اقتباس:نعم دمشق كانت محاصرة أثناء الغزوات هذه , لكن اسمح لي في هذه النقطة وهي القول ب(الحامية الرومانية ) .!!
هذا يشبه إطلاق صفة ( العصر الجاهلي ) على الجزيرة العربية قبل الإسلام وذلك لإظهار كم كان فضل الاسلام عظيماً وذلك بنفي كل ماكان قبله وإظهار الفترة التي سبقته بأنها فترة جهل و تخلف وجاهلية .
ونفس الحال بالنسبة لسوريا فقد زرعوا في رؤؤسنا أنه قبل الغزوات والاحتلال العربي و الاسلامي لهذه البلاد لم يكن يوجد إلا الرومان والاحتلال الاجنبي فجاء العرب مخلصين . ونتيجة لهذا الطرح أطيح بتاريخ وحضارة عمرها سنين طويلة .
ونسينا الأباطرة السوريين الذين حكموا روما نفسها .
ماعلينا , وهل يعتبر تسامح أن تغزو بلاد ناس اخرين وتحاصرهم ثم تفتح بلادهم حرباً و تحتل دور عبادتهم ثم تتصدق عليهم بأجزاء صغيرة من حقوقهم ثم نسمي هذا تسامحاً !! وكأن هذا حق شرعي للمحتل .
لايمكن أن يكون الغازي متسامحاً , لو كان مسلماً أو مسيحياً . لافرق .
نعم - هي فعلاً حامية رومانية وليس جيش من أهل البلاد أنفسهم - والدليل أن بلاد الشام كانت محتلة منذ فترة قصيرة من قبل الفرس - وأن الروم عادوا إليها قبل 5-6 سنوات (لا أذكر) من تاريخ الفتح
وأن الجيش الرومي على كبر تعداده وعتاده ورغم أنه خرج منتصراً من معاركه مع الفرس وأنه بأكبر عدد وتدريب واستعداد لحماية الإمبراطورية الرومية - إلا أنه لم يقدر على الوقوف في وجه الفتح الإسلامي على ضعف عدد الجيش الفاتح وبدائية عدته وعتاده
كما أن أحداً من العرب لا ينكر أن عصر ما قبل الإسلام كان جاهلياً وكانت التجارة البدائية والرعي وحروب القبائل هي السائدة إلى أن جاءنا حبيبنا الأمي محمد صلى الله عليه وسلم فرفع الجهل والخرافة والوثنية وأمر بالعلم والكتابة والطهارة ومكارم الأخلاق التي لم تكن تامة بين العرب بهذا الشكل
أنت أول من رأيته ينكر جاهلية العصر الجاهلي في حياتي - ولولا الهداية الإسلامية لرأيت العرب اليوم مثل قبائل أفريقيا وسكان بابوا واستراليا الأصليين - مع صفتي الشعر ووأد البنات الذين تميز بهما عرب الجاهلية.
تقول أن الغزو العربي كما تسميه أطاح بالحضارة الرومية التي عمرها سنين طويلة ؟ طيب - ولماذا اندثرت وخبتت هذه الحضارة في بيزنطة وروما بينما ازدهرت في الشام والعراق في ذلك الزمن ؟ من الذي منع البيزنطيين من الاستمرار في الحضارة؟ أم أن مركز الحضارة البيزنطية والرومانية كان في دمشق ونحن لا نعلم؟
وإذا كان الأباطرة الرومانيون والأسر المالكة قد أعجبوا بشخصية السوريين المرنة والجذابة في ذلك الزمن وصاهروهم - حتى أن والدة الإمبراطور فيليب كانت سورية وكان يسمى فيليب العربي - فهل يعني ذلك أنهم لم يكونوا محتلين لبلاد الشام وغيرها؟ وهل يبرؤهم ذلك من قهر بقية الشعوب والترفع عنهم وعدم مصاهرتهم كشعب مصر وبلاد كنعان والأنباط وآسيا الصغرى؟
الواقع أن زمن الحرب هو زمن حاسم لا يحتمل التساهل وأن المعركة متى بدأت فليس هناك مجال للتراخي حتى تضع الحرب أوزارها - ومع ذلك تساهل أبو عبيدة (رضي الله عنه) أثناء فتح دمشق ورضي بالتهدئة - وانجلت الأمور عن نتائج هي أفضل الممكن وفي صالح أهل دمشق بدلاً من الاحتلال العسكري لكامل المدينة - وأن 83 عاماً مرت قبل بناء المسجد الأموي في مكان الكنيسة لم ينقض المسلمون فيها عهداً ولم يحركوا ساكنا وأبقوا الاتفاق على ما هو عليه - كما أن أخذ النصف الآخر كان بالتراضي والمبادلة وليس بالقهر ولم يتصدق أحد على أحد.
الغازي ليس متسامحا؟ نعم ولكن فقط أثناء زمن الحرب- إذ أن التراخي قبل أن تضع الحرب أوزارها يعتبر حمقاً وليس تسامحاً...
ولي عتب شديد عليك : قلت أن دخول أبو عبيدة (رضي الله عنه) إلى دمشق وتسليمها كان (بـــــــخـــــــيـــــــانـــــــة) من بعض ابناءها ...
إذا كانت هذه رؤيتك للخيانة - وهي حقن دماء أهل دمشق والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم بعد اقتحام الجيش بقيادة خالد ابن الوليد (رضي الله عنه) لها - فنعم الخيانة ...
ومن يخون من؟ أليس ذلك دليلاً على أن الحامية الرومانية كانت شيئاً آخر منفصلاً عن أهل دمشق؟
أنا أسمي ما فعل هذا الدمشقي ذكاء وحذقاً ووطنية وليس خيانة كما قلت أنت
والله متم نوره ...