بين الحين والحين تظهر ردود فعل هلوسية لدى قطاع كبير من السلفيين، على الكوارث الطبيعية او الاخفاقات التكنيكية التي تصيب العالم الغير اسلامي وعلى الاخص الولايات المتحدة الامريكية. واخرها اعصار كاترينا، واليوم على ابواب اعصار جديد.
عند دخول نابليون الى مصر، اصاب فقهاء مصر الاندهاش من التفوق الفرنسي، لقد اوصلتهم الصدمة الى درجة الاعتقاد ان الاخفاق في العالم الاسلامي كان بسبب الاسلام. ا اليوم يحاولون استغلال نسيان العالم الاسلامي للحظة اكتشاف التفوق الغربي، للادعاء بأن الاسلام هو الحل. ليشير الى انهم لم يتعلموا شيئا من التجربة الطويلة، اذ لازالوا محصورين ضمن اطار الدين في كل تصوراتهم، لايستطيعون رؤية الامور بمنظور اخر. الدين دائما :السبب او الحل.

وبالرغم اعتراف سلفييون اليوم ان العالم الاسلامي لازال يعيش عصر هزيمته التاريخية اليوم، إلا انهم لايتورعون عن الاعتقاد ان الله يوجه سخطه على الغرب، عندما يرسل عواصفه، او عندما تسقط لامريكا مركبة فضائية. ا متناسين المصائب والكوارث التي يغطس بها العالم الاسلامي منذ قرون، الامر الذي يثير الرثاء.

اليس الاولى بهم الاعتقاد بأن النجاح العظيم للحضارة الامريكية هي هبة الله الى الامريكان؟ ان الولايات المتحدة تمر بفترة نجاح اقتصادي كبير، فما سبب هذا التوفيق بالرغم الاعاصير؟ لماذا يتفوق الاداء الامريكي على الاداء الاوروبي، هل يقف الله الى جانب الامريكان ضد الاوروبيين وضد العالم الاسلامي؟ بالطبع سيتفضل البعض بتوجيه انتباهنا الى ان الله ليس غاضب على المسلمين وانما يختبرهم.
الغريب ان اعصار كاترينا الاخير اثر ليس على امريكا فحسب بل على جميع الاقتصاد العالمي، سلبا. فهل كان ذلك عقابا جماعيا؟

برأيي ان الله فقد امله في العالم الاسلامي وهاجر الى امريكا الى غير رجعة تاركنا لمصيرنا الغبي، واعتقاداتنا السوداء، ونواحنا الذي لاينقطع

DENIAL

برأئى المحدود الله ملوش دعوة بالنجاح أو الفشل. البشر هم الذين اخترعوا هذه الفرضية لكى يلقوا اللوم على كينونة أعلى و تبرير فشلهم بأن "الأله" هى السبب منذ بدء الحضارات.

أفعالنا هى التى تحدد نجاحنا من فشلنا تبعا لقانون "ما يزرعه الإنسان فإياه يحصد"

كمسيحى فالكتاب يقول ان الله يشرق شمسه على الأشرار و الأبرار. إذن النجاح ليس دليل قاطع على "رضى" الله عن الإنسان وكذلك الفشل ليس دليل قاطع على "نقمة" الله.

نحن الذين زرعنا التخلف بأيدينا عندما انصرفنا عن التفكير و الإبداع فى كل مجالات الحياة وسلمنا أدمغتنا لتصبح أسيرة مجموعة رجال دين أخر ما يعرفوه هو كتابة أسمائهم حتى مؤخرا.

ولآن الحضارات تراكمية فى تأثيرها فإن ما وصلنا إليه ليس بكثير. لقد حصرنا تفكيرنا فى "الحلال و الحرام" و اصبحت الدول تبدد جزء ليس بقليل من ميزانيتها سنويا على المؤسسة الدينية التى لا تفيد فى شئ سوى إلهاء الشعب بالفتاوى الغريبة و الحلال و الحرام (يكفى فقط مشاهدة احدى هذه البرامج المنتشرة على الفضائيات لتصاب بالقرف من الدنيا و اللى فيها).

فلماذا تلوموا الذين وضعوا الحدود لرجال الدين منذ مئات السنوات وصلوا لما هم فيه للإعمالهم العقل و الإبداع بدون الخوف من ان يخرج لهم واحد لابس عمة يكفرهم و يقول "هذه بدعة و كل بدعة فى النار"؟

الولايات المتحدة نجحت و تفوقت على اوربا لأسباب عدة منها مثلا الولايات المتحدة دولة واحدة لديها سياسات خارجية عامة و اقتصادية بصورة خاصة محددة و مخططة منذ تأسيسها أما اوربا فتتكون من دول عدة تتصارع اقتصاديا فيما بعضها احيانا و تتصالح احيانا. أى لم تكون للإتحاد الأوربى سياسة محددة واضحة إلا مؤخرا فقط.

أيضا الولايات المتحدة صرفت الكثير على الأبحاث العلمية و هى الأن تجنى ثمارها فى حين اوربا لنفس السبب المذكور اعلاه لم تفعل الشئ ذاته.

و شكرا