صحيفة الفيغارو : وساطة تركية روسية.. فيك الخصام وانت الخصم والحكم
بواسطة
editor2
– 2012/02/04نشر فى: غير مصنف
رونو جيرار
يبدو الوضع في سوريا اليوم
في طريق مسدود تماما، فعلى الصعيد الداخلي لا يمكن رؤية الكيفية التي سيتمكن بها نظام بشار الاسد من اعادة الوضع المتدهور الى ما كان عليه من قبل حيث يغذي دم ضحايا القمع رغبة الناس في الثأر بشكل متزايد، والتمرد لا يتوقف عن الاتساع في حين ان قوات الامن في حالة من الفوضى : ففي حمص امتنعوا عن استعادة الاحياء التي خسروها . وما ان يفرض القمع نفسه في مدينة حتى يشتعل في مكان اخر وها هو التمرد يمتد الى ضواحي دمشق.
ان هاجس الثورة يغزو عقول الشباب المحبطين الذين لا يجدون ما يخسرونه في اطلاق المقاومة المسلحة ويتزايد السخط في صفوف الجيش كل يوم نتيجة التدهور الاقتصادي نظرا لانقطاع موارد السياحة والنفط. وها هي الحرب الاهلية تأخذ مكانها في سوريا
دون اي مؤشر على وجود منتصر فيها من اي من الجانبين : فالمعارضة تبقى ضعيفة بسبب انقسامها السياسي بين الاسلاميين والديمقراطيين العلمانيين وكذلك لأنها تفتقر الى قيادة عسكرية موحدة . اما جيش النظام الذي يقوده ضباط علويون يقاتلون وظهورهم للحائط فهو ما زال متماسكا ويحظى بدعم روسيا وايران.
على الصعيد الدبلوماسي يبدو الوضع في حالة من الشلل : فكرة الجامعة العربية في ان يكون على راس السلطة التنفيذية في دمشق حكيم مكلف بتشكيل حكومة وحدة وطنية هي فكرة ممتازة من الناحية النظرية ولكنها غير قابلة للمرور في مجلس الامن الدولي بسبب المعارضة الروسية والصينية ؛ فمنذ العمليات العسكرية لحلف الناتو في ليبيا وتجاوز التفويض الاممي ” بحماية المدنيين” لم تعد موسكو وبكين تثقان بالغربيين في ادارة مناسبة لردّات فعل الربيع العربي. وكذلك فان الخفاق الاخير للأمريكان في فرص الاستقرار في العراق يعزز اكثر من عدم ثقتهم تجاه اي مبادرة غربية.
ان الخطر من الان فصاعدا هو في ان تشهد سوريا مذابح كبرى؛ ففي مرحلة اولى ستتابع حلقة القمع _ المقاومة حسب خطوط طائفية تتحدد اكثر فأكثر: الاسلاميون السنة من جهة، والعلويون
والمسيحيون والاخرون من جهة اخرى.
وفي مرحلة ثانية ومع احساس القيادة العلوية للنظام بانعطاف الاحداث يمكن ان تقوم بإحداث مناطق لجوء مما يتسبب في عمليات تطهير عرقي حول حلب واللاذقية تشبه ما رأيناه في الحروب الاهلية في يوغسلافيا ( 1991- 1999) او في العراق ( 2006- 2008) .
وفي مواجهة ذلك فإن الناطق باسم الخارجية الاميركية لم يخاطر كثيرا في التصريح بان سقوط نظام بشار الاسد ” حتمي”.
والمشكلة هي ان واشنطن لا تقدم اي خطة من اجل الاستقرار في سوريا ما بعد بشار وهل يعني ذلك انه لا حاجة لعمل شيء في هذا البلد المسكين الذي كان لوقت قريب مضيافا في استقبال السياح الاجانب؟
ومع ذلك يبقى هناك امكانية وساطة يمكن ان تعمل: انها في الثنائي ( التركي – الروسي ) فتركيا لديها وسائل الاتصال وتشكيل الاجراءات اللازمة وبعد ذلك توزيع المسؤوليات على المعارضة السورية
باتجاه بعيد عن الأخذ بالثأر والذهاب بالأمور الى نهاياتها. اما روسيا التي اختارها المسيحيون في الماضي حامية لهم فلديها الوسائل
لإقناع عائلة الاسد بترك السلطة تدريجيا من اجل ضمان مستقبل كل الاقلية العلوية في سوريا. فهل لدي الغربيين ودول الخليج التواضع والحكمة لإعطاء دفع لمثل هذه الوساطة ؟ لا شيء اليوم اقل يقينا..
ترجمة المندسة السورية : نور النجار/ باريس صحيفة ( لو فيغارو) الفرنسية 1 / 2/ 2012