الأستاذ دياب، لا اعرف هل تحب أن نناديك ريف أو زياد..
مع احترامي لرأيك، و إعجابي بأسلوبك الأدبي الذي لا استطيع مضاهاته، غير اني لا اتفق معك على الكثير من النقاط التي تعالجها.
إحساسي، و ربما كنت على خطأ، انك مقتنع بفكرة مسبقة عن الانتفاضة السورية و تحاول جهدك تخوينها و تجريدها من معانيها الثورية النبيلة بالتركيز على جوانبها السوداء.
للأسف، و من معرفتي الطفيفة بالتاريخ، أرى أن الكثير من الثورات زهقت الكثير من الأرواح، و قلبت صفحات سوداء عديدة لكي تصل إلى هدف، لم يكن حكما و دوما الهدف الذي قامت لأجله.
خذ على سبيل المثال الثورة الروسية التي أطاحت بالقياصرة، و فتحت الطريق للنظام الشيوعي، لا داعي للتذكير بكمية الدماء التي سالت من اجلها.
و اليوم، أين أضحى النظام الشيوعي؟؟ كلنا يعرف
الثورة الفرنسية و مقصلتها الشهيرة، صبغت " ما أصبح اليوم ساحة الكونكورد" باللون الأحمر، و كانت نتيجتها الأولية العودة إلى النظام الإمبراطوري تحت نابولين.
الثورة الصناعية، جرت معها مآسي اجتماعية و اقتصادية لا تحصى.
استخلص انه لا توجد ثورة نظيفة..
لا ادري هل تعتبر ثورة 8 آذار التي احتفلنا بذكراها البارحة، لا ادري هل تعتبرها ثورة، ام مجرد انقلاب عسكري. ربما تأخذ من التعريف الذي اقتبسته بمداخلتي السابقة، تأخذ صفة "تغير الأوضاع السياسية و الاجتماعية تغييرا أساسيا"
(03-09-2012, 03:21 AM)Reef Diab كتب: عندما شعر المواطن السوري أن الوطن هو الغاية أولاً وأخيراً وأنه الخط الأحمر الذي لايمكن الاقتراب منه وتجاوزه، رفض التدخل الخارجي بأي شكل من الأشكال، فالسيادة الوطنية هي أعلى وفوق كل المنظمات الحقوقية والإنسانية، ورغم تنوع رؤى المعارضين بين أقصى اليمين وأقصى اليسار والوسط، فقد أفرزت تلك التصريحات رؤى تثير المزيد من التساؤلات والشك والغموض لدى المتلقي والمتابع للشأن الداخلي ولم يجري في سورية، وكشفت بعض تلك التصريحات عن جهل البعض بأبسط أنواع الثقافة السياسية والقانونية والاجتماعية، وكثيرون من الذي تكلموا أراد أن يفصل ويحيك دولةً على مقاسه وبأسلوبه، والسؤال الذي يطرحه المواطن السوري ويتبادر إلى ذهنه : هل الذي قدموا تلك التصريحات قادرين على تأمين أبسط أنواع الحماية لأنفسهم أولاً وللشعب السوري ثانياً؟.
مع احترامي لك، أضيف صوتي لصوت نوار الربيع احتجاجا على تبوء منصب المتحدث باسم الشعب السوري و المواطن السوري..
لا ننكر أن الكثير من السوريين يرفضون التدخل الأجنبي خوفا من أن يحصل بسوريا ما حصل بالعراق و ليبيا.
رغم المغالطة الكبيرة بوضع كل الدمار الذي حصل بظهر التدخل الأجنبي.
نتحدث كثيرا عن مأساة العراق اليوم، و ننسى السنوات السوداء التي عاشها العراق تحت سلطة صدام، ننسى أو نتناسى الملايين الذي ضحي بهم بحروب صدام التي خدمت جنون العظمة الذي كان يلبسه.
نتساءل ماذا كان سيحصل بالعراق لو مات صدام موتة ربو ...
برأيي الشخصي، و لا انصب نفسي متكلم باسم الشعب العراقي، صدام حسين هو من يتحمل بشكل أساسي، و ليس الوحيد عن ما يحصل اليوم بالعراق.
نفس الأمر ينطبق على مجنون ليبيا الذي لا يتفق عاقلين على ضرورة تنحيته، هو أيضا المسئول الأول عن الدمار الذي لحق بليبيا، و نتساءل، لو لم يتدخل الناتو، و انتصر القذافي، هل يا ترى كانت ليبيا ستخرج بدمار اقل؟؟؟
لست واثقا من الجواب..
لنعد لموضوعنا..
لا انا و لا أنت و لا احد استجوب الشعب السوري ليعرف من منه مع التدخل العسكري و من منهم ضده. هذه حقيقة لا اعتقد انك تنكرها.
و الحقيقة الثانية تتعلق بالسيادة الوطنية، فقبل أن نحوم حول التعابير الرنانة و نضعها بالمكان السامي فوق رؤوس الجميع، اسمح لي أن أسألك: من الذي يسود اليوم بدمشق؟
هل يوجد شيء حقا يستحق لقب السيادة الوطنية تحت ظل نظام مافيوزي شعاره الأساسي "الأسد إلى الأبد" و بلا وطني و بلا أكل هوى....
أين هي السيادة الوطنية بنظام الأسد و تحت ظل 17 فرع مخابرات بكل بلد تحصي أنفاس المواطنين من اجل أن يسود أل الأسد و حواشيهم
انا بصراحة لست مع التدخل الأجنبي، و مقتنع انه شبه مستحيل بالوضع الحالي بسوريا، و لكني لا افرض رأيي، و كما يقول المثل "يلي بياكل العصي مو متل يلي بعدا".
أنا ضد التدخل الأجنبي و لكني افهم ذلك الذي يستغيث و يطلب العون من قرود السود.
الشخص أو الطرف الوحيد الذي يمكن أن يجنب سوريا الدمار الذي قد يلحق بها نتيجة التدخل الخارجي هو النظام، و عندما يطرح الأسد حلول ترضي جميع الأطراف هو من يجنب سوريا الوقوع بمخاطر التدخل العسكري و الحرب الأهلية.
و لكن، و لليوم، لا يوجد سوى الحل العسكري و القرار الأمني، و من عناد النظام فأن سوريا فايتة بالحيط لا محالة
و كما يبدو من كلامك التالي:
(03-09-2012, 03:21 AM)Reef Diab كتب: ، وحتى هذا التاريخ لم يخرج تلك الربيع ولم يتفتق عن براعمه، إذا كان قد تبرعم بالأصل! ولم يزل خريفاً موحشاً في بيداء خاوية تتساقط فيه شعارات تلك الثورات على قارعة الأحلام المزعومة.
من خلال قراءتنا البسيطة لتاريخ الثورات العربية والانتفاضات منذ القرن التاسع عشر مروراً بالاستقلال وانتهاءً بما يجري الآن، لايستطيع أي قارئ للأحداث إسقاط أي ثورة أو انتفاضة أو احتجاج يجري الآن في الوطن العربي ولا على ثورة واحدة حدثت في تاريخنا العربي، لابتعاد ما يجري في الساحة العربية كلياً عن مفهوم الثورة وأهدافها ومضمونها وشعاراتها ومنهج الثورة الفعلي، وكل ما يجري في وطننا العربي ما هو إلا تصدير للفوضى الخلاقة التي ابتدعتها الولايات المتحدة الأمريكية والتي تريدنا أن نستورد نموذجها الديمقراطي التي أدخلته للعراق، وتريدنا أن نغير حتى مناهجنا المدرسية وخاصة الجغرافية منها.
أنت مصر و مصمم على الإقلال من أهمية ما يحدث بوطننا العربي اليوم و منذ أكثر من عام، و افهم من كلامك انك تعتبرها فوضى بفوضى.
و ما تزال تعتبر أن ما يجري ليس أكثر من تحريض أمريكي.
نعود هنا لنظرية المؤامرة، و لاعتقادنا بأن كل من يحيط بنا يخطط لإفقارنا و احتلال أرضنا، و اليوم نضيف أن المؤامرة تهدف لتغير مناهجنا الدراسية و الجغرافية.
استاذنا الكريم، انت حر برأيك و بتنظيرك، فقط اسمح لي بالتذكير أن الكثيرين لا يفكرون مثلك، و لا يتفق معك جميع الدارسين لعلم الاجتماع.
أراهن على المستقبل و سنرى ما سيجلبه لنا من تغير بفضل الربيع العربي، الذي اتفق معك على كونه اليوم لم يزل بمرحلة الطفلة.
و لكن أول الطريق خطوة.
الأنظمة العربية هو سرطان متغلغل بعظام مجتمعنا، ليس من السهل التخلص منه
أراهن على المستقبل، الله يمد بعمرك و عمر الجميع، و سنرى كيف أن ما يحصل اليوم يفوق بكثير كل ما شهده عالمنا العربي منذ القرن التاسع عشر، و كل الثورات التي تتحدث عنها، و التي صمخت أذاننا، لم تجلب على وطننا العربي سوى المآسي و التخلف و الحكام الدكتاتوريين.
منذ سقوط الحضارة العربية من قطار الزمان لم يمر على بلادنا يوم ابيض. رغم الثورات التي شاهدناها على شاكلة ثورة الفاتح من سبتمبر و ثورة 8 آذار و غيرها
انظر أمامك و اخبرني ماذا جلبت لنا ثورات الاستقلال؟
هل تحقق شيء من الحلم الذي يحلم به كل العرب بأن يروا أمتهم بالصفوف الأمامية..
الجواب المتخازل الذي يتكرر:
الحق على الثلاثة أ أي الاستعمار و الامبريالية و أسرائيل.... بعبارة أخرى، الحق على المؤامرات التي حرمتنا من حظنا بتحقيق الحلم العربي و بالنهضة العربية.
إلى اليوم لم تستطع الثورات العربية الغابرة و لا الأنظمة الاستبدادية من تحقيق أي خطوة للأمام لكي نتجنب تهويد القدس كما تقول
(03-09-2012, 03:21 AM)Reef Diab كتب: وفيما أعتقده أن عمر هذه الثورات سيمتد وينتقل من مكان لآخر حتى تهويد القدس وإعلانها عاصمة للكيان الصهيوني الغاصب، وحتى الإجهاز والإكمال على السيطرة التامة على النفط الليبي، وتوقيع عقود الشركات التي ستتولى عملية إصلاح ما دمرته قوات الناتو من جهة والثوار من جهة أخرى.
قبل الثورة الليبية، كان القسم الأكبر من مردود النفط الليبي يذهب لأيدي القذافي و عائلته، و يمول ما يحصل بالعديد من البلاد المجاورة و لا ادري أي فائدة جناها الشعب الليبي من كل الأموال التي هدرها و القذافي و نظامه.
و نعود هنا لموضوع الدمار الذي حصل، نتذكر الدمار الذي سببته قذائف الناتو و نتناسى الدمار الذي سببته كتائب القذافي، و التهديدات التي أطلقاها و حققها نجله عندما ربط رحيلهم بدمار ليبيا.
(03-09-2012, 03:21 AM)Reef Diab كتب: أليس من حق المواطن العربي أن يتساءل عن علاقة فيلتمان وأتباعه بالثورات العربية، وما علاقة تركيا وفرنسا بالإصلاح في سوريا؟ حرصهم على لقمة الشعب، أم على مصالح بلدانهم؟ وما دوافع آل سعود و حمد؟ وأعتقد أنها أسئلة لاتحتاج لكثير من العناء لإيجاد أجوبة لها.
لا ننكر أن أي دولة أو نظام أو حتى أي عصابة لا تبذل أي مجهود خارج بلدها لو لم يكن لها من مصلحة..
و الأن سأجيبك على سؤالك:
ما حصل و يحصل بسوريا هو أمر يراه الغرب و العالم اجمع و يعرف به و أمامه ثلاثة خيارات:
1 ـ أن يغمض عينه عما يحصل من مبدأ فخار يكسر بعضه، و هذا يعني عدم مساعدة شخص بحالة خطر
2 ـ أن يقف مع النظام: و هنا سيخسر حكام العالم الغربي الرأي العام ببلادهم و الذي لن يتقبل "اخلاقيا" مساعدة الدكتاتور ضد شعبه.
3 ـ أن يقف مع الثورة، اما بشكل كلامي: و هو ما يحصل اليوم بسوريا. أو بشكل عسكري، عندما يتوفر من يمكنه أن يدفع الفاتورة كما هي حالة ليبيا.
ليس من المنطق أن نضع أسباب جميع ماسينا على نظرية المؤامرة.
السبب بأنفسنا، بثقافاتنا الفاسدة و بحكامنا.
أن تلاقت أهدافنا و مصالحنا بعلاج سرطان الحكم الذي ينخر عظمنا، مع مصالح غربية يهمها أن تستثمر ببلادنا، فهذا لا يعني حكما تخوين لثورتنا
(03-09-2012, 03:21 AM)Reef Diab كتب: حق المواطن العربي الحر الشريف أن يتساءل عن المدى التي وصلت له وحققته الثورات العربية في مصر وتونس من أهدافها القريبة حتى الآن؟ وماذا ستحقق في ليبيا واليمن وسوريا وبقية أقطار الوطن العربي؟،
طول بالك، لا يمكن تغير نظام صادر عقولنا لنصف قرن، لا يمكن تغيره بين عشية و ضحاها.
الهدم أسهل بكثير من البناء، و عندما يكون البناء يتهاوى، فقد يكون من الأفضل هدمه و إعادة بناءه بدل إصلاحه الذي لن يقدم سوى حل مؤقت
(03-09-2012, 03:21 AM)Reef Diab كتب: إن ما يثير الاستغراب اقتناع البعض بهذه الثورات، وما يثير الدهشة أن بعض قنوات الإعلام، إعلام التضليل والتلفيق كانت جزءاً مهماً في تسويق ما يريده الغرب لنا ويرسمه ويخطط له، وربما صدقت بعض تلك القنوات من أوهم لها ووشى في آذان مسؤوليها أنهم قادرون على صنع الثورة وتصديرها وإشعالها في أي مكان وبأي زمان!، فأي ثورة هي تلك التي يقودها "الفيس بوك والتويتر والغرف السوداء".
ماذا تأمل من قنوات الإعلام عندما يمنعها النظام من تغطية الأحداث؟ هل تريدها أن تصمت عن كل التجاوزات و تصفق للدبابات التي تحرر المدن السورية.
هل يسرك الصمت الإعلامي الذي أحاط بمأساة حماة بالثمانينات؟؟؟
اوكيه، لنقل أن قنوات الإعلام تضخم، و قد تنشر إخبار مغلوطة، و لكن ما الحل بخضم كل ما يجري بسوريا؟ و بظروف تمنع الإعلام من ممارسة مهنته.
هل على وسائل الإعلام السكوت، أو الاكتفاء بالرواية الرسمية و نصدق أن سوريا بكل خير و الحاكم عادل، و الإصلاحات على الطريق، رغم أنها تأخرت شوي.
و بالنهاية، ما هو المانع أن تستفيد ثورات العصر من تقنيات العصر من فيس بوك و تويتر و انترنيت ...
و عاشت سوريا، و كاسك يا وطن