سنن من كان قبلكم
لا أعرف كيف بقي النبي نبيا بعد كل هذا الدس عليه!
لدى الفقهاء النص لكن ليس لديهم قلب.
بالتالي ليس لديهم فقه.
يكاد كل من يلف رأسه، تلف الأيام قلبه..
في النصوص كل اللصوص، في القلب كل الله.
وهو المدار الذي تلوحه أيضا كلمة البسطامي العابرة،
"تقولون فلان عن فلان وأقول قلبي عن ربي .."
فمن لايعترف بالحرام الإنسانوي بذاته!
لن يكفيه ألف دليل ودليل ولا حتى وحي آخر.
ومن غير الممكن أن يكون اسبارتوكس ومزدك وصاحب الزنج وقرمط ولنكولن ومارتن كنك الزنجي، وغيرهم..يحاربون العبودية والنبي يشرعها !
الإنسانويات بديهيات لا تحتاجها المعرفة، سلبا أو إيجابا،
يحتاجها القلب فحسب.
لأنها معرفة وجدانية.
لذا يتساوى فيها العجوز وأفلاطون ولطالما تكون العجوز أولى من أفلاطون فيها،سيما إذا أدخلنا مشكلة أن العلم حجاب. فهذه الكليات يشعر بها الجمهور مطلقا كقيم ذاتية متفق عليها اتفاق ضمائري،يدركها سائس الحمار ومؤسس الأقمار على حد سواء.
امرأة مسيحية أو بوذية..
تعيش هادئة البال مع عيالها وأهلها وجيرتها وقريتها،
فيقتل زوجها وتفرق عن أطفالها وبيتها وديارها،
ليكبر الأطفال مستعبدين في بيت جندي مسلم !
ولتجبر هي على متعة أجسادهم. أهذه رحمة زفها الله لها؟
وياترى، ماذا كانت تقول تلك القوقازية الجميلة عن النبي وهي تسير مسبية باتجاه مدينته باسم أحكامه ليستعبدوها ويبعدوها من أهلها وحقلها وحبيب صباها، عن شمسها وأرضها، لتكون جارية في يد جلف ميزته فقط أنه يصلي الخمس !
ليس كل من هو ابن آدم إنسانا
وليس كل من صلى الخمس مسلما
بينما لدى المسلمين كل من يلده فرج مسلم فهو مسلم
حتى وإن كان فرجا زانيا لا مصليا !
لماذا نادى الحسين بن علي في كربلاء حينما بدأت نذالة مسملي يزيد في تجاوز قيم الحرب بتخويف الأطفال والنساء،فنادى: ( إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم وارجعوا إلى إحسابكم إن كنتم عربا كما تحسبون ). ؟
كل مافي الكون من (دين) لا يساوي دموع الأطفال إذا ما أريقت بسببه
وكل مافي الفتوحات من هدايةلا تساوي دموع أطفال الشعوب التي قتل فيها آباؤهم وسبيت أمهاتهم . وتركوا فيها يبكون ولو ليلة واحدة لأجلهم.
بل ولو لأجل كلب بابهم .
بقاء ذلك الطفل مع أبيه دون دمعة، بل بقاءه مع كلبه، أهم لدى الله
من كذبة الهداية بالشهادتين والانضمام جبرا إلى الدين .
الطفولة لا تخضع لأي مقياس قيمي.
وإنما كل المقاييس الإنسانوية تخضع لها وبالتالي لا يمكن تبرير أي شيء،
مهما بلغت قيمته الإنسانوية ووصف بالجمال. طالما أنه يفضي إلى عذابات الأطفال ودموعهم سواء كانمن قبيل تطوير المدار المدني استعمارا أو تغيير المدار الديني هداية ودعوة .
مشكلة هؤلاء المؤرخين الكهنة والإسلامويين المتأخرين والعوام أيضا،
هو تحول الإسلام معهم إلى طرف قومي إزاء الأمم،من ينصرهم على الأقوام يعظموه . ( كما هو الرشيد مثلا) ومن ينصرهم على أنفسهم يشنقوه ( كما هو الحلاج) .
لذا كل مشكلة الأديان بين بعضها صراعا هو تحولها إلى قومية فحسب.
أنا أولد بهوية إسلامية، وكذا المسيحي وغيره.
ويبدأ خلافنا ليس لأجل المبدأ الديني وإنما لأجل القومية الدينية ،
حتى وإن لم أكن متدينا.الله لا يريد نبيا يسير في الشعوب يقول أن الله واحد.
وإنما يريد نبيا يقول أن الناس كلهم من واحد. توحيد الروح البشرية،
مهما اختلفت الألوان والدماء والجنون والحب .. دعوة إلى الإنسانية الواحدة .
فمحمد كان يقول إنما بعثت أتمم مكارم الأخلاق ولم يقل لأتمم وحدانية الله ! فالوحدانية الإلهية رقمية ليس لها محل في كلمة الإتمام .
الله لايريد نبيا يقول: صلوا وصوموا وحجوا ( دللوا الله في عبادته )
إنما نبيا يقول :
لا تخدعوا لا تظلموا لا تقتلوا .. أحبوا .. اصدقوا .. أعينوا .. ( دللوا الإنسانية في وجودها ).
وهذه العناوين التي تعاقد عليها النبي مع مبايعيه وليس الصلاة والصوم وغيرها ..لم تكن شروط الانتماء هي الاتفاق على ماهية الله بأنه واحد وليس أربعة، وأن يصلوا ويصوموا ..
هذه عناوين متأخرة في الطريق هذا هو الفارق بين إسلام الفقه وإسلام الإنسان إسلام المعبد وإسلام الوجود . إسلام الكهنوت وإسلام النبي.
فالله لا يبحث عن دين تنتشي فيه عبادته إنما عن دين ينتشي به عباده .
إنما انتصر أبو سفيان حين أمسى الفقه يحلل لأجل لفظة ( لا إله إلا الله )
قتل الآباء وسبي الأمهات وبكاء الأطفال وتيه الحياة .
بدس كذبة ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا..)
بينما كان محمد يطلب من عمار أن يسب الله مرة ثانية
إن هددت قريش ظهره بالسوط مرة ثانية في كلمته المشهورة له( إن عادوا فعد) إشارة إلى سبه الأول تحت العذاب.
هنا بكل وضوح : ظهر عمار أهم لدى الله منه .
فانظر حرص الألوهية دون الإنسانوية مع الدعاة والفقهاء،
كما قديما تراهم ضد المجوسي والدهري والبوذي،كذا في الأزمنة الحديثة ضد الشيوعي والليبرالي وغيره .
دائما ضد كل من لا يقول بالله "حسب تعريفهم" ،
حتى وإن تميز الإنسان بنبالة كبرى، ليترتب على ذلك هدر وجوده، دمه، عرضه، ماله، زواجه.
لذا حينما كانت تظهر الفتاوى ضد الشيوعية
لا يقولون إنهم ليسوا انسانيين أو طغاة، وإنما يفتون أن الشيوعية إلحاد.
هذا هو الأساس لديهم تخطئتهم. أي لأنهم ضد "إلهنا" !
رغم أنهم كانوا مع الجياع والمستضعفين، وهو يكفي أنهم مع الله .
صحيح أنهم لا يرفعون أيديهم إلى الله
ولكنهم يرفعونها عوضا عن ذلك إلى الجياع.
فأن تطعم الجياع خير لدى الله من عبادته ألف عام.
إن الرسالة الدينية لدى النبي، لا تريد دعوة لله وللألوهية.
كما هو دور الدعاة.إنما دعوة للخير والإنسانوية فحسب.
الرسالة لا تريد نبيا يبني معبدا لله فالله ليس بحاجة المعبد
. وإنما نبي يبني قلبا للإنسان .
الله لا تهمه المعابد، القلوب فحسب ما تهمه.
إنما ينظر إلى قلوبكم . وإن كان غير ذلك فهو ليس من الله،
لأن الله ليس أنانيا !
الدين في جمهورية النبي، يمنح حياة وليس ما يمنح إلها .
النبي عينه لم يكن يقبل تسمية إنتمائية ضد أحد
ومن المهم التيقن أن الإسلام لدى النبي كان جماعة سلمية فحسب،
عقيدة وجودية في السلم فحسب، والإيمان شيء آخر لديه.
وإلا فهو يعرف أن أبا سفيان لا يمكن أن يكون مسلما
وهو بتلك الروح وخبثها. ورغم ذلك أدخله تلك الجماعة
كي يجتمع الناس على السلم فقط وفقط .
وهو ما سننتهي إليه من أن الإسلام جماعة إنسانوية وليس عقيدة لاهوتية ،
وأن الإيمان شيء آخر.
بالعربي
فارق كبيرة بين الصلاة والسياط
العلاقة بين العبد والسيد سياط وظهر.
وبين الإنسان والله مبدأ وقلب .
علاقة وجود يربح بها على الله لا يربح الله بها عليه .
كما هو السيد في ربحه المجاني في سخرة العبد بالقوة .
ولأن هذا المنطق بين الله والإنسان بقي حاكما على التشريع إلى يومنا هذا تحتم الأمر أن يكون التشريع مغلوطا في معظمه وأمسى الوجود مغلوطا به، كون هذا الفقه يغطي معظم حركة الناس والأعراف، سيما بعد أن أصبح الدين عرفا أكثر منه عقيدة.
والشرقي يستطيع كل شيء إلا أن يخرج على عرفه
لذا لا إنقاذ للوجود إلا بإبطال هذا الفقه .
طالما أن الواقع الديني أمسى : إلهك هو فقهك وليس الله .
الله ليس إقطاعيا يريد عبيدا له في الأرض،
يسخرهم لأجل ذاته، كما يسخرهم السيد التاريخي في أرضه وحرسه وخدمه .
إنه للإنسان إلهه لا سيده .
أصله، روحه، يعطيه وجودا بينما السيد يأخذ منه ..
العبد كل همه أن يتخلص من سيده و يبعد عنه ،والإنسان يلجأ إلى الله ويفر إليه .
السيد يرفض أن يرتقي العبد إليه،
بينما الله يريدك على مقاسه، صورته وشبيهه في صفاته
لا يريد حتى أن تكون مريده وتابعه .
لقد أمست الصلاة أهم من الله .
فالروح الحقيقية للدين أمست ملغية متأخرة لحساب الشريعة.
الله مبدأ وليس فقها،
والناس هم رسالته وليست الصلاة
. الفقهاء حددوا المتدين بالمصلي وليس بطاهر القلب أو بالطيب.
فلديهم أن تكون مسلما هو أن تكون ملتزما بفروع الفقه بين صلاة وجهاد. أمسى الدين مقلوبا !
والله بدون الحرية لخلقه لا يكون إلها،
والمعبد بتحوله إلى سلطة يقمع الألوهية وليس الحرية
لأن ألوهية الله لا توازيها إلا حرية الإنسان .
" ليس اللص من يسرق بيتك إنما اللص من يسرق وجودك "
من يتزوج امرأة قسرا
هو يسرق جسدها وإرادتها وسعادتها،
والفقهاء جعلوا هذا الزوج لصًا، بتحليل فقههم لهذا القسر.
طالما أنه تزوجها بالمعبد دون سؤالها عن موافقة قلبها.
يكفي صمتها ولو كان وجوما .
من يعلمك أن الطاغية كان عظيما يسرق تاريخك .
من يعلمك حرمة العشق يسرق حبك.
من يعلمك دخول مسجد الأغنياء يسرق صلاتك.
من يعلمك أن الآخر كافر يسرق إيمانك .
من يعلمك أنه مباح في دمه وعرضه وماله وأرضه يسرق إنسانيتك .
من يعلمك الكذب باسم الحيلة الشرعية يسرق صدقك .
من يخدعك بدين مزيف يسرق إيمانك .
مرةً تعبد حجرًا ولكنك لم تضرب به أحدا. فإن كسروه لك قبّلت أيديهم .
ومرة تعبد الله ولكنك تسبي وتقتل باسمه.
في الأولى تدين بدين الله وإن كنت وثنيا
وفي الثانية أنت ضد الله حتى وإن سميت داعية أو مجاهدا .ليس الأمر أن تحذف من الله ألوهيته،
إنما أن تحذف من الإنسان بشريته.
الكفر ليس قضية بين الله والإنسان. إنما بين إنسان وآخر.
أن يتجاوز عليه في وجوده الإنساني فيجعله عبدا في الاقطاعية
أو عبدا في الدولة أو عبدا في الزوجية أو عبدا في المذهب أو في المعرفة.
من يؤمن بالناس في وجودهم وسعادتهم وحقوقهم ليس ملحدا مهما أنكر الإله
بينما الذي يخدع البشرية ويسلبها سعادتها هو الملحد
. مهما صلى ونذر وصام وحج .لإلحاده بالإنسانوية كمعادل وجودي للألوهية في الأرض كخليفة له فيها .
وفي روح ذلك نجد النبي لما سئل عن امرأة متعبدة لكنها تؤذي جيرانها وأهلها،
قال : هي في النار . وحين سئل عن امرأة تؤدي عباداتها وكانت طيبة مع من حولها، قال : هي في الجنة .
فلا مشكلة لله أن ينكره الإنسان،
طالما أن الكفر لدى الله ليس هو عد الاعتراف به، وإنما عدم الاعتراف بإنسانه .
اعتبر منزلتك عند الله بمنزلتك عند الناس
فخدمة الله ودينه مقرونة بخدمة الناس، ل
ا بقرابين المعبد والصوم والنذور. الإيمان بالله إيمان بواجب الخير، قبل أن يكون بواجب الوجود.
التوحيد اعتقاد بالبشرية الواحدة بلقمتها وعطاءها وأخوتها.
قبل أن نناقش هل الله واحد أم ثلاثة ! هل له يد أم ليس له .
لماذا أسلم بلال بن رباح ؟ فلم يكن يعبد الله أيام الجاهلية، ولم يكن وثنيا أيضا .
ولم ينتمي لعبادة اللات والعزى ولم يكن مسيحيا باعتباره حبشيا.
إنما كان عبدا وحسب .
عبوديته تمنعه من الألوهية .
إنما لم يكن ليعبد الله في السماء وهو يعاني من عبودية لسيد في الأرض،
كانت مشكلة وجوده أنه عبد وبحاجة للحرية وليس إلى سيد جديد يعبده !
جلب له النبي الحرية، تنبه بلال إلى الحرية، فاعترف بالله وليس فقط عرفه .
اقتنع بلال بالدين لأنه وجده إنسانيا يخلصه من ظلامته وقيوده، وليس من خطاياه .
هل حارب علي بن أبي طالب في خلافته إلا المسلمين ؟ وثورات القرامطة والزنج والحارث بن سريج وأبي السرايا وزيد والصفارين والكثير الكثير
كلها كانت حروب إسلام ضد إسلام . وليس يهودية ضد إسلام !
أبو ذر طرده ونفاه خليفة المسلمين وليس هولاكو !
ابن زيد بن علي صلب على نهر يشربه المسلمون وليس اليهود!
ابن حنبل جلده أمير المؤمنين وليس جنكيز خان !
والحلاج ألقي من مئذنة وليس من ناقوس !
مالذي أكسب عمار بن ياسر الشجاعة والثقة حين قال لمعاوية وجنده( والله لو رددتمونا إلى نخلات هجر،
لما شككت أننا على الحق وأنكم على باطل ) .
إنها خبر النبي له من قبل ( تقتلك الفئة الباغية )
كل هذا ويحير المسلمون يوم صفين أيهما البغاة ؟
التعزية التي نقولها على مسامع الضعيف والمجرم والساقطة هي أشرف من الصلاة الطويلة التي نرددها في المعبد
وهذا منطق النبي عيسى حين وقف مع الساقطة
ضد المجتمع الديني وقال ( من لم يكن له خطيئة ، فليرمها بحجر)!
فعيسى أحال خطيئتها إلى ملامات الحياة ومصائبها وأقدارها
وليس على ذاتها فقط .
فاسم "الزنا" اسم اجتماعي وليس اسما للحقيقة.
فقد يكون هو زنا الأقدار وليس زنا تلك المرأة.
ولكنها أسماء المجتمع التي علمها إياه الكهنوت.
فالعقيدة أن تعزي تلك المرأة لا أن تعيّرها .
لقد كفر المعبد حينما ساوى بين التي سلب الحب بكارتها
وبين التي أحبت سلب بكارتها . كفر المعبد حينما شطب الآخر من إنسانيتي وجعله كافرا في ذمتي .
كفر المعبد حين أجاز لي قتل الكافر مهما كان نبيلا،
ونصر المسلم مهما كان دنيئا !
كفر المعبد حينما رفع سيفه أكثر من كلماته .
كفر المعبد حين جعل كتاب الله وكتاب الفقهاء واحد!
وجعل الفقيه مترجما لله وليس القلب.
كفر المعبد حينما قتل عليا في محرابه، وحمل معاوية على منبره.
كثيرون تركوا اللات والعزى وهبل وانتقلوا إلى الإله الجديد مع النبي، ولكنهم بقوا هم عينهم في قبحهم القيمي،
فلم ينفع معهم لاهوت جديد. فقط اسم الله ولكن بلاهوت أبي سفيان ولهذا كفر أبو ذر الغفاري بذلك اللاهوت.
ولهذا كان النبي يقول ( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام ).
فالكفار ليسوا الذين لا يصلون الخمس،
إنما الذين لا يَصِلون القيم . مهما أحاطوا بالكعبة وطافوا.
كانت صلاة أبي ذر لله هي عين كفره بالمعبد.
كي تكون مؤمنا بالله فعليك أن تكفر بالمعبد
وأن تنكر كل فقهه وأحكامه وسلوكه وتاريخه،
كي تكون مع الحقيقة فعليك أن تكفر بما اتفقت عليه البشرية
من أشياء مازالت تسمى بالحقيقة.
هو الله وحده ليس كمثله شيء . أما الإنسان عبد لكهنوته وليس للاهوته..
فلم يتبع المتدين كتاب الله إنما اتبع كتبه ومؤلفاته وتأويلاته في كتاب الله . فالكهنوت استعبد الله ولم يعبده .
مقتطفات من كتاب لصوص الله - عبد الرزاق الجبران
http://ab3adb.blogspot.com/2012/09/blog-post_23.html