لا يوجد مصالحة فلسطينية داخلية ، ولا يوجد أي ضمانة لإستمرارها ونجاحها ، وما حصل سابقاً هو مجرد هدنة بين الطرفين لا أقل ولا أكثر ، فالجميع يتربص بالجميع ، ولا يوجد نوايا صادقة لإنجاحها على الأقل من قبل مؤسسة الرئاسة الفلسطينية ، يعني كيف ستنجح المصالحة والإعتقالات السياسية في الضفة مستمرة على قدم وساق بل ويتبجح محمود عباس على تلفزيون فلسطيني الرسمي قائلاً : " انا سأستمر في الاعتقال .. صريح ..سأستمر في الاعتقال لثلاثة اسباب ... تهريب السلاح .. تهريب المتفجرات .. غسيل الاموال " ؟ وكيف ستنجح المصالحة ومحمود عباس يرفض أن تنال الحكومة المتوافق عليها الثقة من المجلس التشريعي المنتخب ؟ وكيف ستنجح المصالحة والهجوم الكلامي من قبل عباس وزمرته لم يتوقف ؟ وكيف ستنجح المصالحة ومحمود عباس يرفض لقاء خالد مشعل في تركيا ؟ وكيف ستنجح المصالحة وفتح تؤجل الجلسة المتفق عليها سابقاً ؟ وكيف ستنجح المصالحة وكلا الطرفين لم يستطع أن يتفق على اسم رئيس الحكومة القادم ..!

يبدوا أن ساحة الأفعال تختلف كثيراً عن ساحات الكلام السياسي أو الإعلامي ، ويبدوا أن المصالحة ستتحقق في حالة أصبحت فتح حماس أو أصبحت حماس فتح .

فضل قبل أن أرد عليك في ردك - الناري - هذا دعني أنبه حضرتك لأمرين :
الأول : أن وقتي لا يسمح بقراءة مجموعة من التفاهات المتكدسة في شيء سمي زوراً وبهتاناً بتحقيق صحفي ، فإيران لا تملك شيئاً من أمر حماس ، إيران نفسها الآن مشغولة بعدة أمور أكبر من حماس وهي الثورة في سوريا والثانية التحركات الإصلاحية والثالثة الخلاف بين خامنئي ونجاد .
الثاني : هو أني أكره الخطب النارية الممجوجة بالشعارات الثورجية التي عفى عنها الزمن ، كنت أعتقد بأن هذا الكلام لا يقوله إلا محبي النظام السوري ، ولكن يبدوا أني كنت مخطئاً ، ففي الرجال بقايا وفي الزوايا خبايا .

بخصوص ردك ففتح ليست مشغولة في سوريا ولا ما يحزنون ، فتح الآن منشغلة بكثير من القضايا التي من المحتمل أن تضرب مسيرتها الإستراتيجية والوحدوية ، " الأزمات مع نقابات العمال والموظفين بسبب قطع رواتب الكثيرين وتأخر صدور رواتب الموظفين " وفصل محمد دحلان من حركة فتح وتهديد الأخير باخراج ملفات كثيرة فيها من فضائح الفساد ما فيها " موظف صغير مثل فهمي شبانة تسبب في فضيحة كبيرة داخل أروقة السلطة " فضلاً عن الاستقالات الجماعية في صفوف حركة فتح وخصوصاً من قاعدة غزة .

نعود لدراسة موقف فتح من المصالحة ، هل تعتقد لإعادة فتح ملف المفاوضات وانعاشه عن طريق المبادرة الفرنسية فضلاً عن تهديد نتياهو المستمر لعباس وزمرته وتخييره لهم إما حماس وإما مسيرة السلام سبباً في مثل هذه الانتكاسة الفتحاوية عن المصالحة ؟

الآن أريد منك شيئاً واحداً : كيف حماس أبطلت المصالحة " أدلة واقعية وفعلية وليست نسوج خيال " وكيف فتح هي من ستقود مشروع التحرر بينما يمشي جنودها جنباً لجنب بجانب جيبات الإحتلال الإسرائيلي ؟

يا صديقي لا يوجد شيء عندي إسمه بديهيات على الأقل في عالم السياسة ، حيث يلعب الإعلام والديماغوجية الكلامية دوراً في صياغة الوعي أو البديهيات التي تحدثني عنها وليس الواقع الفعلي الصحيح .

من نفس المنطق أستطيع أن أخاطبك بما يلي " ن لم تاخذ الموضوع المتعلق بأمريكا\ فتح\ إسرائيل فى اطار الجدية فكل ما يمكنك قوله بعد ذلك سيكون لا معنى له لانه يقفز عن بديهيات اولية " .

الآن ما هي البديهيات التي تتحدث عنها ؟ عمالة وتبعية حماس لإيران وسوريا ؟ أثبت ذلك يا صديقي ؟ كيف عمالة ؟ هناك فرق بين التحالف والعمالة ، كما أن هناك فرق بين تقاطع المصالح وبين التبعية ، فالبديهية التي لدي هي أن قرار حماس بيدها ، فحماس لديها مجالس شورى متعددة ويوجد فيها انتخابات دورية فالقرار الأحادي غير موجود كما أن الخلافات الممقوتة غير موجودة ولذلك انسى قضية البديهيات .

أما البديهية الثانية هي أن السلطة خاضعة بالكامل لإملائات الرباعية الدولية والبيت الأبيض لأسباب كثيرة ، ومنها أن قرار دخول عباس وخروجه من الضفة بيد شلومو على الحدود ، كما أن مضخة الأموال والقروض التي يقرضها البنك الدولي لفياض وغيره مرتبطة بمواقف سياسية معينة ، عدا عن كون التأهيل الأمني لقوات الأمن الفلسطينية يرعاها دايتون - مولر .

عموماً نعود لأصل الموضوع ، من هو السبب في افشال المصالحة ؟