جقل
عضو متقدم
المشاركات: 678
الانضمام: Oct 2004
|
شمعون بيريز "فلسفة الفشل"
شمعون بيريز فلسفة الفشل..
رأس كبير قليلا و انف ضخم وشفاه غليظة عيناه ثابته بفتحة واسعة مائلة الى الأسفل قليلا, يشبه كثيرا حيوان "الموظ" بعد تقليم قرونه.ريقه ناشف دائما و كأن فيه تعطش جشع للجلوس الى كرسي الحكم متفان بشكل ملفت لهذا الهدف و كان على استعداد دائم للعمل لمصلحة اسرائيل أو ضدها لكي يصل الى الكرسي ,و لكن الكرسي اظهر له مقتا شديدا و ادار له ظهره و ركض أمامه .استمات في الوصول الى الكرسي و قفز و نط و لبس اقنعة كثيرة و اظهر وجهه الحقيقي و لكنه كان ابدا مسكونا و محاطا بالفشل,كرهه الجميع, الناخبون و السياسيون و المحايدون و المقربون و الأعداء و حتى الموت ابتعد عنه ليحظى بلقب مر هو اقدم رجل سياسة في اسرائيل و اكثرهم فشلا.
أرشح شمعون بيريز ليدخل كتاب غينيس للأرقام القياسية في عدد مرات الفشل,فقد كانت حياة هذا الرجل محطات تجرع للمرارة ما بين إحباط و آخر ,لم يذق مرة واحدة طعما للنصر أو لأي نصر من اي نوع و كان على موعد دائم مع اسوأ النتائج,و تعدى حظه العائر محيطه ليشمل كل ما يمت أليه بصله فهوى حزب العمل بفضل "وجهه النحس" الى المرتبة الثانية بعد أن كان تقليديا في المركز الأول و عندما منح جائزة نوبل للسلام لم ينلها كاملة و حظي "بثلثها" فقط بعد أن قاسمه عليها رابين و عرفات.
كمعظم القاده في اسرائيل تربى شمعون بيريز في وسط عسكري ومع قيام دولة إسرائيل قاد القوات البحرية في جيشها ثم ترأس وفد دائم لتقوية العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة و انتقل ليشغل منصب مدير عام وزارة الدفاع و ارتبط اسمه بالعديد من المشروعات العسكرية اهمها إنشاء مفاعل ديمونة النووي,و يعتبر أبو المشروع النووي الإسرائيلي لكن هذه الخلفية العسكرية لم تظهر ابدا في شخصيته و عرف اكثر بأنه "رجل سلام"و تم التعامل معه على هذا الأساس حتى من قبل العرب.لم يظهر الجانب "المنحوس" من بيريز حتى أنخرط في الحياة السياسيه عام 1959 .
عندما دخل بيريز الكنيست لأول مرة كان الصراع محتدما بين ليفي اشكول و بن غوريون .و بن غوريون هذا كان يعتقد أنه وراء تاسيس دولة اسرائل و أن هو استقال أو تنحى فلن تقوم لها قائمة و كان يتظاهر بإعتزال الحياة السياسة و لكنه سرعان ما يعود خائفا أن تتجاوزه العجلة, و بتقدير سيىء من رجل "نحس" كبيريز اختار جانب بن غوريون و غادرا معا حزب "ماباي" ليشكلا برفقة دايان حزب "رافي" ليواجها به حزبهم القديم,ظل بيريز الثقيل خيم على نتائج الإنتخابات و حصل حزب "رافي" على المرتبة الرابعة بعشر مقاعد فقط و بفضل وجود بيريز لم يجلس بن غوريون على كرسي رئيس الوزراء بعدها قط . تمرجح بعدها بيريز متقلا في وزرارت الدرجة الثانية في حكومات غولدا مائير حتى استقالت,ظن بيريز أن الجو صفا له و نافس رابين على رئاسة حزب العمل و لكنه مني بهزيمة مريرة جعلته يبقى بعيدا عن رئاسة الحزب ,استقالة رابين اعادت له الأمل ثانية ووجد نفسه على راس حزب العمل ليس بجهد منه و لكن بفضل استقالة رابين و لم يدر أنه على موعد مع أقسى سقوط له و للحزب الذي ورث رئاسته ,هذه المرة جاءت الضربة من بيغن الذي فاز حزبه في الأنتخابات مخلفا حزب العمل في المرتبة الثانية لأول مرة في تاريخ دولة إسرائيل و قد تحقق هذا "الإنجاز" بفضل بيريز مرة ثانية.
لم يستقل بيريز بعد هذه الهزيمة كما تحتم "الرجولة" و استمر رئيسا لحزب العمل في أنتظار الإنتخابات التالية و لكن في المرة الثانية ايضا كان على موعد مع نصف فوز فتقاسم رئاسة الوزراء مع اسحق شامير,عودة رابين الى جزب العمل قصمت ظهره فخسر رئاسة الحزب من جديد لصالح رابين العائد و بفضل هذا الأخير عاد حزب العمل ليشكل الوزراة و ليجلس رابين على كرسي الرئاسة .قدم إيغال عامير هدية قيمة لبيريز بإطلاق النار على رابين في ساحة عامة فوجد نفسه مرة اخرى على كرسي رئاسة الوزراء .لم يهنأ بيريز طويلا بالمنصب فقد اسقطه بنيامين نتناياهو بالضربة القاضية و اقصاه و حزبه عن الحكومة.
مسلسل الفشل لم يتوقف و كان الرجل على موعد دائم معه لأنه بعد ذلك خسر معركة رئاسة دولة اسرائيل لصالح موشيه كاتساف و أتبعها بفشل جديد في رئاسة حزب العمل لصالح عامير بيرتس.طفح الكيل بالرجل و هو يعد العدة الآن للخروج من العمل نهائيا و الإلتحاق بشارون في حزبه الجديد "كاديما",و هي خطوه تشبه خروجه الأول من المباي مع بن غوريون لتأسيس الماسوف على شبابه "رافي".ولا يستبعد أن يكون مصير شارون كمصير بن غوريون رغم الإحصائيات التي تصب لصالحة لأن بيريز كثيرا ما كان ملك الإحصائيات و لكن عند الإنتخابات الحقيقة كان يسقط محدثا جلبه كسقوط برميل على أرض اسمنتيه.
بيريز كان "ناجحا" جدا في كل عمل قام به بعيدا عن صناديق الإقتراع, وطد لعلاقه عسكرية قويه مع أمريكا و مهد لصناعة أسرائيلة نووية ,اعاد بناء الجيش بعد حرب 73 وعقد اتفاقات مع حركة غوش أمونيم المتطرفة ممهدا لقيام حركة استيطانية نشطه,استطاع ان يوقف التضخم الذي وصل الى 400 بالمائة حين تقاسم رئاسة الوزراء مع شامير و عقد اتفاقا سلميا مع الملك حسين.و لكن كل هذا لم يجعله و جها محبوبا لدى الناخب الإسرائيلي و فضل منافسيه عليه .و لم يكسب أنتخابات قط.تسلمه السلطة لم يكن ابدا بفضل جهوده و إنما تشعلق بنجاحات الآخرين بن غوريون وشامير و رابين و الآن يحاول قطف نجاحات شارون.
بيريز قصة حب من طرف واحد للفشل و مثال يحتذى في الإحباط ,حاول ممارسة كل السياسات أعتنق اليسار و تحالف مع اليمين حاور المتدينين حاول الحصول على اي منصب, رئيس الوزراء رئيس الدولة,و لم يفلح ابدا في اثبات انه قادر على تجاوز صندوق أنتخابي واحد. هو الآن يتمسح بنجاحات شارون لعله يبقى مدة اطول في الصفوف الأولى و ربما يريد لخروجه من العمل أن يكون "كخروج" موسى من مصر و إن حصل فسيسجل "سفر" جديد لنبي جديد من بني إسرائيل هو شمون بيريز.و إن حصل "يبأى يآبلني".لأن هذا الرجل و الفشل وجهان "لشيكل" واحد.
|
|
12-07-2005, 07:39 AM |
|