من هو حسن نصر الله يا قنواتنا؟
طارق الحميد
الاحـد 24 رجـب 1432 هـ 26 يونيو 2011 العدد 11898
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: الــــــرأي
لا أفهم من هو حسن نصر الله حتى تقطع قنواتنا الإخبارية برامجها لتبث نص خطابه المليء بالمغالطات والدعاية الفارغة، فلا هو بالرئيس المنتخب، ولا بملك،
بل زعيم ميليشيا مسلحة مثلها مثل طالبان. خطاب نصر الله الذي استمر زهاء الساعة كله تضليل، وأهم قيمة خبرية فيه هي ثلاثة أخبار، أو معلومات..
الأولى، اعترافه بوجود جواسيس إسرائيليين بحزبه.. والثانية، أنه يدعم نظام الأسد الذي يقمع الشعب السوري الأعزل.. والثالثة، أنه يهاجم البحرين، في طائفية مقيتة.. عدا عن ذلك لا توجد أي قيمة خبرية في خطاب نصر الله حتى تقطع قنواتنا برامجها وتعرّض المشاهد لهذه الجرعة المكثفة من الدعاية المضللة. فلو كانت هناك حرب، مثلا، على لبنان مثل حرب 2006 التي ورط حزب الله لبنان فيها مع إسرائيل لفهمنا، لكن أن تقطع قنواتنا برامجها كلما قرر نصر الله أن يسحب الميكروفون ليتحدث فهذا أمر غير مفهوم، وغير مبرر أيضا!
كل ما يستحقه خطاب نصر الله تلفزيونيا هو بث خبر في نشرات الأخبار لتلك المعلومات الثلاث المهمة، أي اعترافه بوجود جواسيس لإسرائيل بحزبه، ودعمه للأسد، وتهجمه على البحرين، مع ضرورة وجود من يفند ما قاله حول تلك المواضيع الثلاثة،
عدا عن ذلك فلا توجد أي قيمة خبرية حتى تعرّض القنوات المشاهد لكل تلك المغالطات، والدعاية الفجة التي قدمها نصر الله، الذي بدا وكأنه أحد «محللي» نظام الأسد، خصوصا عندما قال إنه لا يجب التركيز على قصة الجواسيس، بقدر ما يجب التركيز على الإنجاز الأمني لحزب الله الذي اكتشفهم.. فهل هناك استخفاف أكثر من هذا؟
التلفاز ليس مثل الصحافة المكتوبة، فلا توجد صحيفة محترمة تنقل نص خطاب نصر الله كاملا، أو غيره، ما لم تكن هناك قيمة خبرية حقيقية، وقد تنشر الصحف نص الخطاب في موقعها على الإنترنت للتوثيق، بينما تنشر الصحف أهم ما في الخطاب، أي خطاب، مع تفنيد لما قيل، ناهيك عن تفنيد الخطاب بصفحات الرأي.
الغريب، أن القنوات الإخبارية الغربية، ومثلا الأميركية، تبث خطابا لأوباما مدته 30 دقيقة، ثم تبث قرابة الساعة فقط لتحليل الخطاب، ناهيك عن دور الصحف والمجلات والإنترنت، التي تفكك الخطاب طوال الأسبوع، بينما تقطع قنواتنا برامجها لتبث خطاب نصر الله المليء بالدعاية والمغالطات لمدة ساعة، ثم تحلله، إن حللته، لمدة خمس دقائق.. فقنواتنا تمنح نصر الله شرعية، وقيمة لا يستحقها، وهي بهذا الفعل مثلها مثل من ارتضى من المسؤولين العرب أن يؤخذ مغطى العينين وبسيارة مضللة لمقابلة نصر الله بأحد أقبية الضاحية ببيروت، وهذا أمر معيب!
فمتى تحترم قنواتنا الفرق بين تغطية أخبار رجال الميليشيا، ورجال الدولة.. والفرق بين تغطية الدعاية، والأخبار؟ وعندما نقول إن حزب الله مثل طالبان فذلك ليس مبالغة،
فنصر الله يقول إنه ليس لديه بنوك بلبنان نظرا للموقف الشرعي منها، فما الفرق بينه وبين طالبان هنا؟
ولذا فمن الخطأ أن تسهم قنواتنا في نشر دعاية نصر الله المضللة!
tariq@asharqalawsat.com
من تخلى عن الآخر.. حزب الله أم سوريا؟
عبد الرحمن الراشد
الاحـد 24 رجـب 1432 هـ 26 يونيو 2011 العدد 11898
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: الــــــرأي
كانت مهمة حزب الله سهلة منذ بداياته في عام 1982، فقط محاربة إسرائيل. كانت تجلب له الاحترام العربي والمال الإيراني والنفوذ المحلي. اليوم وضعه صار بائسا جدا، كثر أعداؤه، حتى إن إسرائيل أصبحت أهونهم. فأكثر من نصف اللبنانيين ضده، ومعظم العرب اليوم أيضا ضده، ويبدو أن سوريا تخلت عنه أو هو ابتعد عنها.
غالبية سنة لبنان تنظر بريبة، بل وكراهية، لحزب الله، لأنها تعتقد أنه من قام باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ولأنه احتل مناطقهم قبل ثلاث سنوات. وهناك نصف المسيحيين على الأقل ضد حزب الله يطالبون بنزع سلاحه، ويرتابون في أنه ينوي إقامة جمهورية إسلامية على غرار إيران. ولا ننسى أن المحكمة الجنائية تجلس له بالمرصاد، حيث ستحاكم بعضا من عناصره بتهمة اغتيال الحريري.
كل هذا لا يقارن بعد، فأخطر التحديات لحزب الله جاءته من حيث لا يحتسب؛ من سوريا، الدولة الحليفة والجدار الآمن، حيث كان يتكئ عليه لثلاثين عاما. الانتفاضة الشعبية الكاسحة في البلد المجاور ترفع علانية شعارات معادية لحزب الله وتتهمه بالتورط بمساندة نظام الأسد في قمع المتظاهرين، بل وقتلهم، وتتوعده بالانتقام.
وزعيم الحزب الأوحد، السيد حسن نصر الله، حاول في خطابه قبل أيام الدفاع عن النظام السوري، وفي الوقت نفسه أوحى بأنه يؤيد دعوة المتظاهرين للإصلاحات هناك، مع هذا زاد خطابه في غضب الجماهير السورية التي اعتبرته شريك الأسد في مأساتها.
وقد زادت الشكوك في العلاقة بين النظام الأمني السوري وميليشيا حزب الله
بعد أن ذكرت صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية أن حزب الله نقل أسلحة كان قد خزنها في سوريا إلى البقاع اللبناني، واعتبرت أنه هو الآخر بات يخشى من سقوط النظام السوري.
ومن المؤكد أن
حزب الله يعرف عن كثب ما يحدث في سوريا، ويدرك أن نظام الأسد بات في مهب الريح مهددا بالسقوط، لكن لا أظنه يجرؤ على فعل ما يوحي بالتشكيك في بقاء النظام السوري مثل سحب أسلحته السرية. هناك تفسيران للتقارير التي تؤكد خروج شاحنات محملة بالأسلحة إلى لبنان، الأول أن الأسد قرر أخيرا إرضاء إسرائيل والولايات المتحدة بالتخلي عن حزب الله، وإخراج أسلحته من أراضيه نتيجة للموقف الجديد. أو أنه يخاف من
عمليات خارجية تستهدف مخازنه من قبل جهات خارجية، الأرجح إسرائيلية، مستغلة حالة الفوضى والوضع المنهك للأمن والجيش السوري.
وربما هذا يفسر قصة المجزرة الأخيرة التي تحدث عنها الأسد، وما رددته وسائل الإعلام السورية الرسمية عن أنباء عن هجمات تبدو خارج سياق الانتفاضة.
وسواء سقط نظام الأسد أو بقي، فإن حزب الله بات محاصرا في لبنان، بات يتيما بغياب البعدين الجغرافي والسياسي السوري. وهنا عليه أن يفكر مثل بقية الطوائف اللبنانية، أن يبحث عن معادلة لا تقوم على السلاح.
إن عقلية حزب الله القائمة على الهيمنة على لبنان بالقوة، ستواجه بتحديات ضخمة لاحقا. لقد سقطت ذرائع مواجهة إسرائيل منذ انسحابها قبل أحد عشر عاما، وتحول الحزب إلى منظمة تخدم أهداف إيران في معركتها لبناء سلاحها النووي وفرض نفوذها الإقليمي، وكانت سوريا تقوم بالدور الحامي والحليف، وهو دور يبدو أنه سقط قبل أن تحسم الأمور في دمشق.
alrashed@asharqalawsat.com
عبد الرحمن الراشد يلمح أن مجزرة جسر الشغور هي بتخطيط خارجي ربما إسرائيلي