الختيار كتب :
اقتباس:أولاً سأناقش الموضوع بعيداً عن مفهوم الإله الغائب ، ثم أوضحه من مفهوم الإله الغائب .
أولاً الحج يفرض على مؤديه أن يلتزم بأخلاق حميدة ، و لدينا آية صريحة بهذا الشأن تقول :
"الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب" البقرة 197
و من هذه الآية نعرف و يعرف كل الحجاج أن الرفث محظور (الجماع) و أن الفسوق محظور و هو جميع المعاصي و أن محظور لما يولّد من المنازعات و الخصومات .
إذاً لدينا رادع شرعي واضح جدا يمنع الناس من الوقوع في هذه المحظورات ، و كلنا يعلم أن الحج ليس بالأمر الهيّن ، فهو يحتاج إلى قوة الجسد و القدرة المادية ، ناهيك عن الوسائل المتبعة في تنظيم الدور المفروض من قبل السلطات السعودية و عدد الحجاج من كل دولة إلخ ، هذا كله يسعى إليه المسلم جاهداً من أجل شيء واحد ، و هو التكفير عن ذنوب حياته ، و أنت تعلم أن الحج ليس كالذهاب في رحلة إلى الأهرامات ، فهو فرصة ليس من السهل أن تتاح للمرء مرتين ، لما فيها من المعوقات التنظيمية و المادية و ربما الجسدية . (طبعاً هذا لا يمنع أن يكون هناك من حج أكثر من مرة ، و لكننا نتكلم عن أغلب الحجاج) .
أعتقد أن هذه الأسباب ، (المادية و الجسدية و التنظيمية) ، يُضاف إليها الغاية من الحج و هو التكفير عن الذنوب ، كل هذا تحت مظلة الآية المذكورة سابقاً ، يدفع المسلم لأن يضبط نفسه و أعصابه فلا يقع في محظور كجريمة القتل ، و التي هي في الوضع الطبيعي دون حج من الكبائر الكبرى "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" المائدة 32 .
فهذه هي الأسباب الواقعية التي تحول دون وقوع الفسوق و الخصومات و النزاعات في الحج ، و هي أسباب موضوعية مادية بحتة ، مادية بمعنى أنها ليست ميتافيزيقية كما تفضلت حضرتك بالقول أن الله هو الذي يتدخل ليمنع وقوعها .
مساء الخير ياختيار ...
طبعا ان مجرد ندرة وقوع جرائم في محفل الحج هو اشارة واضحة لظاهرة غير مألوفة في عالمنا ..
أنت تعتقد من خلال منظومتك الفكرية ان هذا له اسبابه المادية , وأنا لاأختلف معك .
وهذا يشبه موضوع الاله الغائب وانه وضع الاسباب المادية وقوانينها في الكون ثم غاب . وأنا أتفق معك في نقطة وضع الاسباب ولكني أختلف معك تماما في نقطة ( الغياب ) بالمفهوم الذي تظن . فان غائب عند لاتساوي غير مرئي فقط , ولكنها = غير مبالي = ناسي = غير ملتفت . وهذه هي فلسفة أرسطو الفيلسوف اليوناني الوثني .
ماعلينا ...
المهم هنا أن نحسم مسألة : هل هناك تعارض بين وضع الله للقوانين ووبين حضوره واطلاعه علينا وكونه معنا بعلمه ؟
دعني اشرح لك الفلسفة العقلية التي اؤمن بها دون الزامك بها : ولاتقل لي هذا ايماني لاني اتناقش معك بمنطق عقلي ناقشني فيه لان ايماني ايمان عقلاني وليس روحاني كنسي . وأنت تعلم قيمة العقل في الاسلام :
القرآن يقول :
وما كنا غائبين . كما في مطلع سورة الاعراف التي تتحدث بالتفصيل عن بدء الخليقة وقصة ابليس وهبوط آدم الى الارض .
هل هناك تلازم بين وضع الله للقوانين الطبيعية وبين غيابه ؟ يعني لازم ينسانا بعد وضع القوانين تلك ؟
القرآن يقول أن الله قد وضع الاسباب وهو قادر على ابطالها في أية لحظة , والاخم من ذلك أن حركة الأسباب أو القوانين تلك تتم بإذنه وقدرته وحضوره الفعلي . تتذكر قوله في سورة فاطر : 41 :
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا .
أي أن غيابه لحظة سيؤدي الى خراب السماوات والارض .
والان انا اعتقد ان هذه الفلسفة أقرب للعقل والمنطق من فلسفة الاله الغائب لماذا ؟ لأن القوانين لابد لها من راعي يحافظ على استمرارها لأنها لاتعقل ولاتملك قدرة لو عقلت .
دعني اخوض في الهراء قليلا ( معلهش مضطر ) : هناك الان نيزك يمر بجانب المدينة التي أسكن أنا بها أو أنت , النيزك
يعقل ؟ طبعا لا ..........ولو عقل وعرف ان اقترابه أكثر من المدينة سوف يحدث كارثة : فانه لايملك
القدرة على تغيير مساره وكفاية خيره شره ! بل لابد من شخص عاقل قادر يحوّل مساره . ومع ان هذا غريب لأننا لانرى هذا الاله العاقل الا أنه أقرب الى العقل من اعتقاد أن النيزك الاعمى الاصم يعرف أنه امامه الاردن او مصر التي يسكنها ناس غلابه مش قده . في كلا الحالتين لابد لنا من اعتقاد ميتافيزيقي لكننا نأخذ الممكن والاقرب الى العقل والمنطق ( وهو الذي موجود في الكتب السماوية ايضا ) اذن الاثنان يتفقان على شيء واحد لماذا نحيد عنه ؟
هذه نقطة .
النقطة الثانية نقطة النزاع في الحرم فقد حدث نعم وأنا أذكره جيدا , ولكني لاأقول أن الله هو اله مثل يسوع يمنع اي شر ممكن الوقوع , بل يسمح بوقوع الشر ولكنه يخففه عن عباده المؤمنين كما قال : ان الله يدافع عن الذين آمنوا .
وأنت ترى كيف أن الزلازل في بلادنا وبقية الكوارث الطبيعية أخف بكثير من بلاد البوذيين وبلاد الملاحدة وحضارة الرجل الابيض ( المتنوّر ) . مع وجودها فعلا ولكنها أخف , ماتفسير ذلك ؟ لن تعدم أسبابا مادية ولكنها أقول مرة أخرى لاتعارض التدخل الالهي في موازنة وتعديل القوانين الطبيعية .
النقطة الاخيرة هي قولك كما تفضلت حول مفهوم الاله الغائب :
أي الكعبتين أولى بالحماية ؟؟؟؟
كعبة قريش الوثنية أم كعبة المسلمين ؟؟؟
مجرد تساؤل .
[/quote]
عندنا قاعدة هامة تسمى الاخذ بالاسباب وأن عدم الاخذ بها طعن في التشريع .
كما سبق وأن قلت لك أن الله في التصوّر الاسلامي ليس اله فداء . نحن الذين نحمي أنفسنا وندافع عن أنفسنا مادامت لنا قدرة , وأما حينما تنعدم القدرة فان الله يدفع عنا وتحدث الخوارق .
وقد حدثت خوارق كثيرة للمجاهدين الافغان مذكورة وكتداولة في حروبهم مع الدب الروسي لن تصدقها وسيضحك منها ( المتنورون ) الاشاوس الذين لايعجبون من عجز امريكا والسي آي ايه بجلالة قدره عن جذب بن لادن من تحت طقاطيق الارض كما نقول في مصر . ولماذا لاتحتل افغانستان وتدكها بالقنابل وتريح نفسها . وكيف لبضعة مئات من الشيشان المساكين يقفون امام الدب الروسي العملاق وينتصرون مرة ويهزمون أخرى كأنهم دولة عظمى لها أسلحتها المتطورة مثل روسيا , كل هذه الظواهر غير الطبيعية تنم ن مدد ودعم من مصدر آخر في نظر كل منصف ..
والله تعالى يقول :
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض . ولكن الله ذو فضل على العالمين .وعموما كلها أمور خاضعة للنظارة التي نرى بها الكون والحياة , وكل له تفسيره وكل عاقل يمكنه تعديل وجهة نظره .