Владимир ЛАГОВСКИЙ
في السبعينات صرخ المغني السوفيتي ايغور ارينبورغ شاكيا من ان دوافعه الجنسية قوية للغاية بحيث تجعله غير قادر على التفرغ للغناء فشبقه الجنسي يجعله " يصحى في وسط الليل ويبقى صاحيا الى طلوع الفجر". هذه العوارض هي ذاتها الذي في عام 2010 جرى الاقرار بأنها عوارض جدية وقاسية. الطب الرسمي قام بتوثيق هذه العوارض تحت اسم " مافوق الشبق الجنسي" (الهلوسة الجنسية) او الادمان الجنسي المرضي. ولتفصيل هذه المرض كتب البسيكولوجيين الامريكان كتابا بعنوان " Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders DSM5.
هل سيعني ذلك انه إذا قام الزوج بإقامة علاقات جنسية متعددة فذلك لانه مريض؟
غير انه من الناحية الطبية يوجد تعريف اكثر دقة لاعتبار المرء مصاب بهذه الحالة، حيث يعتبرون انه من الواجب وضع تشخيص الادمان الجنسي على الشخص الذي على الاقل على مدى نصف سنة يعاني من احلام وتصورات جنسية دائمة وقوية. اضافة الى ذلك يتحكم الشخص المعني بهذه التصورات بمقدار ضئيل ويترتب على ذلك تناسيه المخاطر والقفز عنها لتحقيق تمنياته الفيزيائية والمشاعرية بدون اهتمام بالمخاطر.
قد يعتقد البعض ان المصابين بهذا المرض سعداء، غير ان الامر غير صحيح إذ انهم يعانون الامرين.
بعض الازواج من الذين يمارسون الخيانة الزوجية قد يفرحون لهذا الاكتشاف، إذ في حالة اكتشاف خيانتهم فهم لم يعودوا بحاجة للاعتذار بل على العكس اصبح يمكنهم الان الاعتراف على الفور بأنهم " مرضى" ويضيففون الى ذلك وصف معاناتهم مطالبين بالعلاج، تماما كما حصل مع لاعب الغولف الشهير Eldrick Tont والملقب Tiger" Woods. وإذ علمنا ان علماء النفس وجدوا اصول بسيكولوجية ليس فقط للادمان الجنسي ليضاف الى ادمان الكحول والمخدرات وانما ايضا الادمان على الالعاب الكمبيوترية والادمان على القمار والادمان على الطعام والادمان على حب تصغير الاخرين والشعور بالعظمة او جلب الالم للاخرين وتعذيبهم، وجميعها اعراض يعاني منها الرجال في الغالب.
في العالم الاوروبي اثار هذا الاكتشاف الذي تعرضت له البروفيسورة في البسيكولوجية Allen Frances, M.D, University of Dayton, الى عاصفة من النقاشات اذ يترتب عليه الكثير من المشاكل الحقوقية عندما تقوم الزوجات برفع دعاوي ضد ازواجهم، ومنها مشكلة حضانة الاطفال وتعويضات مالية عن الاضرار النفسية والمادية والاجتماعية. (في العالم الاسلامي على الاغلب لن يترتب على هذا الاكتشاف تغيرات اساسية إذ ان الخيانة الزوجية تجري تحت اسم الزواج من امرأة ثانية وثالثة ورابعة وبالتالي فالخيانة قانونية وشرعية ولايترتب عليها تعويضات او مطالب، فالشريعة والقانون يقفان الى جانب الجاني وليس الضحية. ومن الناحية الاخلاقية لاتعامل على انها دياثة كما سيحصل لو ان الامر على العكس، اي تعدد الازواج.. والان يبدو ان حتى البسيكولوجيا تقف الى جانب الرجل، الجاني، ضد الضحية. غير ان الاختلاف الممكن الان ان المجتمعات الاخرى تحكم بإرسال الجاني الى المصح للعلاج في حين ان ثقافتنا تحفز هذا السلوك وتبرره وتدعمه وتنشره حتى بين الاشخاص الطبيعيين).
يؤكد طبيب التخدير الامريكي John O'Neill ان الادمان الجنسي ليس وهما إذ ان المصاب به يعاني نفس التغيرات الدماغية التي يعاني منها المدمنين ولايستطيع المصاب ان يشعر بنفسه طبيعي ويشعر بنفسه مجرور لتحقيق رغباته.
وهذا الانجرار يمكن ان يكون من مستوى الاحساس بالتعلق بأفلام الجنس والقيام بالعادة السرية الى التجرأ على ممارسة الجنس في الحدائق العامة او المصاعد او زوايا الطرقات الخلفية وفي اي وقت تتاح فيه الفرصة بدون التفكير بالعواقب بما فيه شراء خدمات الدعارة، وفي حال انسداد الوسائل الطبيعية يسعى للوسائل المتاحة. (لربما هذا الامر يوضح اسباب انتشار اللواط وزنا المحارم حتى في السعودية).
تقريبا 5% من البشر يعانون من الادمان الجنسي، حسب الاحصائيات التي قدمها patrick Carnes رئيس المركز الصحي الامريكي الذي جرى فيه معالجة لاعب الغولف الشهير. ذلك يعني ان هناك 300 مليون مصاب في العالم. تقريبا نصفهم تنشأ لديهم مشاكل عائلية بسبب سلوكهم وثلثهم تنشأ لديهم مشاكل في العمل. وهناك 17% منهم يشتكون من افتقادهم الرغبة بالحياة.
يقول: الحمد لله على عودتك يازوجتي الحبيبة، بدونك كنت على وشك الاختناق
هل يمكن معالجة الادمان المرضي على الجنس
حسب بعض "البسيكولوجيين الشعبيين" توجد طريقتين لمعالجة الزوج المصاب، وكلا الطريقتين تقومان على ارهاق الزوج بالجنس حتى تنهار قواه. الطريقة الاولى تبقى حصرا مع الزوجة، في حين ان الطريقة الثانية عندما لاتكون الزوجة قادرة على مجاراة الزوج وانهاكه مما يستدعي التعدد. الطريقة الثانية سنتناولها بتفصيل.
طريقة التعدد تسمح بممارسة الجنس مع عدة اشخاص مع المحافظة على علاقة الزواج الكلاسيكية، حسب الخبيرة من معهد كينيسي للابحاث الجنسية Jennifer Bass، والممارسة يجب ان تكون على مبدأ المصارحة والقبول المتبادل من جميع الاطراف. يمكن للنساء، وعددهن حسب الحاجة، ان يعشن مع الزوجين اثناء العلاج، وبالطبع يمكن للزوجة ان تكون واحدة منهن إذا رغبت.
هل يمكن تسمية ذلك بالفساد والدياثة؟ بالتأكيد، ولكن لاسباب علاجية. على كل الاحوال هذا مايؤكده مؤيدي هذه الطريقة. يضيفون الى انه لابد من التخلص من مثالية عبادة القيم الجاهزة الموروثة التي لاتوجد الا في الذهن، لان البقاء على الطرق المثالية في النظر الى الامور لاتجعل "الادمان المرضي على الجنس يختفي" وانما تخفي القذارات تحت السجادة، كما ان المثاليين يحلون المعضلات على الدوام على حساب احد الاطراف غالبا المرأة، حتى لو قدموا حلولهم في اطار جميل. مثل هذه الحلول تضاعف المشكلة في السر وتنشرها الى الاصحاء وخصوصا الضعفاء من فئات المجتمع. في حين ان هذه الطريقة تتيح للمصابين بناء حياة طبيعية قدر الامكان وبناء تجمعاتهم الصغيرة بين ناضجين على اساس التفاهم بدون اشاعة الانتهاكات.
كيف تعرف نفسك اذا كنت من المصابين:
هناك سبعة عوارض للمصابين بهذا الاختلال السلوكي
1- انت تشعر انك غير قادر على التحكم بتصرفاتك.
2- تعلم ان تحقيق رغباتك المندفعة سيسبب الكثير من المشاكل، بما فيها المخجلة.
3- تريد التخلص من هذه العادات، تعلم انها غير صحيحة ( بعد لحظات من انجازها) ولكنك تقع فيها من جديد ولاتستطيع التوقف
4- من اجل الوصول للرضى تحتاج الى المزيد من الجنس الذي تفكر فيه على الدوام
5- تقضي اكثر وقتك في البحث عن شريك جنسي او الايقاع به
6- تضحي بجميع اهتماماتك الاخرى من اجل الجنس
7- الجنس بالنسبة لك ليرفع لك مزاجك عرضيا وليس اهتمام بشخص محدد
من اجل اعتبارك مصاب بالادمان الجنسي لابد ان تتواجد لديك العناصر السبعة كلها والا فأنت متسلل الى المنطقة الرمادية.
رأي الاختصاصيين
يقول اختصاص المعالجة البسيكولوجية فلاديمير موجاينسكي ان " كل انواع الادمان مصدره بسيكولوجي- فيزيائي، واهم مواصفاته عدم قدرة المصاب على التحكم وتوجيه سلوكه القسري المندفع. هذا الامر ومجموع من الخصائص الاخرى يسمح الادمان الجنسي في قسم الامراض. وبالمناسبة فإن الادمان الجنسي يمكن ان يصيب النساء ايضا".
يتلبع قائلا:" إذا لاحظ المرء هذه المشكلة في سلوك شريكه ، مثلا ادمان جنسي لدى الزوج، بمعنى بشكل مرض، من الضروري التعامل مع القضية على انها مرض، واستخدام وسائل العلاج المرضي، تماما مثل الامراض الاخرى، طالما ان المرء بذاته غير قادر على االتعامل معها. من الضروري تقديم المشورة والمساعدة المهنية بسرية".
" توجد العديد من الطرق البسيكولوجية والطبية للتعامل مع الادمان، الاكثر فعالية عندما يجري خلط طرق كلا الطرفين مع بعضهما، وفي بعض الحالات تكفي طرق المعالجة البسيكولوجية".
( من الواضح ان هذه المعضلة تتناول العديد من اطياف سلوكنا الاجتماعي وتقاليدنا وافكارنا الجاهزة. سيكون من الصعب اقناع النساء بتقبل الزوج الخائن على انه مريض يجب مراعاته وتقديم العناية له ومسامحته، على الرغم من انه من الشائع مسامحة الرجل على الكثير من خياناته التي عادة لاتكون تحت دوافع مرضية، غير انه الاصعب ان يتمكن الزوج من التعامل مع الزوجة الخائنة من هذا المنطق او يتفهما حتى لو كانت مريضة فعلا. ويبقى ان هذا الامر سيفتح الباب واسعا امام رجال العالم الاسلامي لتبرير تعدد الزوجات، على مافيه من خيانة دائمة وانتهازية ودياثة مفتوحة بحق المرأة يجري غض النظر عنها على الاطلاق.. الا يدل ذلك على ان الاخلاق على العموم انتهازية؟)
Ольга СВЕТЛОВА