الخروج علي الحاكم" وهنا بدأ تنفيذ المخطط المدعوم بمليارات السعودية وبالالاف من المجموعات المتشددة التي عادت مؤخرا من حروبها في دول مثل البوسة والسودان وغيرهما لتحارب في مصر! التي رأوا انها اولي بالجهاد بعد اتاحة الفرصة لذلك.
وحول ماقامت به السعودية بإصدار تأشيرات العمرة والحج دون تقاضي أي رسوم ومنحها مجانا للمصريين، قال جاد إن هذا يمثل محاولة لاكتساب مزيد من بسط النفوذ السعودي وتدخل سافر في الشان الداخلي المصري وهذا ما اكده ايضا محمد الدماطي بان الهدف هنا هو عمل "غسيل مخ" للمصريين وتلقينهم الوهابية.
تضاغط
وفي هذا الصدد يري نبيل عبد الفتاح الخبير في شئون الجماعات الاسلامية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ان بعض القوي الاقليمية لديها علاقات مع بعض القوي الاسلامية في مصر والتي بدأت تاخذ منحا سياسيا بعد علاقات وثيقة باجهزة النظام السابق ورجاله ضد القوي الديمقراطية اليسارية والمفكرين ووصفهم بانهم "ملاحدة" ولا دينيين وبالتالي تعبئة المواطن البسيط بأن هذه الاعمال خارجة عن الاداب العامة وتشكل تهديدا للسلام بهدف حشد العامة.
اضافة الي ذلك فبعض هذه القوي وفي مقدمتها السعودية لم تكن تعتمد علي النظام القديم فقط بل علي السلفيين لوجود تشابه بين افكار الاسلاميين المتشددين في مصر والجماعات السعودية تثير الهجوم علي الكنيسة والبطريرك ورجال الدين واستخدام قضايا التحول الديني بهدف اثارة الجماهير المسلمة في مصر علي اساس الاراء الخاطئة واستغلال الدور المتنامي في المؤسسات الدينية وتدخلها في حرية الاعتقاد الديني.
واشار عبد الفتاح إلي ان هذا التوجه يعاد استخدامه الان في الضغط السياسي ومحاولة التعبئة الدينية للناخبين علي اساس ديني بهدف الوصول الي مقاعد البرلمان للاخوان والبعض يري ان الوقت قد حان لقطف بعض ثمار الانتفاضة الثورية من خلال تديين واسلمة المناخ العام السياسي وجعله مجالا للانقسامات بدلا ان يكون للاتفاقات المدنية السياسية.
http://www.al-ahaly.com/index.php?option=com_content&view=article&id=5906:2011-05-26-02-10-50&catid=82:2010-02-27-09-05-11&Itemid=661
بحث
قائمة الأعضاء
التقويم
وثائق المساعدة
