i am agree with this article 100 %
صرخة اللحظات الأخيرة … الى الرئيس بشار
بواسطة
admin2
– 2011/06/08نشر فى: مقالات وتحليلات
د.حبيب زعرور: كلنا شركاء
لقد أخطأت يا بشار، بصفتك رئيساً لجمهورية سورية، أي رئيساً لكل السوريين كما تقول، فقد كانت فرصتك الذهبية لأن تنقذ سورية فتحافظ على استقرارها وتعيد اليها أمجادها بعد سنين الظلام والعبودية التي عاشتها تحت راية البعث وكم الأفواه وخنق الحريات.
أخطأت يا بشار لأنك آمنت وصدقت خطط الحرس القديم الذين لفظهم التاريخ، في عقد التحالفات الخارجية والارتماء بأحضان إيران، واعتقدت أن أسطورة التغني المهرجانات الكاذبة لدعم المقاومة وفلسطين والعراق ولبنان ومقاومة أميركا والامبريالية والصهيونية ستحمي نظامك في الداخل المستقر الى الأبد.
أخطأت يا بشار لأنك آمنت وصدقت الحاشية المحيطة بك فسلمتهم زمام الأمور وهم ليسوا إلا لصوص متشوقون لاستغلال مناصبهم واقتناص الفرص لتحقيق المكاسب والانتقام.
أخطأت يا بشار لأنك لم تستمع الى الشعب الذي ناداك من أعماق قلبه "بالروح بالدم …" قبل عشر سنوات وما يزال. لقد قال لك الشعب بصدق وطيبة، صدقناك وننتظر الإصلاح الموعود، لكنك آثرت استمرار إطلاق يد اللصوص من حولك يرتعون ويشبعون بالأرض فساداً. تأخر الإصلاح وفي كل مرة كان هناك مبرراً الى أن فقد الشعب صبره وثقته بكل الوعود.
لقد خسرت فرصة ذهبية لتبقيك قائداً حقيقياً للسوريين، فالشعب لم يكن يطلب أكثر من الحرية والكرامة وكف يد اللصوص، إلا أنك استمعت الى من قالوا لك إنهم قادرون على سحق المندسين، تماماً كما فعل عمك في حماة قبل ثلاثة عقود.
نسيت أيها الشاب، وأنت ابن التكنولوجيا الحديثة، أن العهد اليوم لكاميرات الجوال واليوتوب والفيسبوك والتويتر وغيرها، وصدقت من قالوا لك امنع الإعلام الخارجي من الدخول الى سورية، واترك الباقي علينا لنصفي الفتنة.
يا بشار، العالم كله يسمع ويرى ما يحصل اليوم لحظة بلحظة، إلا أنت فتقرأ تقارير معاونيك وجلهم من الجبناء الخانعين الذين يريدون بقاء السطة بأي ثمن كما صرح ابن خالتك دون تردد..
العالم يعرف أن كل شهيد يسقط ، كائناً من كان، هو مسمار آخر في نعش السلطة في دمشق، والشعب لن يرحم. وما يزال النزيف مستمراً.
قالوها كثر: صدقناك وصدقنا كلامك قبل احد عشر عاماً، إلا أنه يبدو أنك أنت، ومن من حولك، لم تكونوا مقتنعين بما قلت واعتقدتم أن زمن المماطلة والتسويف سيطول، وأن الشعب الصابر سيقبل وينخدع بمجرد كلمات وأوهام، أو أنه سيتعب في نهاية الأمر وينصرف للبحث عن لقمة عيشه التي سرقها معاونوك وأقرباؤك وكل شركاء السلطة.
أطلقت حرية الاستيراد فامتلأت الشوارع بالسيارات والكماليات التي أرهقت كاهل المواطن وملأت جيوب حاشيتك من مال الشعب المسروق.
أدخلت تكنولوجيا الهواتف النقالة من أضيق أبوابها لغايات تعرفها أنت قبل سواك، فحصدت المليارات التي ذهبت لصالح حساب واحد، لا لحساب الوطن والإصلاح.
سمحت بافتتاح البنوك الأجنبية على أنها من أشكال التحديث والتطوير، فكان للمسيطر على الاقتصاد السوري الحصة الأكبر، فامتصت ما تبقى في الجيوب وتكدست ثروات أقربائك والمحيطين بك.
تأمل الناس، لا سيما الشباب الطموح منهم بعصر التكنولوجيا، فكان المنع والحجب والقطع والمراقبة. والحجج كثيرة.
اندلعت ثورتا مصر وتونس ولم نتعلم الدرس واعتقدنا جميعاً لوهلة، أن سورية غير، لذلك اخترت أيها الرئيس طريق القذافي وصالح، عملاً بنصائح أصحاب الأمر الذين يرون أن الحل هو بالعنف والمواجهة والقتل والتعذيب والاعتقال، لا كما كنت تقول أنت دائماً بالانفتاح على الآخر والحوار معه.
قلتم لنا أنهم مندسون، فصدقناكم. قلتم درعا هي الوكر فصدقناكم أيضاً. ثم بانياس، ثم حمص، ثم تلكلخ، ثم ضواحي دمشق، فالجزيرة، فحمص ثانية وما بين حمص وحماة الى أن كان ما كان في حماة مؤخراً، فهل تعتقد أن الشعب قادر على التصديق بعد أكثر من مئة يوم من القتل والمواجهات والسحل والدبابات والاعتقالات؟ هل يمكن لشعب عفوي أن يصدق أنها فلول المندسين متغلغلة في أنحاء البلاد والكل يعرف أن المخابرات السورية هي الأعنف والأكثر وحشية و الأقدر في العالم على كشف أمثال هؤلاء؟ ليتك ما فعلت، فالشعب كان أجدر بالصدق والأمانة من المنافقين والدجالين المحيطين بك. الشعب كان سيقدر عالياً كل كلمة صدق وقول حقيقة تنطق بها.
قدمت وعوداً على ورق. أقدمت في الوقت الضائع وبعد فوات الأوان، على إلغاء حالة الطوارئ والدبابات تجوب شوارع وأزقة المدن السورية. أطلقت متأخراً بعض السجناء بنفس أسلوب الراغب الممتنع الممارس منذ نصف قرن، أطلقت المجرمين سواسية مع الشرفاء أصحاب الرأي الحر الذين ما يزال عدداً كبيراً منهم يقبع خلف الأسوار لحجة أو لأخرى. دراسة قوانين وتشكيل لجان ولم تفلح مساعيك، بل ازداد الوضع تدهوراً وازداد عدد القتلى، فهل يحق لنا أن نتساءل لماذا؟
ليتك أيها الرئيس لم تستمع الى نصائح المراوغة والنوايا الخفية التي ما تزال تسخر من حتمية القدر وقدرة الشعب على الانتصار في النهاية، لتوفر على الوطن آلاف الشهداء وعلى الاقتصاد كارثة قاضية لن تقوم منها البلاد لعشرات السنين القادمة.
يا بشار أقولها لك بقلب يبكي دماً، أقولها لك بصدق مواطن لا علاقة له بكل ما يجري الى من منظار وطنيته وحبه المستميت لوطنه، لم يعد أمامك إلا مواجهة الحقيقة ومواجهة الشعب، ربما هي الفرصة الذهبية الأخيرة واللحظة الحاسمة التي تستطيع فيها أن تقطع الطريق على المؤامرة.
تحدث الى شعبك مباشرة، لا من منصة مجلس المنافقين وملوك التصفيق وإلقاء الشعر والخطب، هذا المجلس الذي جعل منا ملهاة الناس وسخريتهم في كل مكان، ولا أمام تلامذة الابتدائي في مجلس الوزراء الطلبة. تحدث الى الشعب مباشرة، من بيتك، من مكتبك، من مبنى التلفزيون، من الشارع، وليكن كلامك مباشراً للشعب. قل له الحقيقة. شاركه المأساة بورع وخوف على مستقبل البلاد. واسي أهالي الشهداء، أقر بالمطالب المحقة للشعب وتعهد شخصياً بالتنفيذ. امنع الأصوات النشاز ممن حولك عن التعليق الذي يزيد من إشعال النار وتأجيج المشاعر الوطنية الصادقة.
الأصوات تتعالى والتنديد يتنامى وتلك مقدمات لا تحمد عقباها، والحل ما يزال بيدك أنت. نرجو الكف عن الوعود بتشكيل لجان للدراسة، فالمطالب الشعبية لا تحتاج لدراسة فأنت خير من يعرفها لأنك سمعتها آلاف المرات منذ توليك الحكم قبل عقد من الزمان وتعرفها منذ سلمك والدك بعض ملفات الفساد في عهده، وهي لا تتعدى:
إبعاد البعث عن السلطة فوراً وبقرار منك، تماماً كما تم تعديل الدستور بدقائق لتعيينك رئيساً للجمهورية
إطلاق سراح كافة معتقلي الرأي دون أي استثناء أو موجبات ومبررات
السماح بالتظاهر السلمي ومرافقة قوى الأمن للمتظاهرين دون اللجوء الى العنف غير المبرر
حل مجلس المنافقين فوراً، الدعوة لانتخابات عامة بتاريخ تحدده أنت
كف يد اللصوص عن سرقة ما تبقى في جيوب الناس والإعلان عن تحويل شركتي الخليوي وشركات المناطق الحرة الى شركات عامة (لأنها أصلاً أموال عامة في معظم أعراف التجارة الحرة في العالم)
الدعوة فوراً وبلسانك أنت شخصياً الى مؤتمر للحوار العام، لا بلسان من باتوا بنظر الشعب من أكبر المنافقين الانتهازيين المستغلين لقوته والمتاجرين بكرامته، وليحضره من يشاء من الشعب، لا من يختارهم معاونوك من وجوه بالية كرهها الشعب منذ زمن طويل.
أوقف حملات الترويج والدعاية السامة التي تفرق بين أبناء الوطن الواحد أكثر مما توحدهم، وتذكر أن الرئيس المحبوب لا يحتاج لدعاية لزيادة حب شعبه له، فأفعاله وقيادته الحكيمة هي التي تحدد حب الشعب وتأييده. ولمجرد التنويه فان الشعب السوري لم يعرف يوماً بتاريخه تمييزاً طائفياً أو عرقياً بين أبنائه، فدعوات التنبيه المنتشرة هذه الأيام لا جدوى منها ولا مبرر لها. اطلب أنت من معاونيك رفع كافة الصور والتماثيل المنتشرة في كل مكان، كي لا تلقى المصير المهين الذي لم نكن نتمنى أن نراه، وعاقب كل من ينشر ويوزع ويحمل مثل هذه الصور المسيئة لشخصك قبل غيرك، وتذكر أنك كنت أول من أوعز بذلك فور تسلمك الحكم، إلا أن الأيدي الشريرة للعابثين المحيطين بك أعادت تلك الظاهرة التي إن دلت على شيء فعلى ضعف السلطة لا على قوتها.
تأكد أيها الرئيس أنك إن فعلت، فانك ستريح ضميرك على الأقل، وتريح من أحبوك وما زالوا يؤمنون بك حلاً وحيداً للمأساة التي نعيشها. ولتعلم أن قراءة ما بين السطور في مجريات مؤتمر انطاليا وتصريحات كلينتون المتزامنة تؤكد أن المؤامرة اكتملت وإحكام الطوق حول سورية قد اكتمل أيضا. نرجو ألا تستخف هذه المرة، على طريقة مستشاريك من عباقرة البعث الذي قادوا البلد نحو الخراب، ونصائحهم، بتلك الخطوة، فالوجوه التي رأيناها في انطاليا لا تطمأن بخير وما تزامن معها من تصعيد في الداخل والخارج يبشر بما هو أعظم، [u]فالعراق، إن كنت تذكر أيها الرئيس، قد انحدر نحو الهاوية بخطوات مماثلة تماماً. وهنا أود لو أنك تعيد قراءة ما قاله والدك لصدام حسين قبل أيام من الهجوم الأمريكي على العراق.
أنا لا أبشر بهجوم عسكري خارجي، لا سمح الله، فهذا بغير وارد حالياً، إلا أن التصعيد سيستمر محليا ودولياً، والاقتتال في الداخل سيزداد، وممولو المؤامرة في الخارج سيمضون قدماً في دفع عناصرهم المأجورة للمضي في استغلال عفوية الشعب المطالب بحريته وحقوقه من أجل مزيد من التخريب، وعندها لن تلقى أي خطوة للإصلاح أو الصلح مكاناً لها.
تنبه أيها الرئيس، فالمؤامرة أكبر بكثير من شخصك أو مجرد الإطاحة بنظامك، بل هي مؤامرة الانقضاض على سورية وتحويلها الى مرتع للفاسدين وملاذ للأفاقين، والحاقدون الراغبون في هذا كثر وكثر جداً، وعندها فقط سيصدقك الشعب وأنت القائل أن هناك مندسين في المجتمع السوري بعد أن تكون المؤامرة قد اكتملت وتحولت سورية الى أشلاء، وبلغ عدد القتلى أرقاماً مرعبة تتعدى الآلاف بكثير.
إنه رجاء اللحظة الأخيرة فالقول لك والكلمة لك ليصدقك العالم وليصدقك الشعب. وسيسجل التاريخ أنك ساهمت في انتقال سلمي نحو الحرية للجميع فأنقذت سورية من حمام دم واقتتال بين أبناء الوطن الواحد الذي ظل طيلة قرن من الزمان بعيداً عن أي شقاق أو اقتتال. وتذكر أيضاً، أن التاريخ سيسجل بالمقابل، إن أنت لم تأخذ زمام المبادرة، أنك وحدك المسئول عن خراب البلد لا سمح الله. التاريخ لا ينسى أيها الرئيس، والشعب لا ينسى![/u]