صرح غازي كنعان قبل شهر تماما بأنه:
[مستعد للتعاون مع القاضي الألماني (ديتليف ميليس) الذي يحقق بقضية اغتيال الرئيس الحريري، ولكَشْف تفاصيل الاغتيال وسلسلة الأوامر التي مرّ عبرها التنفيذ.. مقابل وضعه (أي غازي كنعان) ضمن برنامج حماية الشهود] (قدس برس-14/9/2005م)

أليس في هذا مبررا كافيا للتفريط بأحد أذرعة النظام القمعي، وأدواته النتنة؟!
ولكن....

هل يكفي هذا الإجراء الساذج لتضليل العدالة، وإخفاء معالم الجريمة، أم أن حبل سيطوق النظام وسدنته جميعا كما تطوقهم قضبان من العزلة الداخلية والخارجية؟!


لفت نظري تلك التصريحات الطنانة التي خرج بها خدم النظام كوزير الإعلام دخل الله، وبرلمانيه المنافق محمد حبش، وابنه البار أحمد الحاج علي، ومفادها أن هذا السلوك غريب على النظام السوري!!

أهو الاستغفال حقا أم البلاهة؟!!

ألم يكن فاتحة عهد بشار أنه تبوأ معالجة ما أسماه بملف الفساد في تصفية خصومه بهذه الطريقة الحقيرة، أم علينا أن نذكر هؤلاء الكذبة بذات السيناريو الذي اتبع مع الزعبي قبل سنوات!

ألم يكن ذلك الأسلوب الحقير وراء تصفية الشيخ الكردي السوري الخزنوي مطلع هذا العام؟

وإذا استطاع النظام إخفاء معالم جرائمه مع خصومه في لبنان من لدن جنبلاط وحتى سمير قصير فهل ثمة ما يسمح لهؤلاء الكذبة بأن يدعوا البراءة من دم الجريمة، بعد إذ أردت بهم تياستهم فما عادوا بقادرين حتى على التفكير بسيناريوهات بديلة؟!!

ولماذا تحديدا يتعثر فاروق الشرع في تصريحه أثناء تعزيته بذلك المجرم الراحل، فيسمي الواقعة بالاغتيال ثم يتدارك نفسه قبل أن يتداركه ناحروا زميله فيلحقونه به، ليسمي الواقعة باسمها المزيف على أنها واقعة انتحار؟!!

أبشع ما فقعني في التعليق على الحادث تعقيبات جنبلاط الديبلوماسية والتي خرجت عن المألوف لتسمي المجرم بغير ما يستحق! وحقيقة ما كان لي أن أفجع بتصريحه بعد إذ كان من رد فعله على اغتيال أبيه ما كان، غير أنني ظننته تاب وأناب عما سلف له من نفاق وتزلف للنظام الذي حلا له أن يبدي شجاعته عليه ويخرج سكينه بعد إذ أهوى لاعب السيرك الأمريكي بالثور السوري في حلبته، وطوح به!!

جنبلاط اليوم يخرج علينا بتصريح دبلوماسي سامج ليصف فعلة هذا المجرم بالشجاعة، و بأنها خير ما فعل!!!

فسحقا لهكذا شجاعة، ولهكذا حكم يحكم بها لمن لا يستحقها!!
عود على بدء، فقد رحل كنعان
وإن ننسى فلن ننسى لهذا المجرم جرائمه الشخصية بتصفية السجناء الوطنيين من إسلاميين وقوميين ويساريين وسياسيين شرفاء، بمسدسه الخاص أو برشاشه، أو بتعذيبه الشخصي لهم في حفلات التعذيب التي كان يعقدها في مقرّ المخابرات العسكرية في مدينة حمص.. ولن ننسى تصديقه الشخصي وتوقيعه على إعدام خيرة أبناء شعبنا في سجن تدمر العسكري.. ولن ننسى تشفّيه بجرحى التعذيب المافيويّ الأسديّ، واشتراكه شخصياً في تعذيبهم نفسياً وجسدياً، بيديه الملوثتين بدماء السوريين واللبنانيين الأبرياء الشرفاء.. ولن ننسى أنه كان أحد سماسرة النظام ولصوصه العتاة في سورية ولبنان، الذي أصبح مليونيراً في زمنٍ قياسيٍ من احتلال النظام للبنان الشقيق.. ولن ننسى القصص التي يشيب لها الولدان، التي رواها بعض الناجين من أقبية النظام، التي كان يحكمها هذا المجرم الصفيق في سورية ولبنان !.. نعم، لن نأسف على مقتل مجرمٍ نذلٍ من أنذال النظام، وندعو الله أن يجازيه بما يستحق، وأن يُلحِق به كلَ فاسدي النظام وسلاطينه ولصوصه وسماسرته.. من خونة سورية وشعبها !..

واسلموا لوطن يبقى خالدا، وجميعهم يفنون...(f)

>>

غياب كنعان الآن بالنسبة للتحقيق في مقتل الحريري معناه غياب أهم حلقة في سلسلة يمكن ان تقود الى ما هو اعلى من منصب الوزير ..

بالنهاية هذا هو الرجل الذي كانت تصب عنده كل الخيوط اللبنانية أمنيا وسياسيا وغيابه معناه انفراط العقد انتفاء فرصة تكوين جملة سياسية مفيدة تحل لنا عقدة الإغتيال وما تبعه من إغتيالات ..

خطر اليوم لي خاطر "غريب" لم أقرا أن أحدا فكر به حتى الان منذ سماع الخبر :

منذ البداية أستبعد فكرة الإنتحار تماما ولأسباب عديدة ...
ولكن بالنهاية المقتول بتاريخه وبعلاقاته وبما يمثل ليس رجلا عاديا بالنسبة للنظام السوري ؟

بمعنى ؛ "كنعان" ليس أبدا " زعبي" آخر يمكن التخلص منه بسهولة وبدون ان تفرق مع حدا في النظام ؟!

ماذا لو ان كنعان لم يمت ولكن تم تخريج مسرحية درامية كاملة تعلن عن "إختفاء" كنعان الأبدي من الساحة ؟

من رأى الجثة فعلا ومن قام بالكشف عليها ؟

مجرد اسئلة دارت في ذهني .. :rolleyes:

<<

وهذا ما صرح به ميشيل عون يوم أمس فكل الاحتمالات واردة، عدا احتمالية (انتحاره)!

ون كنت شخصيا أستبعد فكرة الاختفاء لأنها فكرة غير عملية لشخصية غير مغمورة، ولها أعداؤها الكثر حتى من داخل الطائفة...

الرجل كان يعد في الصف القيادي الأول، وقيل أنه من زلم بشار، وهم بعض من حرس قديم يحاول أن يقدموا أنفسهم بطريقة حضارية تخفي ولو ظاهريا معالم جرائمهم الراسخة في ذهنية الشعب السوري بعد ممارساتهم الهمجية على مدى أربعين سنة!

الاحتمال الأمثل والأكثر عملية هو تصفيته، وهي كلمت تلعثم بها زير خارجية النظام، وندت منه خطأ، لكنها ليست زلة عابرة، ذلك أن الشعب والمجتمع الدولي ينظر بريبة إلى تأطير ما جرى تحت عنوان الانتحار! خاصة وأن الطب الشرعي والقضاء حسم الموقف في ساعات، وصرح بدفنه بعد ساعات من عملية تصفيته الأمر الذي لم يفعلوه مع الزعبي نفسه من قبل!

لماذا حرصوا على دفنه قبل مرور أربع وعشرين ساعة من قتله؟ هل من تقاليدهم التعجيل بدفن الميت مثلا؟ فلماذا أخروا حافظ أياما وأياما إذن؟!
هل التحقيق والتشريح والتحري لا يستأهل كل ذلك الوقت؟ فلم استأهل أضعاف هذا الوقت مع الخزنوي والزعبي وغيرهم إذن؟

في المسألة إن ولعل ولكن وربما ولا شك

وتبقى الجريمة بكل ظلالها القذرة شاهد حي على أن ذيل الكلب لا ينعدل، وأن نظاما أغرق في الفساد والاستبداد حتى مفرق رأسه لا يمكن له أن ينصلح أو يصلح، فما ثمة إلا التغيير الشامل، عجل الله بفرج شعبنا وخلصه من شياطين الداخل ومؤامرات الخارج
واسلموا لود واحترام(f)

فيصل الشيخ محمد




نقل جهاد الخازن في عموده اليومي في الحياة " عيون وآذان " عن بشّار الأسد يوم 6/10/2005 ، نقل عن بشّار الأسد قوله له دفعاً للاتهام الموجّه للزمرة الحاكمة في سورية باغتيال الرئيس الحريري : ( إنّ النظام السوري قويٌّ من ناحيةٍ هرميةٍ ولا أحد يشتغل على حسابه ، ولا ضابط يتصرف وحده، إذا فعل ، هذا يرقى إلى مرتبة الخيانة وعقوبتها الإعدام ) .

وتعليقي على هذا القول من بشار : إنه لأول مرة أجد نفسي أمام واحدٍ من زمرة الحكم في سورية يقول قولاً مقارباً للحقيقة ، منذ أن تسلّقت حفنة من الضباط في ليل الثامن من آذار 1963 جدران الحكم في دمشق وأطاحت بحكومة الإدارة الشعبية المنتخبة وفق المعايير الديمقراطية بعد غيابها لسنوات في سورية .

نعم إنني أقدّر هذه المقاربة من بشار في قوله إنّ النظام السوري قوي من ناحية هرميّة ، ولا أحد يشتغل على حسابه . نعم هذه حقيقة يؤكدها رأس هرم الزمرة الحاكمة في دمشق – كما يقول المثل الشعبي – ( بعظمة لسانه ) .

الحكم في دمشق هرمي ولهذا الهرم رأس إنه قبل التوريث حافظ الأسد ، وبعد التوريث بشار الأسد ، وكل أحجار هذا الهرم التحتية هم حقيقة الأمر أحجارٌ ليس لهم من الأمر شيء إلا الصمود لحمل رأس الهرم ، وتنفيذ أوامره ، وتكييف البلد حسب مشيئته وإرادته وتوجيهاته .

من هنا نؤكّد على مقاربة بشار للحقيقة فيما يقول ، وبالتالي فإنّ كل ما حدث في سورية منذ اغتصاب والده حافظ الأسد السلطة في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 تجاه الناس وتجاه رفاقه وهو ما يفسر كل الممارسات والإقصاءات لبعض الرفاق عن الأهرامات الصغيرة التي كانوا يبنونها أو يسعون لبنائها ، لينفرد هو ببناء الهرم الوحيد الذي يراه مناسبا ومتناغماُ مع تطلّعاته المستقبلية لسورية المزرعة العائلية الفئوية الطاغية ، وهذا ما حصل بالفعل؛ فقد أسّس حافظ الأسد هرماً وحيداً لا يتسع لشريكٍ آخرٍ معه ، وراح يبنيه على جماجم المواطنين لا فرق عنده إلى أي دين ينتمون أو إلى أي طائفة ينتسبون ، وجعل من دماء المواطنين وجهدهم وعرقهم إسمنتاً مسلحاً يربط بنيان هذا الهرم حتى لا يتفكّك ، وعاشت سورية ( المواطن والوطن ) في ظلّه ثلاثة عقودٍ عجاف ، لم يمرَّ مثلها على بلد ٍغيرها ولا حتى في مجاهل إفريقيا أو غابات جنوب شرق آسيا .

وجاء الوريث بشار مسلّحاً بكل إرث أبيه من مظالم ومغانم ومفاسد ، وسار على نفس المنوال ، متتبّعاً خطاه مع بعض شكليات اقتضتها الظروف ليس إلا ، فبدأ كما بدأ أبوه ، تحلّل من كلِّ الوجوه القديمة التي رافقت مورثه تدريجياً ، بعد أن تسابقوا في إيصال بشار إلى مقاليد الحكم بمراسيم وقراراتٍ مزيفةٍ ومزورةٍ ومستهجنةٍ ، وذلك كي يرضى المعلّم الجديد بإبقائهم على ما كانوا عليه ، تابعين وخدم وإمّعات ، ولكن ظنّهم خاب ، فما لبث القادم الجديد أن تخلّص من تلك الوجوه الكالحة ، وراح يقرّب وجوهاً جديدة بعملية مكياج وتجميل أغضبت القاصي والداني ، ولم تفرح لا قريب ولا بعيد ولم تسر لا عدو ولا صديق .

نعود إلى قول بشّار في مقابلته مع جهاد الخازن : إنّ هناك في سورية هرم لا يمكن لأي ضابط أن يتصرف وحده .... نعم لا يمكن لأي ضابط أن يقدم على أيّ عملٍ في سورية في ظل النظام الذي أسّسه المورث حافظ الأسد دون أوامر ، فكل ما جرى في سورية من مجازر و مفاسد هي بأوامر من المورث حافظ الأسد ، واليوم هو كالأمس بأوامر الوريث بشار الأسد ، وبالتالي فإن كل ما حدث في سورية بعد وفاة المورث وتسنّم الوريث مقاليد الحكم هو نتاج أوامر شخصية منه لا يمكن أن يقوم أحد بأي عمل أو فعل دون أوامر شخصية من بشار . وبشار بهذا القول الذي أراد منه تبرئة نفسه ، أوقع نفسه في شراك الاتهام بغباء عجيب .

فالمورث حافظ الأسد أصدر أوامره باغتيال رئيس وزراء سورية الأسبق السيد صلاح البيطار رحمه الله ، وأصدر أوامره باغتيال رئيس وزراء الأردن السيد مضر بدران الذي نجّاه الله منها ، كما أصدر أوامره باغتيال الزعماء اللبنانيين كمال جنبلاط ومعروف سعد ونفّذ فيهم الأمر, والآن ليس مستغرباً أن يكون الوريث بشّار قد أصدر أوامره باغتيال رئيس لبنان السابق رفيق الحريري ، ومحاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء مروان حمادة , ورئيس الحزب الشيوعي جورج حاوي والصحفي سمير قصير ، وأخيراً محاولة اغتيال المذيعة مي شدياق , أليس المثل العربي يقول: ( فرخ البط عوام ) ، خاصّة وأنّ كل خطا الوارث بشار هي صورة مستنسخة عن خطا المورث حافظ .

من هنا لا بدَّ لي من تصديق بشار الأسد بادّعائه أنَّ النظام في سورية قوي من ناحية هرمية ولا أحد يشتغل على حسابه، ولا ضابط يتصرف وحده , وذلك على ضوء المثل " صدقك وهو الكذوب " .

نعم إنّ بشاراً لم يكذب فيما ادّعى ، وأؤكد على صدقه ، فكل الأحداث والشواهد تؤكد على صدقه فيما قال لجهاد الخازن رئيس تحرير جريدة الحياة ، ولذلك فإني أشير إليه بالاتهام بجريمة اغتيال الرئيس الحريري رحمه الله .... ما دام أنّ ضبّاطه لا يتصرفون إلا من خلال أوامره .

تحية...

أسوأ أنواع المعارضة تلك التي تعارض لتعارض و تجد في كل كبيرة و صغيرة مناسبة "لتنفش" ريشها مذكرة الجميع بأنها معارضة و أن هذا السلوك أو ذاك ينبىء عن سوء هذه السلطة محملة اياه كل ما في الدنيا من قبح فتأخذ العنوان العريض "للحدث" وتبني عليه قصصا طويلة و عريضة و ليست "عميقه", ليس تذكيرا بسوء النظام بقدر ما هو تجميل للنفس بعملية قد تكون قريبة من من عمليات التاتو و نفخ السيلكون.

أذا قال البيانوني "متفاصحا" أن كنعان "نحر" و لم ينتحر و تبعه هنا زميلنا أسماعيل أحمد فهما يعتقدان أن مجرد أن يقولا ذلك بطريقة "حكي" فض المجالس و قص السير فإن النظام الذي يكنان له "الحقد" فقط و ليس المعارضة الموضوعية سيزداد قبحا و سيقام دليل جديد بأنه لا يستحق أن يكون في السلطة,في الوقت الذي نتوقع فيه من مجموعة ذات تواجد "شوارعي" عريض أن تكون أكثر عمقا و جدية في تحليلها "لأنتحار" غازي كنعان و أن لا تقتصر رؤيتها على الجناس بين "أنتحر و نحر".

تأكيد أسماعيل أحمد بأن النظام نحر كنعان خبر أورده عن قدس برس و تعامل معه كصحيح البخاري و بنى كل مداخلته على هذا الأساس و نسي أن كنعان تسنى له أن يذيع آخر رسالة له على الهواء مباشرة و حرص حرصا شديدا على الدفاع عن النظام كما حرص على الإيحاء بأنه سيختفي بعد هذا التصريح, و قد يعزز تصريح من هذا النوع الرأي القائل بأن كنعان أنتحر.

أما الأطرف من هذا كله تعلق هذه المعارضة بكلمة قالها فاروق الشرع فتكمشوا بها و كأنها دليل الإدانة الدامغ الذي لا يرقى أليه الشك و هم بذلك يؤكدون السطحية الشديدة التي يعاملون بها الأشياء و تجعلنا نندب منذ هذه اللحظة لكون هذا الفريق الذي تعجبه السباحة "بالفايش" معارضة مرشحة لتعلب دورا و هي غير قادرة ألا على اللعب بالكلمات .

مودتي

أعجبني هذا التعليق من صبحي حديدي فاحببت ان اورده مع التنويه ان تعليق الزميل اسماعيل احمد مغرق في السطحية ...




غياب وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان على هذا النحو العنيف، سواء نُحر أم انتحر كما لا مناص من الترجيح، هو طارىء جلل ليس في ما يخصّ تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس وجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري فحسب (فالرابطة هنا تحصيل حاصل وأشبه بالتعاقب المنطقي للعواقب)، بل في ما يخصّ بنية النظام الحاكم لجهة آلة الاستبداد والتوازنات الداخلية ومحاصصات القوّة في مستوى الحلقة الضيّقة التي تحكم سورية اليوم أوّلاً، ثمّ آفاق بقاء أو تغيير أو تبديل النظام إجمالاً، ثانياً واستطراداً.



ومن الخير أن نبدأ بمعنى "الطارىء" هنا، إذْ ليس من المألوف أن تُغيّب أو تغيب ركيزة أمنية كبرى مثل كنعان في هذه الظروف بالذات من عمر نظام "الحركة التصحيحية"، والمعمار الأمني والعسكري والسياسي الذي شيّده حافظ الأسد لبنةً لبنة وجهازاً بعد جهاز وطالعا بعد آخر، يوماً بعد يوم وسنة إثر أخرى. ذلك لأنّ انتحار، أو نحر، رئيس الوزراء السوري الأسبق محمود الزعبي، في أيار (مايو) 2000، ليس سابقة مماثلة بالنظر إلى أنّ موقع كنعان في جهاز السلطة، فضلاً عن سجلّ خدماته وحجم نفوذه وطبيعة تأثيره في دائرة الحكم، لا تقارن على أيّ نحو بما كان يُلقى للزعبي من فتات الصلاحيات والسلطة.



الطارىء، إذاً، أن يكون تغييب أو غياب رجل مثل كنعان ـ وعلى هذا النحو غير السلمي وغير السلس، والعنيف كما ينبغي أن نتذكّر دائماً ـ هو الحلّ الوحيد تماماً، المتبقيّ أمام الساعين إلى معالجة مأزق ما، وخيم العواقب أو كارثيّ ربما، مقترن على نحو أو آخر بالرجل، ويستعصي الخروج منه أو إيجاد حلول له إلا برحيل كنعان. والطارىء أن يقدّر أهل النظام أنّ اللجوء إلى حلّ كهذا ليس ممكناً فحسب، بل في الوسع اعتماده كسابقة في معالجة مآزق مماثلة، رغم ما ينطوي عليه من أخطار جسيمة تمسّ بنية النظام ذاتها، للمفارقة!



وليست نتائج تقرير ميليس، أياً كانت آثارها المحتملة على حال النظام الراهن أو المستقبلي، هي من طراز المأزق الذي تقصده السطور السابقة. ولدينا، في كلّ حال، دالة واحدة ذات مغزى هام في هذا الصدد، يحدث أيضاً أنها تأتي من مسؤول أمريكي رفيع، وتتحلى في الآن ذاته بمقدار من المصارحة (أو الوضوح الأسود، إذا جاز القول) يندر أن تتصف به التصريحات الأمريكية الرسمية. فقد رفض آدم آيرلي، الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إقامة أية صلة بين انتحار كنعان وتقرير ميليس، بل أعرب عن \"قناعة\" ـ وليس ترجيحاً من أيّ نوع ـ بأنه \"من المستحيل وجود علاقة بين الأمرين\"، ليس لسبب آخر سوى أنّ بلاده تعرف ما سيتضمنه التقرير\"! وفي التصريحات ذاتها، إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال، LBC، رفض آيرلي أيّ تحليل يفترض أنّ كنعان ذهب ضحية صفقة أمريكية ـ سورية، وتابع يقول: \"هذا الكلام مناف للعقل".


ولعلّ الرجل على حقّ، بالفعل، إذْ لم يكن كنعان يصلح مادة لصفقة تنطوي على تقديم كبش فداء، والأرجح أنه لم يكن في رأس لائحة الحلقة الأضيق من المسؤولين السوريين المرجّح تورّطهم في اغتيال الحريري. والمرء، هنا، يتذكر ما تردد آنذاك من روايات تفيد أنّ قرار اغتيال الحريري نوقش، وحُسم، في اجتماع "حلقة الستة"، أيّ دائرة الحكم الأضيق التي تضمّ، إلى جانب بشار الأسد، كلاً من شقيقه العقيد ماهر الأسد، واللواء آصف شوكت (الذي سيصبح رئيس جهاز الاستخبارات)، واللواء غازي كنعان، واللواء بهجت سليمان (وكان آنذاك رئيس الفرع 251 والرجل الأقوى في جهاز المخابرات العامة)، وعبد الحليم خدام. الأقوال ذاتها أفادت أنّ كنعان وخدام كانا بين المتحفظين على قرار الاغتيال، الأمر الذي نستطيع التماس بعض منطقه في حديث وليد جنبلاط، يوم أمس، أنّ كنعان كان ضدّ قرار التمديد للرئيس اللبناني لحود، فضلاً عن تلميحاته إلى (دون التجاسر على تسمية) خدّام بوصفه أحد "كبار أصدقاء" لبنان السوريين الذين اعترضوا على التمديد.

فإذا جاز غياب الرابط، إلا بمعنى تحصيل الحاصل والتعاقب المنطقي للعواقب، بين رحيل كنعان وتقرير ميليس، فإنّ هذا الحدث الجلل على صلة مباشرة بالشروط الراهنة التي تحكم آلة الاستبداد والتوازنات الداخلية ومحاصصات القوّة في مستوى الحلقة الضيّقة الحاكمة. وأذكر، واستميح القارىء عذراً إذْ أذكّره، بأنني في التعليق على المؤتمر القطري السادس لحزب البعث توقفت عند قرار بشار الأسد نقل اللواء بهجت سليمان إلى «المقرّ العام»، أي كفّ يده عن أيّ نفوذ في جهاز المخابرات العامة عملياً. ولم أعتبر أنّ هذا القرار هو الأخطر في حزمة القرارات الأمنية التي اتخذها الأسد ضمن إجراءات ترتيب البيت الداخلي، لأنّ محاق سليمان كان مضطرداً، ومنطقياً خلال الفترة السابقة (الأمر الذي سبق لي أن أشرت إليه أيضاً)، لأسباب تخصّ ضرورات تثبيت سلطات وزير الداخلية غازي كنعان، وتحييد جهاز المخابرات العامة لكي لا يظلّ سلطة ثالثة عالقة بين كنعان وآصف شوكت (آل الأسد، وبشرى الأسد قرينة شوكت خصوصاً، ثمّ إدارة المخابرات العسكرية عموماً).



ولقد رجحت آنذاك أنّ يكون هذا القرار تسوية رئاسية توافقية، مع اللواء شوكت وبرضائه على الأرجح، وبالنظر إلى أنّ هذه قد تكون فرصته الأنسب لمغادرة السفينة الموشكة على الغرق، تماماً كما فعل نائب الرئيس عبد الحليم خدّام حين تنحى طائعاً. الأسئلة الأهمّ ظلّت، مع ذلك، قائمة: هل سيتوافق الرجلان، كنعان وشوكت، على محاصصة للقوّة ملائمة للطرفين؟ وإلا، إذا تنازعا، لمَن سيُعقد السبق؟ للأوّل، كنعان، الرجل الأكثر خبرة في شؤون أمن النظام، داخلياً ولبنانياً وإقليمياً، وآخر مَن تلقى من أعوان حافظ الأسد الذين تتلمذوا على يديه؟ أم الثاني، شوكت، المستجدّ على الجهاز والنظام، والذي لم يبدأ من أية مواصفات أخرى سوى أنه صهر الرئاسة؟



وأخيراً، هل دفع كنعان ـ سواء برصاصة في فمه، أم برصاصة في صدغه! ـ ثمن رفضه تسليم سلطاته إلى رجال شوكت، أو التسليم بما رتبوا أو يرتّبون قبيل دنوّ العاصفة، أو بغية الهروب منها إلى أمام؟



فلنعدْ بالذاكرة، خدمةً لرفد الافتراض بالقرينة، إلى سنة 2002 حين صدر قرار نقل كنعان من إدارة الاستخبارات السورية في لبنان، إلى رئاسة إدارة الأمن السياسي في سورية. لقد بدا حينذاك أنّ مهمة كنعان الجديدة تقوّي فريق بشار الأسد من جانب أوّل، ومن جانب ثانٍ تقيم توازناً أفضل بين الأجهزة الأمنية عن طريق استقدام ضابط كان بين الأكثر اطلاعاً على أسرار العمل الأمني في عهد الأسد الأب. لكنّ المفارقة ظلّت ماثلة. فهل جاء كنعان للاستيلاء على بعض أو معظم الصلاحيات الممنوحة إلى قدامى المحاربين في الأجهزة الأمنية، على نحو يوحّد العمل الأمني ويحصر القسط الأعظم من المرجعية في مركز ثنائي القطب (غازي كنعان نفسه، وبشار الأسد)؛ أم جاء للحدّ من، أو «ترشيد»، الصلاحيات المبعثرة، الغامضة التي يلوح أحياناً وكأنها تتفرّق أيدي سبأ، بين عدد من الأجهزة الأمنية التي لا ينسّق واحدها مع الآخر، كما تذمّر بشار الأسد نفسه في الأشهر الأولى من استلامه الرئاسة؟ ومَن يضمن أنّ احتدام الصراع بين زيد أو عمرو، هنا أو هناك في أطراف الجسد الأمني الديناصوري المتورّم هذا، لن يفضي إلى القتال بالسلاح الأبيض؟



والحال أنّه وقعت حادثة ذات دلالة خاصة، رغم أنها لم تكن تبدو هامة، أشارت إلى اندلاع الصراع بين صلاحيات وسلطات كنعان، وصلاحيات وسلطات أجهزة الأمن الأخرى خارج نطاق عمل الأمن السياسي (أي المخابرات العسكرية والمخابرات العامة). وهذه الحادثة كانت اعتقال المخابرات العسكرية للصحافي السوري إبراهيم حميدي، مدير مكتب صحيفة «الحياة» في دمشق، بقصد تقديمه إلى محكمة أمن الدولة بتهمة انتهاك المادة 51 من قانون المطبوعات الجديد ، أي تهمة نقل أخبار غير صحيحة. وكان الحميدي فد نشر تقريراً يتحدّث عن توجيهات رئاسية لاتخاذ إجراءات تسمح باستقبال مليون لاجىء عراقي في حال غزو الولايات المتحدة للعراق، الأمر الذي نفاه رسمياً مكتب رئيس الوزراء السوري.



أكانت هذه هي حقيقة الأمر؟ كلا، بالطبع، إذْ يصعب أن يكون هذا السيناريو كافياً وحده لتفجير الحكاية على النحو الدراميّ الذي تضمّن فرار الزميل إلى لبنان بعد أن نُصح بـ «التواري» بعض الوقت ريثما يهدأ غضب مسؤول أمني كبير (تبيّن فيما بعد انه كنعان) اعتبر أنّ على الحميدي العودة إليه قبل إرسال أيّ تقارير صحفية حساسة تتناول الشأن الداخلي السوري. في ما بعد اتضح أنّ الحميدي وقع في قلب تقاطع النيران، وفي الوسط من معترك ارتطام الصلاحيات بين مسؤولي الأجهزة الأمنية، وتوجّب أن يدفع ثمن اختلاط الأوراق وانقلاب المرجعيات وتبدّل الولاءات. تلك كانت أولى النُذُر بأنّ معركة كنعان من اجل توحيد القرار الأمني في البلد لن تكون يسيرة، في عهد رجال من أمثال حسن خليل (الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية) وبهجت سليمان، فكيف في عهد صهر الرئاسة آصف شوكت؟ وكيف بعد أن بات النظام جاراً للغزو الأمريكي في العراق؟ وكيف، بعد اغتيال الحريري؟ وكيف...؟ وكيف...؟



وهكذا، في ما يخصّ الآثار التي ستخلّفها سابقة تغييب أو غياب كنعان على مستقبل النظام، نستعيد أحد تفسيرات بقاء نظام بشار الأسد على درجة من التماسك النسبي، والذي يقول إنّ الحرس الفتي (الذي كان ينبغي أن يمثله بشار الأسد، مبدئياً، ويضمّ المقرّبين منه، وكتائب الحرس الجمهوري، وبعض الأجهزة والوحدات العسكرية الخاصة) تصالح سريعاً مع الحرس القديم الذي كان يمثله خدّام في الواجهة، وضمّ في الخلفية جميع الذين يطالبون بحصّة في الإرث، من قادة الأجهزة الأمنية الأربعة (العسكرية، العامة، القوى الجوية، الأمن السياسي)، إلى رئاسة أركان الجيش وقادة الفرق العسكرية، وصولاً إلى الأفيال والتماسيح الكبار والصغار في قيادة الحزب ومؤسسات القطاع العام.



غير أنّ تلك الشروط كانت تخصّ مراحل "السلم" بين الأطراف، حيث تسود قوانين المحاصصة وتقاسم القوّة وتوزيع النهب، وليس مراحل القفز سريعاً من السفينة الغارقة، حين أخذت لائحة الناجين تتضاءل وتنكمش. الأرجح، بذلك، أنّ كنعان قضى لأنه رفض مغادرة السفينة على نحو ما فعل بهجت سليمان وعبد الحليم خدام (وقبلهما، راضياً أم صاغراً، أمثال حكمت الشهابي، ناجي جميل، علي دوبا، علي حيدر، رفعت الأسد، محمد الخولي...)، ليس فقط لأنّ حصّته فيها تأسيسية أساسية وأكبر بكثير من أن يقبل التنازل عنها لأمثال آصف شوكت وماهر الأسد وبشرى الأسد، بل أيضاً لأنها لم تعد قابلة للبيع أو التأجير.



أو ربما لأنّ جهة ما نافذة، إقليمية أو دولية، ارتأت تأجير السفينة بمَن بقي فيها، إلى مستأجر أقلّ شأناً من كنعان، وإنْ كان يفوقه دموية واستعداداً للبطش!

حاج اسماعيل
أولا الحمد ع السلامة
ثانيا رمضان كريم
ثالثاً (f) خود هي
رابعا اصطبحنا وصبح الملك لله:

تقول:

اقتباس:صرح غازي كنعان قبل شهر تماما بأنه:
[مستعد للتعاون مع القاضي الألماني (ديتليف ميليس) الذي يحقق بقضية اغتيال الرئيس الحريري، ولكَشْف تفاصيل الاغتيال وسلسلة الأوامر التي مرّ عبرها التنفيذ.. مقابل وضعه (أي غازي كنعان) ضمن برنامج حماية الشهود] (قدس برس-14/9/2005م)

تقول يا عزيزي "صرّح" اي أنه أدلى بتصريح... لمن؟!
وأين هي نسخة هذا التصريح؟!!!
لم صبر النظام عليه كل هذا الوقت؟!!
ألا يملك النظام طريقة أكثر هدوءً لتغييبه؟
حسب علمي يوجد عقار يعطى بالوريد يغييب الشخص خلال برة وتكون نتيجة الكشف الطبي "هبوط حاد في القلب" ويمكن الوصول له وبسهولة فهل من العسير على النظام الحصول عليه؟.

هي أسئلة برسم الإجابة.
تقبل الله طاعتكم وصيامكم
دمت بخير
(f)

عزيزي جقل
سواء نحر الرجل او انتحر فهذا لا يعنى سوى ان النظام السورى متورط فى اغتيال الحريري
و الله نى لا ادرى كيف يمكن ان يكون هناك نظام بمثل هذا الغباء

عزيزي katz
معذرة للمداخلة ولكن قرأت ردك على الزميل جقل فأردت التعقيب.

عزيزي حسب معلوماتي فلجنة التحقيق الدولية برياسة القاضي ديلتيف ميليتس قد أنهوا عقود عدداً كبيراً من الفريق الذي يعمل معهم ولكن وبعد قرار التمديد أظنهم أنهم سيطلبون كفاءات جديدة ... أعتقد انهم بحاجة ماسة لخبرتك معهم ... فلا تحرمهم منها

سلام محبه †

حجى :)

كل عام وانت بخير (f)

ثم ...

اقتباس:  إسماعيل أحمد   كتب/كتبت  
أشير إليه بالاتهام بجريمة اغتيال الرئيس الحريري رحمه الله .... ما دام أنّ ضبّاطه لا يتصرفون إلا من خلال أوامره .

بنيت قاعده على الهواء ...

طيب الضباط نفذوا الاوامر وقتلوا ..... جميل .

ما الدليل على انه اصدر اوامر اصلا ؟؟؟؟ :what:

الا ترى ان البينه على من ادعى ... :waw:

نقطه اخرى :

هل ربط الشارع السورى بين نهايه غازى وبين تاريخه السابق مع الاسلاميين ؟؟ :what:

سلام ونعمه :97: