هل أشار القرآن ولو بكلمة أن عقل الإنسان هو في رأسه وليس في قلبه
كثيرا ما كنت أقرأ آيات القرآن التي تعتبر أن الإنسان يفكر بقلبه لا بمخه فكنت أعتبرها من التعبيرات الشعرية ليس إلا، مثال ذلك الآيات التي تتحدث عن إلقاء الرعب في قلوب الكافرين أو عن أن الله قد ختم على قلوبهم فلا يعقلون (آل عمران 151 – الأعراف 101 – يونس 74 – الروم 59) وغيرها من الآيات، إلا أنني وجدت الآيتين التاليتين تتحدثان صراحة أن مركز التفكير واتخاذ القرار في الإنسان هو القلب (وليس العقل أو المخ).
الآية الأولى هي الآية 179 من سورة الأعراف:
(ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس
لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)
الآية الثانية هي الآية 46 من سورة الحج:
(أفلم يسيروا في الأرض فتكون
لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)
# الفكر الحر : لذلك يرددون ( القران محفوظ في الصدور ) أو ( تحفظه الامة في صدورها ) ... !
فالآيتان تتحدثان عن أن الإنسان يفقه بقلبه ، تماما كما يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه.
كذلك هناك الآية الأولى من سورة الشرح:
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
فالآية ورد في تفسيرها القصة الشهيرة الواردة بالصحيحين عن جبريل الذي أخرج قلب الرسول وغسله بماء زمزم وملأه بالحكمة والأيمان وذلك قبل أن يسري به في ليلة الإسراء.
نص الحديث من صحيح البخاري:
حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجعا إذ أتاني آت فقد قال وسمعته يقول فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقول من قصه إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد
وكذلك نص الحديث من صحيح مسلم:
و حدثني حرملة بن يحيى التجيبي أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال كان أبو ذر يحدث
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم ففرج صدري ثم غسله من ماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه
فهل كان محمد والمسلمون يعتقدون بالفعل أن مركز التفكير والأيمان والقرار لدى الإنسان هو في قلبه وليس في مخه؟
للرد على هذا السؤال دعونا نستعرض ماورد بموسوعة ويكيبيديا عن تاريخ تشريح المخ:
For many millennia the function of the brain was unknown. Ancient Egyptians threw the brain away prior to the process of mummification. Ancient thinkers such as Aristotle imagined that mental activity took place in the heart
وترجمة العبارة هي أنه لعدة قرون ظلت وظيفة مخ الإنسان غير معروفة حتى أن قدماء المصريين كانوا يستخرجونه من الجثة قبل تحنيطها ويلقون به بعيدا وقد اعتبر المفكرون القدماء أمثال أرسطوطاليس أن الوظائف العقلية تتم في القلب وليس في المخ.
وتستطرد الموسوعة قائلة أنه بالرغم من أن جالين (129 – 200) كان من أوائل من اكتشفوا أن التفكير والعواطف مركزهم المخ وليس القلب، إلا أن نظريته تلك لم تر النور إلا على يد فيساليوس في عصر النهضة (القرن السادس عشر).
هناك أيضا الكثير من المقالات الشائقة عن تاريخ تشريح المخ وكيف أن الناس حتى عصر النهضة (وحتى فيما بعد ذلك) كانوا يعتقدون أن التفكير والعواطف محلهم القلب وليس العقل. يمكنك قراءة ذلك في مقالة من جامعة استانفورد بالولايات المتحدة
http://www.stanford.edu/class/history13/...brain.html
ممّا ورد نجد أن الاعتقاد السائد بين الناس حتى القرن السادس عشر كان أن التفكير والعواطف مركزهم القلب وليس المخ ونرى أن القرآن والرسول أيضا لم يخرجا كثيرا عن ذلك الاعتقاد الخاطئ
http://ladeenion1.blogspot.com/2007/05/b...06_28.html