مقال رائع و يكشف مدى غباء السلطة البحرينية في مواجهتنا .... يستحق القراءة ....
بأقلامهم > لولو فوبيا
جاسم العويك*
تشكل الرمزيات أحد أهم الأعمدة الرئيسية في كل حركة احتجاجية شعبية، فهي تأكيدٌ على الحضور المكاني تارة وهي كبسولات مضغوطة للذاكرة تضمن الاستمرارية والخلود، ويمكن أن يُخلق الرمز عبر الابتكار أو تحوير دلالات ماهو موجود أصلاً، كما في دوار اللؤلؤة الذي كان يرمز إلى دول مجلس التعاون ثم أصبح يرمز للبحرين فقط، وعندما اتخذه المحتجون رمزاً تحول إلى رمز للثورة ، وحين تم هدمه دخل في الذاكرة كرمز للحلم الذي كان.
فمنذ بدء احتجاجات 14 فبراير دخلت السلطة في معركة شرسة أشبه بمقاتلة طواحين الهواء من أجل تشويه كل رمزيات الانتفاضة التي تم ابتكارها أو تبنيها أو تحوير دلالاتها، ويتم التشوية عبر الإعلام المتذاكي أو القمع أو حتى تبني السلطة للرمزية ذاتها في حال عدم قدرتها على التشويه في الحالتين الأوليتين، فعلم البحرين الذي رفعه المتظاهرون بكثافة، دأب الإعلام المتذاكي على محاولة تجاهله وإظهار صور قديمة لرفع أعلام حزب الله أبان انتصار تموز، وعندما لم ينفع، أصبح العلم الذي يحمله المحتجون في نظر السلطة مختلفاً عن العلم الأصلي والذي يرمز إلى البيرق الخليفي، رغم أن ما رفعه المحتجون بكل بساطه، هو العلم بدون حساب معين للمثلثات وهو خطأ تجده في وزارات الدولة ولايلتفت إليه أحد في العادة بل حتى أنك تجده في دبابات قوة الدفاع، وإذا كان من نجاح للمحتجين في هذا الجانب فهو تحويلهم لهذا العلم كرمز للبحرين لا العائلة الحاكمة، وكلنا شهدنا في اليوتيوب كيف قام أحد عناصر مكافحة الشغب بإلقاء العلم أرضاً دون اكتراث، مما شكل فضيحه استوجبت لاحقاً في عملية فض الاعتصام للمره الثانية أن يرتدي عناصر الشغب العلم البحريني وربطه عند الرقبة وإسداله على الظهر في تشبه فاقع، بما فعله المعتصمون في المسيرات !
ومن المؤسف أنه بعد فض الاعتصام الثاني وإعلان قانون الطواريء أن يصبح حمل العلم شبهة في حد ذاته قد تقود إلى السجن، مالم يكن متبوعاً بعلم دول أخرى وبالأخص السعودية، فأصبحنا نرى العلم السعودي والبحريني معاً لدى أتباع السلطة، وكأن العلم البحريني لم يعد كافياً لإثبات الإنتماء !
ومن الرموز التي تم ابتكارها كلمة ( شحوال ) شحوال التي تم تحوير دولالاتها من مجرد تحية إلى رمز للتحدي وكذلك نغمة بوق السيارة (تن تن تتن) (يسقط حمد) وقد دأبت السلطة منذ قانون الطواريء على استخدام نفس نغمة يسقط حمد في ضرب المعتقلين أو المواطنين عند نقاط التفتيش، أو تغيير كلمة شحوال إلى فعل (شحول) واستخدامها لتعني التعذيب أو السجن، فهنا لم تلجأ السلطة إلا للطريقة البدائية على طريقة بافلوف لتكريه الناس والمحتجين أنفسهم من هذين الرمزين .
ويبقى دوار اللؤلؤة هو الرمز الأبرز، الذي كانت القناة الرسمية تسميه دوار اللؤلؤة في بداية الاحتجاجات ثم عندما تغيرت رمزيته بفعل استمرار الاعتصام، أعادوا تسميته بدوار مجلس التعاون وهو الاسم الرسمي الذي لايستخدمه الناس، بل والكذب بأنَّه لايسمى بتاتاً بدوار اللؤلؤة، ويبدو أن السلطة بعد هدم هذا النصب دخلت في فوبيا جديدة اسمها لولو فوبيا، فتم إلغاء عملة الخمسمائة فلس، لأنها تحوي ذلك الرمز، ومسح كل رسوماته في المدارس والمحلات والوزارات، في عملية يبدو أنها سوف تستغرق سنوات، خصوصاً وأن شباب الثورة بعد أن انكفأوا باحتجاجاتهم إلى القرى، عمدوا إلى صنع مجسمات الدوار ووضعها في الشوارع، وكم هو مضحك أن ينزل الشغب بأسلحتهم وعتادهم لينقضوا على مسجم خشبي ضرباً وتنكيلاً.
وقد تتدخل السلطة دون وعي لصنع رمزية لم تكن موجودة، كما حصل مع الشاعرة آيات القرمزي التي تم اعتقالها لإلقائها قصيدة لاذعة في الدوار، فأصبحت رمزاً للصوت الحر المصادر، وحين تنبهت السلطة لذلك لم يكف أن تحكم بسجنها لمدة عام، بل لابد من إجبارها على تقديم اعتذار في التلفزيون الرسمي(ولكَ أن تتخيل الوسائل التي استخدمت لإجبار يافعة على تقديم اعتذار) وذلك في محاولة يائسة لتشويه رمزيتها في وجدان الشعب، تماماً كما فعل السوفييات عند دخول دباباتهم براغ، وكيف تم إجبار الرئيس دوتشك على تقديم اعتذار أمام أمته، لكن دوتشك هو صاحب المقولة أيضاً (يمكنك أن تدوس الأزهار، لكنك لن تمنع قدوم الربيع ) وهي المقوله التي انحاز إليها التاريخ لاحقاً بانسحاب السوفييات وعودة الديمقراطية .
إن نجاح حركة الاحتجاج حتى تحقيق المطالب يعني المزيد من ابتكار الرمزيات وترويجها رغم محاولات السلطة تشويهها بشتى الوسائل، وعندما نبني نصب اللؤلؤة مرة ثانية ـ وهو ما سوف يحدث حتماً ـ فسوف يحمل كل دلالات رحلتنا السابقة بالإضافة إلى دلالة جديدة وهي ( الانتصار).
*كاتب بحريني
107 قراءة 03:04 2011/07/01
http://www.bahrainmirror.com/article.php?id=1240&cid=100
فيديو هدم دوار اللؤلؤة ........
و كلمة شحوال هذه تميز بها البحارنة و بالذات الشباب الصيع .... و هي يقصد بها السخرية و الأستفزاز عادة على الرغم من أنها تحية عادية ........ لكنها أثارت غضب رئيس الوزراء خليفة بن سلمان فأطلقوا النكات من ورائها و الفوا أغنية و إن كانت ركيكة و لكنها نجحت في استفزازه .