الإقتصاد المصري بين الغوغائية و الإرتعاش .
" إذا جبن الحكماء و شجع السفهاء فمتى يعرف الحق ؟" .
• خلال هذا الشريط ركزت كثيرآ على تدهور الإقتصاد المصري نتيجة الإنهيار في البنية السياسية و الإجتماعية و الأمنية أثناء و بعد انتفاضة يناير ، رافضا بشدة مقولة أن " الثورة " تعني تخريب الإقتصاد الضعيف أساسآ كشيء طبيعي .
• في عقلي صورة متماسكة عن الإختلافات العميقة بين إقتصادات القرن الثامن عشر و التاسع عشر و حتى منتصف القرن العشرين و بين اقتصادات العولمة ، الآن لا يمكن بناء اقتصاد بل ولا حتى اتخاذ أي قرار اقتصادي بمعزل عن الآخرين .
• هذا يعقد للغاية استعادة عافية أي اقتصاد بشكل سريع حتى لو حسنت النية ، فالفقر الذي تولد عن الفوضى و سوء إدارة البلاد و العشوائية سيستمر طويلآ ، وربما سيمتص جيلآ بأكمله . أيضا سيكون الإفلاس و انهيار الدولة المصرية احتمالآ قاتمآ و لكنه قائم أيضا .
• من المدهش و المحزن أيضا أن أهم قضيتين تمسان حياة المصريين وهما الأمن و استعادة عافية الإقتصاد المصريين لم يطرحا أثناء الحملة الإنتخابية التي تركزت على الإتجار بالدين و استغلال فقر المواطن ورشوته بالفتات .
• يعتقد بعض حسني النية قليلي المعرفة أن مصر تحتاج شيئا من السيولة النقدية من هنا أو هناك ثم يبدأ الإقتصاد المصري في العمل بكفاءة و هذا نوع من الوهم ، فالتدمير الذي ألحقه شباب التحرير و حكومات المجلس العسكري بالإقتصاد تتجاوز الشروخ البسيطة إلى الإنهيار الكامل .
• المسألة حسب رأي المدركين لجوهر المسائل الإقتصادية أكثر عمقا . فما حدث كان تغييرا تاما لهيكلية الإقتصاد المصري الذي كان يعمل أخيرآ بكفاءة ومن الغريب أن المصريين رضخوا طويلآ لممارسات اقتصادية بشعة ولم يثوروا سوى عندما صلح الإقتصاد و بدأ في العمل بكفاءة !.
• في الحقبة الأخيرة كان الإقتصاد المصري قد تحول – بعد تردد طويل – إلى اقتصاد السوق وهو قرار صحيح و إن عابه الفساد في بعض التطبيق . من المعروف أن هناك شريحة إجتماعية جديدة ظهرت في مصر و هي التي طورت الإقتصاد و حققت إنجازات ملموسة ( بناء 23 مدينة مصرية خلال العقدين الماضيين - مشروعات عملاقة مثل مكتبة الإسكندرية - صناعات الحديد والصلب -صناعات النسيج القابلة للتصدير ...) وغيرها من عمليات التراكم الرأسمالي خلال الفترة الماضية.هذه الشريحة تم ضربها في مقتل و دفعها مع نسبة بارزة من وأصحاب المهارات التكنولوجية والدولية العالية إلي جانب لا بأس به من أفضل المسيحيين المصريين إلى الفرار خارج مصر بثرواتها و الأهم بعقولها الفاهمة للعصر و القادرة على التعامل معه . جيلا كاملا من أهم رجال الأعمال, وطبقة المنظمين فقدتهم مصر بلا سبب سوى المراهقة و المزايدات الثورية .
• بعد الإنتفاضة سمعنا حديثآ عن مزيد من تدخل الدولة ، يهدف إلى مزيد من التوزيع دون أن يكون هناك مقابل من تكوين الثروة ، وهو ما أدي إلي استنزاف الموازنة العامة والاحتياطي القومي من 36 مليار دولار إلي 20 مليار خلال عشرة أشهر.
• الجانب الاخر هو ان الدولة الرخوة سعت إلى إرضاء الغوغاء بمزيد من التعيينات الحكومية التي بلغت 450 ألف موظف جديد, وهناك وعود بنصف مليون وظيفة خلال الفترة القادمة بينما الحلول المقترحة لإنعاش الإقتصاد المصري تركز على تقليل حجم الوظائف الحكومية و ليس زيادتها تلك الزيادة الهائلة ،و التي تتجاوز كثيرا حاجة الدولة و أيضا قدرتها .
• في المرة الوحيدة التي نجحت فيها مصر في حروبها مع إسرائيل كانت خلال العمل العقلاني الهادئ بعيدآ عن الشعارات ، و لكننا نشاهد الإسلاميين في مصر الآن (حازم صلاح أبو إسماعيل) يجعجعون عن حرب قادمة مع إسرائيل يبتزون بها مشاعر الجموع الغائبة في دخان البانجو ، حسنا هل سمع أحدكم بشعب يستقطب الإستثمارات بينما يعلن أنه مقدم على حرب ؟.
• لم يشرح لنا أحد من الثوار المراهقين و حلفائهم من بلطجية الشوارع كيف يمكن أن تكون هناك استثمارات و فرص عمل لأي إنسان ، بينما يقومون بتعطيل قلب العاصمة والمحافظات بمظاهرات مليونية ،و بينما يمكن لكل من يريد أن يرفع العلم المصري ويهتف بشعارات ثورية وبعدها يقوم بقطع الطرق والسكك الحديدية و إغلاق مجمع التحرير و التهديد بإغلاق قناة السويس و ايقاف محطات الكهرباء و المياه .؟.
• أعلنت الدكتورة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي أنه خلال الأشهر العشرة الأخيرة فإن جملة ما تلقته مصر من معونات واستثمارات عربية لم يتجاوز مليار دولار ( 500 مليون من السعودية – 500 من قطر ) ، في حين أنها كانت قد وعدت بثمانية مليارات و200 مليون دولار. هذا بينما تبلغ الفوائض المالية لدول الخليج ما لا يقل عن تريليون و500 مليار دولار. كل هذا يتم بينما ملايين الدولارات تنهمر على السلفيين الذين ينشطون في خراب مصر .
• هكذا فمن الواضح أن هناك قرار بالتخلي عن الشعب المصري و تركه يغرق في أخطائه الكبرى ، هذا القرار اتخذه ولي الأمر الأمريكي حتى لا يقاوم المصريون أي عمليات عسكرية مقبلة ضد إيران أو سوريا . هناك أيضا قرار موازي اتخذه بعض المصريين بالإنتحار عبطآ .
• كان ممكنا و بشيء من الحكمة و التعقل أن يتخلص المصريون من النظام الفاشل سياسيا ،و ان يحافظوا على اقتصادهم عفيآ ،و أن يمضوا بنجاح إلى تأسيس الدولة الجديدة ،و لكنهم هكذا سيفقدون أهم خصائصهم ..
التالي
هناك خطأ ما يجعل المداخلة الأخيرة لا تظهر
المداخلة الأخيرة لم تظهر لم ؟.