من تل الزعتر إلى رمل الفلسطينية، المأساة تتكرر و المجرم واحد
تتعرض هذه الأيام مدينة اللاذقية، و بشكل خاص حي رمل الفلسطينية " يلفظ هكذا بلهجة أهل اللاذقية و لا يقال رمل الفلسطينيين" يتعرض لعملية قمع فريدة من نوعها إذ تشارك بها البحرية السورية لأول مرة.
للتاريخ: انشأ هذا الحي منذ النكبة، كان يأوي أشقائنا الفلسطينيين.
كان يتميز جعرافيا ببعده النسبي عن مركز البلد، و ارتفاعه الضئيل عن سطح البحر يسبب مشاكل بالصرف الصحي، عندما نعرف أن مجارير المدينة تنتهي بالبحر نفهم سوء الوضع الصحي بهذا الحي. اهتمام البلدية به قليل نسبيا، و منذ تاسيسه عرف بشوارعه الضيقة و البناء العشاوائي الذي حوله من مخميم إلى حي سكني.
الشاطئ المواجه لهذا الحي كان من أجمل بلاجات المدينة، رمل ناعم و بحر قليل العمق، محمي لكونه خليج.
مع الانفجار السكاني، أصبح هذا الحي من أكثر أحياء المدينة اكتظاظا بالسكان، و أكثرها فقرا.
سكان هذا الحي معروفين بشهامتهم و مساعدتهم لبعض، و بتضامنهم الاجتماعي الفريد من نوعه، و لكن لا يخلوا الأمر من أن حالة الفقر و الحاجة المادية جعلت منه أيضا مأوى لبعض للخارجين عن القانون و العاملين بالتهريب الذين يأتوون بهذا الحي لصعوبة دخول رجال الأمن إليه.
أن كانوا قد خروجوا عن القانون و هربوا، فأفعالهم لا تشكل قطرة بخروج عصابات السلطة عن القانون السوري الذي أصبح مع الأيام، حبرا على ورق.
يتساءل أهل اللاذقية اليوم عن هدف هذه العملية العسكرية: هل يبدأ تحرير فلسطين من رمل الفلسطينية؟
أم أنها عملية ترهيب السكان لدفعهم على الخروج من مساكنهم؟
بكل الأحوال تخفي هذه العملية العسكرية خلفها نوايا سيئة لنظام الممانعة ذو الخبرة العريقة بمهاجمة المخميات الفسطينية، و تل الزعتر لم يغب بعد عن الذاكرة.
الفرق اليوم أن سكان تل الزعتر كانوا مسلحين، لنرى كيف سيختلق النظام أكاذيب ليعلن عن اكتشاف مخابئ أسلحة لكي يبرر ما تم إطلاقه من نيران بهذه المدينة الصامدة.
هذه العملية تذكرنا أيضا بهجمات النظام على الأحياء القديمة بالثمانينات. كانت تلك الأحياء مثل الصليبة، كانت معقل للمعارضين للنظام، أيامها كانت معارضة حربية و لم تكن سلمية مثل اليوم، التفجيرات و الاغتيالات و أصابع الديناميت كانت نشاط يومي.
بعد أن تمكنت السلطة من السيطرة على الوضع، هدمت المدينة القديمة التي تحكي تاريخ اللاذقية و تراثها.
وا أسفاه، نعم تم هد الأحياء القديمة و الأزقة التاريخية التي لا ينقصها شيء لكي تعتبر من تراث الإنسانية. هدمت من اجل مشروع معماري و فتح شوارع عريضة، بحيث يمكن للأمن و المخابرات أن يسيروا بها و استبدلوا الآثار و التراث ببناء تجاري. و هدموا البيوت التي يمكن أن تنتفض بوجههم يوما ما.
كلما تجولت بمدينة قديمة حافظت على أحيائها القديمة التي أصبحت ثروة ثقافية و سياحية، اشعر بالأسف على منزل جدي القديم و ذكريات الطفولة بأزقة اللاذقية القديمة التي لم يبقى منها اليوم سوى القليل.
اليوم تقوم قوات الممانعة و الصمود و التصدي بعملية عسكرية منظمة تستهدف هذا الحي الصامد الذي رفض الذل و انتفض بوجه المستبد، أهل الحي الشرفاء، كانوا من أوائل السوريين الذين هتفوا لنصرة الأشقاء بدرعا.
لنرى كيف سينتهي هذا الحي.
ليكن ربنا معكم يا اهل حي رمل الفلسطينية، و ثقوا أن احد لن يتمكن من الوقوف بجانبكم بوجه المجرمين.