الفوضي غير الخلاقة‏!‏

بقلم: د.عبد المنعم سعيد
الأهرام 17/9

عندما ابتدعت كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة تعبير الفوضي الخلاقة للتغيير في الشرق الأوسط كانت تعني تلك الحالة غير المنتظمة من السلوك السياسي والإنساني الذي يسبق التوافق علي طريق للتحول الديمقراطي. وربما الرأسمالي أيضا. أيامها جري الهجوم علي المفهوم من كل التيارات السياسية لأنه أولا يحمل تناقضا ذاتيا فلا تصح الفوضي مع الخلاقة في جملة واحدة; وثانيا لأن الفوضي تاريخيا كانت دائما واحدة من قوي الهدم وليس البناء, فالمرجح دائما أن تؤدي الحالة إلي سيولة اجتماعية تختلط فيها الأوراق, ويسود فيها العنف, ولا تعرف الأمم ما أول له أو آخر.
ما حدث لدينا خلال الفترة القصيرة الماضية كان ذروة التحول من ثورة منظمة حشدت شبابا وأحزابا وقوي وجماهير تحركت من أجل تغيير البلاد. وبينما جري التوافق علي إدارة البلاد من خلال الدولة; فإنه جري الاتفاق علي أن تبقي الثورة حارسة علي تنفيذ مطالبها, حيث لا تراجع, ولا تباطؤ, وكلما ظهر هذا أو ذاك جرت مليونية تنبه وتذكر. وبالتأكيد كان هناك اختلاف في الإيقاع, وتناقض أحيانا في ترتيب الأولويات, وتنوع في فهم الواقع الذي بقي كما هو سواء قامت الثورة أم بقيت البلاد علي حالها حيث الزيادة السكانية, والموارد المتاحة, وهذه لا يجري عليها انقلاب بين يوم وليلة.
كل ذلك كان ممكنا أن يسير بنا إلي بر الأمان حيث التحول الديمقراطي وتسليم البلاد لممثلين مدنيين منتخبين في انتخابات نزيهة. ولكن ما جري كان أمرا آخر, وبدأت عمليات استنزاف الموارد العامة بدلا من الإضافة لها, ومعها بدأ شل الحياة العامة كلما تأخرت تلبية طلب من الطلبات الخاصة بجماعة أو فئة, ولم يجد بعضنا مشكلة في نسف منشآت عامة, واختلط الحابل بالنابل في فوضي ليس فيها أمر خلاق واحد, وإنما انتشرت فيها الضوضاء والصراخ والضجيج.
ولكن ما زاد الطين بلة كما يقال, فقد كان استلام جماعة منا لأدق أمور الأمن القومي التي لا يجوز أن تكون علي مشاع الفوضي التي اختلطت فيها أوراق لا ينبغي لها أن تختلط خاصة

إذا ما تعلقت بسمعة مصر الدولية التي لم يحدث فيها أبدا مساس بسفارة أو هجوم عليها. وبصراحة فإن الأخطار الناجمة عن هذه العمليات أكبر بكثير من الغضب الإسرائيلي وإنما ممتدة إلي منظمات دولية, وتكتلات وأحلاف عالمية, وثمن سوف تدفعه أجيال الآن وفي المستقبل أيضا.

هههههههههههههههههههههه

وبتقولها فى وشنا كدة

ههههههههههههههههههههههههههه

يا سيدى بكرة تفرج

ههههههههههههههههههههههههههههههه

(09-17-2011, 09:39 PM)الحوت الأبيض كتب:  أدرك يا بهجت حرصك على مصر ومستقبلها وأتفهم ما تتكلم عنه، لكنني أرى (ولا أدعي خبرة أو امتلاك الحقيقة لكن لي رأي) أن المجلس العسكري يود إبقاء النظام كما كان مع بعض التعديلات الشكلية... لنترك السياسة جانبا ونتكلم عن الاقتصاد، لا أظن أن الأرباح الهائلة التي حصدها أحمد عز أو غيره هي وضع طبيعي بل هي نتيجة لفساد استمر لسنوات ولا أظن أن على هذا الوضع أن يستمر للحفاظ على "الاستقرار". يجب التعامل مع المسألة بحذر شديد لكن لا بد من التعامل مع هذه الإشكالية.

على فكرة قرأت في مكان ما أن دراسة وجدت أن نصف الإضرابات العمالية هي للمطالبة "بتدوير" العجلة الاقتصادية، بمعنى أن بعض رجال الأعمال الذين حصلوا على أراضي دولة بأسعار بخسة وأقاموا عليها مصانع يحاولون افتعال أزمات اقتصادية فيها ولا يشغلونها كي يعلنون الإفلاس تحضيرا لبيعها عقارا وحصد ربح سريع... لا أقول بأن هذا هو سبب تراجع الاقتصاد لكن ربما لمثل هذه الأمور دور فيها... وهذا يذكرني بأمور شبيهة حدثت في الأرجنتين في أزمة عام 2002/3 مما جعل بعض العمال يسيطرون على المصانع وتشغيلها بطريقة التعاونية cooperative مما ساهم بعض الشيء بتحسين الوضع (لكن لا تزال هنالك مشاكل)... لا أدري مدى تفشي مثل هذه الظواهر لكن يجب إجراء تحقيقات ودراسات حول الموضوع والتعامل بحزم معها.

لسنا في مصر وحدنا من واجه تلك المشكلة ،و التي يمكن توصيفها بأن الثروة توجد في يد أعداء النظام الجديد ،وهؤلاء يطلق عليهم أخلاقيا أو سياسيا لصوصا و أعداء الشعب . المعضلة هي أننا نريد الثروة و لكننا لا نريد أصحابها . هذه الثروة عادة لا يمكن الحصول عليها منفصلة ،و بدون مساعدة أو التصالح مع أصحابها . هناك مدخلان لهذه المعضلة ، هناك شعوب ناضجة حكمت العقل ووجدت حلآ ولو على حساب العدل المطلق و لكنه المفقر ، وهناك شعوب أخرى تفتقد الحكمة سعت إلى الإنتقام و الفقر معا . الحل الأول أمكن تحقيقه بشكل ناجح خلال لجنة الحقيقة و المصارحة Truth and reconciliation commission كما حدث في جنوب إفريقيا و تحت قيادة الأسطورة " نيلسون مانديللا " ،و غيرها من الدول أيضا ( حوالي 20 دولة ) مثل كولومبيا و شيلي و الفليبين ... الخ . و التي تعتمد على إقرار المسؤولين السابقين بذنوبهم و إعادة الأموال المنهوبة في مقابل عفو رئاسي ،و هكذا أمكن بناء نظاما جديدآ شعبيا عادلآ ،و أيضا الإحتفاظ بالثروة القومية بل و تنميتها ، هذه الثروة التي لا يمكن بنائها في سهولة في عالم تنافسي يزداد تعقيدآ . في المقابل هناك الحل الثاني وهو حل يعتمد على إثارة غريزة الجماهير و تهيجها بالشعارات ثم عدم السيطرة عليها بعد ذلك مما يحيلها لقوة مدمرة ،وهذا هو الحل الذي تتجه إليه مصر . أعلم أن المجلس الأعلى أوحى لحكومة عصام شرف بعدم ممانعته لإجراء مصالحة مع رجال الأعمال الذين لم يتورطوا في جرائم عتف ضد الشعب من أجل الحفاظ على الإنتاج و عدم هروب الأموال للخارج ،و لكن عصام شرف رفض ذلك و أحال كل الأمور للقضاء خوفا من إحالته هو للمحاكمة لاحقا كما حدث مع غيره ! . هذه هي الأرجل المرتعشة و الملابس المبتلة التي تدير البلاد الآن ،و بالتالي فعلينا أن نتوقع الأسوأ . القضاء غير مهيأ لإدارة الإقتصاد ،ولا توجد دولة واحدة في العالم حتى دولة القرود تعتمد على القضاء في اتخاذ قرارات ذات طبيعة إقتصادية ،و لكننا في مصر نفعل ذلك ليس الآن فقط بل منذ زمن مبارك ، ولهذا لم ينجح المصريون أبدآ في تاريخهم كله في صنع نهضة اقتصادية نتيجة التفكير البيروقراطي و الأخلاقي الظاهري ، هذا التداخل المرضي في وظيفة الإقتصادي و القاضي أفسدت الإقتصاد و القضاء معا .
إضرابات الموظفين و العمال الأخيرة في مصر لم تقم أبدآ من أجل الصالح العام و لكن لمطالب فئوية ، وهي تدور حول رفع الرواتب و توظيف الأبناء ( توريث جديد ) و غيرها من المطالب التي إن كانت مفهومة فهي غير مبررة مع ظروف البلد ، فبعضها يحتاج إلى ميزانية إضافية تعادل الميزانية الحالية . أخبرني أحد الضباط أنه كان موفدآ للسيطرة على اضطرابات في بنك حكومي ، و لكنه وجد كل الموظفين في حالة هياج شديد ،و هناك موظف يهدد و يرغي و يزبد قائلآ :" لازم اقتل ابن الكلب اللي جوه !" ثم يستطرد :" بقى انا دفعته آخذ 20000 جنيه وهو ياخذ 100000 " ، ففتح الضابط فاه مندهشا وقال له "والله أنا عايز أفرغ الطبنجة في راسكم انتم الإتنين " فالضابط كان دخله لا يزيد عن 2000 رغم أنه مهندس و أقدم منهما !.
من الخطأ ان يفكر الإنسان في توزيع الدخل دون أن يفكر في كيفية الحصول عليه ،و لكن هذا ما نفعله الان بالفعل و النتائج كارثية .

مع تقديري لكل الزملاء الذين تحاوروا معي في الشأن المصري ، مازلت مقتنعا بموقفي السابق يأن الكثيرين - خاصة المصريين - لا يعرفون ما يلزم عن الواقع المصري و بالأخص البيئة السياسية العالمية التي نتحرك فيها - هذا لو كنا نتحرك أساسا- ، كان موقفي الرافض بشدة للتواطئ الأمني الغريب مع مقتحمي السفارة الإسرائيلية ، و لموقف رئيس الوزراء المصري غير المسئول كلية سواء عندما كرم مقتحم السفارة ، أو عندما أدلى بتصريحه العشوائي لصحيفة تركية حول معاهدة كامبد ديفيد ، ذلك التصريح الإنطباعي المنبت الصلة عن أي موقف مدبر بالفعل ،و الذي يبدوا بمثابة لهو بمصير البلد التي لم تنتخبه يوما لأي منصب ، هذه المواقف كلها تستحق المسائلة حتى القضائي منها فهي كلها تخدم طرف واحد فقط هو إسرائيل !.
هذا هو ما يقوله محمد حسنين هيكل عن نفس الموقف يوم الثلاثاء ( اليوم ) عن التصريح السابق لعصام شرف رئيس الوزراء المصري . أما كيف يكون رئيس وزراء بهذا القصور ،و أما كيف يتطابق موقف هيكل مع موقفي فكلها أشياء طبيعية .

اقتباس:ومن قراءة لتصريحات رئيس مجلس الوزراء في هذا الموضوع, فقد أحسست بأنه لا يعرف حقائق الموضوع الذي يتكلم فيه, لا يعرف ماذا جري بالتحديد في عملية السلام, ولم يقرأ ملفاتها, ولا اطلع علي وثائقها, لكنه فيما بدا لي رجل أحس بضغط الرأي العام, وتكلم بما تكلم به للتليفزيون التركي.
وهذه عقدة العقد.
الحقائق غائبة, والناس تتكلم في غيابها بما يشعرون, أو بما يخطر لهم, وتجيء المسافة واسعة جدا بين الحقائق وبين الأقوال.

---

أتمنى من الزملاء المصريين خاصة قراءة هيكل في أهرامي الجمعة و الثلاثاء ، ثم إعادة قراءة مداخلاتي في هذا الشريط بهدوء .. لعل و عسى .

(09-21-2011, 01:01 AM)بهجت كتب:  .....هذا هو ما يقوله محمد حسنين هيكل عن نفس الموقف يوم الثلاثاء ( اليوم ) عن التصريح السابق لعصام شرف رئيس الوزراء المصري . أما كيف يكون رئيس وزراء بهذا القصور ،و أما كيف يتطابق موقف هيكل مع موقفي فكلها أشياء طبيعية .
.....

معذرة لتدخلي في شأن لا أدعي معرفة وثيقة به. لكن الاستشهاد بهيكل لترجيح رأي لا يخدم هذا الرأي بقدر ما يسيء إليه.
هذا الرجل، هيكل، أساء لمصر كثيرا حين كرس تأميم الصحافة الحرة ليبقى هو بوقا منفردا في خدمة النظام. وأغلب الظن أنه يعجز اليوم عن فهم ما يجري حوله.

(09-21-2011, 04:50 AM)أبو نواس كتب:  .....................

معذرة لتدخلي في شأن لا أدعي معرفة وثيقة به. لكن الاستشهاد بهيكل لترجيح رأي لا يخدم هذا الرأي بقدر ما يسيء إليه.
هذا الرجل، هيكل، أساء لمصر كثيرا حين كرس تأميم الصحافة الحرة ليبقى هو بوقا منفردا في خدمة النظام. وأغلب الظن أنه يعجز اليوم عن فهم ما يجري حوله.

مرحبا .
هذه مراجعة جيدة على ضوء إعتبارين .
1- موقفي السابق السلبي تجاه هبكل .
2-أخطاء هيكل السياسية خاصة في تحليل حوادث 11 سبتمبر .
و لكني أختلف معك في أن هيكل كان مسئولا عن تأميم الصحافة ، فالتأميم كان سمة عصر عبد الناصر . كان عبد الناصر – كمعظم زعماء العالم الثالث – أثناء بحثه عن طريق للتنمية الثورية متأثرآ بالفلسفة الماركسية وممارسات الدول الشيوعية ،و بالتالي كان يرى أن السلطة الشعبية الحاكمة تستولى على كافة السلطات و توظفها بشكل مركزي لصالح المشروع الثوري . بالطبع لا أناقش هنا مدى الصواب أو الخطأ في الفكر الماركسي و تطبيقاته أو أدبيات الطريق الثالث في المجتمع مابعد الكولونيالي . فقط أوضح حجم هيكل المحدود في زمن عبد الناصر كمنفذ للسياسات و ليس صانعا لها ،وذلك عكس الإنطباع السائد بأن هيكل كان شريكا لعبد الناصر في نظامه و هو الأمر الذي رسخه هيكل نفسه !.
لا أتعامل مع هيكل و غيره من الكتاب و المفكرين و السياسيين بأسلوب ON-OFFولكن بأسلوب انتقائي ، خاصة أني حاورت بعضهم – كهيكل و عبد المنعم سعيد و عادل حمودة و صلاح عيسى و حمدين صباحي وأيمن نور .... - بشكل شخصي و بالتالي تولدت لدي غريزة إنتقائية حيالهم ، ماذا آخذ وماذا أترك .
أنا حذر جدا في التسليم لهيكل بطروحاته التأسيسية ، ولعلي في هذا متأثر بيوسف إدريس ، الذي كان يروي لنا ضاحكا أنه بمجرد أن تسلم لهيكل بالقبلة الأولى ستنتهي " في حجره " ، أعتقد أن معرفتي الطويلة بكتابات هيكل ( قرأت كل كتبه و مقالاته) تجعلني خبيرا به ، هذا لو كان هناك من هو خبير بهيكل !.
شخصيا أميل لمعارضة هيكل أكثر من الإتفاق معه ، في المقابل أستفيد من شبكة الإتصالات الكبيرة لهيكل و علاقاته المتشعبة ، و غالبا أقرأ ما بين السطور أكثر من السطور نفسها . هيكل – رغم سنه - هو أوفر الكتاب المصريين نشاطآ و أقواهم علاقات ، و بالتالي فآرائه خاصة الآن ومنذ ابتعاده عن صانع القرار المصري تعكس الآراء المتداولة بين نخبة من المفكرين في بريطانيا تحديدآ و مصر و العرب . هيكل قادم من بريطانيا الآن و له هناك شبكة علاقات واسعة جدا بين السياسيين و الصحفيين ، و عندما قرأت حديثه في الأهرام كنت أرهف السمع لمعرفة ما يقولونه خلف الأبواب عن مصر في لندن حيث " يرمون ودنا في كل من العالم " أي يعرفون دبة النملة كما يقولون .
أما عن معرفة هيكل بما يدور حوله ، فهل تعتقد حقآ أن سعي الصحف الكبرى كالأهرام و الفضائيات التلفزيونية كالجزيرة و غيرها للحصول على أحاديث من هيكل هو نتيجة عدم درايته أم نتيجة خبرته الواسعة و معلوماته المعمقة . أتذكر الآن لقائين ؛ الأول لقاء قديم بهيكل في منزله الريفي مصطحبا المرحوم فرج فوده منذ سنوات بعيدة ،و المدهش أنه تذكر أنه شاهدني من قبل محددآ بدقة المناسبة ، رغم أنه كان لقاءا عابرا ،و رغم أني وقتها كنت أرتدي زيا عسكريا وفي مكان جد مختلف ، و أتذكر لقاء آخر جمعني ب "فولكهارد فيندفور" عميد المراسلين الصحفيين بالقاهرة، ومدير مكتب مجلة ديرشبيجل ، عندما تعجبت من اهتمامه بهيكل الثمانيني وقتها أجابني مبتسما أنه يتمنى أن يمتلك ذاكرته !. أؤكد لك اني شخصيا لا أميل لهيكل حتى وهو في قمة تألقه زمن عبد الناصر ،و لكني لست من الغفلة حتى أتجاهله .
يبقى أن أخبرك أن هيكل -الذي لا يعلم ما يدور حوله - هو الذي أجرى من منزله الإتصالات التي انتهت بتعيين أمين عام جامعة الدول العربية منذ أسابيع قليلة .

---

* بالمناسبة يرتبط هيكل بعلاقة نسب بنبيل العربي .

عودة .
حتى لا أشغل شريط الزميل فضل عن تصريحات وزير الداخلية المصري ، سأضع هنا مداخلاتي حول نفس الموضوع لأنها تتكامل مع هذا الشريط .
المداخلة الأولى حول تصريح الوزير التي توعد فيها مقتحمي الوزارة .



من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام .

أفلح إن صدق.

و لكنه لن يفعل شيئا ، حتى لو ركبوا على أنفاسه .
طالما كانت سلطة الدولة " العسكرية " تقبل أن تنفصل محافظة و تقطع الطريق ،و تتوسل على إيقاف حرق الكنائس بمن حرض على الفعل ذاته ، و تحذر من ينتهك القانون بالقسوة الصارمة ثم تفر من الميدان و تتخلى عن سيادة الدولة على ميادينها و شوارعها للصبية و البلطجية .
طالما ارتعدت فرائص الدولة من الصبية و اللصوص و البلطجية و نسوان الشرابية و تسمى حارقي أقسام الشرطة و السجون شهداء تستجدي رضا أهلهم بالرشاوى ، بينما تحاكم من يؤدي واجبه و يحمى ممتلكات الدولة ورموز سيادتها .
طالما كان هناك رئيس وزراء مثل عصام شرف يكرم من ينتهك شرف الدولة و يحاكم من يؤدي واجبه ، و يلحس أعتاب ألتراس الأهلي و صبية دوران شبرا .
طالما كان هناك ملتاسون يختلط في عقولهم إنزال علم من فوق سفارة في مصر وبين إنزال نفس العلم من العاصمة (الأبدية) في القدس !.و لا يفرقون بين اقتحام دفاعات العدو و بين اقتحام " مدفوع الثمن " للسفارات الأجنبية في بلدهم " ذات سيادة " ، من يهددون بإغلاق قناة السويس و ليس ميناء إيلات .
طالما كان هناك الإعلام المصري الذي يتملق مشاعر الدهماء مسلوبي الوعي ،ولا يكف عن التدليس و نفاق الحكام حتى لو كان قردآ بصديري .
طالما ظلت الدولة رخوة متهدلة تقسو على المخلصين و تنافق الخارجين على القانون ،وهذا هو حالها منذ عهد السادات حتى هذه اللحظة .
فلا أتوقع خيرا من الحكومة ولا مدعي الثورة ولا النظام الجديد ولا القديم ولا الآتي .
لا أتوقع خيرا من حكام مصر الآن أو في الماضي أو متأسلمي المستقبل .
من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام .

---

المداخلة الثانية .
رد على زميل يستنكر ردي على الوزير !.

أنا تاج العلاء في مفرق الشرق
ودراته فرائد عقدي
إن مجدي في الأوليات عريق
من له مثل أولياتي ومجدي
أنا إن قدر الإله مماتي
لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي
ما رماني رام وراح سليماً
من قديم عناية الله جنده
كم بغت دولة عليّ وجارت
ثم زالت وتلك عقبى التحدي
إنني حرة كسرت قيودي
رغم أنف العدا وقطعت قيدي
أتراني وقد طويت حياتي
في مراس لم أبلغ اليوم رشدي

لست أفهم مم أنت غاضب .
أنت كما أعرف إسرائيلي من أصل عربي تعيش في دولة عنصرية معادية لك كأصولي إسلامي ، هذا كله مفهوم ولكنه لا يفسر غضبك ولا استهدافك مصريا يتحدث عن مصلحة وطنه في قضية أمنية لا علاقة لها بك من قريب أو بعيد ولا تعرف عنها شيئا البتة !.
لا أثق كثيرا بالغاضبين فهم عادة يسقطون عالمهم الخاص على الآخرين . رغم هذا سأوضح لك بعض الأشياء مؤكدا من البداية أنك – بصراحة – غير مقصود بالرد ، بل هي فرصة كي أوضح بعض الحقائق للزملاء ،و لكني قد اعود إليك في النهاية .
بداية سأعيد تركيب الصورة كي تكون واضحة و نعرف عن أي شيء نتحدث ، فكون الإنسان أصوليا لا يعني أنه لا يفهم سوى أوهامه الخاصة ، أو هذا ما يجب .
1- خلال الفترة من 25 يناير حتى 11 فبراير قام الشعب المصري كله بانتفاضة ثورية موفقة بل مثالية ، أدت إلى سقوط نظام فاسد متعفن – كغيره من أنظمة المنطقة - و من ثم محاكمة أقطاب هذا النظام . بهذا تحققت الأهداف الإتفاقية و بدأت الإجتهادات المتعددة للقوى الشعبية المختلفة ،وهذا شيء طبيعي و متوقع بعد نجاح ( الثورات ) . و الأمر كله مصري بلا أي بعد عربي و لا إسلامي ، ولو تعاطف معنا بعض العرب أو كلهم فهذا شيء متوقع أيضا ،و لكنه لا يجعل من العرب ولا الإسرائيليين ولا الإسلاميين شركاء لنا في وطننا و شؤونه .
2- الفترة من مارس حتى اليوم هي فترة انتقالية تمهيدا لإنتخابات يجري الإعداد لها بالفعل ،و ستنتهي بتشكيل مجلس نيابي و انتخاب رئيس جديد و إقامة نظام جديد تماما بناء على دستور سيعد وفقا لقواعد يجري التشاور حولها .
3- يقود المجلس الأعلى للقوات المسلحة البلاد خلال الفترة الانتقالية و منذ سقوط النظام السابق بصفته رأس القوات المسلحة وهي القوى الوحيدة المتماسكة ، يعاونه وزارة معينة يرأسها شخص مرشح من قوى الثورة . نحن إذا أمام حالة ضرورة للحفاظ على بقاء دولة مصر ( أتمنى ألا يغضب أحدكم بقاء الدولة المصرية! ) .
4- خلال الفترة الإنتقالية تلك هناك موقفان ، الأحزاب القائمة و القوى الإسلامية تسعى إلى التهدئة من أجل بناء قاعدة إنتخابية و تحالفات تمكنها من الوصول إلى السلطة ، بينما تسعى التحالفات الشبابية إلى استمرار التظاهرات و الإعتصامات لتحقيق أهدافها خاصة أنها بلا فرصة تذكر في الوصول إلى المجلس النيابي ، أي باختصار هناك شباب يشعر أنه صنع الثورة و لكن الديمقراطية التي طالب بها ستحرمه من جني الثمار !. هناك دعم شعبي قوي للإتجاه الأول سعيا إلى الإستقرار و الأمن و عودة الحياة الطبيعية . هذا الدعم عبر عنه نتائج الإستفتاء و المؤشرات الميدانية ( مليونية الإسلاميين – نتائج الإنتخابات في النقابات و .... ) .و النتيجة أن تحالفات الشباب بدأت تدرك ما نصحناه بها منذ شهر فبراير وهو أن تعد نفسها للعمل السياسي الديمقراطي ، و تعلن ذلك كخطوة جيدة و إن كانت متأخرة كثيرا بسبب عدم تقديرهم لنصائحنا نحن المثقفون العلمانيون ،و يعلم الله كم بذلنا من جهد كي ننير لهم طريقا تخبطوا فيه طويلآ .
5- هناك قوى تصر على استمرار الفوضى و التظاهرات و الإضطرابات ، هذه القوى تشمل قلة من شباب يناير و لكن معظمها طارئ يعبر عن العشوائيات و مجهولي الإنتماء ، و الأمر لا يحتاج سوى لإلقاء تظرة على صور المتظاهرين يوم الجمعة الأسود 9/9 .
6- الخلاصة أن في مصر حالة من الفوضى التامة ،و هناك من يتحدث في العالم أن الدولة في مصر في طريقها إلى الإنهيار و أنها تفقد سيادتها على أرضها ،وهذا تحديدا ما تردده إسرائيل و دوائر اليمين الأمريكي .
7- هناك قناعة الآن بين كل المصريين الوطنيين و العقلاء بوجود خطة معدة مسبقا لخلق مواجهة بين الجيش و الشعب بنفس آلية المواجهة بين الشرطة و الشعب ،وذلك بهدف تفتيت القوات المسلحة و إغراقها في الصراع الداخلي ، و النتيجة المطلوبة ليس فقط اسقاط النظام بل اسقاط الدولة المصرية . هذه الخطة يعيها البعض تماما و لكن معظم المتورطين فيها يساقون سوقا بدون وعي ولا فهم .
8- في مواجهة هذا التحدي هناك موقفان ،موقف الحمائم و موقف الصقور . الموقف الأول هو الذي يسود أصحاب القرار ، وهو تفادي المواجهة بين الجيش و أي قوى للشارع حتى لو كان الثمن انسحاب الدولة من مناطق التوتر ، وهذا ما شاهدناه أكثر من مرة في ميدان التحرير و امبابة و ... ، ويهدف إلى عدم تورط الجيش في قتل مدنيين حتى لو كانوا مجرد بلطجية مدفوعي الأجر كما حدث أخيرا في اقتحام السفارة الإسرائيلية و غيرها من أحداث يوم الجمعة الأسود 9/9/2011 ،وهو ما أشرت إليه قبل تلك الأحداث بزمن طويل نتيجة معرفتي بتفاصيل كثيرة من الشارع مباشرة .
9- الموقف الثاني لمدرسة الوطنية المصرية التي أنتمي إليها هو ما يمكن أن يكون موقف " الصقور " ، هذا الموقف هو ما عبرت عنه في تعليقي هنا ، هذا ليس موقفا غضوبا بل هو موقف عقلاني ، و لكنه يرى أن توفير الدم على حساب السيادة هو موقف خطير يتنافى مع قيم الوطنية المصرية التي نشأنا عليها كجنود لهذا البلد ، لأنك لو وفرت قليلا من الدم اليوم على حساب السيادة سيكون الثمن بحارآ من الدم غدآ .لهذا رفضت خيار المجلس العسكري المسالم أكثر من اللازم ،و أدنت موقف رئيس الوزراء ووزير الداخلية بكل قوة .
10- نعم إنني متصلب في مسألة السيادة فلو خذلت ذراعي اليمنى وطني سأقطعها بلا تردد ،وسأسحق ابني لو تجاسر على سيادة بلاده العظيمة . مصر يابني ليست طارئة كإسرائيل و لكنها وطن يحتضن التاريخ و يصنعه و تقاس يأحداثه أحداث العالم بما في ذلك أحداث قبيلة تائهة اسمها " إسرائيل ". نحن يا بني لا نحب وطننا و نحترمه فقط .. نحن نتحد بهذا الوطن ولا نفرق بين ذواتنا ووطنا .
11- أريد أن أسأل هذا الزميل و غيره سؤالآ : " هل لو اقتحم مجهول بيتك بلا إذن هل سترحب به و تدخله على أهلك للترحاب المضاعف أم ستقتله ؟" لا أعرف حقيقة ما تفعلونه عندكم ،و لكن كن على ثقة أنه لو دخل غريب بيتي سأقتله على عتبة البيت و أمثل بجثته و سأرميها للكلاب . و سأطالب المسؤولين عن أمن الدولة و كرامتها الدفاع عن منشآت الدولة ورموزها كما ندافع على بيوتنا .
12- لم أفهم كيف تبرر اقتحام مباني الدولة و مؤسسات السيادة بغضب بعض الرعاع و اللصوص و البلطجية مدفوعي الأجر ، هل تعتقد حقا أن ذلك سبب كاف كي نسقط الدولة ؟. هل سمعت شيئا مشابها في أي مكان في العالم ، هل تفعلون شيئا مشابها في إسرائيل أو حتى في مناطق السلطة الفلسطينية ؟. هل تسامحت بريطانيا مع اللصوص و تركت لهم وزارة الداخلية كي يحرقونها " فداهم 100 مرة " ، هل بلادكم غالية عليكم و بلادنا تهون في أعينكم ؟!. ثق أننا سنقتلع تلك العيون التي لا تعرف أن لبلادنا حرمة و أن مصر ستبقى رغم أمانيكم المريضة.. دولة .طالما بقينا هنا ستبقى مصر دولة ذات سيادة !.

"مصر كلها الآن في خطر سواء بسبب أطماع الخارج أو بسبب خواء الداخل"

الفراغ الأمني و السيادة .

هناك من يحاول القفز على الحقائق و إنكار أن الوضع الأمني في مصر غاية في الخطورة .
من يفعل ذلك إما جاهل بما يحدث في البلد أو مكابر غليظ العقل و القلب .
1- لن أتحدث عن مقالات في صحف ديماجوجية أنتقيها حسب رغبة لا يعلم سوى الله مدى كراهيتها لوطن أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف ،و لكني أتحدث عن وقائع يعلمها الجميع ، و ممارسة يومية في شوارع مصر و ريفها و حضرها .
2- عينة بسيطة لحوادث أمنية قريبة تنتهك ليس فقط أمن المواطن بل سيادة الدولة .
محاولة اقتحام السفارة السعودية !- محاولة اقتحام وزارة الداخلية و حرقها – اقتحام السفارة الإسرائيلية – الإستيلاء على أجزاء من سيناء و إعلان إمارة إسلامية – عزل محافظة قنا و قطع خط سكة الحديد بالصعيد – محاولة الإستيلاء على قيادة القوات البحرية بالإسكندرية – تفجير خط الغاز المصري في سيناء 4-5 مرات متتالية بلا رادع - استخدام سيناء قاعدة لمهاجمة إيلات الإسرائيلية دون علم القيادة المصرية و بالطبع دون إذنها – محاولة مهاجمة قيادة القوات المسلحة مما أدى لمهزلة العباسية - رفع الأعلام السعودية في ميدان التحرير !-إغلاق مجمع التحرير و التهديد باغلاق قناة السويس – التهديد بالإستيلاء على محطات الكهرباء و المياه – التهديد بالإستيلاء على البورصة المصرية – الإقتحام المتتالي لأقسام الشرطة و المحاكم و سرقة السلاح و حرقها - إحرق الكنائس المصرية و التي بلغت 5 في أسبوع واحد – حوادث البلطجة في شوارع مصر في عز النهار و التي طالت حتى المشاهير دون رادع -.... هناك المئات من تلك الأمثلة يعلمها الجميع و يمكن لمن شاء البحث عنها في الشبكة .
3- أسباب الفراغ الأمني كما أراها هي :السلوكيات الفوضوية للشارع المصري نتيجة مباشرة لثقافة " ثورة الشباب " الإعتباطية - فساد جهاز الشرطة - سوء إدارة السلطات العليا للدولة و خوفها المرضي من استخدام القوة لفرض سيادة الدولة .
4- الكارثة الأمنية البالغة ليست رؤية خاصة بل هي موضوع لمعظم الحوارات الجادة سواء في البرامج الحوارية أو بين النخب المثقفة في مصر ، و آثارها أخطر مما يتصور الشباب اللاهي على المقاهي ، فهناك بلايين الدولارات تفر من بلد الندرة كمصر ،و هناك المصانع التي تغلق و الإنتاج الذي توقف تقريبا ، فالأمن هو الباب الذهبي للإنتعاش الإقتصادي ،و لن يتسع العالم للشباب المصري الذي يفكر في الهرب إلى الخارج ، فالعالم لا حاجة له ب85 مليون مصري دفعة واحدة ثلثهم تقريبا أمي ! .
5- هناك من يرى عدم الإهتمام بما نكتب هنا و أن تقتصر معرفتنا على (بعض) الصحف المصرية ، في نفس الوقت يعطي لنفسه الحق في رفض مالا يناسبه مما جاء في الصحف المصرية ذاتها ، مثل استطلاع الراي الذي يكشف انصراف الناس عما بقى من جماعات التحرير ،و رغبتهم في توفير الأمان و الإستقرار و الإهتمام بالعمل السياسي السلمي بعيدا عن تهريج الصبية . حسنا سأعترف بأن الإعلام المصري الآن مجرد " غارة من الديماجوجية " و لكن كله و ليس بعضه . يبقى أن نادي الفكر كغيره من المنتديات يرتكز على ( بعض ) المثقفين المتميزين و يعطيهم ثقته و دعمه ، هذه هبة إلهية لا يمكن طمسها بكل مفردات الحقد ! .
6- حسنا لماذا لا نجهد أنفسنا قليلآ ونقرأ ما تكتبه الصحف و الدوريات العالمية المتخصصة عن مصر الآن ، وبواسطة بعض من كبار المتخصصين . سنذهب لنقرأ ما كتبه كاتبان مهمان في موضوع واحد خلال يومين متتاليين, فإن ذلك لا يعد عادة من قبيل الصدفة وإنما يعد تعبيرا عن قلق عميق لا يمكن تجاهله. الأول هو دانييل كيرتزر مساعد وزير الخارجية الأمريكية الأسبق والسفير السابق في مصر وإسرائيل, والأستاذ الزائر الآن في مدرسة وودرو ويلسون للشئون العامة والدولية في جامعة برنستون الشهيرة. والثاني روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني. الأول نشر مقالا علي موقع مجلة ز س ز- س مقالا آخر في مجلة تقرير جيروزاليم (القدس) بعنوان العلاقات المصرية- الإسرائيلية معلقة بخيط رفيع .
" العناوين كما تري متشابهة, وهي ليست مجرد عناوين للمقالات بل هي انعكاسات لمناخ كامل يصور مصر ليس كدولة تمر بمرحلة ثورة بكل ما يعنيه ذلك من انعكاسات, وإنما باعتبارها دولة منهارة وعاجزة عن السيطرة علي نفسها أولا, وعلي حدودها ثانية. وفي هذه الأخيرة تأتي العلاقات مع إسرائيل واتفاقية السلام المصرية- الإسرائيلية. المسألتان هنا مترابطان, فالضعف المصري-كما يقال- يفتح الأبواب لسيطرة جماعات متطرفة, ومع سيطرة هذه الأخيرة تفتح أبواب أوسع كما يجري في تصريحات ملتهبة تصدر ممن لا يتحملون مسئولية تاريخية لكي تمهد الطريق لجماعات عدوانية علي الجانب الآخر.
نقطة التركيز ليست كل مصر, وإنما بشكل أساسي سيناء, وبعد تصوير تكوين حلف ما بين البدو وX X لم يتم النطق به. المؤكد أن هناك طرقا أخري, أولها أن نعيد النظر في البروتوكولات الأمنية لكي تكفل حماية سيناء, وثانيها تعمير سيناء فورا ودون تباطؤ, وثالثها أن تقف الفوضي الداخلية لأن مصر كلها الآن في خطر سواء بسبب أطماع الخارج أو بسبب خواء الداخل ."

المليونيات و الاقتصاد المصري .!

هذه المداخلة مخصصة لموضوعين ؛ الأول هو ضبط الساعات ! ،و الثاني هو ضبط العقول .
ضبط الساعات .
بالطبع لا علاقة لي بالتوقيتات الصيفية و الشتوية ، و لكن بالتوقيت السياسي الذي تتداخل أزمانه في عقول بعض المشاركين العرب و المصريين . هناك مجموعة من السمات مشتركة في الحراك السياسي العربي و لكن هذا لا يعني أن كل الانتفاضات العربية لها نفس الطبيعة و تمر بنفس المرحلة ، ففي تونس و مصر هناك انتفاضة ناجحة غيرت النظام القائم أو على الأقل قادته ،و ساقتهم إلى المحاكمة ، وتستعد مصر لانتخابات نيابية جديدة خارج نظام يوليو و لأول مرة منذ 59 سنة ، و بالتالي فمصر تمر الآن بنهاية مرحلة انتقالية ذات أجندة محددة للتحول الديمقراطي ، وسواءً جائت النتائج محققة للآمال أم محبطة فهي في النهاية إرادة الشعب ،و تلك هي الديمقراطية التي تطالب بها الإنتفاضات العربية . الثورة على النظام الإنتقالي القائم في مصر الآن تعني إيقاف آليات التحول الديمقراطي في الحد الأدنى و تدمير مدبر أو اعتباطي للدولة المصرية في الحد الأعلى ، و كلاهما هدف ليس مصريا بل هدف مريب مدفوع الأجر للبعض ممسوح العقل لآخرين . هناك بعض العرب يسقط أوضاعه المحلية على مصر غافلآ عن فرق التوقيت و المكان فيعتقد أنه في ميدان التحرير فبراير 2011 ، فتأخذه الحماس معتقدآ أن مبارك مازال في قصر الرئاسة و أنه سيسقطه بصراخ حماسي في نادي الفكر !.يا أحبائي .. مصر أنهت شهر فبراير في 11 منه ،و لكن بعض الإنتفاضات العربية مازالت في شهر فبراير ، فالسوريون يناضلون ببسالة و لكن النظام مازال قائما نتيجة انحياز الجيش له ، و اليمنيون أيضا يشاركونهم نفس الموقف ، بينما الليبيون طاروا من إرهاصات فبراير المحبطة إلى خط النهاية مباشرة على طائرات الناتو ، هناك مجتمعات أسقطت كل أشهر يناير و فبراير من الرزنامة ، و هناك مجتمعات عاشت تلك الأشهر منذ سنوات في ربيع ديمقراطي ثم بكته كالجزائر و العراق و لبنان و الفلسطينيين . يبقى أن بعض الزملاء مازالوا يعيشون فبراير لا يبرحونه ، و بينما اللافتات الإنتخابية بدأت تغزو شوارع القاهرة نراهم يصرون على مليونية ما ، فهم لا لافتات لهم ولا أصوات سوى صراخ حناجرهم . الأمر كما نرى مجرد ساعات لا تعمل و حناجر تفكر و أماكن مختلطة ،و نحن وحدنا مطالبون بدفع الثمن أو سماع الهتافات الضائعة :" هوه يمشي مش هانمشي " و هو "مشى" بالفعل و لم يبق سوانا ،و نحن لن ننتخب من أفسد الاقتصاد و أدمن المخدرات .
ضبط العقول .
نحن في عصر الاقتصاد و لا قيمة لشعب يتسول ولا ينتج ، ولكن هناك من يرى أن " الفقر مع حرق البلد أفضل من الغنى بدون حرائق ملعلعة !" ، لهذا أصبحوا متخصصين في المليونيات و إهدار الفرص و جلب الخراب المستعجل لبلد أمِن لهم فخانوه ،و شعب وثق بهم فياعوه .
جاءت الإنتفاضة بفرصة ذهبية للاقتصاد المصري , فالسعوديون عرضوا أربعة مليارات دولار, ومجموعة الثمانية عرضت علينا مع دول عربية أخري عشرين مليارا, أما قطر فعرضت علي مصر عشرة مليارات, وكذلك اقترحت دول أوروبية وعربية أخري. وحينما تسأل المستثمرين عن كل ذلك, تكون الإجابة السريعة هي كيف يمكن الاستثمار ومصر بهذه الحالة من عدم الاستقرار ما بين مليونية وأخري.
" الجميل في الأمر أن بعضا من هذه الأموال استثمارات حقيقية, فالأموال القطرية مثلا منها تسعة مليارات ونصف لتوسيع قناة السويس حتي تمر ناقلات الغاز والنفط العملاقة. هذه فرصة تاريخية لأنها تعني فتح الأبواب لتنمية منطقة قناة السويس كلها علي الشاطئين الشرقي والغربي لكي تخدم أكبر حركة للنقل البحري في العالم بما فيه من طاقة وتكرير وتجارة وتخزين وإعادة تصنيع وتجميع واستيراد وتصدير. فهل تضيع الفرصة هذه المرة أيضا بينما نحن مشغولون بمليونيات لا تنتهي تجعلنا دائما ضمن صفوف الدول النامية التي نعتز بالبقاء بين صفوفها!."

إنجازات مليونيات الشباب بتوع التحرير
الأهرام 29/9/2011
حذر تقرير اقتصادي لاتحاد المستثمرين ـ سيتم رفعه الي الحكومة خلال ساعات ـ من خطورة الاوضاع الاقتصادية‏,‏ وتوقف نحو‏850‏ مصنعا بالمدن الجديدة بعد ثورة ‏25‏ يناير‏.الي جانب نحو205 مصانع علي وشك التوقف هي الاخري. مشددا علي ان تأثير ذلك علي كيان الدولة سيكون خطيرا, وسيؤدي الي تشريد عشرات الآلاف من العمال لينضموا الي ملايين العاطلين الذين وصل عددهم الآن إلي نحو7 ملايين عاطل.
ووجه الاتحاد المصري للمستثمرين نداء إلي المجلس الاعلي للقوات المسلحة, يطالبه باتخاذ خطوات صارمة ضد التهديد المستمر للاستثمارات من قبل بعض البلطجية والخارجين عن القانون, و الذي امتد إلي المدن الصناعية الجديدة التي تشهد الآن انفلاتا امنيا وعمليات خطف ونهب وسرقات من عصابات منظمة, تستهدف الترويع وهز استقرار الدولة المصرية التي تعيش مرحلة تحول نحو الديمقراطية والحرية. ودعا الاتحاد في ندائه الذي اطلقه أمس الأول خلال اجتماع عاصف حضره رؤساء ووممثلو جمعيات المستثمرين علي مستوي الجمهورية إلي ضرورة التدخل العاجل من المجلس الأعلي للقوات المسلحة لحماية الاستثمارات في المنطقة الصناعية بوسط سيناء, التي تعاني من اعتداءات عصابات مسلحة وبلطجية تهدد توقف مصانعها نهائيا. وادت الي هروب المستثمرين والخبراء الاجانب من المدن الجديدة خلال الفترة الاخيرة.
وابدي اعضاء الاتحاد برئاسة السيد محمد فريد خميس استعداداهم للمشاركة مع وزارة الداخلية في تقديم الدعم المالي لجلب المعدات والاجهزة من سيارات وغيرها لحماية المدن الصناعية التي تمثل عصب الاقتصاد المصري في هذه المرحلة الخطيرة.. ووجه اعضاء اتحاد المستثمرين الذي يضم في عضويته نحو50 جمعية استثمار بالمدن والمناطق الصناعية تحذيرا الي الحكومة بضرورة قيامها باتخاذ اجراءات فورية وعاجلة لمساعدة الاستثمار وتهيئة المناخ للصناعة المصرية مطالبين بضرورة عودة وزارة التعمير والاسكان والمرافق ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بإعادة ترفيق الاراضي الصناعية بعد موجات الاستغلال من قبل المطورين الصناعيين.
وقال اعضاء الاتحاد انهم يطالبون حكومة الدكتور عصام شرف, وهي حكومة ثورة في المقام الاول, بالوقوف بكل حزم وقوة ضد عصابات التهريب للمنتجات الاجنبية, والتي تسببت بعد الثورة في اغلاق العشرات من المصانع والشركات المصرية, وهذه العصابات تستغل الاتفاقيات الموقعة مع الدول العربية مثل اتفاقية تيسير التجارة العربية التي استغلت اسوأ استغلال لتدمير صناعات عديدة علي رأسها صناعة الغزل والنسيج.