سوريا والحل الأخير
مارس 3rd, 2012
بقلم: حامد العمري
يُشكل على البعض الجمع بين موقف الدول الغربية ( أمريكا و الاتحاد الأوربي) المعلن من الثورة السورية , و الذي يبدو مؤيدا للثوار , و بين موقفها على الأرض , و المتمثل في عدم التحرك جديا لوقف ممارسات إيران , وجرائمها الوحشية اليومية التي يرتكبها قطعان الشبيحة النصيريين و مليشيات الغدر الشيعية العراقية , بالإضافة إلى عناصر الحرس الثوري الإيراني و حزب الله , غير أن أدنى من له إلمام بترتيبات الوضع السياسي لمنطقة الشرق الأوسط يسهل عليه تفسير تلك المواقف .
-
فمن المعلوم أن مصلحة تلك الدول هي في بقاء نظام بشار الأسد ( الإيراني ) , و ذلك لأسباب أقلها أهمية الحفاظ على أمن إسرائيل , و الذي برهن ذلك النظام , على مدى أربعين عام , انه أفضل نظام يمكنه القيام بذلك .إذاً فما الذي يدفع تلك الدول إلى إعلان موقفها المناهض لنظام بشار الأسد؟
قبل الإجابة على هذا السؤال , ينبغي التذكير بأن تلك الدول تأخرت كثيراً في الإعلان عن ذلك الموقف , غير أن تسارع الأوضاع هناك و اتساع رقعة الاحتجاجات أكد لتلك الدول أن الرهان على بقاء ذلك النظام رهان شبه خاسر , فكان الخيار الأمثل هو عملية إبطاء تسارع تلك الثورة و محاولة احتوائها و تفريغها من أهدافها , عبر سياسة اللعب على الحبال !
-
فبينما يستمر الساسة الغربيون في التأكيد على ضرورة تنحي الأسد , و القول بأنه فقد شرعيته , بل الدعوة إلى عقد المؤتمرات و تأسيس مجموعات تزعم صداقة و مساعدة الشعب السوري , يتم في الجانب الآخر معارضة و إفشال أي تحرك أو خطوة عملية لنصرة الثورة السورية , و خير شاهد على ذلك التملص من فكرة تسليح المعارضة , و محاولة إقناع العالم , بمن فيهم بعض أطياف المعارضة السورية , بعدم جدوى ذلك الخيار , و هذا ما دفع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى القول إن قيام الولايات المتحدة بتسليح المعارضة السورية يمكن أن يؤدي إلى دعم تنظيم القاعدة وحركة حماس بطريقة غير مباشرة.
إن مواقف الدول الغربية من الثورة السورية لا تختلف كثيراً عن موقفي روسيا و الصين , غير أن الأخيرتين قبلتا بتحمل تبعات المجاهرة بموقفيهما لأن روسيا تراهن في المقام الأول على علاقتها بإيران و أتباعها ( أكبر مستوردي السلاح لديها في المنطقة #) أكثر من مراهنتها على علاقتها ببقية الدول العربية , و التي لا تصدر لهم في الغالب سوى العاهرات , بينما تشاركها الصين الرغبة في ابتزاز تلك الدول ( الخليجية خصوصاً ) و إجبارها بطريقة أو بأخرى على شراء موقفها , عبر عقود نفطية أو مليارات مباشرة , كتلك التي تسلمتها موسكو مقابل موقفها من حرب الخليج الثانية , غير أن ما يميز دول الغرب هو شعورها بالقدرة على مخادعة السوريين عبر مسلسل التصريحات و المؤتمرات و محاولة إلهاء قادة المعارضة ( المتنازعون أصلاً ) و تشتيت مواقفهم , انتظاراً لحسمٍ ميداني- بات أكثر إلحاحاً من ذي قبل – يضع الثوار أمام الأمر الواقع , لذلك فلا غرابة أن يقف العالم متفرجاً على ما يحدث من جرائم في حمص و غيرها . أما إذا لم ينجح النظام في الحسم و تحتم عليه الخروج , فعلى الأقل ستكون تكلفة خروجه من السلطة باهظة , بحيث ستكون مهمة تضميد جراح الشعب و إعادة بناء البلد شاغلةً لأي سلطة .