توفي أمس
ابن سوريا البار محمد عبد اللطيف الكريم جندلي* المعروف عالميا باسم ستيف جوبز، دون شك إحدى الشخصيات الأكثر تأثيرا على عالم التكنولوجيا وقد واكب عصر الحاسوب مذ كان الحاسوب شيئا ضخما يستخدم في الجامعات والصناعة وكان من رواد استخدام ما يسمى بالـ Microcomputer مقابل الـ Mainframe مما أتاح الاستخدام المنزلي للحاسوب.
اهتم جوبز منذ صغره بالحواسيب وكان عضوا في ناد يمكننا تسميته "نادي تخمير الحواسيب بيتيا" تجمع فيه عدد من هواة الحوسبة... أحد أعضاء النادي كان ستيف وزنياك (برأيي عبقري لم يأخذ حقه بالتقدير) الذي أثار اهتمام جوبز عندما استعرض حاسوبا صنعه بنفسه فعرض عليه جوبز إقامة شركة لصنع الحواسيب وبدأت شركة أبل مرأب بيت أهل جوبز وكان شريكهم الثالث رونالد وين الذي باع أسهمه لاحقا مقابل 2300$ (لي إحساس أنه تحسر على هذه الخطوة لاحقا). وعندما سجلت الشركة عام 1977 كان لها شريكان فقط (جوبز ووزنياك).
أول إصدار للشركة كان حاسوب أبل I الذي بيع منه حوالي 200 وحدة. كان سعره 666.66$ وقد صممه ستيف وزنياك عتادا ونظام تشغيل بالكامل بالإضافة إلى أنه بنى كل وحدة بيديه. لاحقا أصدر حاسوب أبل II الذي كان أول حاسوب شخصي لقي نجاحا واسعا.
صورة لحاسوب أبل I
لاحقا سيقنع جوبز ديفيد سكالي (مدير ببسي) بالانضمام إلى شركته بمقولته الشهيرة "هل ترغب بالاستمرار ببيع ماء محلى أم أنك تريد أن تغير العالم". لكن خلافات بينهما بعد سنوات أدت إلى خروج جوبز من الشركة، بعد تركه لأبل أسس جوبز شركة نكست التي أحضرت للعالم نكست كيوب (حاسوبا اعتبر في حينه "فيراري الحواسيب الشخصية") ونكست ستب (تطورت لاحقا إلى كوكوا) ونظام تشغيل اعتمد فيه على نظام بي إس دي (الذي يتيح قانونيا استخدام كوده المصدري لأي غاية).
كما أنه اشترى فرع الرسوميات من لوكاس فيلمز وأسماها بيكسار، الشركة التي نجحت بقلب مفاهيم الرسوم المتحركة منذ التسعينات.
شركة أبل وبعد فترة من الركود أوصلتها إلى خطر الإفلاس قامت بشراء نكست وأصبح جوبز مديرها الجديد وحولها من شركة على حافة الإفلاس إلى إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم بواسطة سلسلة من المنتوجات الناجحة (أيماك، ماكبوك، أيبود، أيفون، أيتونز، ماكبوك إير، أيباد) والأهم من ذلك أنه نجح بجعل اسم أبل رديفا للمنتوج الرائع.
لم يكن جوبز عبقريا في الحوسبة والبرمجة لكنه كان رجل تسويق وإدارة لامع ورغم ما يقال عن صعوبة مراسه وأسلوبه بمعاملة موظفيه إلا أنه نجح بتشخيص الموهوبين وإقناعهم بالتعاون معه (وزنياك، سكالي، ولاحقا جوني آيف الذي ساهم في منتجات مثل أيماك، ماكبوك، أيبود، أيفون، أيتونز، ماكبوك إير، أيباد وحتى تيم كوك له مساهمات مهمة بتشخيص تكنولوجيات واعدة وإدماجها بمنتوجات أبل).
مرض جوبز "بنوع نادر من سرطان البنكرياس" عام 2004 ومنحه الأطباء عدة أشهر ليعيش - حسبما قال لاحقا في خطاب بتخريج طلاب جامعة ستانفورد - لكنه بإصراره (وأشك وإن كنت لا أجزم بعض العلاج الطبي) بالصمود حتى خذله جسمه أمس.
بصراحة أنا كل حياتي عشتها أكره ستيف جوبز كرها ما بعده كره، وأحقد على أبل وأرفض أن ألمس أيا من منتجاتها. لكن أمس حين سمعت خبر وفاته لم يسعني إلا أن أحني هامتي أمام هذه الشخصية التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، وسأذكر دوما تمسكه بالحياة وإصراره الدؤوب على إحداث تغيير في العالم.
نختتم بهذا الكولاج الجميل، الشريط الصوتي على فكرة هي أغنية بوب ديلن ستجعلني أشعر بالوحدة حين ترحل (قال جوبز يوما أنه يفكر عن العالم بواسطة مصطلحات من أغاني البيتلز وبوب ديلن).
--------------------------
* أعتذر عن هذه المزحة في مثل هذا الموضوع الحزين.