اسرائيل لن تصمد حتى عام 2015
نشر الـيـوم (آخر تحديث) 11/09/2011 الساعة 11:04
كتب رئيس التحرير (ناصر اللحام) - لم يتوقع احد منّا ان يرى على شاشات التلفزيون المصري اوراق السفارة الاسرائيلية وهي تتطاير من الطابق السادس عشر فوق رؤوس 30 الف متظاهر ، والشئ الرائع هنا ان المتظاهرين جمعوا الاوراق المتطايرة واستقلوا سيارة وتوجهوا بسرعة الى احد مقرات المخابرات المصرية العامة وسلّموا الاوراق المكتوبة باللغة العبرية الى مخابراتهم ما يدل على ان هذا الجمهور ليس غوغائيا ولا من البلطجية وقطاع الطرق وانما هو جمهور برئ ونظيف ووطني ويحب مصر ويضعها في حدقات عيونه .
وهذه اول مرة في تاريخ الدولة العبرية يجري فيها اقتحام سفارة اسرائيل وهروب طاقمها ، وربما لن تكون الاخيرة ، فقد ملّ الناس ان يشاهدوا ويسمعوا اسرائيل فوق القانون الدولي وهي تلعب دور عاهرة الامم لا يلجمها رباط ولا ميثاق اخلاق ، والواقعة تدلل على انتهاء عصر اللاسلم واللاحرب الذي دأبت عليه اسرائيل منذ حرب 1973 ، ومن شاهد البث المباشر للتلفزيون الاسرائيلي يوم السبت رأى بام عينه كيف اكل الطير ألسنة المحللين ، وجلسوا مذهولين من غضب الشارع المصري قائلين : ان الربيع العربي يتحوّل ضد اسرائيل ويجب ايقاف الثورات العربية باسرع وقت !! وتساءل احد المحللين في القناة الاسرائيلية الثانية " وماذا لو هاجم متظاهرين من عمان سفارة اسرائيل هناك" ؟
وبعد الواقعة ، اعربت اوساط اسرائيلية رسمية عن ضرورة اعادة السفير الاسرائيلي باسرع وقت الى القاهرة خشية ان يقوم المجلس العسكري المصري تحت ضغط المتظاهرين باغلاق السفارة .بل ان محللين رسميين ألمحوا ان اعادة السفير كانت خطأ فادحا وخطرا كبيرا لا يجب ان يدوم ، واستحمدوا الله ان القنصل الاسرائيلي بقي هناك حتى لا يتم اغلاق السفارة .
احد الباحثين الاسرائيليين المختصين في شؤون الشرق الاوسط ، حذّر من استهانة اسرائيل بالفلسطينيين والانفراد بهم على هذا النحو ، ودعا حكومة اسرائيل للمسارعة في استرضاء القيادة الفلسطينية بأي شكل للعودة الى المفاوضات ، لان سبتمبر سيفتح بابا على المجهول ، واحتمالية ان تتحول الثورات العربية الى ثورات ضد امريكا وضد اسرائيل امر وارد جدا .
اسرائيل اهانت الشعب الفلسطيني ، واحتقرت قيادته ، واستقوت على الناس وزجّت بخيرة ابنائنا في الزنازين ، وجعلت جنود ومجندات الحواجز يعتدون على صفوة شبابنا ، وسمحت لقطعان المستوطنين ان يحرقوا المساجد وان يبصقوا على وجوهنا وان يشتموا نبينا محمدا ، وهو امر لا يقبله الاحرار ،فيتراكم الغضب ويرغب الناس في الانتقام وبدلا من السلام صاروا يتمنون زوال اسرائيل من الوجود ليعود الصراع حول الوجود وليس حول تبادل الاراضي او الحدود .
الزعيم الراحل ياسر عرفات كان قال بعد حصاره في المقاطعة نهاية 2003 : ان التجربة تثبت انه لا يمكن ان نتعايش مع الاسرائيليين لانهم لا يبحثون عن شريكا للسلام بل عن عبيدا يستعبدونهم ، والحل هو قوات فصل دولية تفصل بيننا وبينهم . اما الشيخ احمد ياسين رحمه الله فقال انه واذا استمرت اسرائيل على هذا النحو من الاستهتار بحقوق الشعب الفلسطيني واخضاعه بالقوة ، فانها لن تبقى حتى العام 2015 .وستزول عن الوجود .
واسرائيل ليست اقوى من الاتحاد السوفييتي الذي انهار ، وليست اقوى من نظام صدام ولا نظام القذافي ولا نظام الاسد ، وحتى لو وقفت امريكا معها ، فان هذا لا يعني شيئا في التاريخ ، فامريكا ستحتاج قريبا الى من يقف معها ، وفي حال انهار اقتصادها المبني على الربح والربا فانها ستصبح اضحوكة الامم ، وحينها لن يبقى على هذه الارض الا الحقيقة العارية .
اسرائيل الان تملك فرصة ذهبية لتعتذر للشعب الفلسطيني ، بل لتسارع الى تقبيل احذية اطفال فلسطين لطلب الاعتذار وان تنفذ كل اتفاق اوسلو خلال اشهر فقط ، وان تسارع هي لتكون اول دولة تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس وان تعيش باحترام وادب مع جيرانها العرب على مبدأ الندّية والمساواة ، وفي حال تواصل عندها وترفض ، فلا عاصم لها ، لان مرحلة اللاسلم واللاحرب قد انتهت مرة والى الابد .
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=419151
تقدير موقف
حادثة اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة هي الأهم في تاريخ العلاقات المصرية ـ الإسرائيلية منذ العام 1979. ومجرد وقوعها، وبالكيفية التي وقعت بها، أي بمبادرة من المتظاهرين، يضع علامة استفهام كبيرة على مستقبل هذه العلاقات.
تُعتبر هذه الحادثة من الموجات الارتدادية لزلزال الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك، وهي بهذا المعنى جزء من تحوّلات بعيدة المدى تمس طبيعة النظام السياسي القادم في القاهرة، وعلاقات مصر الخارجية. وهي بهذا المعنى، أيضاً، تمس مستقبل الصراع العربي والفلسطيني ـ الإسرائيلي، بما في ذلك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وعلاقات إسرائيل الثنائية بالبلدان العربية، بما فيها تلك التي وقعت معاهدات سلام معها، والدول التي تقيم علاقات أقل علانية.
حادثة اقتحام السفارة، وبالكيفية التي تمت بها، تدل على مشاعر غضب حقيقية لدى قطاعات واسعة من المصريين، خاصة الفاعلة منها في التظاهرات والميادين، إزاء إسرائيل.
هذه المشاعر تراكمت على مدار عقود من السلام البارد، لكنها ارتبطت، أيضاً، بالموقف من نظام مبارك، الذي تصرّف في مناسبات مختلفة بطريقة تجرح كبرياء وكرامة المصريين، كما ترتبط، أيضاً، بالسياسة الإسرائيلية في المنطقة، التي خلقت إحساساً بالمهانة لدى المصريين في مناسبات مختلفة، كان آخرها حادثة إطلاق النار وقتل جنود مصريين على يد الجيش الإسرائيلي.
لكل هذه الأسباب ثمة ضغوط هائلة على الحكّام الحاليين في مصر، وعلى الحكّام القادمين في حال إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. فقد أصبح الموقف من إسرائيل جزءاً من لعبة الصراع على السلطة في القاهرة. وهذا وضع بالغ الخطورة، إذ يتحتم على حكّام مصر الموازنة بين إرضاء الشارع، وبين المصالح الإستراتيجية لمصر في إطار موازين القوى الإقليمية والدولية الآن وهنا. وهذا خيار محفوف بالمخاطر الداخلية والخارجية.
ومنشأ الخطورة في وضع كهذا أن التصعيد يشبه كرة الثلج المتدحرجة. وقعت في الماضي حالات مشابهة عادت بنتائج كارثية على المنطقة، خاصة في العام 1967. وهي التجربة التي تركت آثاراً بعيدة المدى على الخيارات الإستراتيجية لكبار الضبّاط وصنّاع القرار في مصر، ثم تحوّلت على يد الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى ما يشبه خضوعاً غير مشروط للإرادة الإسرائيلية.
المشكلة، إذاً، هي العثور على التوازن الحقيقي بين الإرادة الشعبية، وبين المصالح الإستراتيجية التي يمليها ميزان القوى على الأرض. وبقدر ما يتعلّق الأمر بالمجلس العسكري الحاكم في القاهرة فإن ردة فعله المتوقعة هي محاولة احتواء الغضب الشعبي، دون الوقوع في قبضة الشعارات الغاضبة في الشارع، وفي الوقت نفسه إفهام الإسرائيليين بطريقة لا تقبل اللبس أن قواعد اللعبة قد تغيّرت.
وهذا ليس بالأمر السهل على ضوء تطوّرات قادمة على الجبهة الإسرائيلية ـ الفلسطينية، وعلى ضوء التحوّلات التي تجتاح المنطقة العربية، في سورية بشكل خاص، وعلى ضوء تدهور العلاقات التركية ـ الإسرائيلية، وعلى ضوء رعونة الساسة الإسرائيليين وفشلهم في قراءة التحوّلات الجارية على حدودهم القريبة والبعيدة، وكلها أمور متلاحقة تسهم في تسريع كرة الثلج.
حسن خضر