نحو بضع وستين سنة من عمرها وتكبر احتلال فلسطين بنحو ثلاث سنين قامت منظمة الأمم المتحدة وقامت إسرائيل في حين تاهت الأنظمة العربية بالمنطقة ونامت شعوبها منذ ذلك الحين.
وبداية من عامنا هذا عام 2011 م تحركت شعوب منطقتنا وصحت من غفوتها وبدأت حركة نهضتها في الوقت الذي يتجلى أكثر وأكثر فقدان أي قيمة لمنظمة الأمم المتحدة من خلال أغلب مؤسساتها وليس مجلس الأمن وحسب الذي يمثل أسوأ مثال لفرض حق القوة من خلال ما أسموه "حق النقض" وهو بالأحرى نقض لحق بقية الدول والشعوب من خلال طغمة من الدول لتقاسم العالم ضمن مصالحها الخاصة فهذا أمر مسلم به من قبل الكثيرين ولكن ما يعنينا أكثر هو بقية مؤسسات هذه المنظمة من خلال اللجان التي تنشؤها لمعالجة قضايا النزاع والتي تردت إلى أبعد الحدود في ضرب القيم الإنسانية ما يعني هبوطا ذريعا لقيمة الحرية والعدالة ابتداء من نكوص "جولدستن" عن تقريره في حرب غزة إلى تقرير "بالمير" في الاعتداء على سفينة مرمرة لكسر الحصار على غزة حيث اعتبر هذا التقرير أن حصار غزة مشروع حيث أن الاحتلال يفرض مشروعية للدولة المحتلة لنتبين قمة المفارقة في عهر هذا التقرير ولجنته التي تنتمي لهذه المنظمة ، وفي الوقت الذي تصارع فيه السلطة الفلسطينية للتعلق بهذه المنظمة "الخربة" لتحقيق الاعتراف بدولة فلسطينية بعد مفاوضاتها العبثية التي لم تنتج سوى الخيبات تلو الخيبات تستمر هذه السلطة الفلسطينية في المراهنة على الانبطاح تلو الانبطاح لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني.
وعليه لا بد من نبذ هذه المنظمة وعدم التعويل عليها لأنها أضحت بدون قيمة فالبديل هو هذا الحراك لشعوب المنطقة لرسم ملامح جديدة ليس للمنطقة وحسب بل وللعالم .

بعد استعراض مثالين فاضحين لهذه المنظمة المتمثلان بتقرير "جولدستون" بعدوان غزة وتقرير "باليمر" بالاعتداء على سفينة مرمرة التركية يحسن بنا أن ننظر لمثال ثالث يتمثل في المحكمة الخاصة بلبنان في شأن مقتل رئيس وزراء لبنان "رفيق الحريري" لنتبين أن هذه المنظمة تنازع أنفاسها الأخيرة وسقوطها الذريع في مجال تحقيق العدالة وأننا بتنا بين يدي منظمة نخرها السوس وفاح منها العفن لتبشر بتداعي مسيرة مرحلة وبتنامي مرحلة بدأت تخط ملامحها في المنطقة العربية ومنها إلى القارة الأم أقريقيا المهضومة التي آن لها أن تحظى بحظها الوافر في التنمية والرخاء نتيجة هذه التغيرات الجذرية في المسيرة الإنسانية بعد تحطم مراكز اللصوصية والنهب والتبذير والحروب والإجرام في الغرب.

تنكر جولدستون من تقريره لا يلغي التقرير، وقد فعل ذلك بعد ضغوطات هائلة مورست عليه ومضايقات له ولعائلته.

أما تقرير بالمر فأصلا يجب النظر إلى اللجنة وتكوينها، ليس في اللجنة خبراء في القانون الدولي (رغم أن بالمر حقوقي) فهنالك ممثل لتركيا وممثل لإسرائيل وسياسيان هما جفري بالمر رئيس نيو زيلندة السابق وألفارو أوريبي رئيس كولمبيا السابق وكلاهما من أصدقاء إسرائيل (حتى أن أوريبي حصل على جائزة "نور الأمم" التي تمنحها منظمة يهودية أمريكية عام 2007.)

وعدا ذلك لو تفحصنا صلاحيات اللجنة لوجدنا أنها ليست حقا لجنة تحقيق، فلم تقم بأي تحريات أو تجميع أدلة وتحقيق مع الشهود... كل مراجعها كانت التقرير الإسرائيلي والتقرير التركي وقد بنت تقريرها عليهما، لم تستطع اللجنة التحقق من صدق التقرير بتحريات مستقلة ولذا اختارت الحل الدبلوماسي فبرأت إسرائيل من بعض الأمور واتهمتها بأمور أخرى وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا، فألقت باللوم على الطرفين... بالمقابل لجنة خبراء مستقلين أصدرت تقريرا آخر تبناه مجلس حقوق الإنسان الدولي كان مختلفا تماما وقد وجد هذا التقرير أن حصار غزة ليس شرعيا.
http://ar.rian.ru/aworld_politics/201109...print.html