أن يولـد البـعض مـشوهين و مـعاقين و مـرضى، أن يـنظروا الجـحيم في اول خـطفة عـين، أن يـتجرعوا بـحارا من عـبيق الألـم و يـغوصوا في مـحيطات العذاب و بـلا أي سابـق انذار، تـجف
أحـبار العـالمين و لـن تـستطيع أن تصف مـدى نـتانة و حـقارة هـذا العـالم الـذي يـكتـنفنا.

لـم أعـد أحـتمل و لـم أعـد أطـيق الأسـتمرار، تـبا لهـكذا حـياة التـي تـتفرعها شـلالات مـن الـدماء
و رائـحة الظـلم تـفوح مـنها بـكل عـفانة و كـأنها تـنوي خـنق كل نـفس يـأمل عـدلا فـي هـذا العـالم
البـائس.

الظـلم ، الـبؤس ، المـعاناة ، الألـم، هـي قـدرنا . - المـوت - هـذا الـذي يـتلقى أهـول التـشبيهات و أقـذع الأوصـاف، هـذا الـذي أعـلنا عـليه الحـرب عـدوانا و بـلا انـصاف، هـو فـي الحـقيقة الوحـيد
الـذي أنـصف التـعساء، هـو الوحـيد الـذي يـقدم لـهم الراحـة بـلا أي مـقابل، - هـذه الـراحة - الـتي لم تــستطـع دعـواتهم أن تـوفر و لـو جـزء صـغير مـنها.

فـلنحجم ألـسنتنا قـليلا عـنه ،، فـما و الله أنـي لا أراه الا رحـمة

نـظرات تـعاكس كـل الأمـوات غـبطة ،،

سبق لي وان تأملت في قضية الموت وخصصت لها وقتاً من البحث والقراءة على الانترنت واتفق معك تماماً في الخلاصة التي تشير اليها,هناك ما نسميه بالقتل الرحيم لشخص يعاني ويواجه مصير حتمي للموت لذلك لابد من قتله وبسرعة لخلاصه من الالم والعذاب الجسدي الذي يعاني منه ولا يختلف اثنان عاقلان على ان هذه الفعلة نابعة من وازع اخلاقي

ومن هذا المنطلق وعلى افتراض ان هناك من يعاني في حياته اليومية ويتألم في كل لحظة يعيشها اعتقد بأنه يجب مراعاة حرية اختياره الشخصية سواء في البقاء والاستمرار في هذه الحياة او مغادرتها بهدوء والاكتفاء بهذا القدر من المعاناة,لأنه كده كده هو بالأخير سوف يلاقي نفس المصير فعلام التمطيط والتسويف والبقاء تحت رحمة آمال زائفة في حياة قاسية كهذه,فلو نظرنا للموت من منظور علمي نجد انه غاية في البساطة من العدم والى العدم صحيح انك لا تفرح ولاتضحك ولاتستمتع ولاتفكر لكن في نفس الوقت لاتشقى ولاتتعب ولا تتألم وهنا مكمن عدالتها المطلقة

لكن المشكلة الرئيسية في هذا الجانب هي العقول المؤدلجة التي تنظر للموت على انه ماهو الا بداية حياة جديدة وعصى وجزرة وجنة وجهنم وعذاب قبر ونعيم قبر وبرزخ والخ..الخرافات والجهل وبات لايعدو عن كونه الا وسيلة لهؤلاء الجهلة يمارسون من خلالها الترغيب والترهيب,وخذ عندك الدين الاسلامي على سبيل المثال لا الحصر,استغل مسألة الموت احسن استغلال وخصصت له مجلدات كالدار الآخرة واهوال عذاب القبر والعديد من المؤلفات والكتب التي ينكحون بها عقول اتباعهم ويدغدغون مشاعرهم بواسطتها كهذا النشيد الذي ارعب كل من سمعه وهو يتحدث بلسان الميت وكيف انه يعي ويفكر و و و وكأنها حقيقة علمية مثبته لاجدال فيها,



كم هو مسكين ومخدوع من يؤمن بهذا الدين فلقد تمت محاصرته من كل الاتجاهات ولن يرضى عنه إلهه ورسوله حتى يأخذ معه كم كافر ولا يأتي بمفرده,يعني هل هناك وقاحة اكثر من وقاحة هذا الاله تموت علشاني انا ادخلك الجنة اما ان تقتل نفسك لترتاح من الهم والنيلة اللي انا كاتبها لك ادخلك النار!

العـزيز هـزيز

بـعيدا عـن الأديـان لا أعـتقد أن مـسألة كـالحياة بـعد المـوت يـمكن الجـزم بـعدم وجوـدها تـحت المـعطيات الحـالية فـنداء العـدم مـصدره مـادي بـحت يـحصر الـكائن الـحي بـجسد مـن لحم و دم يـنتهي بـفناءه فأوغست كونت مـؤسس الوضـعية هـو نـفسه لـم يـستوعب فـناء الوعـي-النـفس فـالأعتقاد بـالعقل كمـاهية مـيتافيزيقية لا يـزال مـوضوع جـوهري فـي تـفسير الـوعي.

نـعم، مـعضلة الـشر و المـعاناة و الـبؤس البـشري لـن يـستطيع أي أحـد تـبريرها فـهي تـصفع كـل مـن يـحاول أن يـحاكي العـالم على أي مـبدأ عـدل كـان ،، لا أعـلم مـاذا أقـول فـالعالم بـكل وحـشيته و قـسوته الا انـي أتـرقبه يـخفي وراءه ذكـاء فـضيع.

أسـئلة الوجـود الكـبرى هـذه لا جـواب حـاسم لـها فـالعالم و الكـون فـي نـظري لا يـختلفان عـن أي كـتاب تـملؤه الطـلاسم، فـلنكون من نـكون فـما نـحن أكـثر من جـراثيم مـيكروبية تـحيط بـحبة رمـل صـغيرة فـي هـذا الكـون المـبهر.

اقتباس:بـعيدا عـن الأديـان لا أعـتقد أن مـسألة كـالحياة بـعد المـوت يـمكن الجـزم بـعدم وجوـدها تـحت المـعطيات الحـالية

عزيزي اسير الماضي,الجدل والاشكالية في كون وجود حياة وراء الموت يذكرني بنفس الجدل الازلي القائم حول وجود الله من عدمه او وجود خالق للكون من عدمه ومثل هكذا امور تقاس على المعطيات الحالية والنظريات البديلة

اقتباس:فأوغست كونت مـؤسس الوضـعية هـو نـفسه لـم يـستوعب فـناء الوعـي

لم اقرأ شيئاً لأوغست ولكن من خلال الكلام الذي نقلته ارى انه يقع في نفس الخلط واللغط الفلسفي وهو ما ذكره ريتشارد دوكنز في كتابه وهم الإله حيث قال إن استحالة البرهان على وجود او عدم وجود شيء ما لا يجعل وجوده من عدمه على نفس الدرجة من الاحتمالية,اي انه لابد من اخذ اي نظرية ماورائية وتحليلها شأنها شأن اي نظرية علمية لتفسير الظواهر الطبيعية

وايضاً هناك اشارة جميلة من نفس الكتاب اعتقد انها تصلح للقياس في هذا الموضوع لو سلمنا جدلاً وعقلانياً استحالة فناء الوعي فإننا سندخل في جدل واشكال عقلاني ومنطقي اعمق منه الى ان نصل الى مبدأ"قمامة داخلة-قمامة خارجه" وهو مبدأ شائع الاستخدام في مجال برمجة الحاسبات ويدل على ان النتائج ليست بحال افضل من المعطيات

ذكرتوني بقول الشاعر:

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
و حسب المنايا أن يكن أمانيا

اقتباس:الظـلم ، الـبؤس ، المـعاناة ، الألـم، هـي قـدرنا . - المـوت - هـذا الـذي يـتلقى أهـول التـشبيهات و أقـذع الأوصـاف، هـذا الـذي أعـلنا عـليه الحـرب عـدوانا و بـلا انـصاف، هـو فـي الحـقيقة الوحـيد
الـذي أنـصف التـعساء، هـو الوحـيد الـذي يـقدم لـهم الراحـة بـلا أي مـقابل، - هـذه الـراحة - الـتي لم تــستطـع دعـواتهم أن تـوفر و لـو جـزء صـغير مـنها.

لبؤساء و المقهورين و المعدمين وجدوا مخرجهم في الثورة و ليس في الموت. الدعوة الى الموت و الانتحار قد تكون نتاج حالة اكتئاب نفسي و ليست نتاج تفكير عقلاني متروي.

و على راي المثل: أشعل شمعة بدلا من أن تلعن الظلام.