استكمل مع الزملاء الحديث عن "تنظيم جماعة الامة القبطية"
(3)
كان رجال الأنبا يوساب المخلصين لتعاليم الكنيسة يصفون سلوكيات جماعة الأمة القبطية على أنها خروج صريح عن تعاليم المسيح .. ومدمرة لقيم المسيحية .. ووصفوا دعوتهم بأنها دعوة لانتزاع المحبة من القلوب واستبدالها بالعداوة و الكراهية .. فبدلا من أن يحبوا أعداءهم .. عادوا أحبائهم وسعوا لاستبدال المحبة و الوئام مع المسلمين بالعداوة و البغضاء .. وبدلا من أن يحسنوا إلى مبغضيهم .. بغضوا محسنيهم من الأجانب بعد أن استفادوا من أموال ومدارس وإمكانيات إرساليات الأجانب الذين أحسنوا إليهم ليطعنوهم من ظهورهم ..
وتطورت الأحداث فقام الأنبا يوساب باستبعاد الراهب متَّى المِسكين ( معلم البابا شنودة والأب الروحي له ) بعد أن كان عينه وكيلا للبطريركية بالإسكندرية فور علمه بحقيقة انتماءاته لتلك الجماعة .. حتَّى أن رجال الدين كانوا يطلقون عليه لقب الراهب متى المسكون وليس المسكين من فرط انحراف أفكاره .. وتم إعدام بعض كتبه و الَّتِي وصفها الكثير بأنها أقرب للشيوعية منها للمسيحية .. و الَّتِي تطورت لتكون أقرب للعنصرية لاعتناقه أفكار تلك الجماعة .. وفي خمس شهور فقط من وقت عزل الراهب متَّى المِسكين تمر الأحداث ساخنة طويلة موجعة .. لتنتهى بخطف البابا يوساب الثانى
والراهب متى المسكين أحد أهم ثلاث شخصيات فى فكر جماعة الأمة القبطية بصورتها الحديثة التى وصلت لها الآن والثلاثة هم :
عازر يوسف عطا و الذي أصبح فيما بعد البابا ( كيرلس السادس ) وكان يعمل في مجال السياحة وكان أحد تلامذة رهبان جماعة الأمة القبطية .. وأصبح فيما بعد معلما لتعاليمهم وأصبح له تلامذة و منهم
الدكتور سعد عزيز ( الأب متَّى المِسكين ) فيما بعد والذي كان بعيدا عن الدين وكان منجذب للفكر الشيوعي ويعمل صيدلى ويمتلك صيدلية بمدينة دمنهور .. واعتنق فكر الجماعة وأصبح أحد تلامذة عازر يوسف عطا ( البابا كيرلس ) .. ثم أصبح معلما فيما بعد لتلامذة أكثر عنصرية لأفكار جماعة الأمة القبطية و منهم ..
نظير جيد ( الأنبا شنودة ) بابا الأقباط النصارى حاليا وهو أحد التلامذة التسع للأب متَّى المِسكين في دير السريان و هو خريج كلية الآداب قسم تاريخ ..
ومن اكثر الامور غموض وتعتيم فى وقائع انتقال السلطة من التيار المعتدل الى التيار المتطرف فى الكنيسة هى الفترة التى تم فيها اختطاف الباب يوساب الثانى ثم تحريره ثم نفيه الى دير المحرق باسيوط ثم عودته الى مقر الباباوية ثم إدخاله المستشفى الطبى قيد الاقامة الجبرية بدعوى مرضه وحراسته بواسطة رهبان الجماعة داخل جناح خاص بالمستشفى حتى أعلان وفاته والذى تناولته الشائعات.
حتى المصادر القبطية نفسها متضاربة ولا يستطيع الباحث الوصول الى حقيقة الامور ولكن من الثابت انه كان نفوذ الجماعة داخل الكنيسة وبين صفوف الشعب القبطى قد وصل الى مرحلة من القوة والتأثير جعل الدولة تعتبر الامر أمرا كنسيا لا شأن لها به حتى أنها أحاطت حادث انقلاب قطار الصعيد بشئ من السرية وهو به مجموعة من رجال الدين المسيحى قيل بشأنهم أمران : الاول انهم يجمعون التوقيعات لعودة البابا والثانى انهم يجمعون التوقيعات لعزل البابا واختيار بابا جديد.
وكانت الفترة ما بين اختطاف البابا يوساب الثانى فى يوليو 1954 حتى أعلان وفاته فى نوفمبر 1956 فترة عصيبة على الشعب القبطى وتدور خلالها حروب فرض نفوذ وسيطرة من جماعة الامة القبطية وتتوالى الأحداث الأكثر غرابة بتطورات سريعة متلاحقة أبطالها جميعًا من أعضاء تلك الجماعة .. وممن هم أعداء البابا يوساب و الذي اتخذ بشأنهم قرارات بعزلهم وطردهم من الأديرة وسحب الاعتراف بالأديرة الخاصة بهم .. وظهرت نفوذ تلك الجماعة بقوة .. فلفقت الأوراق وسحبت المستندات و الأقوال وتم تبرئة الراهب متَّى المِسكين من قضية خطف البابا وحذف اسمه .. رغم انه كان المخطط الرئيسى لعملية خطف البابا يوساب الثانى
وليشهد عام 1954 عقب حادثة اختطاف البابا يوساب دخول نظير جيد (البابا شنودة) سلك الرهبانية ليتخذ اسم الراهب أنطونيوس السرياني بعد أن منع طيلة السنوات الماضية في فترة حكم الأنبا يوساب من الموافقة على الاعتراف به كراهب أو قبوله بأحد الأديرة .. و الذي حارب من أجل الحصول عليه ليتهيأ لدور رسمته له جماعة الأمة القبطية في المستقبل حيث لا تسمح قوانين الكنيسة بتعيين العلمانيين لمناصب كنائسية قيادية إلَّا بعد أن يمكثوا عدد من السنوات في سلك الرهبانية بأحد الأديرة .. وهذا ما لم يمكنه له الأنبا يوساب طيلة فترة ولايته .. حيث سيصبح نظير جيد خريج كلية الآداب قسم التاريخ و الذي لقب كراهب باسم ( أنطونيوس السرياني ) .. والملقب حاليا بالأنبا شنودة بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الحالية .. وبنهاية عهد الأنبا يوساب تبدأ أخطر مراحل الكنيسة القبطية ..
وتمسك كبار السن من رجال الدين الأقباط النصارى بتعاليم وقوانين الكنيسة القبطية .. وفتح باب الترشيح .. دخلت الكنيسة بعدد من رجال الدين كبار السن ورشح أتباع الجماعة ثلاثة من رهبانها من الشباب الجامعيين المتحمسين و المسممين بتعاليم الجماعة العنصرية الإرهابية المتطرفة .. وعلى رأسهم الأب متَّى المِسكين (الذي عزله الأنبا يوساب قبل اختطافه بخمسة أشهر و الذي اتهم في حادثة الاختطاف ) .. و الراهب أنطونيوس السرياني ( الملقب حاليا بالأنبا شنودة وأحد تلامذة الراهب متَّى المِسكين المخلصين ) .. و الراهب مكارى السرياني ( الأنبا صموئيل فيما بعد ) و هو أيضًا أحد تلامذة متَّى المِسكين في دير السريان .. واستبعدوا الثلاثة من قبل رجال الكنيسة القبطية الذين أظهرو تمسكهم بتعاليم وقوانين الكنيسة بكل قوة .. لأن قوانين الكنيسة لا تنطبق على أي من الثلاثة .. حيث أن تعاليمها وقوانينها تشترط أن يكون البطريرك من كبار السن وأمضى سنوات طويلة في سلك الرهبانية حتَّى يليق بتلك المكانة الروحانية ويكون أيضًا جديرا بالمسئولية عن رعايا الكنيسة ورجالها .. شأن كل بطاركة الكنيسة السابقين البابا يوساب الثاني و البابا مكاريوس الثالث وقبله البابا يؤانس التاسع عشر وأيضًا البابا كيرلس الخامس وجميعهم بلا استثناء كانوا من كبار السن منذ أن أنشئت الكنيسة القبطية إلى نهاية عهد الأنبا يوساب الثاني .. وبممارسة الضغوط وبمساعدة اصوات رجال الدين المواليين للجماعة تم اصدار لائحة 1957 وتشترط أن يكون المرشح قد تجاوز 15 عام في الرهبانية .. لتعطى الفرصة للراهب متَّى المِسكين وآخرين من جماعة الأمة القبطية للترشيح و الفوز .. و مرة أخرى استبعد الراهب متَّى المِسكين حيث اسقطت السنوات الَّتِي عوقب فيها وطرد اثنائها من سلك الرهبانية .. وبذلك أصبحت مدة رهبانيته أقل من 15 عاما ..
كل تلك الأحداث و الكنيسة القبطية تحكمها لجنة كنائسية و ما زال الصراع قائم من قبل رهبان الكنيسة ورهبان الجماعة لتنصيب بطريركا جديدا خلفا للأنبا يوساب .. وتدفع الجماعة بالراهب مينا المتوحد من تلامذة رهبان الأمة القبطية المخلصين و المعلمين لتعاليمها .. و هو أيضًا معلم الراهب متَّى المِسكين و الأب الروحي له و الذي تتلمذ الأخير على يده في دير مار مينا بمصر القديمة و الذي سحب الاعتراف به وطرد الرهبان منه .. ورغم انطباق شرط عدد سنوات الرهبنة 15 عاما حتَّى بعد اسقاط السنوات الَّتِي طرد منها الراهب مينا المتوحد وتلاميذه وسحب الاعتراف بالدير .. ولكن كان هناك من هم أحق وأصلح منه لهذا المنصب من منظور رجال الكنيسة وقوانينها ..
وبإصرار وتصميم من جماعة الأمة القبطية ولأول مرة تعمل الكنيسة بالقرعة الهيكلية (*) لاختيار بطريركا .. ولم يسبق في تاريخ الكنيسة أن استعانت بتلك الطريقة لاختيار بطريركا لها على مر عصورها .. حيث أن مبدأ القرعة الهيكلية يهوديا لم تقره الكنيسة في تلك الأحوال ولم تعمل به من قبل لاختيار البابا ..
وكانت أن طبق نظام القرعة كوسيلة مكر وخداع حيث دفعت بالاصوات لصالح الراهب مينا المتوحد دون أي اعتبارات أخرى لصفات كهنوتية رغم وجود عدد من المرشحين من رهبان الكنيسة من هم أحق منه ولم يتلوث تاريخهم الرهباني مثلما حدث بتاريخ الراهب مينا المتوحد من عقوبات وصلت لحد الطرد من الأديرة .. ولتنتهي تلك الصراعات الطويلة على منصب البابوية لصالح الراهب مينا المتوحد ..
ليفاجأ كل من عرفوه وعاصروه بالدير بتنصيبه بطريركا للكنيسة الأرثوذكسية القبطية .. وبذلك استقرت الأمور للجماعة المنحرفة عقائديًا و العنصرية وليصبح الراهب مينا المتوحد الأنبا كيرلس السادس بابا الأقباط النصارى وسط ذهول كل من عرفوه من رجال الكنيسة القبطية .
وباعتلاء الأنبا كيرلس السادس ( الراهب مينا المتوحد سابقا ) كرسي البابوية وضعت جماعة الأمة القبطية المتطرفة قبضتها على الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر .. وليصبح البابا كيرلس السادس البطريرك رقم 116 في تاريخ الكنيسة وكان ذلك يوم 10 مايو 1959 .. وليصبح أيضًا الواجهة و اليد المنفذة لكل أفكار ومباديء جماعة الأمة القبطية العنصرية .. و الصوت الناطق لأسياده ومعلميه من رهبان الجماعة المقيمين بالأديرة .. وخاصة أديرة الصحراء الغربية حيث تحكم وتدار أمور الكنائس القبطية من خلال رهبانها لتمتعها بالخصوصية و السرية و البعد عن المدن وعيون المتطفلين .. وأيضًا لأن موقعها هي الأقرب للمقر البابوي من حيث المسافة إذا قورنت بالأديرة البعيدة و المتناثرة بالصحارى القاصية .. و الَّتِي استخدمت هي أيضًا لأغراض أخرى لخدمة أهداف الجماعة .. وليصبح حاشية البابا الجديد ورجاله من تلاميذه وتلامذة قرنائه من رهبان الجماعة من زملائه الذين عاصروه وتتلمذوا معه على أفكار وتعاليم معلميه و مرشديه من رهبان جماعة الأمة القبطية الأكبر سنا .. وبذلك تمكنت الجماعة التى توصف بأنها منحرفة عقائديًا من السيطرة على مقاليد الأمور ولتحل تعاليمهم محل تعاليم الكنيسة ..
ويوصفوا بأنهم تمكنوا من إحداث انقلابا شاملا لم يحدث من قبل في تاريخ وقوانين الكنيسة القبطية ... وبذلك حلت تعاليم الأمة القبطية محل تعاليم المسيحية الأرثوذكسية للكنيسة القبطية وهذا جعل كثير من أتباع المذهب الارثوذكسى يخرجون منه الى مذاهب اخرى واجتذبهم المذهب البروتستانتى لأنهم كانوا يشعروا فيه بحرية العلاقة بين العبد وبين الرب ، وكذلك زادت معدلات هجرة الاقباط الى الخارج بل وتأسيس كنائس خارج سيطرة الكنيسة الارثوذكسية المصرية.
وأصبح هناك عامل أساسي يجمع بين أعضاء وأتباع الأمة القبطية و هو غرس مفهوم الغيرة الشديدة على الكنيسة القبطية ومحاولة إنقاذها من أنياب أعدائها .. لذا فإن دافع العداء لغير القبطي الأرثوذكسي هو الوازع الأساسي وراء الانتماء لفكر هذه الجماعة تحت ستار الدين و العصبية و التطرف ..
حتى أخذهم التطرف إلى تصور أنهم جنود يسوع الذي وكل إليهم مهمة استعادة كنيسة الرب في مصر وإعادة بنائها وتوسيع نفوذها وسلطانها وتطهيرها من أيّ وجود سواها ..
==============
القرعة الهيكلية : عبارة عن وضع أسماء ثلاثة الذين حصلوا علي أعلي الأصوات في انتخابات البطريرك يكتب كل اسم علي حده في ورقة بنفس المقاس وتوضع الثلاث ورقات في صندوق صغير علي المذبح داخل الكنيسة ويتم اختيار طفل معصوب العينين بعد الصلوات لكي يسحب ورقة من الثلاث.. الاسم الموجود علي الورقة يعلن بطريركاً
وهناك جدل مسيحى حول مشروعيتها والبعض يؤكد ثبوتها تاريخيا فى ظروف استثنائية والبعض يؤكد انها يهودية وثنية
ولمزيد من المعلومات يمكن مراجعة هذا الرابط
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=32387
........
يتبع