كلي ثقة بقدرة ولطف محدثي
أخي
قلت في بداية الكلام أن القصة وما فيها هي "مرونة لغة"، فأبيت أن تصدقني.
وهذه دلائل:
الصفي:
واذا رجعت الى ( القران) في استخدامه للفعل ( جعل) لعرفت بانه يفيد التهيئة و ليس ( الخلق).
ماذا تسمي ماسبق؟ وماذا يعني اعتمادنا في حديثنا على وجود عدة معان لكلمة واحدة؟
صديقي، الله يخاطب، والخطاب واضح، وعندما ألتف حول الكلمة لأجد معنى يوافق فهمي للآية فهذا أمر بسيط. يمكننا أن نتجادل حتى رمضان القادم بهذه الطريقة و بلا نتيجة.
هاك بعضاً مما قاله القرآن مستعملاً ( جعل ):
جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا:
المعنى هو التصيير، أي صيّرنا عاليها سافلها.
جعل الله الصلوات المفروضات خمسًا:
أيضا هنا معنى التصيير، صيرنا الصلوات خمساً.
الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ:
أيضاً، صيّروا للقرآن عضين.
نحويَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا:
صيّر الله له من أمره يسراً، وهنا قد نجد معنى التهيئة إذ يهيء له يسراً من أمره.
قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا:
هنا بمعنى التقدير، فهو مقدّر الأمور، أي: يصيّرها.
وَجَعَلْنَا في قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً:
هنا بمعنى الوضع والتعيين والتصيير أيضاً، وضعنا أو صيّرنا الرحمة في القلوب.
وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ:
هنا المعنى العطاء، أعطني لسان صدق، كوِّن لي، صيّر لي، اخلق لي صدقاً على لساني.
يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ:
أيضاً بمعنى الوضع والإدخال.
الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ:
معنى الوضع واضح، ويمكن القول بمعنى الاعتقاد أيضاً، ولكن التصيير لن ينتفي إطلاقاً عن معاني (جعل ) في القرآن، فتأويل: ( يصيّرون مع الله إلها آخر) تأويل وارد وغير مرفوض للمعنى.
وَجَعَلْنَا لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا:
التكوين والتصيير واضح، معنى التعيين هنا يفيد الكينونة والصيرورة بقوة.
وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا:
ماذا تريد وضوحاً أكثر من هذا في معنى ( جعلنا) غير الصنع والتكوين والتصيير؟
صديقي
إن افتراضك تهيئ القمر ليس مرفوضاً، يمكن قبوله، ولكنه ليس ملزم القبول لأنه سهل الرفض. جعله في كذا ... لا أثر هنا للتهيئ، بل للتصيير والصنع ... للخلق يا صديقي.
وجعل القمر فيهن نوراً، صيره، شكّله، وضعه. (في) تفيد المعنى بوضوح شديد. إذن فهو يتحدث عن مكان القمر، والعلم لا يقول لنا أن القمر في الغلاف الجوي.
وما زال المعنى رقم (3) هو الأقوى بعد كل تلك الشواهد القرآنية على أن الله استعمل ( جعل) للتكوين والوضع والخلق والتصيير أكثر من التهيئة.
ومن هنا، من استعمال القرآن لهذه الكلمة، اعتمد لسان العرب في تفسير الكلمة المعنى التالي:
جَعَلهُ يَجْعَلُهُ جَعْلاً وجُعْلاً وجَعَالة وجِعَالة
[COLOR=Blue]صنعه.
ويوووووووووووه ... ما أشد مرونة اللغة.
وحتى لا أطيل المداخلة، أقول أن طرحك لتفسير كلمة ( تَرَ ) لا يختلف عما سبق من تفسير ل ( جعل ).
مودة واحترام