اليوم الجمعة، يوم عطلة وراحة من العيار الثقيل.. وعندما أقول من العيار الثقيل فيعني أني بس أنام، أقرأ رواية، أدردش، آكل وأشوف التلفزيون.. وعلى سيرة التلفزيون، يستعد أخي الأكبر الذي هو في زيارة لنا، وابن عمي واللي هو في زيارة لأخي، وبعض من أصدقائهم لمشاهدة المباراة النهائية لكأس الأمم الأفريقية..

بعد الغذاء، وقبل أن أذهب للقيلولة والنوم يعلموني بأن المباراة النهائية بين مصر وساحل العاج ستبدأ في الساعة الـثامنة مساءا بتوقيت اليمن..
استيقظ في السابعة، غرفة الجلوس ممتلئة بالجارات ودخان السجائر..
فيلق الرجال ذهبوا للانضمام والتضامن في بيت ابن عمي..
آخذت حمامي.. لبست، آخذت مكاني بجانب أمي فطمطم التي كانت تمضغ اللبان وتلعكه لعكا عنيفاً وعيناها مصوبة نحو الشاشة دون هوادة وبكل تركيز.. وبتشوف فيلم عربي لمحمود عبد العزيز اسمه "سوق المتعة"..
شربت الشاي..
شاهدت الفيلم..
خلص الفيلم..
قلت يالله أشوف أخبار المباراة أيش..
بحثت في كل قنوات الديجيتال الرياضية ومالقيتهاش.. أصابني اليأس..
رفعت السماعة واتصلت بابن عمي .. وكان الجو عنده كأنه واقف في إشارة مرور معطلة ومعلقة على الضوء الأحمر بس..
- ألو، فين المباراة؟ بأي قناة؟
* TV5
بدون مع السلامة.. أغلق السماعة.. الأمر طبيعي ..

شاشة التلفزيون تقول:
مصر (0) – ساحل العاج (0)

يستمر اللعب.. بدأت أتعاطف مع ساحل العاج.. لعبهم كان أقوى.. وفيه حماسة.. في لائحات الإعلانات حول الملعب كتب على إحداها (No Racism).. تذكرت أول مرة سافرت فيها وكانت إلى أمستردام لدراسة التنمية، كان عمري لا يتجاوز 22 سنة.. كنت وسيدتين أخريين من اليمن وفريق مكون من أكثر من 15 مشارك ومشاركة من أفريقيا وأمريكا الجنوبية وشرق وجنوب آسيا والشرق الأوسط.. في أحد الأيام ونحن نتناول وجبة الإفطار في الفندق، تركت زميلتي اليمنية حقيبتها المعبأة بأوراق الرحلة النقدية على الطاولة وذهبت لصنع القهوة. عندما عادت لم تجد الحقيبة وطبعا لم تجد النقود. بلغت إدارة الفندق وقضت كامل يومها في هم وغم.. كنت صغيرة، لم أعرف يومها ماذا تعني خسارة كل نقود الرحلة لامرأة كادحة مطلقة وأم لثلاثة أطفال ينتظروا مجيئها محملة بمختلف الهدايا.. في استراحة الغذاء، مررت عليها ككل يوم: هيا نذهب للأكل.. لم ترد.. تركتها.. في نهاية اليوم الدراسي، مررت عليها: هيا نعود مشيا على الأقدام نتمتع بمناظر وهواء القنوات المائية.. لم ترد علي.. ذهبت مع نفسي.. عندما عدت – متأخرة- إلى الفندق، فوجئت بكامل الفريق معتصم في البهو وتتقدمهم روزا محامية من زيمبابوي وخلفها كل الفريق الأفريقي.. قلت خير إن شاء الله خير.. فتقدمت إلي روزا بلهجتها الأفريقية الانجليزية الجذابة والقريبة إلى القلب قبل الأذن تعلمني بصوت كامل الجاهزية ووجه تسكنه الجدية..
- اسمعي وميض، رفيقتنا أضاعت حقيبتها من داخل الفندق وفي المطعم تحديداً ونحن شهود، إذن على إدارة الفندق الخضوع للتحقيق أو تعويض المبلغ..
* كنت واجمة كل الوجوم ورأسي يتحرك إلى الأسفل والأعلى وكأنه منوم مغناطيسياً، نعم صدقتِ.
في الأخير خضعت إدارة الفندق لتعويض رفيقتنا اليمنية المبلغ.. وعادت لها بسمتها..
يومها علموني الأفارقة ماذا يعني التضامن..
هناك قصص كثيرة للنخوة الأفريقية الأصدق والأقوى لأقصها عليكم.. لكني خايفة وقت المباراة يفوت ونحن في القيل والقال..

أشاهد على التلفزيون هدفاً للمصريين، لكن النتيجة قبل قليل كانت تشير إلى التعادل السلبي.. لا يسعفني كلام المعلق الفرنسي.. أعد نفسي للمرة الألف بأنني سأسجل في معهد لتعليم اللغة الفرنسية في أقرب فرصة.. لكن هذا لا يفيد الآن.. اتصل بابن عمي:
- ألو، هي النتيجة كم؟
* صفر – صفر.
- طيب الهدف اللي على الشاشة الآن يعيدوه ايش؟
* ألغي..
- بصوت غاضب وعالي، لييييييش؟
* لأن المصريين بلاطجة، المهاجم الأول منع حارس المرمى من الوقوف والدفاع عن مرماه، قرار الحكم صائب.
أغلقُ السماعة بدون مع السلامة.. لأنو طبيعي طبيعي..


عندما دخلت غرفة الجلوس في الساعة الثامنة كان في نيتي تشجيع مصر.. الآن أشعر بأن جزيئات الهواء في كل الغرفة بتشجع ساحل العاج.. وانا أيضاً..

يدخل أخي لاهثاً.. ويسأل:
- مالأخبار؟
* شوطين إضافيين، والنتيجة لا تزال صفر – صفر.
- يقعد القرفصاء ويقطم أصابعه.. أخي إنسان حساس وعاطفي جدا.. مش أخته

يشتد الجو على المربع الأخضر في الملعب توترا.. يفقد المصريين الشبان أعصابهم بطريقة صبيانية.. ويبرز أبناء ساحل العاج بسحناتهم السمراء والسوداء الجميلة رباطة جأش أحسدهم عليها.. اللاعب رقم (11) يتميز بروح قيادة عالية.. ودود، شجاع، هادئ.. يجيد الكثير من التكتيك وهو كابتن الفريق..

في الشتاء الماضي كنت في رحلة دراسية لحقوق الإنسان في الولايات الأمريكية المتحدة، تعبت من كثرة اللف والمحاضرات.. في أوهايو أزور جامعة أوهايو وألتقي بفريق الدراسات والبحوث لحقوق الإنسان المدنية والمرأة هناك.. أقابل رجل كبير في السن أسود وامرأة سوداء متوسطة في العمر.. يتحدثان ويتحدثان وأنا أدون وأدون.. بعدها يعرض رئيس المركز ومسئولة الدراسات النسوية رغيتهم بأن ألتقي والفريق بأحد الأعضاء الناشطين في الجامعة.. يدعونه.. يدخل قاعة الاجتماعات الصغيرة شاب في مقتبل العمر أسود البشرة طويل الطوووول.. هاااادىء.. ينضم إلى الطاولة.. يعرف عن نفسه ويدعونا للتعريف عن أنفسنا.. استعديت نفسياً لسماع محاضرة أخرى والتدوين والتدوين.. لكن رفيقي الشاب.. يقف.. ويمد يديه إلينا ويقول بصوت جهوري ثابت:
- نحن اتحاد شبابNational Association for the Advancement of Colored People ندعوكم للتواصل منا ونسألكم بأن تمدوا جسور التضامن لاتحادات الشباب في بلدانكم وجامعاتكم من أجل مناهضة التمييز والعنصرية.. هذا كرت تعريفي، وهذه أوراق الاتحاد الشبابي. أرجوكم أن تتواصلوا معنا.. والآن أيها الرفاق، أدعوكم لحضور أحد اجتماعاتنا التنظيمية.. كمستمعين..

ذكرني ذلك الشاب باللاعب رقم (11) فأزداد تعاطفي وتشجيعي لساحل العاج..

شارفت المباراة على الانتهاء بعد نضوب شوطيها الإضافيين، وبعد أن أبدى الفريق المصري لياقة غير لائقة أبداً.. بعكس الفريق الخصم.. وهنا تبادر أمي فطمطم بالسؤال:
- الآم من هذولا اللي يلعبوا؟
* مصر وساحل العاج.
- تمام!

أذهب للمطبخ لشرب الماء، وأعود.. فتخبرني أمي:
- كانوا السودانيين بيسجلوا جول..
* أماه، من هم السودانيين؟
- هذولا اللي يلعبوا مع مصر..

يستمر اللعب.. وتسأل أمي،
- مصر ايش لابسين؟
* الأحمر،
- والسودانيين الأصفر؟
* أيوه..

تنتهي المباراة.. وتبدأ ركلات الترجيح.. يبدأ الفريق المصري ويسجل..
وبعده يبدأ القائد الشاب رقم (11).. وتضيع فرصته.. تعلق أمي:
- يوووه حرام، هذا السوداني فوت الكره خلف الشبك، أمه بتزعل عليه..

تستمر ركلات الترجيح، ويركز المخرج على تصوير حسني مبارك وسوزان وهي تلوح بالعلم المصري.. وتعلق أمي ثانية:
- شوفي حسني مبارك وزوجته جنبه وعياله جالسين وراه..
* أماه من قلك أنو هذولا عياله؟ هذولا حرسه الخاص..
- شوفي كيف يشبوه.. وبعدين سمعت أنو حسني مبارك معاه ابن بيطلع بعده رئيس لما يموت..

تنتهي ركلات الترجيح بفوز مصر.. تبتسم أمي.. وهنا تدخل أختي الكبيرة في الخط وتقول:
- أصلاً العاجيين ذبحوا ثور بجانب الملعب عشان يفوزوا، والمصريين ذبحوا ثور أكبر منه في ملعب فرعي لهذا الملعب..

لم يصبني الذهول من ملاحظة أختي الأخيرة، فكمية الأدعية التي تليت من أفواه لاعبي مصر وحتى العاجيين، وصورة المصحف المحضون وتلك السجدات على جباه لاعبين كثر وكلمات "يارب" كانت كفيلة بأن تحضر الله وجنده لأرضية الملعب دون أن تطرف لي عين أو ترف لي عضلة استغراب أو استعجاب..

تعلق أمي.. أيوه مساكين السودانيين.. بس المصريين مش خسرانيين لأنهم فازوا هذيك المرة..
هذيك المرة! أي مرة! هل تذكر أمي تاريخ فوز مصر في كأس الأمم الأفريقية! غريبة! :what:

- أماه، متى فازوا مصر هذيك المرة؟
- بصوت سريع ثابت وواثق وواثب..................... أمس! :10:

تصبحون على خير:wr:

:)



جميع أصدقائي شجعوا كل الفرق التي واجهها الفريق المصري نكاية في مبارك.. قالت لي صديقتي منذ يومان, إذا -لا قدر الله- فزنا بالكأس, فلن يخرج أحد في المظاهرات ضد النظام المصري لمدة عام على الأقل!!



لكن أنا بصراحة وأعذريني ياجميلة, برغم إعجابي الشديد بكل ما قلت وإتفاقي معك في الكثير منه..


كنت -ولأسباب غير كروية أو قومية بالمرة- أشجع عصام الحضري حارس المرمى المصري القمر :D






لأجمل فيلكسا

(f)

اقتباس:  روزا لوكسمبرج   كتب/كتبت  
كنت -ولأسباب غير كروية أو قومية بالمرة- أشجع عصام الحضري حارس المرمى المصري القمر :D  

روز ياقلب،
نسيتي النقطة فوق الحا (الخضري).. عارفة ليش؟
لأن اللي بنى مصر كان في الأصل حلواااني :)
:kiss2:

اقتباس:  Arabia Felix   كتب/كتبت  
 
لأن اللي بنى مصر كان في الأصل حلواااني :)
:kiss2:

:lol:

وأي حلواني هذا الذي صنع عصام الحضري :10:

المنتخب المصرى فريق ضعيف بكل صراحة

نفسى أعرف بيفوزو إزاى :?:

يعنى مثلاً
السرعة : الأفارقة أسرع
القوة : الأفارقة أقوى
المهارة : الأفارقة أمهر
الإلتحام : الأفارقة أفضل
التهديف : الأفارقة هدافين أكثر

وهذا ما يثير دهشتى , كيف فزنا بالبطولة نحن مصر !
أعتقد السبب فى ذلك هو حضور السيد الرئيس و أولاده ومراته الى باسته لما فزنا - بصراحة الست سوزى سيدة محترمة وياريت حريم مصر كلو زيها :D -

أغرب شيء كان فى البطولة هو إنه السيد علاء وجمال كانو بيشتغلو المصريين وقعدو فى الدرجة التانية أل أيه هيقنعونا أنهم فى وسط الجماهير عادى جداً , و لا كأن اللى كان جمبهم من الحرس الجمهورى ولا أمن الدولة .

أربيا فيلكس سؤال محيرنى :?:
كلمة - أمس - فى اللهجة اليمنية بتتقال إزاى :10: ؟

لأحلى أربيا فيلكس (f)

Guru (f) .

الله!
هو الناس حتاكل حلاوة وبقلاوة وبسبوسة وبس.. لازم تآكل خضرة كمان.. عشان كذا مصر يا ولاد حلوة الحلوات.. فيها الصنايعي .. وفيها الزناتي.. الحلواني والخضري وابنه عصام :23:

ملخصا لما سرد أعلاه,
مصر فازت و الحكم التونسي كان متفهم الوضع و من مشجعي حسني مبارك
:D
على كل
مبروك

بس وميض من هذا ابن العم الغريب:what: جبتيلى الشجن


واووووو يالييييييييد من متى قدك تتابعى الكره , اما انى

مايكيفنيش هذا الكاس الافريقي ....


اما اقولك حاجه يا روزا فى حته وااااااااااد مجننى اسمه

ميدو يخرب بيته حلو حلاوه :lol:



:kiss2::kiss2: لميدو


:wr::wr: لا حلى صبايا

اقتباس:  Guru   كتب/كتبت  
أربيا فيلكس سؤال محيرنى :?:
كلمة - أمس - فى اللهجة اليمنية بتتقال إزاى :10: ؟

بتنقال:
هذيك المرة.. :23:
(f)

اقتباس:  Emile   كتب/كتبت  
ملخصا لما سرد أعلاه,
مصر فازت و الحكم التونسي كان متفهم الوضع و من مشجعي حسني مبارك

أيوه متفهم الوضع جدا لدرجة أنه اعطى الفريق المصري ضربة جزاء كااااااااااااااافرة..
عرب:angry:
(f)

اقتباس:  الباحثة عن الحرية   كتب/كتبت  
بس وميض من هذا ابن العم الغريب:what: جبتيلى الشجن

أخوك.. :10:
بس منو ميدو هذا؟
بنت عمي تعرف اللاعبين أحسن مني.. الحمد لله طلع في واحد من العيلة بيفهم :hmm:

سندى حبيب قلبي


:h:


افااااااااااا عليج افا اعجبك انى بس انى تخصص حلوين فقط

واي خدمه نعجبوكى:D