من حقك ـ بل من الحق عليك ـ أن تفعل ما أنت فاعلٌ يا بشارُ بهؤلاء المتمردين المدمّرين، الذين دمّروا البلاد وقتلوا العباد، وأحرقوا الزرع والأرض، ونشروا الفتنة والضلالة والفساد . إننا جميعًا معك ضد هذا الشعب الذي لا يزيد عن كونه حفنةً من الحشرات والجراثيم الضارة التي تحتاج منك إلى الإبادة والاستئصال من أعماق جذورها حتى تتفرّد أنت بحكم البلاد والتمتع بخيراتها. فمَن له أن يحكم هؤلاء السوريين غيرك وقد اصطفاك الله لتحكمهم إلى أبد الآبدين؟ ومن له أن يرفع صوته معارضًا لك ، أو معترضًا عليك وأنت لا تنطق عن الهوى بل كلامك وحيٌ يُوحى؟؟ ألستَ أنت الوصيَّ عليهم ؟ إنهم قُصّرٌ ولا يعرفون أنك تنحدر مِنْ سلالة العلويين الأطهار الأشراف، وأنك ابن القائد العظيم حافظ الأسد الذي احتل لبنان ، وكان في طريقه لتحرير فلسطين قبل الجولان، ولكن قدّر الله وما شاء فعل . لقد أخطأ السوريون بل خَطِئوا عندما لم يؤلّهوك يا سيادة الرئيس بشار، ولم يجعلوا منك إلهًا ينافح عنهم ويرد عنهم وعن بلادهم شرور الشياطين الماردين ، وكيد العصاة المارقين.

فأنت إله ، ونحن ـ غير السوريين ـ نؤلِّهك ونؤمن بألوهيتك ولن نوافق على غيرك حاكمًا أو رئيسًا لسوريا . لقد نسيَ الشعب السوري أنك ابنُ ذلك القائد المغوار الذي حرّر مدينة حماة من المتمردين من دون إراقة دماء ولا زَهْقِ أرواح، وأنك ابنُ مَن سلّم هضبة الجولان لإسرائيل خوفًا على أرواح شعبه من آلة الحرب والقتل الإسرائيلية، وخوفًا على شعبه من أنْ يبقى بلا حاكمٍ إذا مات الرئيس أو أُقيل أو أُزيل ؛ ولذلك تنازل عن الجولان، وتمسّك بالرئاسة لا حبًّا فيها بل لئلا يخذل شعبه.

وقد نسيَ السوريون أو تناسوا أن والدك كان حريصًا على سوريا والشعب السوري إلى درجة أنّه أشار بتحوير الدستور ، وتعديله ، وتغييره وتزويره ، وتكييفه لتصبح أنت يا سيّد بشار رئيسًا في مكان أبيك رغم عدم كفاءتك عمريًا ، فليس من بين السوريين من هو مؤهل ليكون رئيسا لهم غيرك، فتكون خادمًا لهذا الشعب كما كان أبوك ، وتكون بذلك خير خلفٍ لخير سلف .

وفعلا كنتَ كذلك ؛ فلم تُحرّكْ ساكنًا عندما ضربت إسرائيل المفاعل النووي السوري ولم يكن ذلك خوفًا أو جبنًا أو استسلامًا منك بل لحرصك وخوفك على هذا الشعب الذي للأسف يقابل الحسنة بالسيئة ، فلم يذكروا لك ما فعلته من أجلهم ومن أجل وطنهم من الإيجابيات والحسنات.

فها هم يعلنون معارضتهم لك ، ويُطالبون بإسقاطك ورحيلك عن الحكم ، مع أنك لم تحكم البلاد طويلا ، ولم تغرف من خيراتها كثيرًا ، وكأنهم لم يعرفوا أنّ هذه الأرض وكلّ ما تحتها وكل ما فوقها وما عليها من خاصة أملاكك ومقتنياتك ، وخصوصياتك ، ولك أن تفعل بها ما تشاء ، وليس لغيرك حق في أن يحرّك ساكنًا إلا بأمرك ؛ فأنت الحاكم المطلق ، والآمر الناهي ، بل أنت الإله وهم أقل من البشر.

فمن حقّك أن تقتّل وتعذّب وتشرّد وتنكّل بهم كيفما شئتَ ، ومن حقّك أن تقتل الأطفال والكبار والرجال والنساء ولا تأخذك بهم رأفة ولا رحمة ولا شفقة ؛ فالذين يطالبون بالحرية إنما يعلنون الكفر والعصيان والتمرد على الذات الإلهية الأسدية العلوية ، والذين ينادون بالديمقراطية إنما هم من صنيع الدول الغربية كأمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها . فلا تترك من السوريين على وجه الأرض حيًّا ، ولا تشفق حتى على الأجنة في أرحام أمهاتهم ؛ فقد يولدون غدًا ويتحولون إلى ثوار يطالبون بما يطالب به آباؤهم اليومَ.

اسحقهم واسحلهم واحرقهم وامسح وجودهم وكيانهم من الوجود ، ولتصبح الأنهار من دماء البشر في سوريا أكثر من أنهار المياه ، وليبقَ السوريون أشلاءً مقطّعة وممزقة في الشوارع والطرقات لأنهم لا يستحقون الحياة ، ولتترمّلِ النساء ، وليتشرّد الأطفال وليتيتّموا ، فكل ذلك لا يهمنا ، ولا يهم رؤساءنا ، ولا يهم جامعة الدول العربية ، ولا يهم الأمم المتحدة ، ولا يهم مجلس الأمن ، ولا يهم الجمعيات الإنسانية والحقوقية المحلية ، والقُطرية ، والعالمية.

دمّرِ العمار والمعمار والبُنى التحتية فكل ذلك لا يهم ، بل المهم أن تبقى أنت في الحكم سليمًا مُعافى لأن الله كتب على الشعب السوري أن يبقى تحت حكم عائلة الأسد حتى قيام الساعة . والحمد لله أنك أنت فعلا على حقٍّ لا شك ولا مراء فيه ؛ فأنت لم تستعن بجيوش الصين أو روسيا ، أو بالجيش الإيراني ، أو جيش دولة السيد حسن نصر الله ليقفوا معك ضد شعبك ، بل إنك لا تحارب السوريين إلا بسلاحهم الذي اشتريته لهم بأموالهم وهذا يتماشى مع الحكمة القائلة : " حارب خصمك بسلاحه " فها أنت تحاربهم بسلاحهم . وإذا لم تحاربهم وتقضِ عليهم من أولهم إلى آخرهم وعلى بكرة أبيهم ، فقد تنجح ثورتهم ، ومن ثمّ ، سيسيئون إلى اليهود الإسرائيليين أصدقائك وأصدقاء أبيك.

صورة كشفت عنها لوفيغارو يظهر فيها جنود صهاينة وهم يحتفلون برفع صورة حافظ الأسد بعد عملية سلام الجليل

ولهذا ، يجب أن تلاحق الفارين والهاربين، وتتتبّع خطاهم ، وتقتفيَ أثرهم أينما ذهبوا لتقتّلهم وتنكّل بهم ، فقد يكون من الضروري أن تدخل حكومتك في حرب لتدمير كل الدول المجاورة التي وجد بها السوريون المتمردون ملاذًا ومأوى مثل تركيا والأردن ولبنان.

إنّ هذه الدول يجب إبادتها ، وإزالتها من الوجود لدخولها في الشأن السوري الداخلي ؛ فكيف لهذه الدول أن تحمي السوريين الفارين من رئيسهم الذي لا يريد بهم إلا الخير والعمار ، والأمن والسلام؟؟
إنها دولٌ تشارك في الجريمة التي ارتكبها الشعب السوري ضد هذا الحاكم الذي أعلن أكثر من مرة أنه فداءٌ لشعبه، ولا يطلب من الشعب أن يكون فداءً له. إنه رئيس وأيُّ رئيس!! لقد أخلص لوطنه ولشعبه، وأخلص لأمّته وقوميّته إلا أننا لم نعترف له بذلك علنًا. ولكننا نهمس في أذنه قائلين له لا تخف يا يشار فكلنا معك.

صحيح أننا لم نقف معك، ومع جيشك، ومع شبّيحتك في الميدان ضد شعبك الذي وصفتَهُ بالحشرات والجراثيم ولكننا معك قلبًا وقالبًا ضد هؤلاء المتمردين المفسدين؛ فكل الحكومات العربية ـ مثل الجامعة العربية ـ تقف معك من وراء الكواليس، ومن وراء حجاب وذلك لمناصرتك ومناصرة أنصارك ولو كانوا بعشرات الأفراد، للقضاء على المطالبين بالحرية، والكرامة، والمتمردين على نظامك وإن كانوا بعشرات الملايين، فمَن من الدول العربية اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي السوري؟ وكم من الدول العربية قطعت علاقتها مع حكومتك ونظامك؟ وكم من الدول العربية أوقفت الاتفاقيات والمعاهدات معك ومع نظامك؟ وكم دولة من الدول العربية أوقفت الرحلات الجوية بينها وبين سوريا؟ ومن من الدول العربية رفضت استقبال الطائرات السورية في مطاراتها؟ ومن من الدول العربية طردتْ ممثلي نظامك الدبلوماسيين لديها؟ ومن من السفراء والدبلوماسيين العرب غادر سوريا احتجاجًا عليك وعلى نظامك؟ ومن من الدول العربية حاولتْ أن تحاصر نظامك اقتصاديًّا؟؟ وكم دولة من الدول العربية تحرّكتْ فيها المسيرات والمظاهرات المنددة بك وبنظامك؟؟ وكم دولة من الدول العربية قطعت أو هدّدت بقطع علاقتها مع روسيا والصين لأنهما استخدمتا حق الفيتو في وجه قرار مجلس الأمن لإدانتك وإدانة نظامك؟؟

فنحن إذًا معك على طول الخط أيها الأسد ولن نتخلى عنك وسنناصرك ونناصر من يناصرك إلى آخر رمق في حياتنا، وآخر قطرة من دمائنا. وسنقف مع بشار وأسرته وأنصاره وجيشه وشبّيحته ضد الشعب السوري لأن بشارًا لا يمكن أن يستغني عنه العالم العربي كله فهو الذي استطاع كأبيه أن يقينا الحروب مع إسرائيل وإن كلّفه ذلك هضبة الجولان، والمفاعل النووي، وانتهاك الطيران الإسرائيلي للأجواء السورية. سنقف مع بشار وأنصاره ضد الشعب السوري؛ لأن الشعب يطالب بالحرية والديمقراطية من دون أن يعلم أن الرئيس بشار بيده الحكم والملك والإرادة الإلهية لأنه سليلٌ وحفيدٌ من أحفاد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الذي خاطبه الشاعر ابن هانئ الأندلسي بقوله:

ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ فاحكم، فأنت الواحد القهارُ
وكأنما أنت النبيُّ محمــــــــدٌ وكأنما أنصارُك الأنصـــــارُ