مرحباً للجميع :
بداية اشكر كل من أبدى رأيه في الموضوع وسأحاول التفاعل تباعاً مع كل من كتب مشاركة .
ورغم معرفتي أن هناك رأياً غالباً بين السوريين العارفين أن لا فائدة في النقاش حول موضوع الدستور لسبب جوهري ألا وهو أن السلطة كعادتها ستعمل -بضمير منقطع النظير- على الالتزام بكل مادة من شأنها تثبيت سلطتها وممارسة صلاحياتها وحتى تجاوزها بما يخولها الدستور في مواده ، وسوف تصاب بالعمى الجزئي أوالكلي عندما يتعلق الأمر بالمواد التي تختص بالحقوق الممنوحة للمواطنين من قبل الدستور وستظل هذه المواد حبراً على ورق . إلا أنه لا بأس من مناقشة هذا الدستور وتعريته من قبلنا نحن الذين نقرأ* .
إن أكثر ما لفت نظري في هذا الدستور ليس تفصيله "كجاكيت" على قياس النظام الحالي كي يلبسه وقاية من برد رياح التغيير . لكن أكثر ما لفت نظري هو قصورنا الفاضح في معالجة القضايا الحقوقية الشائكة التي تتصل بالأقليات على اختلاف أنواعها وقضايا المرأة وإلى ما هنالك .
فنخب نظامنا السوري "العزيز" التي كتبت لنا هذا الدستور أثبتت بما لا يدع الشك بأنها نخب متكلسة -كالنظام الذي أفرزها- قد تجاوزها العصر والمغرب ، والتاريخ والجغرافيا .
فبالإضافة للمادة الثالثة التي تجعل من غير المسلمين درجة ثانية في سوريا رغم إصرار "الدستور" على عدم التمييز بين السوريين على أساس الدين أو المعتقد ، يعود كاتبوا الدستور ليقعوا في خطيئة ثانية تبين قصورهم الفاضح في مجال حقوق المرأة .
تعالوا لنقرأ معاً :
اقتباس:المادة الرابعة والثمانون
يشترط في المرشح إلى منصب رئيس الجمهورية ما يأتي:
1- أن يكون متماً الأربعين عاماً من عمره.
2- أن يكون متمتعاً بالجنسية العربية السورية بالولادة، من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة.
3- أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره.
4- أن لا يكون متزوجاً من غير سورية.
5- أن يكون مقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح.
إن من كتب هذا النص يدلل على قصوره في أحد الاتجاهين . فهو إما غير قادر على تصور أن يكون المرشح للرئاسة إمرأة ، أو أنه تصور -وهذا ما أشك فيه- ولكنه وقع في هفوة تشريعية حيث لم يسمح للمرشح الرجل أن يكون متزوجاً من غير سورية ، بينما تستطيع المرشحة المتزوجة من غير سوري الترشح دون مشكلة !!.
على كل حال لن أفترض أن المرشح للرئاسة كان غير متزوج وبعد أن نجح في سباق الرئاسة تزوج عارضة أزياء إيطالية كما فعل ساركوزي ، وعندها ستواجه المحكمة الدستورية العليا التي يعينها الرئيس مشكلة دستورية عويصة ستضطر القضاة معها للتحول في الاختصاص من قضاة في الدستور إلى قضاة في الأحوال الشخصية !.
طيب بعيداً عن المرأة ومشاكلها ... ما رأيكم أن نبين إشكالية أخرى في نفس المادة تختص بالأقليات القومية ؟
تعالوا لنقرأ المادة مرة أخرى :
اقتباس:المادة الرابعة والثمانون
يشترط في المرشح إلى منصب رئيس الجمهورية ما يأتي:
1- أن يكون متماً الأربعين عاماً من عمره.
2- أن يكون متمتعاً بالجنسية العربية السورية بالولادة، من أبوين متمتعين بالجنسية العربية السورية بالولادة.
3- أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وغير محكوم بجرم شائن ولو رد إليه اعتباره.
4- أن لا يكون متزوجاً من غير سورية.
5- أن يكون مقيماً في الجمهورية العربية السورية لمدة لا تقل عن عشر سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح.
نعم لقد صدق ظنكم ... لقد جعلنا من السوريين غير العرب درجة ثانية كما جعلنا من قبلهم غير المسلمين والمرأة . رغم إصرار دستورنا "العتيد" في المادة الثالثة والثلاثين على :
اقتباس:1- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
2- المواطنة مبدأ أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها كل مواطن ويمارسها وفق القانون.
3- المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .
4- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
يبدو أن المادة الرابعة والثمانون لوحدها كانت كفيلة بنسف كل مفهوم عن المساواة بين السوريين على اختلاف انتمائاتهم -البيولوجية والسوسيولوجية والمورفولوجية- في الدستور .
إلى هنا سأكتفي بهذا المثال الذي أورته -على سبيل الذكر لا الحصر- عن التناقضات البنيوية التي يعانيها مشروع الدستور المطروح للاستفتاء .
سأحاول العودة ...
الهوامش :
* ليس كل من يستطيع القراءة يقرأ .