هناك من البشر من تكون حياتهم مباركة و كذلك موتهم . من هؤلاء إدوارد سعيد .
لقد جمعت الأحزان التي فجرتها وفاة إدوارد سعيد ، العرب من مختلف الأقطار العربية مسلمين و مسيحيين على السواء . وإن هذه الظاهرة تدعونا لنتذكر بإعجاب ومحبة تلك الكوكبة الرائدة من المثقفين المسيحيين التي تواصلت عبر عروبتها بالإسلام . إن هذا التجرد و التسامي هو نتيجة و أيضا دليل على قوة الشعور القومي العربي و أصالته .
أثناء ندوة لتأبين إدوارد سعيد تابعتها تلفزيونيا ، استوقفتني مقابلة لافتة عرضها الدكتور كلوفيس مقصود بين المسيحيين في المشرق الذين تواصلوا مع الإسلام خلال العروبة و عرب المغرب الذي تواصلوا مع العروبة خلال الإسلام .إنني أتمنى أن تحظى هذه الظاهرة بالاهتمام الذي تستحقه ،و يتعلم المثقف المسلم أن يقدر مثل هذه المواقف التقدير الواجب المصحوب بالإكبار ،و أن يكون موقفه من المسيحيين نفس الموقف الكريم ، بل هو مطالب بأكثر من ذلك ، فالمسيحي الذي ينبري للدفاع عن الإسلام و المسلمين منطلقا من حسه القومي ، غير ملزم دينيا بقبول الإسلام و نبيه ، بينما المسلم ملزم بقبول المسيحية و المسيح دينيا و قوميا .أيضا أتمنى أن يقدر المثقف المسيحي أنه وارث لتلك التقاليد المجيدة للرواد من المثقفين المسيحيين فلا يلوث بالتعصب تراثا أشبه بتراث الأنبياء .
لعب المسيحيون العرب دورا بارزا في الكفاح الطويل الذي خاضته فكرة القومية العربية ، وقد سجل المؤرخون أن المسيحيين في بلاد الشام كانوا يؤيدون محمد علي باشا في بناء دولته العربية تأييدا واسعا ، وكان إبراهيم باشا قائده في الشام يجهر بعروبته ، فهو يستخدم اللغة العربية ،و يعد نفسه عربيا ،و لا يتوقف عن الطعن في الأتراك .
و نعلم أن فكرة القومية العربية قد بدأت في الشام منذ بداية القرن التاسع عشر على يد رواد مسيحيين مثل ناصيف اليازجي و ابنه إبراهيم ، و كلنا يذكر صدر قصيدة إبراهيم اليازجي التي يقول فيها .
تنبهوا و استفيقوا أيها العرب *** فقد طمى الخطب حتى غاصت الركب .
و المثير للتعجب و الإعجاب أيضا هو أن الشعور القومي العربي ارتبط أيضا بانفتاح هؤلاء الرواد على الإسلام ، فترتبط العروبة لديهم بالإسلام ثقافة و قيما في ظاهرة لا يمكن مقارنتها سوى بانفتاح غاندي نبي الهند الكبير على الإسلام .
ومن منا لا تهزه أبيات الشاعر اللبناني المسيحي رشيد سليم الخوري .
يا مسلمون و يا نصارى دينكم *** دين العروبة واحد لا اثنان
إني على دين العروبة واقف *** قلبي على سبحاتها و لساني
إنجيلي الحب المقيم لأهلها *** و الزود عن حرماتها فرقاني
بل هو يقول أيضا في دعوته العرب لقتال المحتل
إذا حاولت رفع الضيم فاضرب *** بسيف محمد و اهجر يسوعا
" أحبوا بعضكم بعضا " و عظنا ***بها ذئبا فما نجت قطيعـــا .
لدينا قائمة طويلة لأولئك المثقفين المسيحيين الذين عبروا قنطرة العروبة إلى الإسلام ، فمن الشام لدينا البيرت حوراني ، قسطنطين زريق ، ميشيل عفلق ، بشارة الخوري ، وصفي قرنفلي ، جورج حبش ، إدوارد سعيد، عزمي بشاره ، و ........و لدينا من مصر مكرم عبيد باشا ، نظمي لوقا ، الفريد فرج ، سامي داود.و ..... الخ
و كمثال نجد الشاعر وصفي القرنفلي يكتب قصيدة شهيرة باسم ( محمد ) لابد أن تثير فينا الإعجاب بتلك الروح العروبية الرائعة التي تجعل محمدا بطلا قوميا في أعين المسيحي العربي حتى لو لم يكن مرشده الروحي . يقول فيها :
صاح بالشرق واستثار بنيه ***فتنادوا بالفرس و الرومان
ومشوا للحياة تحت رايته السمحاء صفا موطد الأركان
منقذ الشرق أنت لم تنقذ المسلم دون المواطن النصراني
فجزاء الإحسان أن ينهض الشرق جميعا بواجب المهرجان .
بل هو يقدم لقصيدته بموضوع راق ، يفيض شفافية و بهاء ، فيقول :" فأنا أحترمه ( ص ) كنبي جاءنا بالهدى و الرحمة ، و انضوي تحت لوائه كمنقذ لهذا الشرق من إسار الفرس و الرومان ،و أنا أرى في الإسلام قوة للشرق في جهاده القومي يجب استغلالها ، و إذا لم يكن للقرآن من يد سوى صيانة لغتنا لكفاه ذلك فضيلة ...".
أما الشاعر الأخطل الصغير ( بشارة الخوري ) فمن منا لا يذكر بيته
من مبلغ مصر عنا ما نكابـــده ***إن العروبة فيما بيننــــا ذمم
ركنان للضاد لم تفصم عرى لهما ***هم نحن إن رزئت يوما ونحن هم .
يعتز القوميون و العروبيون الحقيقيون بأنهم يقدمون النموذج الأرقى في العلاقة بين عنصري الأمة ( المسيحيون و المسلمون ) لأن التعصب الديني هو بمثابة الكفر في المقياس القومي . رغم ذلك فإن الانتماء القومي ليس بديلا للانتماء الديني ،و لكنه يضع الدين في مكانه الطبيعي ،كقوة روحية وهداية و عبادة ، إن الروح القومية وحدها تجعل تعايش الأديان ممكنا بل و مطلوبا .أتذكر الآن مقالا لرجل دين مسيحي في فلسطين بعنوان " وا إسلاماه " ،فقد شعر أن المحنة التي يعيشها شعبنا في فلسطين تربطه بالإسلام و المسلمين كواحد منهم .ومن العجيب أن يعاملنا الأعداء الصهاينة و الأمريكيون -مسلمين و مسيحيين - كعرب ، ونتعامل ما بيننا كمسلمين و مسيحيين !.

المسيحيون يدافعون عن اوطان تكرههم وتضطهدهم!!!

ردا علي محمد بخيت ومحمد شاهين: المسيحيون العرب يدافعون عن أوطان تكرههم وتكفّرهم!
2003/10/24

اسعدني واحزنني في نفس الوقت ما جاء برسالة القارئ محمد بخيت المنشورة بـ القدس العربي 20 تشرين الاول (اكتوبر) 2003 بعنوان تحية للمسيحيين العرب في شخص ادوارد سعيد اما سبب مشاعري هذه فهو ندرة من يلتفتون الي موضوع المسيحيين العرب ويكتبون عنه، وربما يمكن عد المقالات الجادة التي تناولت هذا الموضوع بالذات في السنوات الاخيرة علي اصابع اليد الواحدة! وسعدت برغبة القارئ الكريم في التواصل بشكل اكبر مع المسيحيين العرب.
ومن الجميل ان يلتفت الأخ محمد بخيت الي المسيحيين العرب مقدما لهم التحية، ولا شك ان الراحل العظيم ادوارد سعيد هو احد اهم تجلياتهم الحديثة، وان كان التاريخ العربي الحديث، خاصة في لبنان وسورية ومصر، يزدحم بمآثر آخرين من المفكرين والشعراء والصحافيين والسياسيين الذين كانت ابداعاتهم وعطاءاتهم للثقافة العربية لا تعلوها سوي عاطفتهم المتأججة حبا وحدبا وزهوا بانتمائهم العربي.
وفي نيويورك نفسها، التي منحها ادوارد سعيد بعض بهائه بمجرد وجوده الجسدي فيها، منحها من قبله جبران خليل جبران الكثير من وهج الشرق وجموح خياله ودفء وجدانه، فخلب لبّ الشباب الامريكي بالذات وهو ما يزال في سنوات البراءة الروحية والمثالية الفكرية.
اما سبب الحزن فهو ان معرفتي العميقة وعلاقاتي الواسعة بالمسيحيين العرب، وعلي الأخص بالاقباط في مصر والمهجر ـ الذين انتمي اليهم دينيا ـ تجعلني اقول ان المسيحيين العرب ـ وخاصة الاقباط ـ كادوا ان يفقدوا كل امل في ان تكون هناك علاقة تواصل حميم بين عامة المسلمين وبينهم، واصبح جل همهم هو فقط تجنب وقوع الأذي والاضطهاد عليهم وضدهم من قبل اخوتهم في الوطن و من قبل المسؤولين في نفس الوقت ودعني استشهد بمثالين سريعين جاءا في جريدتين تصادف انني اكتب فيهما، احدهما هي القدس العربي التي سأعود اليها بعد قليل والاخري هي ارثوذكس نيوز وهي جريدة رزينة مسؤولة تهتم بشؤون الاقباط في الولايات المتحدة، وفي كلمة لرئيس تحريرها الصديق الاستاذ عزمي حنا يقول بعنوان: الا من نهاية لهذه الاضطهادات في صباح يوم الجمعة الموافق 19 ايلول (سبتمبر) 2003 بينما كان الأب ابانوب يقيم صلاة القداس الالهي في كنيسة بأسيوط (في صعيد مصر) اذا بقوة مسلحة تداهم الكنيسة وتطلب من الكاهن والمصلين ان يتركوا الكنيسة فورا، ولما رفض الكاهن والشعب (اي المصلون) الاذعان لهذه الأوامر قامت قوات الشرطة بحجز القرنبي (اي الشخص الذي يخبز القربان) والقربان والقاء القبض علي البعض من الشمامسة وقاموا بتفتيش الكنيسة!! وانتشر الخبر بسرعة بين سكان مدينة اسيوط فجاء الالاف من سكان المدينة المسيحيين الي الكنيسة ليساندوا شعبها واعلنوا استعدادهم للشهادة اذا لزم الامر ليبدأوا عهدا جديدا من عهود الاستشهاد .
وعهد الاستشهاد الذي يشير اليه الكاتب هو فترة كانت مصر فيها تحت حكم الرومان وكان الرومان يضطهدون المسيحيين كما هو معروف في روما وفي مصر في محاولة منهم لوقف نمو المسيحية. واستشهد الاف الاقباط في مصر ـ وهم اجداد المسيحيين والمسلمين المصريين اليوم ـ عندما رفضوا التخلي عن ايمانهم، وهكذا نري ان بعض المتطرفين والمتعصبين في مصر اليوم، ومنهم بعض رجال الشرطة انفسهم المنوط بهم حماية جميع المواطنين، يتصرفون مع الاقباط بأساليب بالغة الفظاظة والجهل، يقتحمون فيها الكنائس في وسط الصلاة، وجاء هذا بعد ايام قليلة من حادث مشابه فـــي صحراء مصر، ذهبت فيه فرقة من الشرطة المصرية المدججة الســــــلاح وكأنها ذاهبة الي معركة مع الاعداء ـ للتعرض الي دير الانبا انطونيوس في منطقة صحراوية بالبحر الاحمر. وهذه الحوادث المتكررة تزيد من احساس الاقباط بأنهم مكروهون وملاحقون في وطنهم، وممن؟ ليس من الرومان الغرباء المحتلين ولكن من اخوتهم في الوطن!!
اما المثال الآخر لما يتعرض له المسيحيون العرب من اتهامات وبذاءات الكراهية والجهل بشكل يومي، فتجده عندما تفتح اي جريدة عربية او تشاهد اي فضائية عربية، فتجد المسلمين العرب من شيوخ الي علماء الي ملتحين يصبون اللعنات علي الكفار من اليهود والنصاري هؤلاء المسيحيون العرب الذين تحييهم انت ****هم عدد كبير من الاسلاميين جهارا نهارا علي صفحات الجرائد والفضائيات، الامثلة لا تحصي انظر مثلا الي نفس الصفحة من نفس هذه الجريدة التي نشرت فيها رسالتك، فستجد لصقا برسالتك رسالة اخري من القارئ محمد شاهين بعنوان ردا علي سعد عطية: لم لا تنظر الي الطبيعة لتتفكر في خلق الله؟ يقول فيها عن سعد عطية: وانا استغرب هل كاتب المقال مسلم ام كافر فان كان مسلما فاني سأرد، اما ان كان كافرا فاني لن اعلق لان ليس بعد الكفر من ذنب .
وهكذا نجد ان في عرف الأخ محمد شاهين والكثيرين من امثاله المتطرفين، ان كل من هو ليس مسلما (ومنهم المسيحيون العرب) هو كافر ليس بعد كفره من ذنب! هذا هو الفكر الظلامي غير الانساني المتخلف الذي تركه المسؤولون عن ثقافة وسياسة مجتمعاتنا العربية ينتشر ويعشش في ادمغة الملايين كالعناكب علي ابواب الكهوف.
انه لمن المدهش والمعجز حقا اننا ما زلنا نري المسيحيين العرب متمسكين حتي الموت بوطنيتهم وولائهم لاوطان لم يعد لهم فيها شيء!

فرانسوا باسيلي
كاتب من مصر يقيم بنيويورك
6
جريدة القدس العربى


=====

بعد قيام أشاوس البوليس بالإعتداء على كنائسنا وأديرتنا بمصر اقول
شبعنا شعارات

أرفض تعميم حالة المفكر العبقري و المناضل الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد على المسيحيين العرب .....

حيث أن وضع المسيحيين العرب يختلف من بلد إلى اخر ....
فوضعهم سيء في دول و مقبول في دول أخرى ..... التعميم إذن ليس جائزا ....

قد يكون جيدا نسبيا في سوريا و الأردن و فلسطين مثلا ... و يأخذ طابعا عنصريا في لبنان .... و سيئا في مصر و السودان و العراق ..

و الحالة الفلسطينية حالة يشوبها التسامح و التعاون من أجل القضية و أيضا ستجدون الكثير من المحبة بين المسلمين و المسيحيين .... و هذا قد لا ينطبق على حالات أخرى ...

كما أنه ليس كل المسيحيين سواء كانوا عربا أو عجما ينظرون إلى الإسلام بنفس الطريقة التي نظر بها المفكر الراحل إدوارد سعيد ....

خذوا أنطوان لحد مثلا .... و بعض الأصوات الكتائبية في لبنان التي كانت تقول أن الإسلام دنس لبنان ... بعض الأقباط في مصر يكرهون كل ما هو عربي و مسلم ( ما أكثرهم على ال Paltalk ) و يقولون انهم لا يمتون للغة العربية بأي صلة و يريدون إحياء اللغات المصرية القديمة كما أنهم يقولون أن خراب مصر الحالي تعود جذوره إلى عمرو ابن العاص ....

ليس كل عربي مسيحي قوميا ( مثل الزميل جمال الصباغ أو مؤسس البعث ميشل عفلق) أو يقرأ و ينقد الإسلام بنظرة استشراقية موضوعية ( مثل الدكتور إدوارد سعيد) .... كما أن العكس الصحيح .... فليس كل مسيحي حاقد على القومية أو الإسلام ...

عزيزي سيرش
شكرا على تواجدك
عزيزي .
ما قصدت أن أطرح قضية الفتنة الطائفية و تداعياتها و أسلوب معالجتها . و لكني فقط أريد أن أعلق في نقاط محددة .
1- نعم هناك ظاهرة احتقان طائفي في مصر ،و هي في اعتقادي تجاوزت الأسوأ رغم أنها لم تنته بعد . هذه الظاهرة موجودة بأشكال مختلفة في العالم العربي ، لكنها ليست بالضرورة دينية ،و ليست بالضرورة محتقنة ، بل هي غالبا حبيسة الدولة البوليسية التسلطية كما حدث في العراق . هذه الظاهرة للأسف مثل الألغام التي لا تعرف متى تنفجر ، ففي مجتمع منفتح مثل لبنان حيث التنوع العرقي و الديني شيء طبيعي ، فوجئنا بأكبر حرب طائفية عربية . هي قضية شائكة و معقدة و لكني أرى أن أسوا ما نفعله حيالها هو إنكارها .
2- حسنا في مصر أرى أن هذه الظاهرة طارئة ، وهي نتيجة لغياب المشروع القومي و انتكاسة الفكر التنويري و قيم العلمانية ، و إزدهار الفكر الديني المتطرف لأسباب عديدة ، هي تكرار أبله لمعزوفة الاضطهاد الديني و الاضطهاد المضاد ،و هي بالأساس تحمل رائحة الجهل و الفقر و الأمية بأكثر من كونها ظاهرة ثقافية ، و هناك علاجها في التنمية و العدالة و التعليم و التنوير .
3- إذا عقرك كلب فإنك لا تعقره ، و لكن تقود حملة للتخلص من الكلاب المسعورة . وهذا ما فعلناه لمقاومة تلك الظاهرة و منذ البداية و بمبادرة ذاتية ، شكلت القوى الوطنية المستنيرة لجان الوحدة الوطنية التي انضم إليها كبار الشخصيات المسلمة و المسيحية ، وكان حزب المستقبل تحت التأسيس نشطا في هذا المجال إلى الحد الذي اعتقد البعض ان تلك اللجان تتبع الحزب ،و لكنها لم تكن كذلك فقد انضم إليها أقطاب من مختلف الأحزاب بما في ذلك الحزب الوطني مثل المرحوم الوزير حسن أبو باشا و الوزير محمد إبراهيم كامل و د/ مصطفى الفقي و ....، و هناك أيضا مختلف الطيف السياسي مثل د/ ميلاد حنا و د/ رفعت السعيد ( تجمع ) و المرحوم خالد محمد خالد ( مستقل – إسلامي ) و المرحوم د/ فرج فوده و الأستاذ وجيه خير ( مستقبل ) و د/ محمود أباظه ( وفد ) و .... الخ .
4- يجمع المثقفون في مصر على ضرورة إنقاذ مصر من الطائفية ( هذا الوحش القادم من كهف التاريخ ) كما عبر عنه د/ يونان لبيب رزق ، و إننا في هذا النضال القومي نواجه عدوين هما التعصب الظلامي الذي تتبناه الجماعات الإسلامية المسلحة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة غير مأسوف عليها ،و التي ترى العنف ضد الآخر أسلوبا شرعيا ولا تقيم وزنا للمواطنة بل ترفضها ، و الآخر التعصب المضاد لمن ينطون تحت عباءة جماعات الضغط الصهيونية في أمريكا ، و التي يعبر عنها البعض بقوله :" الأقباط قد يضطرون في مستقبل غير بعيد إلى حمل السلاح ". و أيضا لنا حلفاء أقوياء ، مئات السنيين من الحياة المشتركة ، و روح العصر و قيادات مسيحية و إسلامية هي رمز الوحدة الوطنية .
5- إنني أرى أن الفتنة الطائفية هي مسئولية الأغلبية المسلمة بالأساس ، و عليها أيضا يقع واجب التخلص منها ،و يجب أن نفهم الاضطهاد الديني المضاد في ضوء تلك الحقيقة ، فهي رد فعل ينتهي بانتهاء الفعل .
6- سامحك الله أخذتني من عالم القيم النبيلة و أعدتني للكشح و الزاوية الحمراء ،و لكن أليس ذلك هو عالمنا ، دائما نفيق من أحلامنا الوردية على وقع المآسي التي يدفع منها الأبرياء الذين وعدوا بخلافة الأرض فلم يرثوا سوى الجحيم !.
7- لك تحياتي .

عزيزي فلسطيني كنعاني
تحياتي
لا أعتقد أن وضع المسيحيين سيئا في مصر أو العراق ، ففي مصر كان هناك اثنان من رؤساء الوزارات من الأقباط هما ( بطرس غالي و يوسف وهبه ) و رئيسا قبطيا للمجلس النيابي (ويصا واصف ) وعددا كبيرا من نواب رئيس الوزراء ( منهم مكرم عبيد باشا و د/ بطرس غالي ) و الوزراء ، بينما لا تتجاوز نسبة المسيحيين 5-7 % . بل نسبتهم تقل عن نسبة السنة في إيران المسلمة بينما لا يوجد بين سنة إيران من يشغل منصب الوزير كما أعلم .
لا أدعي أن الحال عال العال ، و هو بالقطع دون ما نتمنى و لكنه لا يشبه بحال ما يروجه البعض خارج مصر . فهناك روايات لا تدخل سوى في باب الدعاية الموجهة و المريضة .
إن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أفرزتها سياسات النظام ، أدت إلى إحباط عام بين الشباب مسلميه و مسيحييه ، و أدى إلى الهجرة الواسعة للشباب المسيحي بل و أيضا الشباب المسلم إلى أمريكا ، وهي هجرة اقتصادية و ليست سياسية .و إن كانت ورقة الاضطهاد تستخدم كثيرا لتحسين فرص الهجرة للشباب القبطي ، وهذا شيء أفهمه و أراه طبيعيا مع نسق الحياة المادية في عالم اليوم ، و إن كنت لا أحبه .
أيضا ليس إدوارد سعيد حالة خاصة بل هو جزء من ظاهرة صحية و طبيعية ، هذه الظاهرة يمثلها في مصر العديدون مثل الدكاترة ميلاد حنا و وسيم السيسي و يونان لبيب رزق ...... ،و الأساتذة نظمي لوقا ، الفريد فرج ، إدوارد خراط ، ... الخ .
لن أتحدث عن تجاربي الخاصة ، و لكني فقط أشير أن أكثر من نصف أصدقائي في مصر مسيحيين و لا نجد في ذلك غرابة .
في النهاية أعلم أن هناك العديدون من المسلمين و المسيحيين المتعصبين ، و لكني ما زلت أرى أن الخراتيت تملأ المدينة كما يحدثنا يوجين يونسكو .

هذه المقالة أدين بها للزميل د/ بسام خوري من منتدى أثير العرب .

القدس رمز من رموز الوحدة الوطنية الإسلامية المسيحية
د. عطا الله حنا *
المسلمون والمسيحيون في القدس والأراضي الفلسطينية ينتمون الى شعب واحد هو الشعب العربي الفلسطيني المناضل والمكافح في سبيل تحقيق طموحاته وتطلعاته الوطنية. والمسيحيون والمسلمون في قدسنا الحبيبة كانوا وما زالوا يشكلون جسدا واحدا وأسرة واحدة هاجسها هو الدفاع عن القدس وعن مقدساتها وطابعها الحضاري الانساني التراثي العربي الفلسطيني الإسلامي والمسيحي.
فقد كان اللقاء الاسلامي ـ المسيحي الأول في المدينة المقدسة عندما التقى بطريرك القدس العربي الدمشقي صفرونيوس بخليفة المسلمين عمر بن الخطاب الذي أتى فاتحا للمدينة المقدسة، وذلك في القرن السابع للميلاد، فجالا معا في شوارع القدس العتيقة ورحّب صفرونيوس بعمر ترحيبا كبيرا وجموع المسيحيين المقدسيين كانت تشاطره هذا الترحيب بالخليفة العادل عمر، ودخلا معا الى كنيسة القيامة، وعبّرا عن الُلحمة الوطيدة التي تربط أبناء الأمة الواحدة من مسلمين ومسيحيين، وما زالت وستبقى العهدة العمرية مصدر فخر واعتزاز لنا نحن المقدسيين، مسيحيين ومسلمين، فهي ليست وثيقة تاريخية فحسب وإنما هي تأكيد لا لبس فيه على تجذر هذه العلاقة الاسلامية المسيحية بكل أصالتها وبهائها في أرضنا العربية المباركة، وإنها تأكيد واضح على أهمية القدس في المسيحية وعلى الحضور المسيحي العربي في بيت المقدس قبل الاسلام، هذا الحضور الذي تواصل واستمر حتى الآن وهو باق الى ما شاء الله.
إننا لا ننكر وجود اختلافات عقائدية جوهرية بين الاسلام والمسيحية، ولا ننكر أيضا أن بعض هذه الاختلافات جوهري وأساسي في العقيدة والإيمان، ولكننا نعتقد أيضا رغما عن اختلافاتنا الايمانية والعقائدية بأن لنا إلها واحدا خالق السماوات والأرض وهو الإله الحقيقي الذي نعبده جميعا ونسجد له ونطلب مراحمه وعطاياه لنا نحن البشر. إننا في الإسلام والمسيحية نعبد إلها واحدا وإن اختلفنا في تفاسيرنا وفي أساليب عباداتنا، فالمعبود هو واحد وإن تعددت أساليب العبادة، ولذلك فإن ما يوحدنا نحن المسلمين والمسيحيين في ديار العرب وفي قدس العروبة بنوع خاص هو أننا نعود بإيماننا الى أصول وجذور واحدة كون أن لنا إلها واحدا أحد، فالقواسم الروحية المشتركة فيما بيننا هي كثيرة والمسيحيون والمسلمون المؤمنون التواقون الى قول كلمة الحق والدفاع عن حق الإنسان في العيش الحر الكريم، لا يجدون حرجا أو صعوبة في أن يتعاونوا ويتعاضدوا ويعبروا عن مواقف واحدة مشتركة لكليهما، فالأرض العربية لا سيما فلسطين وقلبها النابض القدس ، شهدت تعاونا إسلاميا مسيحيا في المجالات كافة، كيف لا ونحن نستنشق هواء واحدا ونعيش على أرض واحدة وننتمي الى وطن واحد، ونحمل رسالة وطنية واحدة، فالقدس التي تحتضن أقدس المقدسات في الإسلام والمسيحية كانت وما زالت رمزا من رموز الأخوة والتضامن والوحدة الوطنية الخلاّقة بين المسلمين والمسيحيين، فرسالة القدس كانت وما زالت رسالة سلام وأخوة وتضامن، ونحن ما زلنا نؤكد لأولئك الذين يتحدثون عن صراعات ديانات وحضارات أن ينظروا الى القدس كيف أن الحضارات والثقافات والديانات يمكنها أن تتعاون وتتفاعل لا أن تتصادم كما يعتقد البعض. نحن في القدس نعيش حوارا إسلاميا ـ مسيحيا مستديما، ولقاء اخوة يحبون بعضهم بعضا إنطلاقا من محبتهم لمقدساتهم وقدسهم ووطنهم، فلم تعرف القدس في يوم من الأيام ما معنى الطائفية رغما عن كل محاولات الاحتلال الباطلة والفاشلة لإثارة الفتنة في صفوفنا وبين ظهرانينا، وقد اشتدت الُلحمة الإسلامية ـ المسيحية وأخذت تتقوى وتتعزز بعد سقوط القدس واحتلالها من قبل الصهاينة أعداء الانسانية والقيم الروحية، فمنذ احتلال القدس بدأت السلطات الاحتلالية محاولات بائسة لتغيير طابعها وديموغرافيتها ووجها العربي والانساني، ولكن التصدي لسياسات الاحتلال كان عنوان التعاون والتفاهم واللقاء الاسلامي المسيحي، فكانت لقاءات المرجعيات الدينية والشخصيات الوطنية الاسلامية والمسيحية صورة رائعة معبرة عن وحدتنا الوطنية ومزعجة للاحتلال وسلطته الغاشمة في بلادنا، فالإسرائيليون الطغاة لا يريدون تعاونا اسلاميا ـ مسيحيا، ولا يريدون وحدة اسلامية مسيحية، وما يصبون اليه هو زرع التشرذم والتفتت والطائفية والتعصب الديني تطبيقا لمقولة «فرق تسد»، أي أنهم يريدون تفريقنا لكي يتسلطوا على أرضنا ويتحكموا فيها. ولكن محاولاتهم باءت بالفشل، فمؤامراتهم الدنيئة أفشلت ذلك لأن شعبنا هو شعب واع لا يمكن لدسائس الاحتلال وأساليبه الخبيثة أن تنال من عزيمته وصموده ووحدته، فالمساجد والكنائس تتعانق والصليب والهلال يتعانقان في لوحة فسيفسائية رائعة، ولقاء المسلمين والمسيحيين اخوة الدم والوطن ما فتئ يزعج الاحتلال، ولكن رغما عن ذلك نحن ماضون في مسيرتنا الوطنية وصولا لتحقيق تطلعاتنا وطموحاتنا القومية.
فعندما أُحرق المسجد الأقصى المبارك، وعندما كان الشهداء يسقطون ورصاصات الغدر والعنصرية تنهمر على المصلين لكي تجعل من عباد الله الساجدين له مضرجين بدمائهم، وعندما كانت الانتهاكات المتتابعة والمستمرة لحرمة الأقصى الشريف كان المسلمون والمسيحيون معا في الميدان، فالأقصى وإن كان معلما عربيا حضاريا اسلاميا، إلا أنه يخص المقدسيين بأسرهم وعن بكرة أبيهم، وعندما كان يعتدى على القيامة وعلى المقدسات المسيحية كنت ترى أبناء الشعب الواحد يقفون معا في وجه العدوان و الطغيان.
إن ممارسات الاحتلال العنصرية جعلت المسلمين والمسيحيين يوطدون علاقاتهم وجعلت المؤسسات الإسلامية والمسيحية تتعاون فيما بينها لإفشال المخططات المعادية.
إن القدس هي مركز روحي بامتياز ورمز الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد ورسالة القدس في هذه الظروف العصيبة لأبناء امتنا العربية المجيدة من المحيط الى الخليج بأن توحدوا لكي تكونوا أقوياء وتنقذوا القدس من براثن الاحتلال، ولتكن القدس رمزا من رموز صمودنا وإبائنا الوطني، وسنبقى شعبا واحدا لا يتجزأ ولا يقبل القسمة على اثنين.

*الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية بالقدس والأراضي

اقتباس:في النهاية أعلم أن هناك العديدون من المسلمين و المسيحيين المتعصبين ، و لكني ما زلت أرى أن الخراتيت تملأ المدينة كما يحدثنا يوجين يونسكو .

تصحيح
و لكني ما زلت لا أرى أن الخراتيت تملأ المدينة كما يحدثنا يوجين يونسكو( الكاتب المسرحي الإنجليزي

[SIZE=4]مهداة للزملاء المعادين للطائفية فقط :97: .

عندما أقرأ اليوم هذا الذي كتبناه منذ عامين ، أجدني أقل تفاؤلا ، فالعرب و المصريون خاصة يصرون على قدر من البلاهة و القسوة الشريرة غير معقولة .
نعم المسيحيون مضطهدون جدا .
ولايوجد إنسان له ضمير يوافق على وضع المسيحي في مصر .
ملعون أبو التعصب الديني على المتعصبين .