الفيلسوف علي شريعتي والتشيّع الصفوي ح 2

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


بعض من كتاب الدكتور علي شريعتي – التشيع العلوي والتشيع الصفوي ح2



بلال أحمد

ان عدم تطرق علماء الصفوية وخطباؤها الى الحديث عن شكل حكومة الامام علي رضي الله عنه وطريقة كلامه، وطريقة سكوته، متى يتصدى ومتى ينزوي ويعتزل العمل، كيف يعمل وكيف يفكر، وما هي علاقته بالناس، موقفه حيال الظلم ومواقفه من التملّق والزور والتزوير والفقر والسرقة واغتصاب الحقوق وأثارة الفتنة، وبدلاً من ذلك يؤلفون المئات من الخطب والمجالس وينشدون الأشعار وينقلون القصص والحكايات قي أن الامام علي رضي الله عنه، تمكن من تحويل الرجل المنافق الى كلب – على الفور- وحوّل الآخر بنفحة واحدة الى امرأة تزوجت وأنجبت عدة أولاد وسكنت معه تحت سقف واحد لسنوات مديدة ومن ثمّ عادت الى حالتها الأولى كل ذلك في طرفة عين.



مذهب (الخاكشيرية)

يذكر الدكتور قصة عامل حمّام كانت وظيفته التدليك، في قديم الزمان ومنذ كان في الحمام أربعون عموداً ونافذة، كان المدلكّون يتّسمون في الغالب بخبرة عالية في جميع مجالات الحرف والفنون، وسبب ذلك ان الشخص الذي كان يرتاد الحمام ويجلس بين يدي المدلّك لساعات كان يمضي ذلك الوقت في التحدث بشؤون صنعته وهمومها لكي لا يشعر بطول الوقت، والعامل ينصت للجميع، وذات يوم وبينما كان المدلّك مشغولاً بحك بدن أحد الزبائن شكا الزبون للمدلّك معانات من ألم شديد في الظهر حرمه على النوم ولم ينفع معه أي دواء. قال له عامل الحمّام : بالمناسبة، لدي علاج بسيط جداً لألم ظهرك، خذ قليلاً من (الخاكشير) – هو نبات شبيه بالسمسم ينفع في إزالة الحمى- ونقّعه في الماء ليلة كاملة وتناوله في الصباح الباكر! شكر الزبون العامل على هذه الوصفة السريعة، وبعد قليل عاود الزبون الشكوى قائلاً: لا أدري أن كانت هذه من علامات الهرم والشيخوخة أم لا، فأن بصري ضعيف ويقول الطبيب أن عليّ أن أرتدي نظارة، وأنا لا أطيق النظارات ولا أدري ماذا أفعل، وخصوصاً أني أحب تلاوة القرآن. قاطعه المدلّك بالقول : لدي علاج مجرّب لهذه المشكلة أيضاً، خذ قليلاً من (الخاكشير) ونقَعه في الماء حتى الصباح ثم أشربه قبل تناول الفطور، إذا عملت هذا ثلاث ليل ستشفى إن شاء الله. ولا يمرّ وقت طويل إذا بالزبون يجدّد شكوى بعد آخرى، والعامل يصف له ذات العلاج، فما كان من الزبون بعد أن سئم من طريقة العامل إلا أن يغير مجرى الحديث، فقال : لقد تبدل نمط الحياة هذه الايام، فلقد كنت أعيش حياة مرفهة بأقل من هذه الأجور التي أتقاضاها اليوم، والان أزدادت الرواتب والأجور، ومع ذلك فقد أصبحت أربط لحية بأخرى لأجل تمشية أمور المعاش دون جدوى وتراني أتهرب ممن لهم عليَ ديون ولا أكاد أخرج من داري!، قاطعه المدلّك كعادته قائلاً : خذ قليلاً من الخاكشير ونقعه في الليل و……

هنا أنتفض الزبون بوجه العامل صائحاً : ما هذا الدواء الذي يصلح لعلاج ألم الظهر وضعف البصر وتسديد الديون؟!

فأجابه المدلك : مهلاً عليك – سيدي- فقد مضت عليّ ثلاثون سنة وأنا انقع الخاكشير ليللاً واتناوله وجه الصباح دون أن أرى أي مكروه!

نعم، هو ذا مذهب (التشيّع الخاكشيري)، أن عنوان (التشيع الصفوي والتشيع العلوي) يفصح بذاته عن الفرضية القائلة بوجود نمطين من التشيًع، ولهذين النمطين نمطان من التوابع والأنصار. أذن للتشيع حقبتان تاريخيتان، بينهما تمام الاختلاف تبدأ الاولى من القرن الأول الهجري حيث كان التشيع معبّرا عن الاسلام، وتمتد هذه الحقبة الى أوائل العهد الصفوي، حيث تبدأ الحقبة الثانية والتي تحول فيها المذهب الشيعي من تشّيع حركة ونهضة الى تشّيع حكومة ونظام.

شبكة البصرة

الاثنين 17 رجب 1434 / 27 آيار 2013