مقال من اتجاه ثالث يتحدث عن التراشق الطائفي في مصر بين رجال الدين المسيحيين و المسلمين .
................................................................
دعوة لوقف إطلاق النيران
صحيفة الشرق القطريه الخميس 22 ذو القعدة 1432 – 20 أكتوبر 2011
دعوة لوقف إطلاق النيران – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/10...st_20.html
أدعو إلى وقف إطلاق النار بين المسلمين والأقباط في مصر.
وأقصد به الشحن التعبوي الذي يملأ النفوس بالنفور والبغض طول الوقت،
وأزعم أن كل ما ندعو إليه من جهود للإصلاح أو ترميم العلاقة بين الطرفين لن تؤتي ثمارها طالما استمرت عمليات الشحن هذه ولم نضع لها حدا.
أدري أن التعصب أصبح يعشش في أرجاء بلادنا، ومن التسطيح والخفة أن ينسب إلى طرف دون آخر، أو أن يؤرخ البعض للتعصب بظهور الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
ذلك أن بعض الأمور التي يثار من حولها الجدل الآن وتعتبر موضوعات خلافية (التمثيل في وظائف الدولة والمجالس المنتخبة مثلا) ناقشها قبل مائة عام المؤتمر المصري (انعقد في 29 أبريل سنة 1911) قبل أن تعرف مصر ظاهرة «الصحوة» أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
تحليل ظاهرة التعصب تتداخل فيه عوامل عدة تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي ليست دينية أو ثقافية فحسب، ولكنها اجتماعية وسياسية أيضا. ولأساتدة علم الاجتماع كلام كثير في هذا الصدد لا مجال للخوض فيه الآن، لأنني في الوقت الراهن معني بأمرين
أولهما التحذير من تسطيح المسألة وعدم اختزالها في سبب واحد أو فئة دون أخرى.
وثانيهما وهو الأهم هو التصدي لعوامل تأجيجية وتحويله إلى مفجر يستهلك طاقة المجتمع ويصرف الناس عما هو أهم وأعمق في حياتهم.
تعدد منابع الشحن والتعبئة المضادة التي تشيع المفاهيم المغلوطة وتزرع بذور البغض والفتنة. فمنها الموروث الشائع ومنها خطاب الدعاة والقساوسة عبر المنابر الدينية والفضائيات والمطبوعات، وبينها الثقافة السلفية المشتبكة مع كل من عدا السلفيين من مسلمين وغير مسلمين.
أدري أننا لن نستطيع في الأمد القصير أن نتصدى لكل مصادر الاحتقان، خصوصا ما كان منها موروثا تاريخيا، لكن ذلك لا يحول دون أن نفهم طبيعة تلك المصادر من ناحية، وأن نتعامل بجدية وحزم مع ما كان منها في متناول أيدينا من ناحية ثانية،
أن ثمة تركيزا على عمليات الشحن التي تصدر عن الدعاة المسلمين سواء في مواعظهم أو في القنوات الفضائية التي تعبر عنهم أو فيما يصدر عنهم من كتابات، وهذا شيء مفهوم سواء لأنه يحتل حيزا كبيرا في الفضاء الثقافي أو لأنه يعلن على الملأ. ومن المهم أن يرصد باستمرار ما يصدر عن تلك المنابر متجاوزا حدود اللياقة فيما يخص الديانات الأخرى وأن يساءل المسؤولون عن ذلك التجاوز.
من ناحية أخرى، ثمة سكوت غير مبرر على ما يصدر من تجاوزات من المنابر القبطية المماثلة، التي تسهم بدور كبير في التعبئة المضادة وتسميم الأجواء. وثمة معلومات متواترة وتسجيلات متداولة لما يردده البعض في داخل الكنائس في هذا الصدد. وثمة كتب مطبوعة ومنشورة وفضائيات يسمعها كل أحد تقدم دروسا يومية في تعميم الكراهية، وتسهم في تشكيل إدراك يؤسس للمفاصلة ورفض العيش المشترك.
مع فارق جوهري هو أن أغلب الدعاة المسلمين يحسبون على جماعاتهم ولا علاقة لهم بما نسميه المؤسسة الدينية.
حيث الباب مفتوح لكل من هب ودب أن يقول ما عنده بغير ضوابط، إلا إذا تعلق الأمر بأمن الدولة بمفهومه السياسي.
أما نظائرهم من الأقباط فإنهم لا يعتلون منابرهم إلا إذا تم ترسيمهم من قبل الكنيسة. بما يعني أنهم يمثلون المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى. لذلك فإن وقع كلامهم وتأثيره يكون أكبر وأعمق. والتصدي لهذا الموضوع ينبغي أن يتم على مستويين على الأقل،
الأول يتمثل في الموقف الحازم للمؤسسة الدينية على الجانبين،
والثاني بالتطبيق الشجاع لنص القانون الجنائي الذي يجرم ازدراء الأديان. وهو ما أدعو إلى توسيع طاقته ليشمل حتى خطاب السلفيين إذا اتسم بالتجاوز والمساس بغير المسلمين.
سوف أدهش إذا أغضب هذا الكلام أحدا، كما حدث من قبل حين أطلقت دعوى إخضاع موارد الكنائس المالية لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات تطبيقا للقانون الذي تخضع له المساجد. وأثار ذلك احتجاج شرائح واسعة من الأقباط، مع أنه ليس أكثر من دعوة لاحترام القانون وسريانه على مؤسسات المجتمع دون استثناء.
لست أشك في أن جهودا ينبغي أن تبذل لتجفيف ينابيع التعصب وتوسيع نطاق التفاعل والعيش المشترك، وأزعم أن الممارسة الديمقراطية وإحياء الحلم المشترك تحتل موقعا متقدما منها. لكن هدفا جليلا كذلك الذي نسعى إليه لن نبلغه إلا إذا قطعنا أشواطا عدة.
وأحسب أن تطهير الأجواء من الاحتقان وعوامل التسميم يحتل أولوية في ذلك المسار. فضلا عن أن خطوة من ذلك القبيل في متناول أيدينا، ولسنا مضطرين إلى انتظار إحداث تغيير سياسي واسع النطاق لإنجازها
دعوة لوقف إطلاق النيران
صحيفة الشرق القطريه الخميس 22 ذو القعدة 1432 – 20 أكتوبر 2011
دعوة لوقف إطلاق النيران – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/10...st_20.html
أدعو إلى وقف إطلاق النار بين المسلمين والأقباط في مصر.
وأقصد به الشحن التعبوي الذي يملأ النفوس بالنفور والبغض طول الوقت،
وأزعم أن كل ما ندعو إليه من جهود للإصلاح أو ترميم العلاقة بين الطرفين لن تؤتي ثمارها طالما استمرت عمليات الشحن هذه ولم نضع لها حدا.
أدري أن التعصب أصبح يعشش في أرجاء بلادنا، ومن التسطيح والخفة أن ينسب إلى طرف دون آخر، أو أن يؤرخ البعض للتعصب بظهور الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
ذلك أن بعض الأمور التي يثار من حولها الجدل الآن وتعتبر موضوعات خلافية (التمثيل في وظائف الدولة والمجالس المنتخبة مثلا) ناقشها قبل مائة عام المؤتمر المصري (انعقد في 29 أبريل سنة 1911) قبل أن تعرف مصر ظاهرة «الصحوة» أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
تحليل ظاهرة التعصب تتداخل فيه عوامل عدة تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي ليست دينية أو ثقافية فحسب، ولكنها اجتماعية وسياسية أيضا. ولأساتدة علم الاجتماع كلام كثير في هذا الصدد لا مجال للخوض فيه الآن، لأنني في الوقت الراهن معني بأمرين
أولهما التحذير من تسطيح المسألة وعدم اختزالها في سبب واحد أو فئة دون أخرى.
وثانيهما وهو الأهم هو التصدي لعوامل تأجيجية وتحويله إلى مفجر يستهلك طاقة المجتمع ويصرف الناس عما هو أهم وأعمق في حياتهم.
تعدد منابع الشحن والتعبئة المضادة التي تشيع المفاهيم المغلوطة وتزرع بذور البغض والفتنة. فمنها الموروث الشائع ومنها خطاب الدعاة والقساوسة عبر المنابر الدينية والفضائيات والمطبوعات، وبينها الثقافة السلفية المشتبكة مع كل من عدا السلفيين من مسلمين وغير مسلمين.
أدري أننا لن نستطيع في الأمد القصير أن نتصدى لكل مصادر الاحتقان، خصوصا ما كان منها موروثا تاريخيا، لكن ذلك لا يحول دون أن نفهم طبيعة تلك المصادر من ناحية، وأن نتعامل بجدية وحزم مع ما كان منها في متناول أيدينا من ناحية ثانية،
أن ثمة تركيزا على عمليات الشحن التي تصدر عن الدعاة المسلمين سواء في مواعظهم أو في القنوات الفضائية التي تعبر عنهم أو فيما يصدر عنهم من كتابات، وهذا شيء مفهوم سواء لأنه يحتل حيزا كبيرا في الفضاء الثقافي أو لأنه يعلن على الملأ. ومن المهم أن يرصد باستمرار ما يصدر عن تلك المنابر متجاوزا حدود اللياقة فيما يخص الديانات الأخرى وأن يساءل المسؤولون عن ذلك التجاوز.
من ناحية أخرى، ثمة سكوت غير مبرر على ما يصدر من تجاوزات من المنابر القبطية المماثلة، التي تسهم بدور كبير في التعبئة المضادة وتسميم الأجواء. وثمة معلومات متواترة وتسجيلات متداولة لما يردده البعض في داخل الكنائس في هذا الصدد.
وثمة كتب مطبوعة ومنشورة وفضائيات يسمعها كل أحد تقدم دروسا يومية في تعميم الكراهية، وتسهم في تشكيل إدراك يؤسس للمفاصلة ورفض العيش المشترك.
مع فارق جوهري هو أن أغلب الدعاة المسلمين يحسبون على جماعاتهم ولا علاقة لهم بما نسميه المؤسسة الدينية.
حيث الباب مفتوح لكل من هب ودب أن يقول ما عنده بغير ضوابط، إلا إذا تعلق الأمر بأمن الدولة بمفهومه السياسي.
أما نظائرهم من الأقباط فإنهم لا يعتلون منابرهم إلا إذا تم ترسيمهم من قبل الكنيسة. بما يعني أنهم يمثلون المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى. لذلك فإن وقع كلامهم وتأثيره يكون أكبر وأعمق. والتصدي لهذا الموضوع ينبغي أن يتم على مستويين على الأقل،
الأول يتمثل في الموقف الحازم للمؤسسة الدينية على الجانبين،
والثاني بالتطبيق الشجاع لنص القانون الجنائي الذي يجرم ازدراء الأديان. وهو ما أدعو إلى توسيع طاقته ليشمل حتى خطاب السلفيين إذا اتسم بالتجاوز والمساس بغير المسلمين.
سوف أدهش إذا أغضب هذا الكلام أحدا، كما حدث من قبل حين أطلقت دعوى إخضاع موارد الكنائس المالية لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات تطبيقا للقانون الذي تخضع له المساجد. وأثار ذلك احتجاج شرائح واسعة من الأقباط، مع أنه ليس أكثر من دعوة لاحترام القانون وسريانه على مؤسسات المجتمع دون استثناء.
لست أشك في أن جهودا ينبغي أن تبذل لتجفيف ينابيع التعصب وتوسيع نطاق التفاعل والعيش المشترك، وأزعم أن الممارسة الديمقراطية وإحياء الحلم المشترك تحتل موقعا متقدما منها. لكن هدفا جليلا كذلك الذي نسعى إليه لن نبلغه إلا إذا قطعنا أشواطا عدة.
وأحسب أن تطهير الأجواء من الاحتقان وعوامل التسميم يحتل أولوية في ذلك المسار. فضلا عن أن خطوة من ذلك القبيل في متناول أيدينا، ولسنا مضطرين إلى انتظار إحداث تغيير سياسي واسع النطاق لإنجازها
دعوة لوقف إطلاق النيران
صحيفة الشرق القطريه الخميس 22 ذو القعدة 1432 – 20 أكتوبر 2011
دعوة لوقف إطلاق النيران – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/10...st_20.html
أدعو إلى وقف إطلاق النار بين المسلمين والأقباط في مصر.
وأقصد به الشحن التعبوي الذي يملأ النفوس بالنفور والبغض طول الوقت،
وأزعم أن كل ما ندعو إليه من جهود للإصلاح أو ترميم العلاقة بين الطرفين لن تؤتي ثمارها طالما استمرت عمليات الشحن هذه ولم نضع لها حدا.
أدري أن التعصب أصبح يعشش في أرجاء بلادنا، ومن التسطيح والخفة أن ينسب إلى طرف دون آخر، أو أن يؤرخ البعض للتعصب بظهور الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
ذلك أن بعض الأمور التي يثار من حولها الجدل الآن وتعتبر موضوعات خلافية (التمثيل في وظائف الدولة والمجالس المنتخبة مثلا) ناقشها قبل مائة عام المؤتمر المصري (انعقد في 29 أبريل سنة 1911) قبل أن تعرف مصر ظاهرة «الصحوة» أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
تحليل ظاهرة التعصب تتداخل فيه عوامل عدة تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي ليست دينية أو ثقافية فحسب، ولكنها اجتماعية وسياسية أيضا. ولأساتدة علم الاجتماع كلام كثير في هذا الصدد لا مجال للخوض فيه الآن، لأنني في الوقت الراهن معني بأمرين
أولهما التحذير من تسطيح المسألة وعدم اختزالها في سبب واحد أو فئة دون أخرى.
وثانيهما وهو الأهم هو التصدي لعوامل تأجيجية وتحويله إلى مفجر يستهلك طاقة المجتمع ويصرف الناس عما هو أهم وأعمق في حياتهم.
تعدد منابع الشحن والتعبئة المضادة التي تشيع المفاهيم المغلوطة وتزرع بذور البغض والفتنة. فمنها الموروث الشائع ومنها خطاب الدعاة والقساوسة عبر المنابر الدينية والفضائيات والمطبوعات، وبينها الثقافة السلفية المشتبكة مع كل من عدا السلفيين من مسلمين وغير مسلمين.
أدري أننا لن نستطيع في الأمد القصير أن نتصدى لكل مصادر الاحتقان، خصوصا ما كان منها موروثا تاريخيا، لكن ذلك لا يحول دون أن نفهم طبيعة تلك المصادر من ناحية، وأن نتعامل بجدية وحزم مع ما كان منها في متناول أيدينا من ناحية ثانية،
أن ثمة تركيزا على عمليات الشحن التي تصدر عن الدعاة المسلمين سواء في مواعظهم أو في القنوات الفضائية التي تعبر عنهم أو فيما يصدر عنهم من كتابات، وهذا شيء مفهوم سواء لأنه يحتل حيزا كبيرا في الفضاء الثقافي أو لأنه يعلن على الملأ. ومن المهم أن يرصد باستمرار ما يصدر عن تلك المنابر متجاوزا حدود اللياقة فيما يخص الديانات الأخرى وأن يساءل المسؤولون عن ذلك التجاوز.
من ناحية أخرى، ثمة سكوت غير مبرر على ما يصدر من تجاوزات من المنابر القبطية المماثلة، التي تسهم بدور كبير في التعبئة المضادة وتسميم الأجواء. وثمة معلومات متواترة وتسجيلات متداولة لما يردده البعض في داخل الكنائس في هذا الصدد.
وثمة كتب مطبوعة ومنشورة وفضائيات يسمعها كل أحد تقدم دروسا يومية في تعميم الكراهية، وتسهم في تشكيل إدراك يؤسس للمفاصلة ورفض العيش المشترك.
مع فارق جوهري هو أن أغلب الدعاة المسلمين يحسبون على جماعاتهم ولا علاقة لهم بما نسميه المؤسسة الدينية.
حيث الباب مفتوح لكل من هب ودب أن يقول ما عنده بغير ضوابط، إلا إذا تعلق الأمر بأمن الدولة بمفهومه السياسي.
أما نظائرهم من الأقباط فإنهم لا يعتلون منابرهم إلا إذا تم ترسيمهم من قبل الكنيسة. بما يعني أنهم يمثلون المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى. لذلك فإن وقع كلامهم وتأثيره يكون أكبر وأعمق. والتصدي لهذا الموضوع ينبغي أن يتم على مستويين على الأقل،
الأول يتمثل في الموقف الحازم للمؤسسة الدينية على الجانبين،
والثاني بالتطبيق الشجاع لنص القانون الجنائي الذي يجرم ازدراء الأديان. وهو ما أدعو إلى توسيع طاقته ليشمل حتى خطاب السلفيين إذا اتسم بالتجاوز والمساس بغير المسلمين.
سوف أدهش إذا أغضب هذا الكلام أحدا، كما حدث من قبل حين أطلقت دعوى إخضاع موارد الكنائس المالية لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات تطبيقا للقانون الذي تخضع له المساجد. وأثار ذلك احتجاج شرائح واسعة من الأقباط، مع أنه ليس أكثر من دعوة لاحترام القانون وسريانه على مؤسسات المجتمع دون استثناء.
لست أشك في أن جهودا ينبغي أن تبذل لتجفيف ينابيع التعصب وتوسيع نطاق التفاعل والعيش المشترك، وأزعم أن الممارسة الديمقراطية وإحياء الحلم المشترك تحتل موقعا متقدما منها. لكن هدفا جليلا كذلك الذي نسعى إليه لن نبلغه إلا إذا قطعنا أشواطا عدة.
وأحسب أن تطهير الأجواء من الاحتقان وعوامل التسميم يحتل أولوية في ذلك المسار. فضلا عن أن خطوة من ذلك القبيل في متناول أيدينا، ولسنا مضطرين إلى انتظار إحداث تغيير سياسي واسع النطاق لإنجازها
دعوة لوقف إطلاق النيران
صحيفة الشرق القطريه الخميس 22 ذو القعدة 1432 – 20 أكتوبر 2011
دعوة لوقف إطلاق النيران – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/10...st_20.html
أدعو إلى وقف إطلاق النار بين المسلمين والأقباط في مصر.
وأقصد به الشحن التعبوي الذي يملأ النفوس بالنفور والبغض طول الوقت،
وأزعم أن كل ما ندعو إليه من جهود للإصلاح أو ترميم العلاقة بين الطرفين لن تؤتي ثمارها طالما استمرت عمليات الشحن هذه ولم نضع لها حدا.
أدري أن التعصب أصبح يعشش في أرجاء بلادنا، ومن التسطيح والخفة أن ينسب إلى طرف دون آخر، أو أن يؤرخ البعض للتعصب بظهور الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
ذلك أن بعض الأمور التي يثار من حولها الجدل الآن وتعتبر موضوعات خلافية (التمثيل في وظائف الدولة والمجالس المنتخبة مثلا) ناقشها قبل مائة عام المؤتمر المصري (انعقد في 29 أبريل سنة 1911) قبل أن تعرف مصر ظاهرة «الصحوة» أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
تحليل ظاهرة التعصب تتداخل فيه عوامل عدة تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي ليست دينية أو ثقافية فحسب، ولكنها اجتماعية وسياسية أيضا. ولأساتدة علم الاجتماع كلام كثير في هذا الصدد لا مجال للخوض فيه الآن، لأنني في الوقت الراهن معني بأمرين
أولهما التحذير من تسطيح المسألة وعدم اختزالها في سبب واحد أو فئة دون أخرى.
وثانيهما وهو الأهم هو التصدي لعوامل تأجيجية وتحويله إلى مفجر يستهلك طاقة المجتمع ويصرف الناس عما هو أهم وأعمق في حياتهم.
تعدد منابع الشحن والتعبئة المضادة التي تشيع المفاهيم المغلوطة وتزرع بذور البغض والفتنة. فمنها الموروث الشائع ومنها خطاب الدعاة والقساوسة عبر المنابر الدينية والفضائيات والمطبوعات، وبينها الثقافة السلفية المشتبكة مع كل من عدا السلفيين من مسلمين وغير مسلمين.
أدري أننا لن نستطيع في الأمد القصير أن نتصدى لكل مصادر الاحتقان، خصوصا ما كان منها موروثا تاريخيا، لكن ذلك لا يحول دون أن نفهم طبيعة تلك المصادر من ناحية، وأن نتعامل بجدية وحزم مع ما كان منها في متناول أيدينا من ناحية ثانية،
أن ثمة تركيزا على عمليات الشحن التي تصدر عن الدعاة المسلمين سواء في مواعظهم أو في القنوات الفضائية التي تعبر عنهم أو فيما يصدر عنهم من كتابات، وهذا شيء مفهوم سواء لأنه يحتل حيزا كبيرا في الفضاء الثقافي أو لأنه يعلن على الملأ. ومن المهم أن يرصد باستمرار ما يصدر عن تلك المنابر متجاوزا حدود اللياقة فيما يخص الديانات الأخرى وأن يساءل المسؤولون عن ذلك التجاوز.
من ناحية أخرى، ثمة سكوت غير مبرر على ما يصدر من تجاوزات من المنابر القبطية المماثلة، التي تسهم بدور كبير في التعبئة المضادة وتسميم الأجواء. وثمة معلومات متواترة وتسجيلات متداولة لما يردده البعض في داخل الكنائس في هذا الصدد.
وثمة كتب مطبوعة ومنشورة وفضائيات يسمعها كل أحد تقدم دروسا يومية في تعميم الكراهية، وتسهم في تشكيل إدراك يؤسس للمفاصلة ورفض العيش المشترك.
مع فارق جوهري هو أن أغلب الدعاة المسلمين يحسبون على جماعاتهم ولا علاقة لهم بما نسميه المؤسسة الدينية.
حيث الباب مفتوح لكل من هب ودب أن يقول ما عنده بغير ضوابط، إلا إذا تعلق الأمر بأمن الدولة بمفهومه السياسي.
أما نظائرهم من الأقباط فإنهم لا يعتلون منابرهم إلا إذا تم ترسيمهم من قبل الكنيسة. بما يعني أنهم يمثلون المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى. لذلك فإن وقع كلامهم وتأثيره يكون أكبر وأعمق. والتصدي لهذا الموضوع ينبغي أن يتم على مستويين على الأقل،
الأول يتمثل في الموقف الحازم للمؤسسة الدينية على الجانبين،
والثاني بالتطبيق الشجاع لنص القانون الجنائي الذي يجرم ازدراء الأديان. وهو ما أدعو إلى توسيع طاقته ليشمل حتى خطاب السلفيين إذا اتسم بالتجاوز والمساس بغير المسلمين.
سوف أدهش إذا أغضب هذا الكلام أحدا، كما حدث من قبل حين أطلقت دعوى إخضاع موارد الكنائس المالية لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات تطبيقا للقانون الذي تخضع له المساجد. وأثار ذلك احتجاج شرائح واسعة من الأقباط، مع أنه ليس أكثر من دعوة لاحترام القانون وسريانه على مؤسسات المجتمع دون استثناء.
لست أشك في أن جهودا ينبغي أن تبذل لتجفيف ينابيع التعصب وتوسيع نطاق التفاعل والعيش المشترك، وأزعم أن الممارسة الديمقراطية وإحياء الحلم المشترك تحتل موقعا متقدما منها. لكن هدفا جليلا كذلك الذي نسعى إليه لن نبلغه إلا إذا قطعنا أشواطا عدة.
وأحسب أن تطهير الأجواء من الاحتقان وعوامل التسميم يحتل أولوية في ذلك المسار. فضلا عن أن خطوة من ذلك القبيل في متناول أيدينا، ولسنا مضطرين إلى انتظار إحداث تغيير سياسي واسع النطاق لإنجازها
دعوة لوقف إطلاق النيران
صحيفة الشرق القطريه الخميس 22 ذو القعدة 1432 – 20 أكتوبر 2011
دعوة لوقف إطلاق النيران – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/10...st_20.html
أدعو إلى وقف إطلاق النار بين المسلمين والأقباط في مصر.
وأقصد به الشحن التعبوي الذي يملأ النفوس بالنفور والبغض طول الوقت،
وأزعم أن كل ما ندعو إليه من جهود للإصلاح أو ترميم العلاقة بين الطرفين لن تؤتي ثمارها طالما استمرت عمليات الشحن هذه ولم نضع لها حدا.
أدري أن التعصب أصبح يعشش في أرجاء بلادنا، ومن التسطيح والخفة أن ينسب إلى طرف دون آخر، أو أن يؤرخ البعض للتعصب بظهور الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
ذلك أن بعض الأمور التي يثار من حولها الجدل الآن وتعتبر موضوعات خلافية (التمثيل في وظائف الدولة والمجالس المنتخبة مثلا) ناقشها قبل مائة عام المؤتمر المصري (انعقد في 29 أبريل سنة 1911) قبل أن تعرف مصر ظاهرة «الصحوة» أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
تحليل ظاهرة التعصب تتداخل فيه عوامل عدة تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي ليست دينية أو ثقافية فحسب، ولكنها اجتماعية وسياسية أيضا. ولأساتدة علم الاجتماع كلام كثير في هذا الصدد لا مجال للخوض فيه الآن، لأنني في الوقت الراهن معني بأمرين
أولهما التحذير من تسطيح المسألة وعدم اختزالها في سبب واحد أو فئة دون أخرى.
وثانيهما وهو الأهم هو التصدي لعوامل تأجيجية وتحويله إلى مفجر يستهلك طاقة المجتمع ويصرف الناس عما هو أهم وأعمق في حياتهم.
تعدد منابع الشحن والتعبئة المضادة التي تشيع المفاهيم المغلوطة وتزرع بذور البغض والفتنة. فمنها الموروث الشائع ومنها خطاب الدعاة والقساوسة عبر المنابر الدينية والفضائيات والمطبوعات، وبينها الثقافة السلفية المشتبكة مع كل من عدا السلفيين من مسلمين وغير مسلمين.
أدري أننا لن نستطيع في الأمد القصير أن نتصدى لكل مصادر الاحتقان، خصوصا ما كان منها موروثا تاريخيا، لكن ذلك لا يحول دون أن نفهم طبيعة تلك المصادر من ناحية، وأن نتعامل بجدية وحزم مع ما كان منها في متناول أيدينا من ناحية ثانية،
أن ثمة تركيزا على عمليات الشحن التي تصدر عن الدعاة المسلمين سواء في مواعظهم أو في القنوات الفضائية التي تعبر عنهم أو فيما يصدر عنهم من كتابات، وهذا شيء مفهوم سواء لأنه يحتل حيزا كبيرا في الفضاء الثقافي أو لأنه يعلن على الملأ. ومن المهم أن يرصد باستمرار ما يصدر عن تلك المنابر متجاوزا حدود اللياقة فيما يخص الديانات الأخرى وأن يساءل المسؤولون عن ذلك التجاوز.
من ناحية أخرى، ثمة سكوت غير مبرر على ما يصدر من تجاوزات من المنابر القبطية المماثلة، التي تسهم بدور كبير في التعبئة المضادة وتسميم الأجواء. وثمة معلومات متواترة وتسجيلات متداولة لما يردده البعض في داخل الكنائس في هذا الصدد.
وثمة كتب مطبوعة ومنشورة وفضائيات يسمعها كل أحد تقدم دروسا يومية في تعميم الكراهية، وتسهم في تشكيل إدراك يؤسس للمفاصلة ورفض العيش المشترك.
مع فارق جوهري هو أن أغلب الدعاة المسلمين يحسبون على جماعاتهم ولا علاقة لهم بما نسميه المؤسسة الدينية.
حيث الباب مفتوح لكل من هب ودب أن يقول ما عنده بغير ضوابط، إلا إذا تعلق الأمر بأمن الدولة بمفهومه السياسي.
أما نظائرهم من الأقباط فإنهم لا يعتلون منابرهم إلا إذا تم ترسيمهم من قبل الكنيسة. بما يعني أنهم يمثلون المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى. لذلك فإن وقع كلامهم وتأثيره يكون أكبر وأعمق. والتصدي لهذا الموضوع ينبغي أن يتم على مستويين على الأقل،
الأول يتمثل في الموقف الحازم للمؤسسة الدينية على الجانبين،
والثاني بالتطبيق الشجاع لنص القانون الجنائي الذي يجرم ازدراء الأديان. وهو ما أدعو إلى توسيع طاقته ليشمل حتى خطاب السلفيين إذا اتسم بالتجاوز والمساس بغير المسلمين.
سوف أدهش إذا أغضب هذا الكلام أحدا، كما حدث من قبل حين أطلقت دعوى إخضاع موارد الكنائس المالية لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات تطبيقا للقانون الذي تخضع له المساجد. وأثار ذلك احتجاج شرائح واسعة من الأقباط، مع أنه ليس أكثر من دعوة لاحترام القانون وسريانه على مؤسسات المجتمع دون استثناء.
لست أشك في أن جهودا ينبغي أن تبذل لتجفيف ينابيع التعصب وتوسيع نطاق التفاعل والعيش المشترك، وأزعم أن الممارسة الديمقراطية وإحياء الحلم المشترك تحتل موقعا متقدما منها. لكن هدفا جليلا كذلك الذي نسعى إليه لن نبلغه إلا إذا قطعنا أشواطا عدة.
وأحسب أن تطهير الأجواء من الاحتقان وعوامل التسميم يحتل أولوية في ذلك المسار. فضلا عن أن خطوة من ذلك القبيل في متناول أيدينا، ولسنا مضطرين إلى انتظار إحداث تغيير سياسي واسع النطاق لإنجازها
دعوة لوقف إطلاق النيران
صحيفة الشرق القطريه الخميس 22 ذو القعدة 1432 – 20 أكتوبر 2011
دعوة لوقف إطلاق النيران – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/10...st_20.html
أدعو إلى وقف إطلاق النار بين المسلمين والأقباط في مصر.
وأقصد به الشحن التعبوي الذي يملأ النفوس بالنفور والبغض طول الوقت،
وأزعم أن كل ما ندعو إليه من جهود للإصلاح أو ترميم العلاقة بين الطرفين لن تؤتي ثمارها طالما استمرت عمليات الشحن هذه ولم نضع لها حدا.
أدري أن التعصب أصبح يعشش في أرجاء بلادنا، ومن التسطيح والخفة أن ينسب إلى طرف دون آخر، أو أن يؤرخ البعض للتعصب بظهور الجماعات الإسلامية أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
ذلك أن بعض الأمور التي يثار من حولها الجدل الآن وتعتبر موضوعات خلافية (التمثيل في وظائف الدولة والمجالس المنتخبة مثلا) ناقشها قبل مائة عام المؤتمر المصري (انعقد في 29 أبريل سنة 1911) قبل أن تعرف مصر ظاهرة «الصحوة» أو ما يسمى بالإسلام السياسي.
تحليل ظاهرة التعصب تتداخل فيه عوامل عدة تختلف من مجتمع إلى آخر، وهي ليست دينية أو ثقافية فحسب، ولكنها اجتماعية وسياسية أيضا. ولأساتدة علم الاجتماع كلام كثير في هذا الصدد لا مجال للخوض فيه الآن، لأنني في الوقت الراهن معني بأمرين
أولهما التحذير من تسطيح المسألة وعدم اختزالها في سبب واحد أو فئة دون أخرى.
وثانيهما وهو الأهم هو التصدي لعوامل تأجيجية وتحويله إلى مفجر يستهلك طاقة المجتمع ويصرف الناس عما هو أهم وأعمق في حياتهم.
تعدد منابع الشحن والتعبئة المضادة التي تشيع المفاهيم المغلوطة وتزرع بذور البغض والفتنة. فمنها الموروث الشائع ومنها خطاب الدعاة والقساوسة عبر المنابر الدينية والفضائيات والمطبوعات، وبينها الثقافة السلفية المشتبكة مع كل من عدا السلفيين من مسلمين وغير مسلمين.
أدري أننا لن نستطيع في الأمد القصير أن نتصدى لكل مصادر الاحتقان، خصوصا ما كان منها موروثا تاريخيا، لكن ذلك لا يحول دون أن نفهم طبيعة تلك المصادر من ناحية، وأن نتعامل بجدية وحزم مع ما كان منها في متناول أيدينا من ناحية ثانية،
أن ثمة تركيزا على عمليات الشحن التي تصدر عن الدعاة المسلمين سواء في مواعظهم أو في القنوات الفضائية التي تعبر عنهم أو فيما يصدر عنهم من كتابات، وهذا شيء مفهوم سواء لأنه يحتل حيزا كبيرا في الفضاء الثقافي أو لأنه يعلن على الملأ. ومن المهم أن يرصد باستمرار ما يصدر عن تلك المنابر متجاوزا حدود اللياقة فيما يخص الديانات الأخرى وأن يساءل المسؤولون عن ذلك التجاوز.
من ناحية أخرى، ثمة سكوت غير مبرر على ما يصدر من تجاوزات من المنابر القبطية المماثلة، التي تسهم بدور كبير في التعبئة المضادة وتسميم الأجواء. وثمة معلومات متواترة وتسجيلات متداولة لما يردده البعض في داخل الكنائس في هذا الصدد.
وثمة كتب مطبوعة ومنشورة وفضائيات يسمعها كل أحد تقدم دروسا يومية في تعميم الكراهية، وتسهم في تشكيل إدراك يؤسس للمفاصلة ورفض العيش المشترك.
مع فارق جوهري هو أن أغلب الدعاة المسلمين يحسبون على جماعاتهم ولا علاقة لهم بما نسميه المؤسسة الدينية.
حيث الباب مفتوح لكل من هب ودب أن يقول ما عنده بغير ضوابط، إلا إذا تعلق الأمر بأمن الدولة بمفهومه السياسي.
أما نظائرهم من الأقباط فإنهم لا يعتلون منابرهم إلا إذا تم ترسيمهم من قبل الكنيسة. بما يعني أنهم يمثلون المؤسسة الدينية بالدرجة الأولى. لذلك فإن وقع كلامهم وتأثيره يكون أكبر وأعمق. والتصدي لهذا الموضوع ينبغي أن يتم على مستويين على الأقل،
الأول يتمثل في الموقف الحازم للمؤسسة الدينية على الجانبين،
والثاني بالتطبيق الشجاع لنص القانون الجنائي الذي يجرم ازدراء الأديان. وهو ما أدعو إلى توسيع طاقته ليشمل حتى خطاب السلفيين إذا اتسم بالتجاوز والمساس بغير المسلمين.
سوف أدهش إذا أغضب هذا الكلام أحدا، كما حدث من قبل حين أطلقت دعوى إخضاع موارد الكنائس المالية لإشراف الجهاز المركزي للمحاسبات تطبيقا للقانون الذي تخضع له المساجد. وأثار ذلك احتجاج شرائح واسعة من الأقباط، مع أنه ليس أكثر من دعوة لاحترام القانون وسريانه على مؤسسات المجتمع دون استثناء.
لست أشك في أن جهودا ينبغي أن تبذل لتجفيف ينابيع التعصب وتوسيع نطاق التفاعل والعيش المشترك، وأزعم أن الممارسة الديمقراطية وإحياء الحلم المشترك تحتل موقعا متقدما منها. لكن هدفا جليلا كذلك الذي نسعى إليه لن نبلغه إلا إذا قطعنا أشواطا عدة.
وأحسب أن تطهير الأجواء من الاحتقان وعوامل التسميم يحتل أولوية في ذلك المسار. فضلا عن أن خطوة من ذلك القبيل في متناول أيدينا، ولسنا مضطرين إلى انتظار إحداث تغيير سياسي واسع النطاق لإنجازها