طيب نوار الربيع وفريمان، ما علاقتكم بالإنتفاضة و11 أيلول وكيف أثرت عليكم؟
يعني حميد كان ابن 13 في أحداث سبتمبر و14 في الإنتفاضة فماذا يمكن أن تؤثر هكذا أحداث على من في هذا الجيل وخاصة أنها في دولة أخرى أساساً؟
التسعينات بالنسبة لي لم تكن تختلف عنكم، ساعة كارتون بعد المدرسة على قناة الأردن وأيام الجمعة والسبت ساعة صباحية اضافية على القناة الإسرائيلية.
يوم الجمعة لا زال له ذكرى مميزة لا تُنسى، كل نساء الحارة ينظفن البيوت على صوت القرآن من الراديو، أطفال الحارة يلعبون خارجاً (أو يتشاجرون)، صبايا الحارة مجتمعات في ساحة بيت هرباً من أمهاتهن يسمعن الأغاني ويحافظن على النظام بين الأطفال، ثم صلاة الجمعة.
قبل أسبوع تقريباً، كنت أجلس مع صديقة أيطالية وفتحنا موضوع كارتون الأطفال، وتبين أننا كنا نشاهد نفس المسلسلات، ليدي أوسكار، السيدة ملعقة، هايدي، بيل وسباستيان، ماركو، الكابتن ماجد ..
ثم في بدايات الألفين ركب عمي صحن استقبال فتبعته الحارة عن اخرها وتطورنا الى ماوكلي، الذئب بُنَي، روبن هود، ريمي وداي الشجاع..
أتذكر يوم وفاة الملك حسين حين توقف بث الكارتون على القناة الأردنية، وذكرى النكبة حين كانت المحطات الاسرائيلية تبث مقاطعاً من التاريخ المشؤوم، وفترات كانت تنشط خلالها التفجيرات فنُمنع من الذهاب للبحر أو المجمعات التجارية، اغتيال رابين حيث كان جدي يشاهد البث مباشرة، ويبدي إعجابه بالفاطس بعد كل مقطع، وكيف انتفض الجميع عندما أُطلق النار عليه.
كان في بيت جدي Nintendo كنا نلعب بها لعبة صيد البط، وحاسوب لدكتور ماريو، دوم، برنس ولعبة أخرى لا أعرف اسمها عن انسان قديم.
الأردن زرتها مع العائلة مرتين، في ال96 وال99 وكانت أفضل رحلة في حياتي حتى الآن، أذكر حدائق الملك عبدالله ومنطقة عابدين ان لم أكن مخطئاً، كانت حارة كلها قصور وفيلات.
لم أكن من خبراء الأغاني لكني أذكر أغاني الهوارة لعاصي، حميد الشاعر ومصطفى قمر في أغنية غزالي، هشام عباس يا ليلة، روح روحي نجوى كرم.
أذكر زيارات أقارب أمي في الضفة الغربية حيث كنا نذهب من الصباح الباكر حتى آخر النهار، نذهب مع خال أمي الى الجبل على الحمار، بوسترات الشهداء المعلقة على أعمدة الكهرباء، الكتابات على الجدران، ومجنون البلدة الذي كان يلقي الرعب في قلوب الأطفال عندما يلحقهم، كل ذلك انتهى بعد الانتفاضة الثانية، أقارب أمي ثلاثة أرباعهم انتهوا في السجن، المجنون دخل السجن وخرج مشلولاً بعد عام، ولم أزر تلك القرية منذ عشرة سنوات تقريباً.
أما قضية الدين (نكبتنا)، فهو أكثر ما أفتقده من تلك الفترة.
رغم أن عائلتي متدينة، لكن كان كل شيئ مقبول (بدون تطرف)، فاكثر من نصف نساء أقاربنا لم يكن محجبات، لا أحد يصلي (غير والدي
)، الشيوخ معدودين على الأصابع، المعلمات يأتين للمدرسة بتنانير قصيرة وشعر مصبوغ -كان هناك علاقات حب بين المعلمين
- أما اليوم فكل واحدة غير متدينة شرموطة، والبنت اللي بتحكي مع شب يعني أكيد نامت معه ولازم اخوها "يغسل العار"، في غرف المعلمين قسم للمعلمين وقسم للمعلمات، المساجد مليئة أكثر من المقاهي وكل شخص ثالث شاحط لحية وعامل فيها قريش.
كل الاحترام يا وطن يا عربي على هالموضوع