قيل ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ،وعلى ما يبدو أصبح أيضاً سبباً للموت كما هو سبب للحياة...
أصبح طعم الخبز في سوريا بطعم الشهادة وأصبحت رائحته زكية عطرة، ولونه مال للأحمر القاني، لون ملوك البشر-الشهداء-المفضل...
فلم يعد يكفي عصابات الطاغية وشبيحته محاصرة المدن وقطع إمدادات الدواء والطعام والطحين،واستهداف الأفران التي مايزال بعضها يعمل تحت ظروف قاسية من قلة المواد وقطع مستلزمات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء وإيصالات ...بل عمد وبشكل ممنهج الى استهداف طوابير المواطنيين الطويلة الواقفة على أبواب الأفران بقصف عشوائي بالصواريخ والبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية...لتختلط دماؤهم مع أرغفة الخبز... التي يحرصون رغم كل المخاطر والأهوال على تأمينها لأطفالهم...
ولكنهم إن عادوا أحياء فأرغفة الخبز تكون مجبولة بدماء من استشهدوا...
وربما عادت أم لتوقظ طفلها الصغير وتقول له:فيق ياحبيبي ..جبتلك رغيف خبز..بس فيه شوية دم..
ففعلا ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان...فبالخبز أيضاً يموت الإنسان ...فخبز سوريا أصبح ينزف دماً طاهراً،ويموت لأجله كل يوم العشرات بل المئات من الناس ...
فأصبحنا أخوة مع الخبز في الدماء.